البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة
الأربعاء 3 كانون الثاني 2024
عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، ومُشارَكة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية. وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية. وفي ختام الاجتماع اصدروا البيان التالي:
1– يدعو الآباء السادة النوّاب، تكرارًا، إلى الوفاء بالاستحقاق الدستوري المُلزِم والقاضي بانتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية، توفيرًا على البلاد مزيدًا من الإنهيارات ومن عدم الإستقرار.
2- يُعبِّر الآباء عن استنكارهم الشديد ما يتعرّض له قطاع غزة والضفة الغربية من تقتيلٍ وتدميرٍ وتنكيلٍ على يد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين، يُصيب المدنيين قبل سواهم. ويدعون مع كلّ أصحاب الضمائر الحيّة في العالم، إلى وقفٍ نهائي لإطلاق النار، تمهيدًا لبدءِ مفاوضاتٍ بين الأطراف المعنيين، على قاعدة حل الدولتين.
3– كما يتخوّف الآباء من مآل التصعيد الميداني في جنوب لبنان، الذي خلّف ضحايا وجرحى بين الأهالي ودمارًا كبيرًا في عددٍ من القرى والبلدات، فضلاً عن إحراقِ أحراجٍ وبساتين بالقنابل الفوسفورية، وقد بلغ هذا التصعيد بالأمس الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
4– يُذكِّر الآباء بأن زيارة غبطته مع غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان وعدد من الأساقفة باسم مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان الى مدينة صور، مدخل المنطقة الحدودية، إنما كانت للتضامن مع أهالي الجنوب في هذه المحنة، وللتأكيد على حيوية العيش المُشترَك وضرورته الوطنية، ولمُناشَدة المعنيين المحليين وأصدقاء لبنان في العالم الإسهام بفعاليةٍ في تنفيذ القرار 1701 الكفيل بردع إسرائيل عن اعتداءاتها، والضامن لإطارٍ واضح وسليم وفاعل للسلام في الجنوب العزيز.
5– إطلع الآباء بقلقٍ شديد على واقع النازحين السوريين إلى لبنان، وما كشفت عنه عمليات الدهم والإعتقال، العسكرية والأمنية، من أسلحةٍ وذخائر نوعية في يد النازحين، بما يُشكِّل قنبلة موقوتة وتهديدًا حقيقيًّا للأمن ولسلامة اللبنانيين. ويُطالِبون المراجع الرسمية بالعمل الجاد والصارم من أجل ضبط هذا الواقع الحقير، وتدبُّر الرؤية والإجراءات السياسية والدبلوماسية الهادفة إلى إراحة لبنان من هذا العبء الذي يتجاوز أمانه، ويمسّ في الصميم ديموغرافيته وتوازناته واقتصاده ومعيشة أبنائه.
6– يُسجِّل الآباء استغرابهم منحى مشروع الموازنة العامة وما يفرضه من أثقالٍ على المواطنين الرازحين أصلاً تحت أعباء الصعوبات الحياتية والمعيشية. ويرَون أن الأوضاع الراهنة تُحتِّم امتلاك المسؤولين في السلطتَين التشريعية والإجرائية جرأة معالجة مسألة ماليّة الدولة بما يُعيد مال الدولة إلى خزينتها، سواء على صعيد المرافق العامة أم الضرائب والرسوم، ومن ضمن شروط العدالة الإجتماعية ومُستلزَماتها.
7– يُرحِّب الآباء بما انتهى إليه إجتماع بكركي برعاية صاحب الغبطة، من تشكيلِ لجنةٍ برئاسة معالي وزير التربية والتعليم العالي، لدرس السبل الكفيلة بتصويب النصوص القانونية بما يخدم سلامة القطاع. ويُجدِّدون المطلب المُلِحّ بوجوب حماية حرية التربية والتعليم في لبنان، وتوفير ما يلزم من قوانين وتدابير إدارية ومالية لهذه الغاية، تحمي في آنٍ المعاش الكريم للمعلمين، وامكانيات الأهالي، والمحافظة على المدارس الخاصة في مختلف المناطق.
8– يُدين الآباء هذا التمادي المُتجنّي والمُعيب، بين الحين والآخر، في التعرُّض لرجال الدين المسيحيين الذين يُؤدّون واجبهم ويقومون بخدمتهم في الأراضي المُقدَّسة. ويُذكِّرون بأن لا حاجة لدى الأحبار اللبنانيين إلى تبريرِ أيٍّ من سلوكياتهم الروحية والوطنية والإنسانية، المستوحاة دومًا من تعاليم المُخلِّص، لا من انفعالات بشر.
9– في زمن الميلاد المجيد، ومع بداية العام الجديد، يبتهل الآباء إلى الله، العليّ القدير، كي يمنّ على لبنان واللبنانيين بفيضٍ من حنوّه ورحمته، بحيث يسلك الوطن الحبيب، أخيرًا، مسلك الخلاص مما ابتُلِي به من محنٍ وأرزاء، ويستعيد حريته وسيادته واستقلال قراره، وينطلق في نهضةٍ مرجوة تردّ إليه موقعه الفاعل والكريم بين دول الشرق والغرب.
البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة بكركي
الاربعاء 7 شباط 2024
نهار الأربعاء ٧ شباط ٢٠٢٤، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، ومُشارَكة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية. وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية. وفي ختام الاجتماع اصدروا البيان التالي:
1– يقف الآباء موقف التأييد الكامل لما أعرب عنه صاحب الغبطة من رفضٍ للمتاجرة بحياة المواطنين في الجنوب اللبناني، الذين ضاقوا بالتصعيد الميداني المُهدِّد للأرواح والممتلكات. ويشجبون شجبًا تامًا محاولات التعريض بإعلان بكركي مُسانَدتها هؤلاء المواطنين ودعوتها إلى رفع سيف القتل والتدمير عنهم. ويُعبِّرون عن ألمهم البالغ أمام الأوضاع المُزرِية التي دفعتهم إليها السياسات المتفرّدة، فيما كان المطلوب السهر على المنطقة الحدودية، من خلال تعزيز الأجواء السياسية والدبلوماسية لتنفيذ القرار الدولي 1701، لا التمادي في تفجير أيامها ولياليها.
2– يعود الآباء إلى التأكيد أن الفراغ المُتمادي والمُتفاقِم في الدولة يأتي نتيجةً للفراغ في رئاسة الجمهورية. وإذ يتابعون تحرُّك اللجنة الخماسية مجددًا على خط تحقيق الإستحقاق الرئاسي، يأملون بخاتمةٍ إيجابية وسريعة له، تحدّ من معاناة لبنان واللبنانيين. وهذا لا يعفي السادة النوّاب من واجبهم الدستوريّ في الإسراع بانتخاب رئيسٍ جديد للجمهوريّة.
3– يرى الآباء أن إقرار الموازنة العامة بما تضمّنته من شوائب وعيوب وتعريض بحقوق المواطنين وبالعدالة الإجتماعية، لا يُعفي المسؤولين من السهر على اتقاء الهدر في المال العام والحرص على تحصيل موارد الدولة وتسهيل شروط الإستثمار. وهذا يتطلّب المحافظة على أجهزة المراقبة والمحاسبة في الدولة وتفعيلها كي تقوم بدورها كاملًا.
4– يُحذِّر الآباء من المحاولات الجارية، دوليًا ومحليًا، لتمريرِ ترسيمٍ مشبوه للحدود بين لبنان وإسرائيل، خالٍ من أيِّ ضماناتٍ دولية واضحة وثابتة. ويلفتون الإنتباه إلى أن التفاوض في هذا الشأن يبقى من اختصاص رئيس الجمهورية، وأن ما يتم خارج رعايته وإدارته وموافقته باطلٌ ولاغٍ.
5– يدعو الآباء، أمام الإنهيارات التي أصابت التربة والطرق والجسور في مناطق عدة، من جراء الأمطار والسيول المُتلاحِقة، إلى إعلان حال طوارئ في الإدارات المُختصَّة والبلديات والإتحادات البلدية، من أجل مُعالَجة ذلك، لاسيما على صعيد الطرقات المرورية الدولية.
6– يُصادِف نهار الجمعة المقبل، 9 شباط، عيد أبي كنيستنا القدِّيس مارون. وينضمّ الآباء في هذه الذكرى الكبرى إلى أبنائهم وبناتهم وإلى المسيحيين عمومًا وسائر اللبنانيّين، مُلتمِسين رحمة الله للوطن المُعذَّب، ورجاء خلاصه وعودته إلى أجواء السلام والاستقرار والإزدهار. وفيما نبدأ الإثنين المقبل زمن الصوم الكبير المبارك، فإنّا مع أبناء كنيستنا وبناتها مدعّوون للإلتزام بالصوم والقطاعة والصلاة وأعمال المحبّة، وفقًا لتوجيهات صاحب الغبطة والنيافة أبينا البطريرك في رسالته العامّة لهذا الصوم، ونسأل الله أن يجعله زمن نعمٍ وخيرٍ وبركة.
البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة
الأربعاء 6 آذار 2024 – بكركي
نهار الأربعاء 6 آذار 2024، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، ومُشارَكة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية. وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية. وفي ختام الاجتماع أصدروا البيان التالي:
1– يُسجِّل الآباء ارتياحًا مبدئيًا إلى التحرُّك الخيِّر الذي يقوم به نّوّابٌ وكتل نيّابّة وأشخاصٌ ذوو إرادة حسة آملين أن يعقد المجلس النيابيّ جلساـتٍ مفتوحة متتاليّة حتى انتخابِ رئيسٍ جديد للدولة، وأن يتلاقى هذا التحرّك مع المساعي الدبلوماسية الخارجية التي تصبّ في الاتجاه نفسه.
2– يُجدِّد الآباء رفضهم القاطع زجّ لبنان في الحرب الفلسطينية – الإسرائيلية، التي نأت الدول العربية جمعاء عن نيرانها. ويُطالِبون الأطراف المحليين المعنيين بإبعاد الأذى الذي يُعانيه أهلنا في الجنوب، على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية.
3– يُحذِّر الآباء من مغبة ربط النزاع الحدودي الجنوبي بتسوياتٍ تمسّ سيادة لبنان وثرواته النفطية والمائية وما يعود إليه من حقوقٍ جغرافية. ويلفتون نظر أفرقاء الخارج تكرارًا، العاملين على هذا الصعيد، إلى أن أيَّ تفاوضٍ لبناني في هذه الشؤون يعود إلى رئيس الجمهورية، وأن ذلك يخضع لتجميدٍ حتمي حتى انتخابه.
