تأملات الشهر المريمي
تأمل في زوال العالم
كلما تلونا (السلام الملائكي)، فإننا نختمه بهذه الكلمات (صلي لأجلنا نحن الخطأة الآن وفي ساعة موتنا).
إننا نقر بهذه الكلمات، بكل تواضع بأننا خطاة، ونعبر عن الحقيقة التي لا مفر منها وهي النهاية المزمعة لكل كائن حي، ألا وهي الموت الذي يضع حداً لحياتنا مهما طالت.
إننا نحيا في الزمن، والزمن يمضي سريعاً، أطال هذا الزمن أم قصر في حساب التاريخ، فهو يزول، ونحن نزول معه، فالبقاء لله وحده، إذ هو سبحانه وتعالى أزلي لا بداية له، وأبدي لانهاية له، فهو فوق الزمن.
فما قيمة الزمن في حياة الإنسان يا ترى ؟ هناك زمن بشري.
لا يلتفت لله، ولا يهتم بما هو لله، يمضي دون هدف، فهو فراغ إذ لا حياة فيه ولا غاية يحققها.
وهناك زمن يحركه الحب لله وينطلق نحو غاية سامية أخيرة هي الالتقاء بالله.
إنه زمن نشط لأن أساسه الإيمان والعمل البناء، والإنسان حر في أن يسير مع هذا الزمن أو ذاك.
لكن المتعبد لمريم عندما يرفع أنظاره اليها مصلياً وطالبا العون فإنه يعطي للزمن قيمة روحية إذ يسير في حماية مريم نحو الغاية الاخيرة وهي الالتقاء بالله في نعيمه.
ولا يتم هذا اللقاء إلا عبر خطوة صعبة في نظر الطبيعة البشرية وهي الموت.
ولكن بقدر ما نستغيث بمريم فإنها تساعدنا في عبور تلك الخطوة فنجتازها برباطة جأش وإيمان ليتم الالتقاء بالله والكمال في ملكوته.
خبر:
نقرأ في سير الآباء المتوحدين، أن ناسكاً اتخذ له صومعة في الجبل وانقطع عن العالم ليذكر الله نهاراً وليلاً.
وكان شديد التعبد لمريم العذراء، يتأمل دائما في حياتها، ويسير في طريق الكمال الروحي على خطاها، وكان يطلب منها دائماً الميتة الصالحة.
بقي على هذا الحال طيلة حياته، ولما تقدم به السن وشعر بقرب رحيله ودنو أجله، ملأت الكآبة نفسه، وشمله خوف عظيم، إذ فقد شجاعته، واهتز كيانه من هول الساعة، وأخذ يرتجف كريشة في مهب الريح.
عندئذ سمع صوتاً ملؤه الرقة والحنان يقول له: يا بني ماذا حدث لك؟ وكيف ذهبت شجاعتك على حين غرة؟ انت الذي كافحت كل أيامك؟ لاتخف أيها العبد الأمين، فها قد جئت لمساعدتك في ساعة موتك.
فما إن سمع الناسك هذا الصوت العذب حتى قويت عزيمته وزال هلعه، وظهرت ابتسامة رقيقة على شفتيه، فشرع يتمتم بصلاته الاخيرة:
صلي لأجلنا نحن الخطأة الآن وفي ساعة موتنا، وأسلم الروح بيد تلك التي أحبها وتعبد لها طيلة أيام حياته، فهرعت لنجدته في ساعة موته لتدخله بيديها إلى الأخدار السماوية.
انها ام الميتة الصالحة حقاً.
إكرام:
فكر وتأمل بأحزان مريم لكي تسندك في أحزانك.
نافذة:
احضري عندنا في ساعة موتنا أيتها القديسة مريم.