مفهوم الزواج والعائلة
الأب جورج عيسى
جمع المعلومات واستنتاج خلاصة الأجوبة:
سأحاول هنا أن أجمع الأجوبة التي وردت في الإحصاء، وأن أذكر أعلى ثلاث نسب وسرد باقي الأجوبة بدون نسب؛ والجدير بالذكر أن عدد الأشخاص الذين شاركوا في الإحصاء كان تقريب المئة، يتراوح أعمارهم بين 17- 35 سنة من كِلا الجنسين.
السؤال الأوّل: كيف تفهم الزواج والعائلة؟، وما معنى الزواج والعائلة بالنسبة لك؟
تعدّدت الأجوبة وتنوّعت وجاءت كما يلي:
1. الزواج هو ارتباط وحبّ بواسطة الكنيسة: 33% ، 2. بناء عائلة مسيحيّة: 27%، 3. ملتقى بين رجل وامرأة بهدف الإنجاب واستمرار النسل: 20%، وكانت باقي الأجوبة كما يلي: تحقيق التكامل بين شخصين بالتقاسم والتشارك، سرّ مقدّس، مشرع قداسة، أساس حياة الإنسان، العائلة هي إكمال لعمل الله على الأرض، مستقبل وقيم المجتمع، تفاهم واتحاد فكري وجسدي بين شخصين في مواجهة الحياة، هدف كل شخص، هبة من الله، مجرّد وهم.
السؤال الثاني: هل تؤمن باستمراريّة الزواج؟ لماذا؟
1. نعم: 90% 2. كلاّ: 10%
السؤال الثالث: ماهي ميّزات الشريك الآخر؟
أيضًا في هذا السؤال تعدّدت الأجوبة حسب ما يتمنّاه كل شخص وجاءت كما يلي:
1. أن يرى الشريك فيّ ما لا يراه شخص آخر (متفهّم): 46.5%، 2. أن يمتلك ما يكمّلني (المشاركة والتضحية). 33.5%، 3. خلوق، مُحبّ، مؤمن، صريح، مخلص: 27%، يعرف ما معنى بناء عائلة (النضوج)، طيّب، تبادل الاحترام، وديع، بسيط، جميل، متواضع، حنون، مرح، صبور، غير غيور، غيور، سكسي (جذّاب)، كريم، مثقّف، اجتماعيّ.
السؤال الرابع: هل الزواج دعوة بالنسبة لك، أم هو مجرّد ضرورة؟ أم هناك دعوة أخرى تشعر بها؟
1. الزواج دعوة: 60%، 2. ضرورة: 10%، توزّعت باقي النسب على ما يلي: ليس دعوة، رسالة، دعوة وضرورة معًا.
السؤال الخامس: ما هي أهمّ الأشياء التي قدّمتها لك العائلة برأيك، بالأخصّ الأبّ والأمّ؟
هناك من تكلّم عن الأب والأم بشكل منفصل وكانت الإجابات كما يلي: الأمّ: قدّمت الحبّ، الإيمان، الحنان، القسوة…؛ الأب: قدّم لي الزواج على أنّه كذب، وعدم وفاء، عدم الحبّ، الأشياء الماديّة…
أمّا من تكلّم عن كِلا الأبّ والأمّ معًا كانت النسب كما يلي: 1. الحبّ. 26.5%، 2. التربية، المثل الصالح، الأمان، الحنان: 20%، 3. العطاء والتضحية، السلام مع الآخرين. 15%، التعليم، خبرة الحياة، العاطفة، الخدمة، المسامحة، السعادة، الوعي، المستقبل، التفاهم، روح العائلة، الثقة بالنفس، كل ما أنا هو اليوم.
شرح هذه الآراء والأفكار من وجهة نظر الشبيبة:
إنّه وحسب ما استطعت جمعه من الآراء حول هذا الموضوع عند الشبيبة، فضّلت وفي هذه الفقرة أن آخذ كل سؤال على حدٍ، وشرح حسب ما استطعت أن أفهمه من الإجابات.