4– يُعبِّر الآباء عن استيائهم البالغ حيال الدرك المؤسف الذي بلغته إدارة الحكم في البلاد، والذي يجد تعبيره الأخير الخطير في إقرارِ موازنةٍ ظالمة للشعب اللبناني، ترفع من مستوى التضخُّم من خلال الخلل الفاضح بين الواردات والصادرات، فضلاً عن اعتماد سياسة الهرب إلى الأمام في تداركٍ زبائني للغضب الأهلي المُتصاعِد. يحدث ذلك على رغم التنبيهات التي صدرت عن مراجع معنية واختصاصية في المجال المالي والاقتصادي. ويدعون مجلس الوزراء والمجلس النيابي إلى تدارك الأمر ومعالجة مكامن الداء قبل استفحاله في سلسلةٍ من العصيان والتمرُّد، تُهدِّد الوضع العام وتزيد من تفاقم أزمات البلاد المُتنوِّعة.
5– يُراقِب الآباء بحذرٍ وقلق، الأحوال التي آلت إليها معظم المناطق من جراء تنامي أخطار الوجود المُتفلِّت للنازحين السوريين. إن التهديدات الأمنية التي يُمثِّلها هذا الوجود، وضغوط الأعباء المالية التي يُرتِّبها على البلاد، وتزايد تضييقه على معيشة اللبنانيين سواء في المنافسة التجارية أو مُحاصَرة اليد العاملة، كلّ ذلك يُؤكِّد على وجوب المُسارَعة إلى ضبط هذا الوجود وإخضاعه للقوانين اللبنانية الضرائبية والرسومية، وإلى الإفادة في ذلك من إمكانات الإدارات المُختصّة والبلديات واتحادات البلدية. فالخطر بات يدقّ أبواب هوية لبنان وعيشه المُشترَك معًا.
6– يدعو الآباء أبناءهم وبناتهم، خلال ما تبقى من زمن الصوم المبارك، الى تكثيف صلواتهم وأعمالهم التقشفية والخيرية، والى تحمّل ما يلاقونه من مضايقات وآلام وقلق على المصير، مشركين كل ذلك بآلام السيد المسيح، إستعدادًا للإحتفال بقيامته ملتمسين من الله أن ينير عقول المسؤولين كي يعملوا على وضع حد للحروب، ونشر السلام في وطننا ومنطقتنا والعالم.
البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة
1 أيار 2024 – بكركي
نهار الأربعاء 1 أيار 2024، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، ومُشارَكة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية. وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية. وفي ختام الاجتماع أصدروا البيان التالي:
1– يوجّه الآباء تحية الى العمّال في يوم عيدهم هذا، ويساندون حقوقهم في أجور وضمانات تؤمّن لهم ولعائلاتهم حياة كريمة. ويُعربون عن تضامنهم معهم، لحماية قدسية العمل الذي به يواصلون عمل الله الخالق، ويسبحونه بأعمالهم الصالحة التي يقومون بها وفق الشريعة الأدبية، وليتذكر العمال انهم بعملهم يتقدسون. ولا يحق لأحد التملّص من العمل ليعيش على عاتق غيره. ونقول لأرباب العمل الذين يهملون عمّالهم ويحرمونهم من ثمار أتعابهم بلسان يعقوب الرسول: “ان صراخهم يرتفع الى أذن الرب القدير” (يع 5 : 4).
2– يُسجِّل الآباء أسفهم البالغ لإرجاء استحقاقات وطنيَّة أساسيَّة كانتخاب رئيس للجمهوريَّة والانتخابات البلديَّة والاختياريَّة بذرائع عديدة. ويدعون السادة النوَّاب إلى تحمُّل مسؤوليَّاتهم والإسراع في انتخاب رئيس للجمهوريَّة والعمل دومًا على حماية الديمقراطيَّة وتطبيق الدستور.
3– يأسف الآباء للقرار الأخير الصادر عن وزارة التربية الوطنيَّة حول التعديلات في مضمون مواد الامتحانات الرسميَّة التي تُسهم في تدهور المستوى التربويّ العامّ. كما يُذكِّر المجتمعون بحقِّ أبنائهم، بالرغم من الظروف الاستثنائيَّة، بامتحانات رسميَّة جدِّيَّة وذات مصداقيَّة، تُقيِّم كافة المواد التعليميَّة وتُكلِّل جهود جميع مكوِّنات العائلة التربويَّة وتشهد في الداخل والخارج على جودة التعليم في لبنان.
4– يُثمِّن الآباء جهود الدول الشقيقة والصديقة من أجل تحييد لبنان عن الحرب القائمة في قطاع غزَّة، وما استتبعها من حرب في جنوب لبنان أتت على معظم قرانا المتاخمة للحدود اللبنانيَّة: ضحايا بشريَّة وجرحى ومباني وزرعًا وأحراجًا، ما أدَّى إلى تهجير أهاليها وتعطيل دورة حياتهم الطبيعيَّة ورمي مصيرهم في المجهول.
5– يرفض الآباء رغبة بعض المراجع الدوليَّة في إبقاء النازحين السوريِّين على أرض لبنان، من دون الاهتمام لما يجرُّه ذلك على لبنان مِن أخطار مصيريَّة تُهدِّد كيانه ودولته، وتحوِّله مرتعًا للفوضى وأصناف الانحرافات الأمنيَّة والفساد المادِّيّ والمعنويّ.
6– يدعو الآباء حكومة تصريف الأعمال إلى تحمُّل مسؤولياتها على صعيد تنفيذ ما توافقت عليه من إلزامٍ للبلديات بضبط النزوح السوري كلٌّ في نطاقها، وعدم ترك الأمر عرضة للتجاذبات السياسية والزعاماتية.
