حياة الفرح
إعداد: ميشيل نجيب دميان
تعريف :
في اللغة العربية ، الفرح : السرور والابتهاج
في اللغة اليونانية والقبطية ، الفرح : chara
في اللغة الانجليزية ، الفرح joy:
مفهوم الفرح :
فرح زمني : هو فرح الإنسان في الدنيا سواء فرح جسدي أو فرح روحي أو أي نوع من الأفراح ..الخ وهو فرح مؤقت “مخافة الرب تلذ للقلب وتعطي السرور والفرح وطول الأيام” (سيراخ 1 : 12)
فرح أبدى : هو فرح الإنسان في السماء فهو فرح كامل يفوق الوصف لا ينتهي ..الخ “ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون (السماء) بترنم وفرح أبدي على رؤوسهم ابتهاج وفرح يدركانهم ويهرب الحزن والتنهد .” (اش 35 : 10)
فرح خارجي : وهو نابع عن شيء أو حدث ..الخ يسبب بهجة أو سرور للإنسان وقد يكون غير نابع من القلب وهو مؤقت ” لا غنى خير من عافية الجسم ولا سرور يفوق فرح القلب”(سيراخ30 : 16)
فرح داخلي :هو نابع من الرضا والسعادة وراحة البال والعشرة مع الله وهو فرح دائم “ يفرح الصديق بالرب ويحتمي به ويبتهج كل ألمستقيمي القلوب ” (مز 64 : 10)
فرح خاطئ :وهو الذى يكون مصدره الخطية أو المعاشرات أو الشهوات والسلوكيات الخاطئة مثل الإدمان..الخ “افرح أيها الشاب (فرح خاطئ) .. واسلك في طرق قلبك وبمرأى عينيك واعلم أنه على هذه الأمور كلها يأتي بك الله إلى الدينونة” (جا 11 : 9)
فرح حقيقي : هو الذى يستمد مصدره من الله والعشرة معه وهو فرح عميق لا يتأثر بالظروف الخارجية أو التجارب أو الضيقات ..الخ” افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا” (في 4 : 4)
الله والفرح :
الله مصدر الفرح :من صفات الله الفرح فهو في فرح دائما ، وهو يفرح بنا “الرب إلهك في وسطك جبار يخلص يبتهج بك فرحا.”(صف3: 17)
الله خلق الإنسان للفرح :ومن أجله خلق كل شيء لراحة الإنسان وسعادته ، ومن فرح الله بالبشر إنه يديم إحساناته الكثيرة عليهم “وافرح بهم لأحسن إليهم..” (أر32: 41) ويريدنا أن نكون فرحين به أولاً .
أعد الله للإنسان أفراحا أبدية : اعد الله لأحبائه السالكين حسب وصاياه ، أفراحا لا يعبر في السماء “ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه..“(1كو2: 9)
الرب يسوع مثلنا الأعلى فى الفرح :
إنجيل الفرح : كلمة الإنجيل معناها ” البشارة المفرحة” ويبدأ الإنجيل بالفرح بميلاد المسيح المخلص وينتهي بأفراح قيامة المسيح وإتمام الخلاص .
كان يفرح ويتهلل بالروح : “وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها ألآب..”(لو10: 21) كما أن المسيح وكلامه مصدراً للفرح الروحي “كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم“(يو 15 : 11)
دعوته للفرح الدائم :حتى فى الضيقات والاضطهاد “افرحوا وتهللوا لان أجركم عظيم في السماوات فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم” (مت5 : 12) إن الله يبارك القلوب المبتهجة الشاكرة .
الفرح من ثمار الروح القدس :
الفرح الروحي : من ثمر الروح القدس في الإنسان “أما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام.. “(غلا5: 22)
فرح الامتلاء بالروح : الامتلاء بالروح القدس يعطى فرحا لا يعبر عنه ، قال القديس مار اسحق “حينما تمتلئ النفس من الروح القدس تتحرر تماما من الكآبة والضيق والضجر ، وتلبس الاتساع والسلام والفرح بالله ، وتفتح فى قلبها باب الحب لسائر الناس.”
