شرح أيقونة رقاد سيدتنا والدة الإله العذراء
أيقونة الرقاد تشير بوضوحٍ إلى موت العذراء لكنها تشير أيضاً إلى انتقالها إلى ولدها الحاضر أمام نعشها المستقبلها في المجد. ولابد هنا من المقارنة بين ولادة المسيح ورقاد العذراء:
بالولادة أعطت مريم يسوع الجسد وحملته طفلاً بين ذراعيها، والعكس حصل في الرقاد إذ نرى الابن يحمل أمه بهيئة طفل ويدخلها إلى الحياة الأبدية.
♱ الرموز في الأيقونة
نجد في أعلى الأيقونة نصف دائرة ترمز إلى الآب وملكوته ومن جهة اليسار هناك صخرة وعليها بناء صغير مكتوب فوقه بالخط العربي “الجسمانية”، وتظهر داخل التابوت العذراء ملفوفة بالأقمطة، وهناك اثنان من أسفل التابوت يحملان الغطاء، وثلاثة رسل من جهة وخمسة من الجهة الأخرى يحاولون تسجية العذراء.
أما من فوق: فهناك ملاكان وكأنهما يفتحان أبواب السماوات لاستقبال العذراء، وداخل هذه البوابة أنصاف دوائر، وعلى يمينها الشمس ويسارها القمر، ولهما شكل وجه.
في الوسط تحتل العذراء ايضاً المكان البارز، فهي ترتدي ثوباً مذهباً ورداءً أحمر وعليه ثلاثة نجوم. ونراها تمدّ يدها اليمنى لتعطي الزنار المقدّس للرسول توما، وهناك 12 سحابة صغيرة موزعة بشكل متقابل، وكل سحابة تحمل أحد الرسل.
♱ الشخصيات في الأيقونة
ايقونة والدة الإله هي مميزة جداً لأسباب عدة منها جاذبية ألوانها المنتقاة، وروح التفصيل التي تظهر فيها، حيث تشمل كل الأحداث بالإضافة إلى وجود أشخاص من غير المعتاد وجودهم في أيقونة الرقاد. وكل هذا لإغناء الأيقونة وإعطائها رونقاً مميزاً عن غيرها.
أما ألأشخاص فهم:
+ والدة الإله
العذراء في وسط الايقونة مسجاة على ما يشبه السرير وأسفله مزين بطريقة جميلة، وعليه شرشف أحمر والوسادة حمراء (تذكرنا بأيقونة الميلاد) دلالةً على طهرها وعلى أن الخطيئة لم تطلها أبد. جسد مريم منحنٍ يعكف على الناظر بكثير من الرقة. ويبدو على وجهها السلام والهدوء وكأنها نائمة. يداها موضوعتان بشكل صليب، وهي ترتدي ثوباً بنياً (دلالة على الطبيعة البشرية الفانية) ورداء مذهباً (دلالة على الطبيعة الإلهية).
في أعلى وسط الأيقونة نرى ملاكين يفتحان لها أبواب الملكوت، فيما هي ترمي زنارها لتوما الرسول.
+ السيد المسيح
يظهر السيد منتصباً في وسط الأيقونة، حجمه أكبر من الجميع وذلك للدلالة على أنه سيد الكل، جسده محاط بهالة بهية من النور الأزليّ ذات خلفية داكنة اللون وتعلوها كتابة IC XC باليونانية اي يسوع المسيح، عاكساً مشهد أيقونة ميلاده حيث يكتب في الأيقونة مكفناً بالأبيض، نرى السيد مرتدياً ثوباً ذهبياً يغطي كامل الجسد مع اليدين، اللتين يحمل بهما طفلاً صغيراً ملفوفاً بالبياض، ويشع منه النور، انها مريم العذراء وها هي تولد من جديد في السماء على يدي ولدها وسيّدها وربّها، لذلك عندما وهبته العذراء الجسد ليولد منها و يعيش حياته الأرضية، فيما هو الآن يحمل روحها واهباً إياها ولادتها الجديدة والنهائية في السماء.
تحتفّ حول الربّ من كلا الجانبين ملائكة. يحمل الملاكان الأولان شعلة، ويليهما ملاكان يضعان يديهما على صدرهما بشكل صليب ويرتديان الثياب المذهبة. ونرى أربع ملائكة آخرين من كل جهة يحتفّون حول الرب ويشيرون اليه بأيديهم، وعلى رأس كل ملاك شعلة حمراء صغيرة.
✥ الرسل التلاميذ والنسوة:
نرى في السماء مشهد حضور التلاميذ العجائبي بواسطة السحب فجميعهم وصلوا في الوقت المحدد لوداعها ودفنها إلا الرسول توما، الذي تأخر لحكمة إلهية مدة ثلاثة أيام.