7– يتوجّه الآباء بأطيب التمنيات إلى إخوتهم في الكنائس التي تتبع التقويم الشرقي، لمناسبة نهاية صومهم المُبارَك وقرب حلول عيد الفصح. ويسألون الله جمع كلمة المسيحيين على الوحدة والتضامن وشركة المحبّة.
8– يبتهل الآباء إلى والدة الإله، سيِّدة لبنان، في بدء شهر أيار المُكرَّس لها، أن تشمل بحنانها وطننا وأبناءه وبناته، بحيث يمتلك القدرة على النهوض مجددًا واستعادة موقعه المرموق في المنطقة والعالم.
البيان الختامي لسينودس الأساقفة الموارنة
بكركي، في 15 حزيران 2024
مقدمة
التأم سينودس أساقفة الكنيسة المارونية في دورته العادية من 5 إلى 15 حزيران 2024 في الكرسي البطريركي في بكركي بدعوة من صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي بطريرك انطاكيه وسائر المشرق الكلي الطوبى، وحضور أصحاب السيادة المطارنة والاكسرخوس الوافدين من أبرشيات لبنان والنطاق البطريركي وبلدان الانتشار حاملين في قلوبهم شؤون أبنائهم وبناتهم وشجونهم وانتظاراتهم وتطلعاتهم.
شاركوا في مرحلة أولى، من 5 إلى 8 حزيران 2024، في الرياضة الروحية التي ألقى عظاتها الأب جورج الترس المرسل اللبناني في موضوع « بالصلاة نواجه الأزمات ». وفي مرحلة ثانية، من 10 إلى 15 حزيران 2024، شاركوا بأعمال السينودس استهلّها صاحب الغبطة والنيافة بكلمة افتتاحية استعرض فيها جدول الأعمال.
وبعد أن صلّوا معًا وأصغوا إلى صوت الله وإلهامات الروح القدس، شكروا الله على نعمة القداسة التي جدّدها لكنيستهم بعد أن وافق الحبر الأعظم قداسة البابا فرنسيس على إعلان قداسة الطوباويين الشهداء الإخوة المسابكيين الثلاثة وعلى إعلان تطويب المكرّم البطريرك اسطفان الدويهي الذي سيحتفل به في بكركي في 2 آب 2024.
ثم تدارسوا شؤونًا كنسية وراعوية، متوقفين بنوع خاص على الشأنين الإجتماعي والوطني، وناقشوها بروح أخوية وشراكة مجمعية تجلّت في الإصغاء والحوار والتمييز. واتخذوا التدابير الكنسية المناسبة.
وفي ختام المجمع أصدروا البيان التالي:
أولاً: في الشأن الكنسي
التنشئة الكهنوتية
اطّلع الآباء على تقارير المدارس الاكليريكية المولجة تنشئة كهنة الغد، وهي: الإكليريكية البطريركية المارونية في غزير، وإكليريكية مار أنطونيوس البادواني في كرمسده، وإكليريكية سيدة لبنان في واشنطن، والمعهد الماروني الحبري في روما. كما اطلعوا على تقرير اللجنة المولجة تأمين التنشئة الدائمة للكهنة الجدد.
أثنى الآباء على الجهود التي يبذلها المسؤولون عن التنشئة بالتعاون مع البطريرك والأساقفة في ظل الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية السائدة في لبنان وعلى تضامن أبرشيات الانتشار معهم لرفع التحدي المالي وتأمين تنشئة تتناسب مع حاجات الكنيسة اليوم. كما شدّدوا على ضرورة تعزيز راعوية متجددة للدعوات وعلى تطوير صيغة التنشئة في المدارس الاكليريكية ودور التنشئة الرهبانية ومعاهد اللاهوت على أنواعها بحيث تطال العلمانيين والشبيبة منهم بنوع خاص وتخرّج كهنة يؤدون خدمتهم في إعلان الإنجيل إلى العالم وبنيان الكنيسة باسم المسيح نفسه، الرأس والراعي.
الإصلاح الليتورجي.
اطّلع الآباء على أعمال اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية التي قدم رئيسها تقريرًا عرض فيه سير العمل بالتعاون مع مندوبي أبرشيات النطاق البطريركي والإنتشار.
ثم تدارسوا الأمور الطقسية المطلوب التصويت عليها، وهي بعض بنود من كتاب «الإرشادات الطقسية» ومن نصوص رتبتي «العماد والميرون» و«الخطبة والإكليل»، ورتب سيامة المرتل والقارئ والشدياق. ووافقوا على إنجاز كتاب القداس الماروني باللغتين الفرنسية والألمانية.
كما ناقشوا مواضيع أخرى تتناول “الكلندار” الماروني وكتاب الجنازات وصلوات الأزمنة الطقسية.
أثنى الآباء على الجهود التي يقوم بها أعضاء اللجنة الطقسية التي تحاول ان تلبي حاجات الكنيسة المارونية في أبرشياتها، ذلك لأن الليتورجيا هي من عناصر وحدة كنيستنا وعليها أن تأخذ في الاعتبار الحفاظ على التقليد من جهة والانفتاح على لغة المتطلبات الجديدة لشعبنا وتنوعها بتنوع الثقافات والبلدان التي يعيش ويشهد فيها.
المشاركة في سينودس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية عن السينودسية.
