هل تريد أن تصير شهيداً ؟
القديس ثيؤفان الحبيس
الزفاف إلى الرب يعني القرار بخدمته وحده، وهذا القرار ينشأ من اقتناع كامل بأن كل شئ صالح وحسن وكل ما يتمنى الإنسان الحصول عليه موجود في الرب وحده: “مخلصنا”. في الرب لا تجد النفس فقط كل ما يشبع احتياجاتها السامية بل وتحصل علي كل ما لا تستطيع ان تحصل عليه بعيداً عن الرب … عليها أن تبحث عن حياة أسمي، وعن ذلك الواحد وحده الذي فيه تجد كل احتياجاتها وكل شبع نفسها … ان قراركم ان تكونوا ملكاً له وحده بكل كيانكم هو بمثابة اتحاد سري مع الرب … الحياة الأفضل لا تتوفر الا مع المسيح … مثل “ضربات قلب الانسان”، عندما تخمد هذه المشاعر في الإنسان وتنطفئ يصير بلا حياة، هو يُعد فقط بين الأحياء ولكنه يكون ميتاً في الواقع ومن الناحية العملية!
ان الآلهة المزيفة والكاذبة هي ارواح الشهوات والافعال الشريرة، لذلك فمن يرفض ان يستسلم للشهوات والرغبات الشريرة يفعل نفس الشئ مثل من يرفض عبادة الأصنام! من كان يرفض عبادة الأصنام كا يُسلم للعذابات الخارجية (في عصور الاضطهاد)، اما من يرفض ان يُرضي شهواته فهو بالفعل يسلم نفس للعذاب ويجبر قلبه علي قبول الالم الي ان تخمد فيه الشهوات وتكف، فان النصرة علي الشهوات هي شهادة روحية يجتازها الإنسان بنفسه وبحريته الذاتية، وهي شهادة خفية تتم في القلب الا انها في غاية الالم!
الانسان العتيق كله منسوج من الشهوات، وخلعه يعني: “الشهادة الروحية” … الأعمال الخارجية والجهادات النسكية اقل الماً من ترويض الافكار ومن تهدئة الشهوات ومن تمزيق التجارب والضيقات، وبما ان هذه الحركات الداخلية ربما تثور في أي لحظة فانتم في جهاد علي الدوام، وفي مشقات ومعرضون للجروح والإصابات … ومتى تعظم الالم تعاظمت المكافأة ايضاً، فالله الذي هو عريس نفوسكم يرى اتعابكم وجهاداتكم ويفرح بها وسوف يغمر قلوبكم بالفرح والبهجة، وكلما ازدادت الآلام والأحزان تزداد التعزيات أكثر، هذه الأمور تتم من خلال المشقات والأتعاب إلى أن يهدأ كل شئ من الداخل ومن الخارج، هذا هو الإكليل الذي ينتظر الجميع والذي لا يستحقه إلا القليلون في هذه الحياة …
ومتي وجدتم ان كل شئ يسير بسهولة ويسر في كل الامور ينبغي عليكم عندئذ ان تبحثوا ما إذا كان هذا الأمر حسناً بالحقيقة وما اذا كنتم تسيرون على الدرب الصحيح؟ يجب ان تعلموا ان السلام والراحة والهدوء هي علامات أمر من اثنين: أما الوصول إلى حالة الكمال او الحياة في حالة سقوط شنيع تتوقف فيه كل الجهادات والاحتياجات الروحية، وبما ان الحالة الاولى هي قمة الحياة وملؤها فالثانية هي حالة الموت الروحي، أما حالة الذين يتقدمون نحو الكمال فهي حالة جهاد دائم وعنيف ومملوء بالتعب والاحزان، فان حالة التقدم والمسير هي “الطريق الضيق”. فاحكموا على انفسكم من هذه العلامات واعرفوا اين تقفون، طبعاً نرغب ان تكونوا جميعاً علي الجانب الصالح والحسن، ولكن الحكمة لا تتوفر للجميع، لعل الرب يحكمكم للخلاص. آمين
No Result
View All Result