يتحلقون حول جسد العذراء لوداعها. على وجوههم بادية سماة الحزن العميق. أذ نرى في أعلى الإيقونة إشارة إلى مجيء الرسل العجائبي من أقصى الأرض “في السحب”. فنرى عن يمين ويسار والدة الإله نرى عشر رسلٍ تغطي ملامح الحزن وجوههم ويقف خلفهم ثلاثة نسوة من كل جهة، يضعن ايديهنّ على وجوهِهنّ تعبيراً عن الألم والحزن على فراقها لهن.
+ عن اليمين
– الإنجيلي يوحنا منحن على قدمي العذراء وبيده مبخرة، وكأنه يقبل نعشها بحزن عميق.
– بولس الرسول وبيده ورقة مفتوحة مكتوب عليها ما يلي: “افرحي يا ام الحياة يا سبب انذاري لانني وان كنت ما عاينت المسيح بالجسد الا انني اذا ابصرتك اتوهّم انني انظره هو”.
– أونيسيموس،
– أندراوس يحمل بيده رسالة ملفوفة.
– يعقوب.
– أياروتاوس: يرتدي ثياب كهنة وبيده كتاب مفتوح مكتوب عليه: “أيتها العذراء التي سكن فيها حياة الكل إنني ابصرتك جهراً ممددة اليدين…المنكبين …وانذهل يا طاهرة نقية”.
– متى الإنجيلي.
– تيطس الرسول.
– سيمن.
– طيمن.
بالإضافة إلى نسوة ثلاث في موازاة مع النسوة في الجهة اليمنى، اللواتي يضعن ايديهنّ المغطاة بالرداء على وجوهِهنّ.
+ عن اليسار
– يقف بطرس أمام رأس السيدة العذراء حاملاً بيده مبخرة.
– فيليبس الرسول.
– ديونيسيوس الأريوباغي يحمل بيده كتاب مكتوب عليه بالعربية: “السلام عليك ايتها المنتقلة من الارض الى المنازل السماوية. ارتحلي السلام عليك يا من جمعت موكب التلاميذ بسحابة خفيفة إلى مجمع واحد السلام عليك يا رجاء خلاصنا”.
– يعقوب أخو الرب وكلاهما يرتديان ثياباً كهنوتية.
– برنابا الرسول.
– مرقص الإنجيلي.
– برتلماوس الرسول.
– تداوس الرسول.
– لوقا الإنجيلي.
– يعقوب.
+ الملاك وأثوتيوس:
نرى في أسفل الأيقونة مشهداً غريباً مأخوذا من التقليد الشريف: ملاك يشهر سيفه ويقطع يدي رجل يهودي يدعى أثوتيوس. هذا الرجل أراد تدنيس جسد والدة الإله بمحاولته رميه أرضاً أثناء مرور الموكب الجنائزي باتجاه الجسمانية، فتدخل الملاك على الفور قاطعاً له يداه.
✥ الهيكل:
فوق النسوة لجهة يمين السيد نرى بناءً ضخماً يرمز إلى الهيكل، حيث قضت والدة الإله جزءاً كبيراً من طفولتها فيه. كما أن الهيكل يرمز إلى العذراء نفسها، فكما أن الهيكل في العهد القديم كان مكان سكن الله، كذلك العذراء في العهد الجديد تحولت هي الى الهيكل الذي احتوى اللاهوت والذي من خلالها تجسد الرب.
كما نجد الملائكة تحيط بالسيد المسيح مع أربعة مطارنة قديسين يقفون وراء الرسل هم: القديس يعقوب (أخو الرب) أول أسقف لأورشليم وتلاميذ للرسل ثلاثة. وتظهر في الجزء الأخير من الإيقونة مجموعة من النساء تمثل المؤمنين وترمز مع الرسل والأساقفة إلى الجماعة الصغيرة التي أُعطي لها أن تشهد سر رقاد والدة الإله.
★ ملاحظة:
هذه الأيقونة موجودة في دير سيدة البلمند والتي تتبع نمط كتابة الأيقونات بحسب المدرسة الحلبية، أنها من أكثر الأيقونات شموليةً وسرداً لكل ما رافق هذا الحدث العظيم والمفصلي للكنيسة، فهي غنية بعناصر نادراً ما نجدها في غيرها من أيقونات الرقاد، فمثلاً من غير الوارد أن نرى رسماً للعذراء وهي تدفن،وهذا مشهد لا نقرأه او نشاهده إلا هنا، بالإضافة إلى وجود أشخاص من غير المعتاد وجودهم في أيقونة الرقاد. وكل هذا لإغناء الأيقونة وإعطائها رونقاً مميزاً عن غيرها.