اطّلع الآباء على تقرير اللجنة البطريركية المواكبة لمسيرة سينودس الأساقفة في جمعيته العامة السادسة عشرة عن السينودسية الذي قدّمه رئيسها، عرض فيه حصيلة إسهامات الأبرشيات والرهبانيات تحضيرًا للدورة الثانية التي ستعقد في روما في شهر تشرين الأول 2024، وفيها الأجوبة على السؤال الرئيسي: « كيف نكون كنيسة سينودسية في حالة رسالة ؟».
ويعرض التقرير الذي أُرسل إلى الأمانة العامة لسينودس الأساقفة في روما، في القسم الأول، مسار الممارسة السينودسية، التي هي تقليد قديم في كنيستنا، وما يعتريها من شوائب في الزمن الحاضر، وكيف يمكن ترميمها وتعزيزها في الهيكليات الكنسية على تنوعها، وما هي الوسيلة أو الطريقة الواجب اتباعها لممارسة السينودسية في الاصغاء والحوار والتمييز وفي تعزيز المسؤولية المشتركة مع العلمانيين بكل فئاتهم. ولهذه الغاية قرر الآباء تنظيم لقاء سينودسي لكهنة الرعايا كونهم مفتاح المسيرة السينودسية، في 25 تموز 2024 في بكركي.
وفي القسم الثاني، يعرض التقرير بعض المواضيع المطروحة للبحث في الدورة الثانية، ومنها دور المرأة ورسالتها في الكنيسة استنادًا إلى توصيات سينودس المرأة في الكنيسة المارونية، وخدمة الكهنة المتزوجين في كنيستنا في النطاق البطريركي وبلدان الانتشار، وواقع الهجرة والتهجير لدى أبنائنا الموارنة والمسيحيين في لبنان وبلدان الشرق الأوسط والاشكاليات المطروحة جراء تناقص عدد المؤمنين في الوطن الأم وكيفية المحافظة على الهوية والانتماء في بلدان الانتشار. وفي التقرير ايضًا مطالبة بتوسيع ولاية البطريرك خارج نطاق انطاكيه وسائر المشرق بحيث تشمل جميع أبنائه المنتشرين في العالم.
الشؤون القانونية وخدمة العدالة.
استمع الآباء إلى تقارير الأساقفة المولجين السهر على خدمة العدالة في محاكمنا الابتدائية والاستئنافية. وأشاروا إلى أنهم يبذلون الجهود الكبيرة لاستقبال المتقاضين والإصغاء إليهم ومرافقتهم وتسريع اصدار الأحكام ومنح المعونات القضائية لمن هم في حاجة.
لفت الآباء في التقارير الى ان عدد الدعاوى عاد الى الارتفاع.
ولاحظوا تفاقم الأزمات الأخلاقية والنفسية والروحية والمادية التي تؤدي غالبًا إلى تفكك العائلة واللجوء إلى المحكمة.
وأثنوا على الجهود التي يقدمها العاملون في المحاكم وعلى البرامج المحاذية للعمل القضائي والمكّملة له التي تنظمها المحاكم والأبرشيات، من مثل مركز الاصغاء والوساطة والمرافقة القانونية والنفسية، قبل تحويل الدعاوى إلى المحكمة، بالتعاون مع مكتب راعوية الزواج والعائلة في الدوائر البطريركية واللجنة الأسقفية للعائلة وبالاشتراك مع جامعتي الحكمة والقديس يوسف.
الشؤون الإدارية والرعوية.
اطّلع الآباء على تقارير مكاتب الدائرة البطريركية والمؤسسات البطريركية والمارونية.
وتوقفوا بنوع خاص أولاً على تقرير مكتب راعوية الشبيبة الذي يعمل بنشاط وحماسة وفرح شاهدًا على التزام شبيبتنا بإيمانهم المسيحي وبالقيم الإنجيلية والإنسانية المستمدة من تعليم الكنيسة الاجتماعي من أجل خدمة الخير العام متخطّين كل العقبات الاقتصادية والمادية والاجتماعية لزرع الرجاء في قلب إخوتهم الشباب ودعوتهم إلى الالتزام ببناء مجتمع جديد يليق بهم وبطموحاتهم.
ويعدّد التقرير النشاطات التي يقوم بها المكتب، ومنها إقامة الخلوات ودورات التنشئة الروحية والاجتماعية، والتحضير لمؤتمر وطني للشبيبة حول الذكاء الاصطناعي في تموز 2024، وإطلاق التحضيرات للأحتفال بالأيام العالمية للشبيبة المارونية المزمع عقدها في لبنان من 17 إلى 27 تموز 2025.
وتوقف الآباء ثانيًا على تقرير مكتب راعوية المرأة الذي يتابع مسيرة التحضير للسينودس الخاص بالمرأة في الكنيسة المارونية. واستمعوا إلى تقرير منسقة المكتب، تعرض فيه اولاً منهجية المسار السينودسي ومراحل العمل حتى اليوم، ومنها إطلاق الوثيقة التأسيسية “لدعوة المرأة ورسالتها في تدبير الله وحياة الكنيسة والمجتمع” من بكركي في 9 ايلول 2023. وهي وثيقة تشكّل منطلقًا للمسار السينودس الرعوي العلمي في الأبرشيات والرهبانيات والمؤسسات والمنظمات الرسولية في الكنيسة المارونية. وتعرض فيه ثانيًا مراحل المسار السينودسي المقبلة، ومنها تنظيم مؤتمر لاهوتي حول المرأة في كانون الأول 2024.
