تفسير أيقونة القيامة
المقدمة:
في الكنيسة الأرثوذكسية أيقونة النزول إلى الجحيم هي نفسها أيقونة القيامة لأن عيدنا بقيامة المسيح هو نفسه عيدنا بهدمه للجحيم وإماتة الموت. “إننا معيدون لإماتة الموت وبهدم الجحيم….” (قانون الفصح).
ونحن أمام أيقونة القيامة هذه التي تعود إلى القرن الرابع عشر عصر النهضة التصويرية، لفنان مجهول الهوية، موجودة على الحنية خلف الهيكل في معبد بجانب الكنيسة الرئيسية كنيسة المخلص “خورا” في القسطنطينية
التي ترجع إلى القرن الخامس التي أُعيد بناؤها في القرن الثاني عشر والتي حوَّلها الأتراك إلى الجامع “كريه جامي” بعد احتلالهم عاصمة الأباطرة البيزنطيين.
نترك هذه الأيقونة لتتحدث عن نفسها في تقسيماتها الأربع التالية:
تتجلى في هذه الأيقونة عقيدتي الفداء والقيامة، أما الفداء فنكتشفه من خلال جروحات المسيح الخمس علاوة على أنه بالصليب نزل إلى الجحيم أما القيامة فتظهرها هذه الأيقونة على أن قوة قيامة المسيح، قادرة على إقامة من يريد. فالأيقونة ترينا كيف أنه أقام آدم وحواء (الذين يمثلان البشرية كلها). وهذا مدلول قيامة لإقامة كثيرين.
1- مقطع يسوع المجلل بالنور:
نرى هنا يسوع الغالب المجلل بالنور والمجد الإلهي يملؤه العطف والحنان والحب الذي بسببه قبل أن يتجسد وأن يتألم ويموت أيضاً. بالقوة والقدرة والانتصار. نراه الآن قد نزل إلى أسافل دركات الجحيم ليبشر الموتى وينهضهم بقيامته.
وكما هو ظاهر في الأيقونة أنه اليوم حضر النور الساطع كالبرق (قانون الفصح). لينير الظلمة ويغلبها. حضر السيد ليكمل بشارته التي بدأت بالذين على الأرض واليوم يعلنها للذين في الجحيم “قد بشّر الأموات أيضاً بالإنجيل” (بطرس 6:4).
كما نرى أيضاً في هذا المقطع من الأيقونة أن السيد قد جاء بقدرته القادرة على تحطيم الأقفال القوية التي احتجزت آدم وذريته “أيها المسيح…. فسحقت الأمخال الدهرية المثبتة الضابطة المعتقلين” (قانون الفصح) ولا يفوتنا أن نرى في الأيقونة أيضاً أنه الآن كشف عن مجده الحقيقي ونوره الساطع وقدرته الخالقة كل البرايا. اليوم كشف عن الهوية، الذي احتار به الشيطان من يكون.
2- وفي المقطع الثاني من الأيقونة :
نرى الرجل المقيد والأبواب المكسرة والقيود المفككة الأغلال)، ويسوع يقف فوق أبواب مكسرة وأقفال ورجل مقيد في ظلمة داكنة ألا وهو إبليس سبب الموت والفساد قُيِّد ووُضع في الهاوية التي صنعها والظلمة التي هو سببها، وعرف أن وعد الله صادق هو وأصبح حقيقة.
قيَّد الذي كان يُقيّد قديماً الداخلين إليه، بقيوده ذاتها، بعد أن كسّر أبوابه التي لم تستطع أن تحتويه داخلها “اليوم الجحيم تنهد صارخاً، لقد كان الأَجود لي ألا أقتبل المولود من مريم لأنه مع ما أقبل نحوي حل اقتداري وطحن أبوابي النحاسية وأنهض النفوس التي كنت استوليت عليها، بما أنه إله…” (ستيشيرات مساء السبت المقدس).
3- الجهة اليسرى من الأيقونة:
أي على يمين السيد نرى يوحنا المعمدان يشير إلى السيد ويقف بجانبه الملك داود، والملك سليمان، وكأنهم يتحدثون. فتقول هنا الأيقونة: وكانت بشارة يوحنا المعمدان سابقةً للسيد المسيح أيضاً في الجحيم موضحاً ومطمئناً للذين هناك بقرب الفرح الكبير ونهاية القيود.
4- وعلى الجهة اليمنى من الأيقونة:
في قسمها الرابع نجد جمع غفير من أهمهم الأنبياء موسى وإيليا وهابيل الذين كانوا في الجحيم جميعهم أنبياء وأبرار وصدِّيقون غمرهم الفرح وتهللوا بهذا اليوم وأسرعوا نحو النور الذي أضاء ظلمتهم لتقول الأيقونة برموزها الواضحة النشيد الكنسي: “أيها المسيح إن المكبلين في سلاسل الجحيم لما لاحظوا إفراط تحننك الذي لا يقدر، حضروا مسرعين نحو النور بإقدام متهللة. عاقدين فصحاً أبدياً” ( قانون الفصح).