السؤال الأوّل: إنّ أعلى ثلاث نسب كانت: الزواج هو حب وارتباط بواسطة الكنيسة، وهو بناء عائلة على أسس مسيحيّة، وأيضًا ملتقى بين رجل وامرأة للإنجاب واستمرار النسل.
من الملاحظ من خلال النسب التي نتجت عن هذا الإحصاء البسيط أنّ كل الذين شملهم الإحصاء قد تحدّث من واقع خبرته إمّا الشخصيّة، أو من خلال علاقة والديه ببعضهم البعض، ومنهم أجاب حسب ما يتمنّى ويحلم أن تكون عائلته في المستقبل.
السؤال الثاني: كانت النسبة الأعلى للإجابة بنعم ولكن الكثير منهم كانوا قد أضافوا شرط لاستمراريّة الزواج رغم إيمانهم باستمراريّة الزواج. مثلاً: نعم، إذا كان الإنسان مسؤول ومؤمن كي يستطيع أن يخوض هذه التجربة وينجح فيها. إذا وُجِد الحب والتفاهم والتضحية والصدق…
وكانت الأسباب التي تدعيهم للإيمان باستمراريّة الزواج هي:
– أنّ الزواج بطبيعته يحمل المسؤوليّة تجاه الأطفال، فيجب أن يستمرّ، على الأقل من أجل الأطفال إن وُجِدوا.
– ولأنّ ما يربطه الله لا يحلُّه إنسان.
– وكان أحد الأجوبة على الشكل التالي: كيف يمكنني أن أتزوّج مرّة ثانية وأترك نصفي الآخر، لذلك أخذت وقتي في الاختيار لأني لا أؤمن بالانفصال (الطلاق).
– لأنّ الاستمراريّة ضروريّة لتكوين العائلة والابقاء على علاقة ناجحة بين أفرادها.
– لأنّ الزواج سرّ من أسرار الكنيسة.
– لأنه حياة شخصين في شخص واحد، ولأنه يربط توائم الروح، وهذا الربط أبديّ كما أنّ الحب أبديّ. ولأن الرجل لا ينجح دون المرأة والعكس صحيح.
– لأنّه بالأساس يجب أن يكون مبني على المحبّة والاستمراريّة والمشاركة.
أمّا الذين لم يكونوا مقتنعين باستمراريّة الزواج كانت نسبتهم 7% والأسباب كانت واضحة:
لا، بسبب عدم وجود التفاهم والالتزام والتوجّه والشخصيّة.
لا، بسبب وجود الكذب والمصلحة، والسعي إلى تحقيق الذات بفرديّة.
السؤال الثالث: كما رأينا، أنّ الأجوبة على هذا السؤال كثيرة، لما يمكن أن يحمله الإنسان من أحلام وآمال وتطلّعات لصفات يمكن أن تتوفّر في الشريك المستقبلي لحياتنا، ويجب أن أركّز على أن أعلى نسبة كانت تركّز على أن يكون الشريك متفهّمًا.
السؤال الرابع: كانت معظم الإجابات كما رأينا تقول بأنّ الزواج هو دعوة لكل إنسان. كما أنّ البعض قال بأنّ الزواج ضرورة بالإضافة إلىكونه دعوة، فالجميع تقريبًا كانوا متّفقين على أنّ الزواج هو دعوتهم في هذه الحياة ولكلّ منهم أسبابه كما رأينا في السؤال الأولّ، ولكنّ ما لفت إنتباهي هو أنّ لا أحد من كل الأشخاص الذي شملهم الإحصاء يشعر بوجود دعوة أخرى في حياته غير الزواج، أقصد حياة التكرّس، وهذا شيء مؤسف، بأن نرى الكثير من شبيبة اليوم لا تعنيهم حياة التكرّس بشيء، والسؤال هو لماذا؟ وللإجابة على هذا السؤال يلزمنا بحث منفصل وموسّع أكثر من بحثي البسيط هذا.