سمات الفرح المسيحي :
1- الفرح بالله : هو فرح العشرة مع الله “جعلت الرب أمامي في كل حين. لأنه عن يميني فلا أتزعزع. لذلك فرح قلبي وابتهجت روحي“(مز16: 8 ،9) إن الفرح المسيحى ناتج عن وجود الله فى حياتنا ولو كانت الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بالإنسان مضادة..”يفرح الصديق بالرب ويحتمي به ويبتهج كل ألمستقيمي القلوب.”(مز64: 10)هو فرح من الرب وفرح بالرب وفرح فى الرب “افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضا افرحوا”(في4: 4) قال القديس اغسطينوس ” إن شئت أن يكون فرحك ثابتا باقيا التصق بالله السرمدى ، ذاك لا تعتريه تغيير بل يستمر ثابتا الى الأبد.”
2- الفرح الكامل :لأنه من السيد المسيح الذى أعطانا الفرح الكامل الذى يشمل الفرح الخارجي والفرح الداخلي ، فرح الروح والنفس..الخ “ليكون لهم فرحى كاملا فيهم“(يو 17: 13) وهذا الفرح لا يمكن ان ينزع منا حتى بالموت “نكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملا“(1يو1: 4) قال القديس اغسطينوس ” لا ينزع احد فرحكم منكم لأن فرحكم هو يسوع نفسه.”
3- الفرح الدائم : لأنه مرتبط بحياة التسليم لله الذى يحبنا ويعمل كل خير لنا ” كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله” (رو8: 28) إن الفرح الدائم هو ثمرة التسليم الواثق فى الله ، عندما تبدو الأمور غير مفرحة “افرحوا كل حين“(1تس5 : 16) فهو ليس فرحا عالميا يقوم على امور زمنية فانية لكنه نابع من كشف الله للنفس عن ملكوت السموات واعطائها ان تتذوق عربونه ” الذي وإن لم تره تحبونه وذلك إن كنتم لا ترونه الان لكن تؤمنون به فتبنهجون بفرح لا ينطق به ومجيد.”(1بط1: 8) قال القديس انطونيوس”النفس دائما تتربى بهذا الفرح السماوي وتسعد به وبه تصعد الى السماء فهو غذائها الروحي.”
مجالات الفرح :
1- فرح التوبة : إن فرح التائب بتوبته فرح لا يعادله فرح آخر، هو فرح التخلص من الخطية وقيود الشيطان ، او التخلص من خطية متكررة او عادة مسيطرة ..الخ ، وهو أيضا فرح الغفران والرجوع لله. كما إن التوبة تفرح قلب الله وتفرح السماء بمن فيها من الملائكة والقديسين ” هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب..”(لو15: 7) كما إن رسالة الكنيسة هى خلاص الخطاة وتوبتهم ، لذلك تفرح بتوبة أولادها ، وتقدم لهم وسائط النعمة من سر التوبة والاعتراف وسر التناول ..الخ .