وينهي التقرير بالقول : “واننا نسير ونعمل معًا، نساءً ورجالاً وشبيبة، لنكون أفق رجاء ينفتح على الكنيسة، وعلامةً واضحة لحضور الروح القدس من أجل عيش عنصرة جديدة، بانتظار ان يتخذ مجلس المطارنة برئاسة غبطة البطريرك قرار عقد هذا السينودس الخاص المرتقب”.
ثانيًا: في الشأن الرعوي.
أوضاع الأبرشيات في النطاق البطريركي
استعرض الآباء أوضاع الأبرشيات في لبنان وبلدان النطاق البطريركي. وتوقفوا عند الحاجات المتزايدة التي يواجهها أبناؤهم وبناتهم في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية والأمنية المتدهورة، لا سيما في لبنان وسوريا والأراضي المقدسة جرّاء الحرب الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وما تجرّه على الفلسطينيين وعلى أبناء المنطقة من ويلات ودمار وضحايا بشرية. وامتدّت الحرب الى لبنان، وبخاصة الى جنوبه، لتزّج به وبأهله في دوامة الموت والدمار وحرق الأرزاق وتعطيل المؤسسات التربوية والصحية والتجارية.
يعبر الآباء عن استنكارهم الشديد لما يتعرض له قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان منذ أكثر من ثمانية أشهر، من تقتيل وتدمير وتنكيل يصيب المدنيين، الأطفال والنساء قبل سواهم.
ويدعون كل أصحاب الضمائر الحية في العالم إلى الضغط من اجل متابعة الحوار للوصول إلى وقف نهائي لاطلاق النار تمهيدًا لبدء مفاوضات بين الأطراف المعنيين، على قاعدة الدولتين وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 181.
كما توقفوا عند أوضاع أبنائهم في بلدان الخليج وحاجاتهم الروحية والكنسية من تأمين كهنة لخدمتهم الراعوية حفاظًا على تقاليدنا وروحانيتنا وتراثنا السرياني الانطاكي. وثمنوا ما يقوم به هؤلاء من دعم إنساني ومادي لأهلهم وعائلاتهم في لبنان وسوريا والأراضي المقدسة.
ويتقدم الآباء بالشكر من الأبرشيات المارونية في بلدان الانتشار، ومن المؤسسات العالمية، الكنسية والمدنية، على تضامنها ودعمها ومساعداتها السخية.
أوضاع أبرشيات الانتشار.
تناول الآباء كذلك أوضاع أبرشيات الانتشار في أوروبا وأفريقيا وأميركا الشمالية والجنوبية وأوقيانيا وحاجات بعضها.
وتوقفوا بشكل خاص عند أبرشيتي فرنسا والمكسيك. واستمعوا إلى التقارير التي قدّمها مطرانا الأبرشيتين وتدارسوا اقتراح إنشاء أبرشية مارونية لفنزويلا. وطلبوا مزيدًا من الوقت لاستكمال الاستشارات قبل انتخاب لائحة أسماء لمطارنة الأبرشيات الثلاث ترفع إلى الكرسي الرسولي حيث يتخذ القرار فيها قداسة البابا.
وتوقفوا عند ظاهرة هجرة أبنائهم الموارنة من لبنان ومن سائر بلدان الشرق الأوسط نحو بلدان الانتشار وهي بتزايد مستمرّ وتطرح إشكالية تناقص أعدادهم في الأوطان الأم وتزايد الحاجات الرعوية لخدمتهم في الأوطان الجديدة والمضيفة.
وقدّر الآباء ما يقوم به مطارنة الانتشار من جهود في سبيل جمع شعبهم وتوعيته على هويته وتراثه وتاريخه عبر الحفاظ على الليتورجيا وعلى اللغتين السريانية والعربية في المدارس والرعايا، إضافة إلى التعليم المسيحي. وثمّنوا مطالبة هؤلاء المطارنة بتوسيع ولاية البطريرك القانونية على جميع أبنائه المنتشرين حول العالم وتعزيز العلاقات الأخوية مع مطارنة الأبرشيات الكاثوليكية في بلدان تواجدهم.
كما شكروهم على تجديد التزامهم بدعم كنيستهم ومؤسساتها وأبنائها في لبنان وبلدان النطاق البطريركي.
ثالثًا: في الشأن الاجتماعي والتربوي وخدمة المحبة
تداول الآباء في الأوضاع المعيشية المتدهورة في لبنان بسبب الأزمات المتراكمة وضعف القوة الشرائية مقابل ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والأدوية. ما أوصل أبناءهم وبناتهم إلى حالة الفقر وانعدام القدرة على تأمين الحاجيات الضرورية للحياة اليومية.
وتداولوا كذلك في الأزمات الاقتصادية والتربوية والاستشفائية التي يعاني منها أولادهم في لبنان، وبخاصة في ظل تقاعس المسؤولين في الدولة عن القيام بواجباتهم لتسهيل حياة المواطنين والحفاظ على كرامتهم.
وتوقفوا عند واقع المؤسسات الكنسية، وبخاصة تلك التربوية والصحية والاجتماعية، التي تمرّ في مرحلة دقيقة وصعبة على المستوى المالي. وشدّدوا بنوع خاص على أهمية المحافظة على مستوى التربية والتعليم في لبنان وعلى إبعاد التدخل السياسي الخطير بالمواضيع التربوية، وبخاصة في البرامج التربوية والإمتحانات الرسمية. فالقطاع التربوي هو كنز لبنان الحقيقي ولا يزال يعاند الأزمة الإقتصادية التي هزّت كيانه وأفلست مؤسساته. لذا وجب دعمه بكل الوسائل.