السؤال الخامس: من المفترض أن نكون جميعًا متّفقين على أنّ العائلة قدّمت ولاتزال تقدّم الكثير من الأمور الإيجابيّة، وهذه هي القاعدة الصحيحة. ولكن ما من قاعدة لا يوجد لها شواذ، فلا يخلو الأمر من بعض التجاوزات أو التقصير في بعض الأحيان وحسب حالة كل شخص، حيث من الممكن أن يكون بعض الأهل غير قادرين على إعطاء الأولاد ما يتمنّه من إيجابيّات.
التعليق على هذه الأجوبة والآراء من وحي التعليم المسيحي في الكنيسة الكاثوليكيّة:
التعليم المسيحي في الكنيسة الكاثوليكيّة يتحدّث ويُعلّم ويُعلّق على عدّة نقاط في هذا المجال، وكل سؤال من الأسئلة الموجودة في هذا الإحصاء له تعليم تقول به الكنيسة وتؤمن به. . فأبدأ بالسؤال الأوّل: إنّ معظم الإجابات في هذا السؤال تضمّنت معانٍ وأفكار هي بالأساس من تعليم الكنيسة. وحتى ولو أن الأشخاص الذي شملهم الإحصاء لم يعرفوها و لم يتعلّموها بشكل أكاديمي، ولكن يجب أن لا ننسى العيلة والتي هي المكان الأول للإيمان، ولتعليم المبادئ والأخلاق المسيحيّة. فهكذا أصبح فكرهم ومنطقهم وخبرتهم مجبولة بتعليم الكنيسة بطريقة غير مباشرة. فالرقم 372 من التعليم المسيحيّ في الكنيسة الكاثوليكيّة، يجمع في تعليمه أربعة من آراء الشبيبة عن العائلة والزواج وما يعنيان لهما، فهو يتكلّم عن الشراكة بين النصفين (الرجل والمرأة)، وأنّ واحدهما هو عون للآخر، وعن التكامل فيما بينهم. ويتكلّم أيضًا عن الزواج على أنّه اتحاد بين شخصين لإعطاء حياة بشريّة، وبذلك يكون الزوجين قد أسهما في عمل الخالق. وكذلك يشير التعليم المسيحيّ إلى أنّ هذا الالتقاء (الزواج) هو من الله “في الزواج يجمعهما الله”، فإذًا الزواج هو هبة من الله كما ورد في بعض الآراء.
أمّا العدد 1601: فهو يتحدّث عن الزواج على أنّه شركة هدفها خير الزوجين وانجاب البنين وتربيتهم، وأنّ المسيح هو من رقّى هذا الفعل إلى سرّ.
والعدد 1603: يُعلّم أنّ شركةَ حبٍّ وحياةٍ يؤسّسها الخالق في الزواج المبارك منه، أي أنّ هذا الارتباط هو ارتباط حبٍّ بواسطة الكنيسة جسد المسيح السريّ والتي وضع قوانينها الله، ولأنّ الزواج كما ورد في المقدمة ليس مجرّد مؤسّسة إنسانيّة محض.
كذلك العدد 1641: يقول بأنّ هذه الوحدة بين الزوجين هي لتقديس ذاتهما.
ونهاية تعليقنا على السؤال الأوّل نعرض ما جاء على تعليمه الرقم 2363 الذي يركّز على أنّ هذه العلاقة بين الزوجين غايتها خير الزوجين، وانجاب البنين وتربيتهم، وهذان مدلولان لا يمكن فصلهما عن بعضهما، فالعلاقة الحميمة في الزواج يجب أن ترتكز على هذين المبدئين، كي لا يتعرّض مستقبل الأسرة للخطر، وهذا ما يفترض وجود حبّ زوجي بين الرجل والمرأة على أساس نقطتين: الأمانة والخصب.
