كنيسة مار ماما – إهدن
بُنيت كنيسة مار ماما إهدن على أنقاض مَعبدٍ وثنيّ، بناه المَقدونيون، كُرِّس لإله الشمس. قال عنها البطريرك اسطفان الدويهي (1680-1704) إنّها أقدم كنيسة مارونيّة في لبنان، شُيّدت سنة 749.
عدّة شواهد تَدُلّ على قِدَم تلك الكنيسة، من النقش اليوناني الموجود على الحائط الجنوبي الخارجي للكنيسة والذي يعود إلى 282م والذي اكتشفه الفرنسي إرنست رينان في العام 1861 عندما كان موفداً من نابوليون الثالث في “مهمّة في فينيقيا”، ونقوش أرقام يونانية بجوارها، إلى كتابة سريانية من أربعة أسطر، موجودة على عمود داخل الكنيسة ومثبتة بالمقلوب، وهذا دليل على أنها ليست في مكانها الأساسي، وقد وصفها إرنست رينان “بالاسترنجلا” أي اللغة السريانية القديمة، وترجمتها “بسم الله القادر على إحياء الأموات، في العام الأول للإسكندر …زلزال ضرب المنطقة… عاش ماركوس ومات”، إلى قِطعة الفُسيفساء المَوجودة خلف المذبح، وإلى قطع الفخار التي تعود إلى القرون الوسطى، إلى السرادق المحفورعليه صليبٌ من جهة، ونجمة من جهة أخرى، بالإضافة الى الحجارة الضخمة التي تتضمنها جدرانها…
الكنيسة مبنية على الطراز التقليدي، وجهتها نحو الشرق، مدخلها من الجهة الغربية، ودرجها إلى السّطح خارجيّ هو كناية عن حجارة منفصلة مثبتة في حائطها الغربيّ. هي في الأصل مؤلفة من أسواق ثلاثة كما ذكر عنها البطريرك اسطفان الدويهي (1680-1704) في الفصل الخاص بكيفية بناء الكنائس (في منارة الأقداس)، إذ قال: “قسَّم الآباء القديسون الهياكل الكبيرة ثلاثة أقسام أي قدس الأقداس وبيت المقدس والدار وفقًا لعدد الأقانيم الثلاثة، كما تبين من كنائسنا القديمة مثل كنيسة القديس ماما في إهدن…”. أمّا اليوم فلم يبقَ منها إلّا سوقان تفصلهما قناطر، بعد أن تهدّم السوق الشمالي، بسبب شق طريق بمحاذاة الكنيسة. السوق الشمالي معقود وينتهي بالمذبح وحنيّة مكوّرة والسوق الجنوبي معقود وأقصر وذات حنية مستقيمة، ومن دون مذبح. أمّا جرن العماد فهو موجود ضمن الحائط الشمالي. والملفت في هذه الكنيسة ظاهرة الصلبان المحفورة على جدرانها الخارجية والداخلية، وعددها ثلاثة عشر.
وكانت هذه الكنيسة قد استعملت في أواسط القرن الماضي، كمدرسة لأولاد البلدة، قبل أن تُهجَر ويُقفل بابها لفترة، إلى أن خضعت لعملية ترميم من قبل المديرية العامة للآثار في العام 1974 وفتحت أبوابها مُجدّداً
بالعَودَة إلى القِدّيس ماما، فإنَّه وُلِد من والدين مَسيحييَن، مُتوسِّطي الحال، في القرن الثالث بمَنطقَة كابادوكيا، في زمن الإمبراطور يوليانوس (331م-363م) الذي كان يَضطَهِد المَسيحيين، ما لَبِثَ أن ألقيَ القبضُ عليهما وسُجِنا… وَلَدَته أمُّه في الِسجن، وما لَبِثَت أن توفيت. فَتَوَلَّت تَربيته إمرأة مَسيحية على قواعِد التَقوى والإيمان
كَبُرالطِفل، وكان ينادي والدته التي تَبَنّته “ماما” (باليونانية ماماس)، ولِفَرَحِها الشَديد به كانت تُناديه “ماما”. ا
عَهِدت إليه منذ الصِغر رعاية الغَنَم، وكان راضياً بِمَعيشته. هذه المُهِمَّة جَعَلَتهُ يتأمَّل بالطبيعة وبِعَظَمَة الكَون…وإثر وشايةٍ، ألقى الجُندُ القبضَ عليه، فرَفَضَ الكَفر بِمَسيحيته أثناء اعتقالِه، فَنَكّلوا به وعَذَّبوه حتى المَمات، وكان في سِنّ الخامِسَة عَشَرة. حُفِظَ جثمانه في مدينة قَيصَرية كابادوكيا، وأصبَحَ شَفيعُها.
Location: https://goo.gl/maps/PBY5MEjPbgVSKqdLA
Video: https://youtu.be/UkUWdsWPQQk?si=ruSSRLQRzJKCr4bc