2- فرح العطاء: أن يصاحب العطاء السرور والفرح لا عن تغصب أو حزن ، وبقدر سرورنا بالعطاء يحبنا الله ” كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن أو اضطرار لأن المعطي المسرور يحبه الله”(2كو9: 7) ويكون”الراحم بسرور“(رو12: 8) علينا أن نعطى لكل من يقابلنا من صلواتنا ومن أوقاتنا واهتمامنا ثم بعد ذلك نعطى من خيرات والعالم وأمواله ، ونعطى بقلوب فرحة وأيد سخية ، قال القديس موسى الأسود “أعط المحتاجين بسرور ورضي لئلا تخجل بين القديسين وتحرم من أمجادهم”
3- فرح فى التجارب: إن الفرح المسيحي فرح صادق يدوم حتى وقت التأديب والتجارب “احسبوه كل فرح ياإخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة“(يع 1: 2) فأن التجارب غالبا ما تكون امتحانا من الله للتنقية من شوائب فى المؤمن او للترقية لدرجة روحية اعلى او لبركة او نعمة آتية من الله ..الخ ، إن الفرح بالرب هو شفاء الروح الذى يداوى علل وأوجاع النفوس ، عن فائدة التجارب قال القديس باخوميوس” تقبل كل التجارب بفرح عالما بالمجد الذي يتبعها فأن تحققت من ذلك فلن تمل من احتمالها لدرجة أنك تطلب من الله أن لا يصرفها عنك .“
بركات حياة الفرح :
1- نوال القوة : إن الفرح الروحي هو مصدر للقوة الروحية والنفسية والجسدية “لا تحزنوا لان فرح الرب هو قوتكم” (نح 8 : 10) إن كل قلق او خوف او اضطراب او يأس هو من عمل الشيطان ، ولكن المسيح قد انتصر على الشيطان ، وأعطانا قوته وفرحه فقد قال “لكى يثبت فرحى فيكم ويكمل فرحكم”(يو15: 11) لتكن حياتنا خالية من اليأس والكآبة ..لان المسيح فرحنا ، قال القديس يوحنا ذهبى الفم ” ليس هناك سلاح أقوى من الفرح بالله والذي يملكه لا يحنى رأسه أمام الأعداء.”!
2- الأمان والاطمئنان : هو نتيجة طبيعية لحياة التسليم والفرح “ونحن نعلم إن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده” (رو8: 28) فأن قوة الله العظيمة تحيط بنا وتحرسنا لذلك نشكره ونفرح لذلك ” الرب نوري وخلاصي ممن أخاف الرب حصن حياتي ممن ارتعب ” (مز27: 1) والكنيسة فى القداس الإلهي تطلب أن نمتلئ من الفرح “املآ قلوبنا فرحا ونعيما” إن البشاشة هى التعبير عن الفرح الداخلي لذلك أظهر المحبة والبشاشة لكل احد .
3- عربون الفرح السماوي : إن أولاد الله فرحون بملكوت الله داخلهم ، فرحون بعمل الروح القدس فيهم ، فرحون لان لهم ملكوت السموات.. “إن كنتم لا ترونه الآن (ملكوت السموات) لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد.”(1بط1: 8) فرح بالرغم من الشدائد والآلام فى الحياة “كما اشتركتم في ألام المسيح افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضا مبتهجين “(1بط4: 13) قال القديس انطونيوس ” كما أن الأشجار إن لم تشرب من الماء لا يمكنها أن تنمو ، هكذا النفس إن لم تقبل الفرح السماوي لا يمكنها أن تنمو تصعد الى العلاء .”!
تدريبات لحياة الفرح :
+ أظهر المحبة والبشاشة لكل أحد ، إن البشاشة هي التعبير الظاهري عن الفرح الداخلي .
+ يجب أن يكون فرحك غامراً يشع على الآخرين أيضاً ، حول الأمور المخيبة للآمال حتى لو كانت وقتية ، إلى فرح ومسرة ، وكل شكوى وتذمر إلى شكر ورضى.
+ ينبغي أن يرى الناس فرحك ويعرفوه ، وهم يرون هذا الفرح ، يعرفون أنه فرح ينبثق من الثقة في الرب ، ومن الحياة معه .
+ إن التسبيح هو تقدمة الإنسان المفرحة لقلب الرب ، بينما أنتم تسبحون فأن فرحاً غامراً سوف يسري في كيانكم ، فتتذوقون شيئاً من فرح الجمهور السماوي . رتلوا للرب من قلب مملوء بالبهجة .
ربنا وإلهنا أعنا حتى نعبر :
من العوز إلى الوفرة ، من القلق إلى الراحة
من الحزن إلى الفرح ، من الضعف إلى القوة ..
No Result
View All Result