السؤال الثاني: إنّ استمراريّة الزواج وديمومته أمرٌ طبيعيّ، ولكن عندما يتعرّض هذا الاستقرار والاستمرار إلى خلل أو ضعف أو زوال، فهذا يعني أنّ العلاقة طرأ عليها أمر غير طبيعيّة (أمور داخليّة بالمعنى الأصحّ)، ويسمي التعليم المسيحيّ هذه الأمور بالشرور التي لابدّ للإنسان من أن يختبرها، مادام هي من حوله أو في ذاته. وتتمثّل هذه الأمور بين الزوجين في: روح التسلّط، والخيانة، والغيرة…
ولكنّ هذه البلبلة ليست من طبيعة الزوجين، بل هي نتيجة الخطيئة التي تصدّع الشركة الأصليّة بين الرجل والمرأة، وهذا ما يفترض لوجوء الزوجين إلى الله، وطلب نعمته، فهو لا يبخل عليهم بنعمة الشفاء من الجروح التي سببتها الخطيئة، فبدون هذه النعمة لا يمكنهما تحقيق وحدة لحياتهما، وهذا ما يرد في الأعداد 1606-1607-1608 من التعليم المسيحيّ في الكنيسة الكاثوليكيّة.
أمّا الحديث عن الطلاق، فقد علّم السيّد المسيح من خلال كرازته، أنّ السماح بتطليق المرأة في شريعة موسى، ليس سوى تساهل سببه قسوة القلوب. ويشدّد التعليم المسيحي على تعليم المسيح، بأنّ الاتحاد بين الرجل والمرأة لا يقبل الانفصام لأنّ الله نفسه قد أقرّه “فلا يفرّق الإنسان ما جمعه الله”. وهذا كان جواب الكثير ممّن شملهم الإحصاء.
فالزواج والحبّ الزوجيّ، يقتضي بطبيعته الوحدة والديمومة وشركة تشمل كل الحياة، فالزوجين مدعوّين إلى أن ينميان في هذه الشركة عبر الأمانة للوعد الذي بينهما ومن خلال شراكتهما مع يسوع المسيح في سرّ الزواج الذي يُعمّق إيمانهم، وهذا ما يضمن المساواة بينهم في الكرامة الشخصيّة المتبادلة، فتعدد الزوجات يناقض الحب الزوجي في وحدانيته.
ولكن في بعض الأحيان تُصبح المساكنة الزوجيّة لا تطاق لأسباب متنوّعة، من هنا تسمح الكنيسة بالإفتراق جسديًّا، ولكن تبقى تسعى إلى أفضل الحلول وهو المصالحة.
وفي نهاية التعليق على السؤال الثاني، تجدر الإشارة إلى صعوبة ارتباط إنسان بآخر مدى الحياة، ولكن أيضًا تجدر الإشارة، إلى أنّ الله يحبنا حبّ نهائيّ لا عودة عنه، وهذا يشمل الزوجين، فهو يساندهما، وبنعمته يستطيعون الاستمرار مدى الحياة مع بعضهم ليؤدّوا الشهادة المطلوبة منهما حتى في أصعب الأوقات، فيستحقوا شكر الجماعة الكنسيّة ودعمها.
فالزواج، الشراكة الحميمة في الحياة والحبّ التي أسّسها الخالق ووضع لها قوانينها الخاصة. قائمة على العهد بين الزوجين وعلى رضاهما الشخصيّ والغير قابل للتراجع، فقد أصبحا واحدًا بعهد، وجب عليهما الحفاظ عليه لأنّه غير قابل للحلّ.
السؤال الثالث: في حين أنّ ميّزات الشريك عند الشبيبة كانت كثيرة ومتنوّعة، كانت في تعليم الكنيسة ترتكز على نقاط محدّدة أهمّها: التشديد على الحبّ الذي من طبيعته أمانةُ لا تُخترق وتبادل مواهب الذات، والحفاظ على ديمومة العهد الذي قطعه الزوجين برضاهما العلنيّ، واستمراره، كما جاء في العدد 1646.