يعبّر الآباء عن قلقهم البالغ حيال هذا الوضع وأكدوا وقوفهم إلى جانب شعبهم وأنهم سيعملون كما عملوا في السابق على تقديم كل المساعدات الممكنة عبر مؤسساتهم الكنسية المختصة وبالتعاون مع أبرشيات الانتشار والهيئات العالمية المانحة للمساهمة في دعم التعليم والاستشفاء والدواء لأبنائهم وبناتهم، وأنهم سيخصصون جزءًا مهمًا من مداخيل الأوقاف لهذا الغرض.
ويهمهم التأكيد على عزمهم بأن لا يبقى أخ في عوز وأخت بلا علم ومريض ينازع على باب المستشفى. ويطلبون من المسؤولين في المؤسسات التابعة للكنيسة المارونية التعاون على تحقيق هذا الهدف السامي.
ويطالبون من جهة ثانية الدولة القيام بواجباتها وإعطاء المؤسسات التربوية والصحية والاجتماعية حقوقها، وكذلك حقوق المواطنين الذين يؤدون واجباتهم كاملةً بدفع الرسوم والضرائب والمتوجبات الإدارية.
رابعًا: في الشأن الوطني
يتعرض لبنان اليوم لأزمة خطيرة تهدّد كيانه وهويته وتضعه في مأزق وجودي مصيري بالغ الخطورة والفرادة في تاريخه الحديث. ولكن لا خوف عليه لأنه حقيقة حيّة في التاريخ وله دور ورسالة ولأن جميع اللبنانيين يعترفون أنه وطن حرّ ومستقل ونهائي لجميع أبنائه، ولأن العالم يعترف له أنه مهد حضارة عريقة وبلد التعددية وأمة حوار وعيش مشترك. “إنه أكثر من وطن، إنه رسالة حرية وتعددية للشرق كما للغرب”. ومن واجب المواطنين الولاء لهذا الوطن النهائي.
ومن المشاكل الأساسية التي يعاني منها لبنان، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي والمالي والاجتماعي، النزوح السوري اليه الذي يقوى يومًا بعد يوم بشكل مخيف. والحرب على الجنوب اللبناني التي جاءت لتزيد من مأساة الجنوبيين خاصة، واللبنانيين عامة، الاقتصادية والتجارية والزراعية والمالية والتربوية، ما أدى إلى تهجير أهله وتعطيل دورة حياتهم الطبيعية.
يثمّن الآباء جهود الدول الشقيقة والصديقة من أجل تحييد لبنان عن النزاعات الإقليمية. ولكنهم يرفضون رغبة بعض المراجع الدولية في إبقاء النازحين على أرض لبنان من دون الاهتمام لما يجرّه ذلك على لبنان من أخطار مصيرية.
في النظر الى الواقع السياسي المأزوم اليوم، يعتبر الآباء أن لا أولوية تعلو على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية. لذا يدعون السادة النواب إلى القيام الفوري بواجبهم الدستوري والوطني وانتخاب رئيس، إذ بدونه لا حماية للدستور ولا إشراف على انتظام عمل مؤسسات الدولة، ولا فصل للسلطات، ولا خروج من الشلل السياسي والاقتصادي والمالي.
أمام هذا الواقع الخطير، ونظرًا إلى دور بكركي الوطني الجامع والحريص على لبنان الوطن الرسالة والنموذج، يرى الآباء أنه بات من الضروري أن تقف كنيستنا بشجاعة وجرأة وتواضع أمام التاريخ وأمام الضمير وأمام الله لتقود عملية وطنية لتنقية حقيقية للذاكرة التي تقتضي مراجعة ذاتية نقدية ترقى إلى فحص ضمير وتوبة ومحاسبة وغفران للوصول إلى حوار صادق وصريح وإلى مصالحة باتت ملحّة اليوم.
لهذه الغاية يعلن الآباء عن تأليف لجنة أسقفية تضمّ حكماء تعمل على التواصل مع جميع الأطراف اللبنانيين، دينيين وسياسيين، وتهيئة الأجواء لإطلاق المسيرة الوطنية لتنقية الذاكرة.
خاتمة
في الختام يتوجه الآباء الى اولادهم المنتشرين في كل انحاء العالم، ويقولون لهم: انتم تطلبون منا، نحن الرعاة، شهادة حيّة في عيش خدمتنا الراعوية على مثال المسيح. اننا نسمع صراخكم وأنينكم ونتحسّس وجعكم، ولا نستطيع أن نغمض أعيننا عن مآسيكم، ولا ان نصمّ آذاننا عن معاناتكم، ولا أن نجعل قلوبنا من حجر لئلا نغفل عن مساعدة أي فقير ومريض ومظلوم.
الكنيسة هي أم لكم، ونحن فيها نحبكم ونسعى الى خدمتكم بكل إمكاناتنا المتوفرة.
وبالرغم من الأوضاع الكارثية التي تحمل على اليأس، نقول لكم إننا نحمل الرجاء بالرب يسوع المسيح الذي لا يخيّب. ومدعاة الرجاء عندنا كبيرة وتتجلّى في شبابنا وآبائنا وأمهاتنا وكهنتنا ورهباننا وراهباتنا الواقفين مع الصامدين في أرضهم او المنشرين في العالم وهم يتضامنون معنا ومع أهلهم ووطنهم.
