كنيسة المشبك
كنيسة المشبك، أو كنيسة ملقبيس كما تُدعى بالسريانية، هي كنيسة سريانية قديمة تقع في محافظة حلب، على بعد 28 كيلومتر من مدينة حلب باتجاه الغرب، وسط تجمع أثري سرياني كبير يعرف باسم المدن المنسية. تقع الكنيسة في أعلى هضبة مرتفعة على طريق جبل سمعان، حيث كان السكان قديمًا يقصدونها في طريقهم إلى معبد سمعان العمودي.
ولُقّبت بالمشبك لأن الذي بناها أخذ بالحسبان الهزات الأرضية التي كانت تصيب أراضي أنطاكية في ذلك الوقت، حيث جعل حجارها متشابكة ومتماسكة. يعود تاريخ بناء الكنيسة إلى القرن الخامس الميلادي.
ذكر الرحالة دي فوغويه أن هناك صورة ممتازة للكنيسة من تصوير البير بوخه من حب ، ويذكر بتلر أنها من أكمل الكنائس المحفوظة من نوع البازليك التي شاهدها بحياته . لا ينقصها سوى مثلث الواجهة الغربية العلوي والسقف الخشبي ويعيدها إلى القرن الخامس وحوالي العام 470 م بعد مقارنة نافذتي حنيتها وزخرفتها بنوافذ حمام سرجيلا المؤرخ من العام 473 م .
البناء
المهندس الذي بناها كان يعلم بالهزات الأرضية والزلازل التي كانت تصيب تلك المنطقة، فبناها من حجارة كلسية صلبة ومتماسكة، مما أدى إلى صمودها أمام كل المشاكل من زلازل وحروب حتى يومنا هذا. قُسمت الكنيسة إلى ثلاث أسواق حيث الأوسط يخصص للرجال والاثنين الآخرين للنساء. يوجد في الكنيسة عشرة أعمدة، خمسة من كل طرف، وتصل الأعمدة ببعضها قناطر حجرية وكل عمود مقطوع من حجر واحد، وهذا يدل على التاريخ السرياني المعماري العريق. والسقف مصنوع من الخشب تغطيه قطع القرميد الحمراء مثل باقي الكنائس السورية والبيوت في المنطقة الساحلية.
المذبح والمظهر الخارجي
المذبح بني فوق مائدة مربعة، وفوقه توجد قبة صغيرة فتحت فيها نافذتان لإنارة المذبح والكنيسة، والشبابيك كثيرة نظرا للرغبة في وجود النور الساطع أثناء الصلاة.
المدخل
هناك بابان في الواجهة الجنوبية لكل منهما نافذة، وفي الواجهة الشمالية باب ذو نجمة مزخرفة له نافذتان من كل جانب، أما الباب الرئيسي فقد كان في الواجهة الغربية وتميّزت نجمته بوجود ثلاثة أقراص تحمل إشارة الصليب بداخلها، ورُسم على طرفها الأيسر شجرة وعلى الطرف الأيمن رمز لأحد النساك العموديين، وعلى الواجهة الغربية يوجد صفّان من النوافذ في كل صف ثلاث ترمز إلى الأقانيم الثلاثة وقد انتهى الصف العلوي منها بنصف دائرة وهذه من مميّزات كنائس النصف الأول من القرن الخامس الميلادي.
وصف الكنيسة :
إن أبعاد كنيسة المشبك 32×24 ذراعاً ، أي بنسبة 4 إلى 3 , وهي مثل جميع كنائس البازليك . وتتألف من بهو رئيس وإلى كل من طرفيه بهو جانبي يفصل بينهما خمسة أعمدة انتهت بتيجان متنوعة بين الكورنتي والايوني والدوري . وقامت فوق الأعمدة الأقواس الرائعة بأحجارها المتداخلة باتزان وبأبعاد مختلفة .
وربما سميت الكنيسة (( المشبك ))لدقة تشابك أحجارها في الأقواس فوق الأعمدة . ومما يميز التاج الدوري في الكنيسة أنه زود بعنق ليبدو مساوياً للتاج الكورنتي بارتفاعه . كما أن التيجان الكورنتية تختلف في ما بينها من حيث طبيعة الأوراق المشكلة للتاج وبوجود أو عدم وجود زاوية فيه ، وارتفعت الجدران فوق الأقواس تحمل النوافذ والبروزات الحاملة للسقف الخشبي .
أن نوافذ الإنارة في جداري البهو الرئيس وعددها تسع ، لا علاقة لها مع الأقواس الستة التي تحتها . ونجد أسفل الإفريز العلوي من الداخل مساند على شكل ظفر تحمل جملون السقف الخشبي ، وهي على شكل هرمي مقلوب في وجهها السفلي قرص زخرفي . أما البهوان الجانبيان فكان يغطيهما سقف خشبي مائل ، أقل انخفاضاً من سقف البهو الرئيسي .
