ما هو اللطف وصفاته؟ وكيف يسلك اللطفاء؟
اللطف هو كل هذه الفضائل التي ذكرها الكتاب مجتمعة. وهو ثمرة طبيعية لحياة الوداعة والرقة والبشاشة والاتضاع، والبعد عن الخشونة والعنف والقسوة والتعالي. ومادام هو من ثمر الروح، إذن فهو من ثمر “الروح الوديع الهادي” (1بط 3: 4). وهكذا يكون الإنسان اللطيف
هناك أشخاص -للأسف الشديد- يظنون أن الحياة الروحية هي مجرد صلاة وصوم، بينما بطريقة منفرة في معاملة الآخرين!! ولكنني أقول:
إن لم تكن لطيفًا في تعاملك، فأنت شخص غير متدين على الإطلاق.
ذلك لأن اللطف من ثمر الروح كما يقول الكتاب (غل 5: 23). فالذي ليس في حياته هذا الثمر – أي اللطف – لا يكون إنسانا روحيًا، لأنه لا يسلك بطريقة روحية.. كونوا إذن “لطفاء بعضكم نحو بعض” (أف 4: 22).
هذا اللطف نراه في معاملة الأب مع الابن الضال، وأخيه الضال الأكبر.
الابن الضال جاء إلى أبيه يطلب منه أن يعطيه نصيبه من الميراث! فلم ينتهره الأب ولم يقل له: كيف هذا يا أبنى؟! كيف ترثني وأنا حيّ؟! إنما بكل لطف وهدوء قسم ماله وأعطاه نصيبه.. ولما أنفق هذا المال بعيش مسرف، احتاج وجاع، وعاد إلى أبيه معترفًا بأنه أخطأ ، قبله الأب بفرح، بل لما رآه من بعيد، وقبل أن يعترف “تحنن الأب، وركض ووقع على عنقه وقبله” (لو 15: 20). وألبسة الحلة الأولى، وجعل خاتمًا في أصبعه، وذبح له العجل المسمن، وفرح برجوعه.. أي لطف هذا في معاملة.
باللطف لم يكسر نفسه في رجوعه، ولم يخجله، ولم يوبخه.
وأيضًا الابن الأكبر حينما غضب لإكرام أخيه العائد، ورفض أن يدخل البيت وأن يشترك في الفرح بعودة أخيه.. ولكنه تمادى واتهم الأب بالبخل وعدم العدل، وقال له “ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك. وجديًا لم تعطني لأفرح مع أصدقائي. ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني، ذبحت له العجل المسمن!!”. ولم يغضب الأب لهذا العتاب القاسي بكل ما فيه من أخطاء. وبكل لطف أجابه ” يا ابني أنت معي في كل حين. وكل ما لي فهو لك. ولكن كان ينبغي أن نفرح ونسر، لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالًا فوجد” (لو 15: 25 – 31).
لم يحاسبه ولم يعاتبه على اتهاماته له ولأخيه، وإنما في لطفه، رد عليه إيجابيًا “أنت ابني” كل ما لي فهو لك”، “كان ينبغي أن نفرح..”