العائلة المسيحية ودورها في الكنيسة
القسم الأول : العائلة في سر الزواج
حين نقول عن الكنيسة إنها جماعة المؤمنين بالمسيح وبتعليمه ورسالته فهذا يعني إنها من جماعات مصغرة ، هي العائلات المسيحية التي من خلالها يتوصل نشر المسيح .
والعائلة المسيحية يرتبط وجودها بالكنيسة التي هي أم روحية تلد العائلة وتتعهدها بالعناية ، وتغذيها بكلمة الله وبالاسرار ، وترافق مسيرتها حتى لحظة الرحيل ، والإنطلاق إلى بيت الآب السماوي .
بفضل هذه الفيض من النِعَم الالهية المتدفقّ من قلب الكنيسة النابض بحياة الله، تصبح العائلة شيئاً فشيئاً ، إذا ما انقادت فعلاً لعمل الروح القدس، جماعة مخلَّصة، تنهل من ينابيع الخلاص ما تحاجه في مسيرتها، بغية أن تتحول مع الوقت ، وبقوّة الروح عينه ، إلى جماعة مخلّصة ، تشارك في نبوّة المسيح وكهنوته وملوكيته .
وهذا ما عبَّر عنه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني ، حيث يقول إن ” من أهم وظائف العائلة المسيحية، وظيفتها الكنسية: أعني تلك التي تضعها في خدمة بناء ملكوت الله، على مرّ العصور ، بمشاركتها في حياة الكنيسة ورسالتها “.
” ولكي نحسن فهم أساس هذه المشاركة وماهيتها وخصائصها ، لا بدّ من التعمق في بحث ما يشدّ الكنيسة إلى العائلة المسيحية من روابط عديدة حميمة تجعل من العائلة شبه ” كنيسة مصغَّرة ” (كنيسة منزلية ) ، بحيث تكون هذه العائلة بدورها صورة حيَّة وتجسيداً في الزمن لسرّ الكنيسة ” (أرشاد رسولي عدد 49)
القسم الثاني : العائلة المسيحية جماعة إيمان : دورها النبوي
تبدأ مسيرة العائلة يوم تسمع كلمة الله من فم الكنيسة ، ومثل الكنيسة تصغي اليه يدعوها إلى أن تدخل في سرّ الخلاص . وما الإيمان سوى هذا الوعي لتصميم الله الخلاصي وللعائلة بالذات ، والخضوع البنوي لمشيئته القدوسة.
1-العائلة مدرسة إيمان
أن تؤمن العائلة، فهذا يعني عملياً :
* أنها اكتشفت معنى وجودها، وكيف أنها وهبت، مثل كل البشر، نعمة الحياة بفضل محبة الهية مجانية .
* انها اذاً، بعيداً عن كل فلسفة مبنية على الصدفة أو على المادية الملحدة، تنعم برعاية الله في كافة مراحل حياتها، قبل الزواج وبعده.
* إن لقاء الخطيبين نفسه على دروب الحياة، وفي مرحلة الاستعداد للزواج يدخل في إطار مسيرة إيمان تجعلها يكتشفان من جديد وعد عمادهما، ويريخان في نفسيهما هذا الوعد، ويلتزمان عن وعي طريق المسيح في حالة الزواج.
* إن تبادل العهود أمام الربّ، إعلان إيمان في الكنيسة ومع الكنيسة بتصميم الله للعائلة واستعداد للطاعة.
وبقدر ما تكون إنطلاقة الحياة الزوجية على هذا المستوى من الوعي لسرّ حضور الله وعمله في حياة العائلة، تصبح الحياة الزوجية كلها مسيرة إيمان ، يمكن للعائلة من خلالها أن ترى كل شيء وأن تقرأ الاحداث على ضوء هذا الاختبار الايماني، فتتحول شيئاً فشيئاً الى مدرسة إيمان ينشأ فيها الاولاد ، ونور الربّ يلوح باستمرار في أفق حياتهما، أقوى من كل غيوم الحياة وأعاصيرها.
2-العائلة مدرسة حياة
الايمان الحقيقي لا بدّ له، لكي ينمو ويدوم، من أن يترجم أعمالاً تجسّده وتكون برهاناً حسّياً على مصداقية العقيدة التي يقوم عليها من جهة، وعلى أنه قابل للعيش والتطبيق من جهة أخرى.
ويمكن أن نلخّص رسالة العائلة، المطلوب منها أن تكون مدرسة حياة، بما يلي:
* أن تكون فعلاً شركة أشخاص ، لكل منهم مكانته واحترامه فيها، ودوره في بنائها، أطفلاً كان أم شاباً، كهلاً أم عجوزاً ، متعافياً أم مريضاً، صحيح البنية أم معافاً.
* أن تصبح على مثال الكنيسة، أمّا ومعلَمة، تربّي على القيم السامية، على روح الصدق والغفران ، علبى روح الخدمة بفرح، على القيام بالواجب بتفانٍ وإخلاص، وعلى المشاركة الواعية في سرّ الصليب، من خلال الصعوبات التي يواجهها في تربية اولادهم ، وكل إختبارات الالم وحتى الموت ، التي تتعرض العائلة في مسيرتها ، وتعرف كيف تجابهها بروح الإيمان الواثق والرجاء المستنير بنور القيامة .
الحياة العائلية
إن الروح القدس يعمل بأعضاء الكنيسة الكاثوليكية لتقديسهم ، بالعائلة ومن خلال العائلة ، فيقود المؤمنين إلى الطريق والحق والحياة ، باتباع تعاليم الكنيسة فيما يتعلق بالإيمان والأخلاق من خلال الطاعة للسلطة الكنسية التي تتمثل بالأساقفة وقداسة البابا يوحنا بولس الثاني .
Discussion about this post