وفي العدد 1648 يشدّد التعليم على الإيمان بالله وطلب نعمته والاعتماد عليه، والشهادة على محبّة الله لهما حتى في أصعب الظروف. كما يشدّد العدد 2349 على الطهارة حتى في الزواج.
فالتعليم المسيحي بشكل عام يشدّد على الشراكة وتبادل الاحترام والمحبّة والسعي لامتلاك الفضائل، إلهيّة كانت أم إنسانيّة.
السؤال الرابع: “الأزواج المسيحيّون، من جهتهم، يُقوَّون ويُكرَّسون، نوعًا ما، بسرٍّ خاص، ليضطلعوا بواجبات حالتهم، اضطلاعًا لائقًا”. هذا ما نصّ عليه العدد 1535 حرفيًّا، بالإضافة إلى التكرّس في الكهنوت.
والعدد 1603 يقول بأنّ الدعوة إلى الزواج منقوشة في طبيعة الرجل والمرأة كما خرجا في بدء الخلق، إذًا الدعوة إلى الزواج عند الإنسان واضحة وأصيلة.
السؤال الخامس: تعلّم الكنيسة أنّ الحبّ الزوجيّ يورِّث للأولاد بالتربية، الحياة الأدبيّة والروحيّة والتجنّد لخدمة الحياة (العدد 1653). كما يولي للعائلة أهميّة كبيرة بوصفها كمواقد إيمان حيّ ومشعّ، ويشدّد على ما سمّيت به في المجمع الفتيكاني الثاني “الكنيسة البيتيّة”. فعلى الأهل أن يحثّوا الأولاد على قبول الأسرار، والصلاة والحمد، وشهادة السيرة، والكفر بالذات، والمحبّة الفعّالة، ففي البت يتعلّم الولد الصبر، وبهجة العمل، والمحبّة الأخويّة، والسخاء في الصفح، وخصوصًا العبادة الإلهيّة بالصلاة وتقدمة الحياة. (العددين 1656-1657).
الخاتمة:
بدا من الواضح تأثير تعليم الكنيسة في مفهوم ومنطق شبيبة اليوم، ملتزمين كانوا أو غير ملتزمين، إمّا بطريقةٍ مباشرة من خلال التزامهم ومشاركتهم في الليتورجيّا أو الحركات الرسوليّة أو جمعيات التعليم المسيحيّ…، وإمّا من خلال التأثّر بالفكر العام انطلاقًا من العائلة أولاً، والبيئة المحيطة ثانيًا.
والمجتمع الذي تملك شبيبته هذه الذهنيّة، مازال بخير، إذا أردنا أن نكون متفائلين، حتى ولو لم يظهر هذا بشكل واضح عند المتزوجين هذا اليوم، ولكن ما أقصده هو أنّ من يملك هذه المبادئ والأفكار في منطقه ومفهومه عن الزواج، وإن تعرّض لمشكلة ما في زواجه المستقبليّ، وعاد إلى ضميره وصوت الحقّ في داخله، سيسلك طريق التريّث والتفكير العميق قبل اتخاذ أي قرار، من الممكن أن يكون طائشًا فيؤثّر على حياته الزوجية بشكل سلبي.
فيجب على الزوجين أن يبقيا قريبين من بعضهما رغم كل المصاعب والمشاكل التي يمكن أن تواجههما، وليأخذا الحياة على علاّتها وليكونا واقعيَّين، ليس سبب أكثر الطلاقات تنافر الأطباع بمقدار ما هو ظهور شخصٍ ثالث في الأفق، وظهور هذا الشخص هو ما يزيد البعد الذي ينشأ حين يكون هناك خلاف أومشاكل بين الزوجين، فيجب أن لا يُسمح بدخول هذا الشخص لكي لا يُعكّر ما يمكن أن يسوّى عن طريق المصارحة والمسامحة بين الزوجين، متكلين على الله أولاً، فهو لا يسمح بمسّ الزواج.
