الميلاد اللازمني
القديس كيرلس السكندري
ان الذين يعتقدون ان الله الآب بدأ يلد في الزمن هم مجدفون، غير معترفين ان في الله شيئاً أكثر منا وفائقاً عنا، لأن الانسان بما ان له بداية وجود يلد حتماً في الزمن والابن المولود منه يكون صائراً ومخلوقاً، لكن الله مثلما هو بلا بداية وغير صائر هكذا أيضاً الكلمة الذي أتي من جوهر الآب يكون بلا بداية وغير صائر مثله مثل الآب أيضاً …ـ
بما ان جوهر الله أعظم وأسمى من أي مفهوم للزمن والبداية، بالتالي تكون الولادة الإلهية أعظم وأسمى من كل هذا أيضاً، وإذا كانت الطبيعة الالهية لم تُحرم من طبيعة أن تلد فالحقيقة هي ان الولادة الالهية تتم خارج الزمن، اذ ان طريقة الولادة الالهية مختلفة تماماً عن الولادة البشرية، كما ان الوجود والولادة يُدركان معاً في الله، لأن الابن كائن ومولود منه دون أن تسبق ولادته كينونته، بل مع وجوده دائماً ما توجد ولادته.ـ
الذي تجرأ على القول بأن الآب توقف عن أن يلد سقط في جريمة تجديف لا تُحتمل، لأنه وضع الطبيعة الالهية في ثلاث مواقف متغيرة، باعتبار ان الولادة في الزمن تعني ان هناك ثلاثة ازمنة: الواحدة قبل الولادة، والثانية أثناء الولادة، والثالثة بعد الولادة! … بما أن طبيعة الله تفوق الزمن إذن فهو لا يلد في الزمن ولا يخضع لأي احتياج لأنه أسمى من الكل، وعلى أية حال فهو لم يكتسب امكانية ان يلد وكأنها لم تكن لديه من قبل، ولا هو ايضاً توقف للتو عندما وَلَد! … كيف لا يكون تجديفاً ان لا نعترف نحن بخواص طبيعة الله العظمى التي لها حتى لو لم يستطع العقل البشري أن يدرك هذه الطبيعة السامية؟!