وفي صدر الكنيسة الشرقي قامت الحنية كاملة نصف مغموسة من الخلف ، وفي أسفلها نافذتان واسعتان لتأمين الإنارة . ويحمل حجر القفل العلوي للحنية قرصاً نافراً رمزياً وقام إلى جانبي الحنية غرفتان . الشمالية منهما لخدمة القداس والجنوبية لحفظ ذخائر الشهداء .
ولا نعلم إذا كانت مخصصة لذخائر شهيد أو قديس معين . كمالم يكن هناك أي برج فوق غرفة الخدمة ( الدياكونيكون ) كما كانت العادة أحياناً .
أما في وسط البهو الرئيسي فقد قامت البيما . وهي مصطبة حجرية ترتفع قليلاً عن سوية أرض الكنيسة . وهي محدبة على شكل حدوة الحصان . كانت تقرأ الرسائل والإنجيل فيها مع الأكليروس قبل التوجه إلى الهيكل الموجود تحت في الشرق لمتابعة الذبيحة الإلهية .
أما عن أبواب الكنيسة فهناك بابان في الواجهة الجنوبية أحاط بكل منهما نافذة من كل جانبيه . وهناك باب ذو نجفة مزخرفة في الواجهة الشمالية لها نافذتان من كل جانب .أما الباب الرئيس فكان في الواجهة الغربية , وقد تميزت نجفته بوجود ثلاثة أقراص تحمل إشارة الصليب بداخلها , قام على طرفها الأيسر رسم شجرة وعلى الطرف الأيمن رمز لأحد النساك العموديين وهناك نافذة إلى كل من جانبي الباب الغربي .
أما على الواجهة الغربية فيوجد صفان من النوافذ في كل صف ثلاث نوافذ ترمز إلى الأقانيم الثلاثة . وقد انتهى الصف العلوي منها بنصف دائرة . وهذه من مميزات كنائس النصف الأول من القرن الخامس . ويتبين من وجود فرق في منسوب مداخل الكنيسة عن سوية الأرض المجاورة إنه كان هناك عدة درجات أمام كل مدخل وباب . كما كان هناك مظلة حجرية عدة درجات أمام كل باب تستند على عمودين .
وفي الواقع أن كنيسة المشبك لا ينقصها سوى أحجار المثلث العلوي لواجهتها الغربية وبعض أحجار جدارها الشمالي . ولكن لابد من نصب قالب خشبي لاعادة بعض الأحجار المنزلقة نتيجة الزلازل من أماكنها . مع ترميم بعض التيجان المتآكلة بالإضافة إلى ترميم الحنية والجدار الشمالي وكشف أرضية
الكنيسة بالكامل إعادة تركيب الدرجات والمظلات لمداخل الكنيسة من جهاتها الثلاث ، بالإضافة إلى زريقة الجدران من الداخل . وأعمال الترميم هذه تتطلب دقة فنية أموالاً كافية . ونشاهد أمام الكنيسة وإلى الجنوب الغربي منها المقلع الذي أخذت حجارتها منه ، وقد حول إلى حوض لتجميع المياه كما انتشرت حوله بعض الصهاريج المحفورة في الصخر والمدافن الأرضية …
أما إلى الشرق من الكنيسة فقد قام بناء سكنه أحد أبناء منطقة دارة عزة أستكمل فيه بناء جدرانه التي تعود أحجارها إلى القرن الثاني للميلاد .
وقد قامت إلى الجنوب من الدار المذكورة قرية متهدمة تعود بقاياها إلى القرنين الخامس والسادس للميلاد . ضمت العديد من دور السكن والإصطبلات المتهدمة والتي لازالت نجفات بعض مداخلها منتصبة في أماكنها . وقد احتوى أحد الإصطبلات رمز العموديين وقد علته نجمة جميلة .
كم نحن بحاجة إلى بعثة أثرية تقوم بترميم كنيسة المشبك وتعيدها للحياة من موقعها مركزاً تبني قربه بيتاً لها تنطلق منه سنوياً لترميم بعض أهم الفيلات والأبراج والكنائس المنتشرة في المنطقة والتي تحتاج إلى عناية وترميم واهتمام ، مثل الشيخ سليمان وبراد وباصوفان وخراب شمس وبرج حيدر وسواها . ترمم بمعرفة السلطات الأثرية وتحت اشرافها وتدخل في برامج زيارة الوفود السياحية لتكون عنصر جذب فعال في الصناعة السياحية أسوة باليونان وتركيا.
المراجع
-
^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت “كنيسة المشبك في حلب”. مؤرشف من الأصل في 2018-01-08. اطلع عليه بتاريخ 2018-01-08.
-
^ تعدى إلى الأعلى ل:أ ب ت “موقع حلب – كنيسة “المشبك”..شبكة من الأقواس والأعمدة”. esyria.sy. مؤرشف من الأصل في 2019-01-03. اطلع عليه بتاريخ 2019-01-02.
-
موسوعة قنشرين للكنائس والأديرة
No Result
View All Result