إيقونة مار جاورجيوس في الكنيسة القديمة في دير مارجاورجيوس الحميراء البطريركي
في الكنيسة القديمة في دير مارجاورجيوس الحميراء البطريركي يوجد إيقونسطاس جميل من خشب الإبنوس المحفور، من العام 1843، يحمل إيقونات رائعة، رُسمت في حقب زمنيّة متنوّعة، أقدمها إيقونتا العذراء والطفل وإيقونة المسيح الضابط الكلّ والباب الملوكيّ. وكلّها من تنفيذ نعمة الله المعروف بنعمة المصوّر، ابن راسم الإيقونات الحلبيّ المعروف، يوسف المصوّر في العام 1685. ازدهرت أعمال نعمة المصوّر في القرن السابع عشر والنصف الأوّل من القرن الثامن عشر، وقد خلّف الكثير من الإيقونات في كنائس سورية ولبنان. كما كان ابنه حنانيا وحفيده جرجس أيضًا راسمي أيقونات. وهذه الأجيال الأربعة، الممتدّة من النصف الثاني للقرن السابع عشر إلى نهاية القرن الثامن عشر، وضعت أسس النمط الإيقونوغرافيّ العربيّ الملكيّ، وحدّدت أسلوب المدرسة الحلبيّة السوريّة الشهيرة.
ثمّة إيقونة أحدث للقدّيس جاورجيوس شفيع الدير، معلّقة على الإيقونسطاس، إلى يمين إيقونة المسيح الضابط الكلّ، وهي مثال على الفنّ الزخرفيّ، الذي اشتهر في القرن التاسع عشر. خلف القدّيس، وكما هو معهود في الفن الملكيّ، يقف الطفل الذي خلّصه القدّيس من العبوديّة حاملاً إبريقًا. وفي الخلف على شرفة برج إيطاليّ الطراز، نشاهد الملك والملكة حاملين مفاتيح مملكتهما، بينما تقف ابنتهما في الأسفل، وقد تملّكها الخوف إلاّ أنّها حُرّرت من الخطر. أمّا التنّين فيتلوّى ألمًا بعد أن صعقه القدّيس برمحه.
يحتلّ رسم القدّيس جاورجيوس وسط الإيقونة، وقياسًا به، تبدو كلّ الشخصيّات الأخرى صغيرة وغير متناسقة، في ما بينها، من حيث أحجامها. نرى في الأعلى، إلى اليمين، اليد الإلهيّة تبارك الجنديّ المحارب، بينما نشاهد إلى اليسار ملاكًا يتوّجه. والقدّيس صُوّر بهيئة شاب أنيق، مرتديًا ثياب جنديّ رومانيّ، مع قبّعة مجنّحة وجبّة متطايرة خلفه يدفعها الريح؛ جواده الأبيض، الذي يرمز إلى الطهر، يجعلك تظنّ أنّه يحلّق أبديًّا فوق الجبال والمدن. تحت مخالب التنّين الأخضر الخاضع والملقى أرضًا، نرى منظرًا ريفيًّا ممتدًّا رُسمت أشجاره، بشكل منمنم، كما لو أنّك ناظر إليها من السماء. غنى الرسم وموضوعه تبرزهما الألوان الحيّة المتمثّلة بالخلفيّة الذهبيّة وجبّة القدّيس وردائه بلونهما الأحمر، ودرعه الصدريّ المذهّب. في زوايا الإيقونة الأربع، نجد دوائر رُسمت فيها مراحل استشهاد القدّيس، على خلفيّة من اللون الأزرق البحريّ، ضمن إطار من الأشكال الحلزونيّة المتداخلة.
No Result
View All Result