ماذا حدث يوم الخمسين المقدس:
نيافة الانبا غريغوريوس
عمل الروح القدس بدأ منذ الخليقة . ولو تذكروا أن مخلصنا له المجد بعد قيامته مباشرة . بل فى يوم القيامة نفسه . نفخ فى وجوه تلاميذه وقال لهم : ” اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياهم تغفر لهم . ومن أمسكتم خطاياهم تمسك عليهم ” . وهذه موهبة الروح القدس للحل والعقد . التى أعطيت لأصحاب الدرجات الكهنوتية . هذه لم تنتظر ليوم الخمسين . إنما منحت للتلاميذ فى يوم قيامة المسيح نفسه . وقبل حلول الروح القدس بخمسين يوم . إذن من يقول أن الروح القدس بدأ عمله من يوم الخمسين !! هذا خطأ .
إذن ماذا حدث فى يوم الخمسين ؟ أخذ التلاميذ فيضا جديدا من فيوضات الروح القدس . نعمة أخرى موهبة أخرى من مواهب الروح القدس . التى بها يمكنهم أن يتكلموا باللغات . حتى يستعينوا بها كوسيلة لنشر الكلمة . فى البلاد التى تتكلم بلغات لا يعرفونها . فصاروا قادرين على أن يتكلموا بلغات أخرى غير لغتهم .
وهنا أريد أن أصحح أيضا نقطة أخرى . أن الذى تكلم يوم الخمسين لم يكن بطرس الرسول وحده . ” أنما وقف بطرس مع الأحد عشر ” . إذن الذين تكلموا 12 رسول . ولابد أيضا للسبعين أن يتكلموا . وعندما يقول الناس : ” كيف كل منا يسمع لغته التى ولد فيها ” . وكانوا 14 أمة واللغات 14 لغة . فبطرس الرسول وحده لم يتكلم 14 لغة . إنما وقف بطرس مع الأحد عشر وكان كل رسول يكلم مجموعة . أقول هذا الكلام لأن بعض الناس قال أن بطرس الرسول فقط الذى كان يتكلم وأن الناس الموجودين كان كل واحد منهم يسمع الكلام باللغة التى تناسبه . وكأن هناك سماعات فى الآذان . وهذا معناه أن موهبة الروح القدس لم تكن موهبة التكلم بالألسن . بل كانت موهبة فى آذان السامعين . وهذا خطأ . هى موهبة التكلم بالألسنة . إذن الموهبة فى ألسنة التلاميذ . ولذلك نزلت الموهبة فى شكل ألسنة من نار .
بالموهبة أصبح الرسول يتكلم بعدد من اللغات لكن ليس فى وقت واحد . ولذلك بولس الرسول يقول : أشكر الله أنى أتكلم بلغات أكثر من جميعكم . وهنا اللغات المعروفة وليس مجرد رطانة أو حركات عصبية مثل حالات الصرع التى لا علاقة بها بالروح القدس . التلاميذ كانوا يتكلموا بكلام مفهوم وبلغات معروفة . يقولوا : كيف كل منا يسمع لغته التى ولد فيها . ولذلك عندما سمعوا قالوا : ماذا نصنع أيها الرجال الأخوة ؟
الخمسينيون يحولون الكلام المفهوم إلى كلام غير مفهوم ويقولوا أن هذه لغة الملائكة . ولماذا الملائكة يتكلمون باللغات ؟ وما أهمية أن يتكلم البشر بلغات الملائكة ؟ اللغة هى أداة توصيل . الرسول عندما يقول : ” إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليست لى محبة فقد صرت نحاسا يطن ” هذا نوع من أنواع المبالغة فى التعبير للوصول إلى غرض . فليس معنى ذلك أن الملائكة لهم لغة . الملائكة فى عالم الأرواح لا يتكلمون لغات . هم يستخدموا الاتصال الفكرى مباشرة . الإرسال الفكرى . لا يحتاجون إلى لغات . فالملاك الذى تكلم مع السيدة العذراء . أما يكون بالارسال الفكرى لفكرها فتحول إلى لغة بالنسبة لها . كما يحدث عندما يحلم الانسان بالليل حلم وتجرى فى الحلم مناقشة بلغة . لكن هذه اللغة غير مسموعة بالطريقة العادية . إنما الفكر يصل إلى الفكر . وهذا ما يسمونه بالارسال الفكرى .فالملائكة لا يحتاجون إلى مثل هذه اللغات فيما بينهم . إنما بالارسال الفكرى . أما ما جاء فى كلام الرسول أن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة . فكلمة ” إن كنت ” معناها صيغة مبالغة للوصول إلى أهمية المحبة .
أقول أن الروح القدس لم يبدأ يوم الخمسين . حاشا . . الروح القدس بدأ عمله مع الإنسان منذ الخليقة . كما قال داود النبى ” روحك القدوس لا تنزعه منى ” لأنه قد أخذ موهبة الروح القدس . إنما فى يوم الخمسين أخذ الآباء الرسل موهبة وفيضا جديدا من فيوضات الروح القدس . به أمكنهم أن يتكلموا بلغات حتى يتمكنوا من الخدمة والكرازة . ولذلك بعد يوم الخمسين بدأت ارسالية الرسل إلى كل بقاع العالم . لذلك المسيح قال لهم : انتظروا فى مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا بقوة من الأعالى . هنا القوة التى من الأعالى هى موهبة من مواهب الروح القدس . أنواع مواهب مختلفة ولكن الروح واحد .