لا تخافوا، يقول لنا الرب يسوع. فكنيستنا قوية به وبتضامننا ووحدتنا. فلنطلب من الله، بشفاعة العذراء مريم وجميع قديسينا، أن يجعل منا رسل محبة وأنبياء حق وصانعي سلام.
البيان الشهري لمجلس المطارنة الموارنة
الديمان، 7 آب 2024
نهار الأربعاء 7 آب 2024، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في المقر البطريركي الصيفي في الديمان، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلّي الطوبى، ومُشارَكة الرؤساء العامين للرهبانيات المارونية. وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية. وفي ختام الاجتماع اصدروا البيان التالي:
1– يرفع الآباء آيات الشكر إلى الربّ الإله على عطيّته السامية بتطويب البطريرك مار إسطفان الدويهي. ويخصّون قداسة الحبر الأعظم بامتنانهم العميق لاصداره الامر بادراج اسمه في سجل الطوباويين في السماء، ولتحديد عيده في الثالث من أيار، يوم ميلاده في السماء، ولتمثيله برئيس مجمع دعاوى القدِّيسين الكردينال Marcello Semeraro في الاحتفال الذي جرى لهذه الغاية يوم الجمعة 2 آب، في الصرح البطريركي في بكركي. كما يُوجِّه الآباء تحيّتهم ومحبّتهم إلى وسائل الإعلام وإلى عموم اللبنانيين واللبنانيات لاعتبارهم هذا الحدث تكريمًا لكلّ لبنان وأهله. وهو ما تجلّى في أحاديث وآراء مختلفة على مدى الأيام الفاصلة عن احتفال بكركي. ويسألون السماء اغتناء الوطن بحسن سيرة الطوباوي الجديد، ويرجون شفاعته ليتجدّد دور لبنان أرضًا للسلام والقداسة وكرامة الإنسان.
2– يشكر الآباء الله على نعمة تقديس الآباء الفرنسيسكان والشهداء الإخوة المسابكيّين الموارنة الثلاثة التي وافق عليها قداسة البابا فرنسيس وسيتّم الإحتفال برفعهم على المذابح نهار الأحد 20 تشرين الأوّل 2024 في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان. فيحثّ الآباء المؤمنين والمؤمنات على التحضير الروحي لهذه المناسبة من خلال الصلاة والإقتداء بفضائلهم وشهادة حياتهم، كما يدعونهم إلى المشاركة في هذا الحدث التاريخيّ سائلين الربّ أن يفيض بشفاعتهم على الشرق والعالم نعمه وسلامه.
3– يُسجِّل الآباء تخوُّفهم من انعكاسات الحرب في غزة وجنوب لبنان وما قد تقود إليه من تصعيد شامل لأعمال العنف بإرادةٍ أجنبية ولمصالح لا تمتّ إلى الوطن بصلة، فيما يعرف القاصي والداني أن الحل الوحيد الذي يأتي بالهدوء وبنوعٍ من الإستقرار يبقى في تنفيذ قرارات الأمم المتّحدة وخاصّةً القرار 1701.
4– أمام الأخطار التي تهدّد الوطن وهول الحرب الدائرة في جنوب لبنان، ولأنّ الدولة يجب أن تكون حاضرة بكلّ مؤسّساتها وأجهزتها لمواجهة هذا الواقع المصيريّ، يجدّد الآباء مطالبتهم رئيس مجلس النوّاب بالدعوة إلى عقد جلسةٍ نيابيّة بدوراتٍ متتالية حتى إنتخاب الرئيس، كما يدعون كلّ الكتل النيابيّة إلى المشاركة في هذه العمليّة الدستوريّة الأساسيّة.
5– يُلاحِظ الآباء، كما كُثر من أهل الإختصاص، تمادي جهاتٍ مُعيَّنة في مُمارَسة الإستنسابية بالنسبة إلى أوجه صرف مداخيل الضرائب والرسوم، وبما يُسقِط مبدأ العدالة في توزيع الحقوق بين اللبنانيين، فضلاً عن عدم شمول الواجبات المالية كلّ المناطق وكلّ الفئات الإجتماعيّة. ويُناشِدون الحكومة تصحيح هذا الشواذ المُعيب، كما ينص عليه الدستور اللبنانيّ.
6– ينقل الآباء إلى أهل الحكم استياءهم من الخلل والإلتباس في عمليّة إجراء الإمتحانات الرسميّة ونتائجها، على نحوٍ مُتكرِّر في الأعوام الماضية وهذا العام. ويُنبِّهون المعنيين أن ذلك إنما يرتدّ أولاً على الطلّاب، ولا يُعينهم في تبؤّ موقعٍ طليعي في مستقبل الأيام، ويُضِرّ ضررًا بالغًا بمفاهيم التربية والتعليم التي تُعرَف بريادتها في لبنان منذ أجيال.
7 – يتوجّه الآباء بمناسبة عيدَي التجلّي وانتقال السيِّدة العذراء، إلى الله سائلين ترحُّمه على لبنان وأبنائه وبناته، وخلاصهم مما يُعانون منذ عقودٍ لأسبابٍ باتت تتخطّى إرادتهم. ويرجون منهم تكثيف الصلوات في هذين العيدَين المُبارَكَين ليتحقّق هذا الخلاص ويسلم لبنان.