فيجب على الشبيبة أن تعي كما يعي كل زوجين أنّ هدف الزواج الأساسي هو خير الزوجين وإنجاب البنين وتربيتهم، وكما يقول العدد (1664) من تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة أنّ “الوحدة والديمومة والإنفتاح على الخصوبة من مقوّمات الزواج الأساسيّة. تعدّد الزوجات ينافي وحدته، والطلاق يُفرِّق ما جمعه الله، ورفض الخصوبة يصرف الحياة الزوجيّة عن أسمى عطيّة فيه، أي الولد”.
فعندما أعطى الله أبوينا الأوّلين قدرة الخلق ورسالته “باركهما”؛ من الواضح إذًا أن الزواج الأوّل لم يحظ فقط ببركة الله، بل كان أيضًا، بحسب إرادة الله، زواج رجل واحد وامرأة واحدة.
ولكن الخطيئة الأولى أبعدت الإنسان عن إرادة الله، فتغلّب الجسد على الروح، وظهرت مع الأيّام انحرافات تعدّد الزوجات والأزواج، ولكنّ ابن الله عندما أتى، وخلّص العالم من هذه الخطيئة، أعاد أيضًا للزواج شكله المثاليّ الأصيل، وركّز على الأمانة حتى ولو بالفكر عندما قال: “الحقّ أقول لكم من نظر إلى امرأة لكي يشتهيها فقد زنى بها في قلبه” (متى5: 21).
من هنا البلبلة الحاليّة التي لا مثيل لها، والوضع المشؤوم المهيمن على هذه القضيّة، وسببهما هجمة الغرائز على سنن الزواج الأزليّة لإستئصال جذورها الإلهيّة؛ هذا الاستئصال يعني اقتلاعها من تربتها الإلهيّة، وتركيب الزواج وفق غرائز الإنسان الأنانيّة.
ولكي نتغلّب على هذه الهجمة الغرائزيّة، يجب علينا العودة إلى العائلة، والتركيز عليها لتكون مسيحيّة بحقّ؛ فالتعليم المسيحي في العدد (1666) يسمّي العائلة “البيت المسيحيّ هو المكان الذي يتلقّى فيه الأولاد أولى بشائر الإيمان. ولذا يُدعى البيت العيليّ، بحقٍّ، “الكنيسة البيتيّة”، وهي بمثابة أسرةِ نعمةٍ وصلاةٍ ومدرسةٍ للفضائل الإنسانيّة والمحبّة المسيحيّة”.
فهذا نداء يجب أن نعمّمه لكي يسمعه كل المسؤولين روحيين كانوا أم زمنيّين، ليتنبّهوا إلى أهميّة العائلة، للحفاظ على مجتمع يملك قيمًا ساميةً ومبادئ روحيّة ودينيّة، وأن يعطوها الوقت الأكبر من وقتهم وتفكيرهم، لأنّ المجتمع الذي يملك عائلاتٍ مترابطةٍ ومتماسكةٍ ومتفاهمة، يُربّي أولاده على الخير وعلى العطاء المجانيّ وعلى النجاح والتقدّم.
أودّ أن أختم كما بدأت، ولكن هذه المرّة من رسالة الكاتبة الكبيرة مي زيادة إلى جبران خليل جبران تحدّثه فيها عن المرأة في الزواج فتقول: “عند الزواج تعد المرأة بالأمانة، والأمانة المعنويّة تضاهي الجسديّة أهميّة وشأنا؛ عند الزواج، تتكفّل باسعاد زوجها، وعندما تجتمع سرًّا برجلٍ آخر تُعدُّ مذنبةً إزاء المجتمع والعائلة والواجب(…)، ودور المرأة العائلي هو أصعب الأدوار وأوضعها وأمرّها”.
كلامٌ جميل، ولكن أريد أن أوضّح أنّ ما قالته كاتبتنا الكبيرة عن المرأة في الزواج، ينطبق تمامًا على الرجل، بخصوص أهميّة الأمانة، وكارثيّة الخيانة.
No Result
View All Result
Discussion about this post