علاقة التدخين السلبي بسرطان عنق الرحم
يزيد التدخين السلبي من مخاطر إصابة النساء بسرطان عنق الرحم، وفقا لدراسة صادرة عن كلية بلومبيرغ للصحة العامة في جامعة جونز هوبكنز تم نشرها للتو.وقد تكون لهذه الدراسة المنشورة في عدد يناير من مجلة أمراض النساء والولادة دلالات صحية بالغة الحيوية فيما يعمل المنادون بالصحة العامة لا من أجل تثقيف النساء حول كيفية الحد من مخاطر الإصابة بسرطان عنق الرحم فحسب، بل ومن أجل الحد من التدخين في كافة أنحاء العالم.
يقول أنثوني جيه آلبيرغ رئيس الباحثين الذين أعدوا الدراسة والأستاذ المساعد في قسم الأوبئة:
” الأدلة قوية. وينبغي لاستنتاجات الدراسة أن تشجع المدخنين على التوقف عن التدخين، وأن تدفع غير المدخنين الذين يعيشون مع مدخنين للحد من تعرضهم للتدخين غير المباشر.”ورغم أن الباحثين كانوا يعتقدون منذ أمد طويل أن التدخين السلبي يرفع معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم، فإن هذه الدراسة– وهي واحدة من أكبر الدراسات التي أُجريت في الولايات المتحدة– تؤكد أن الصلة بين الأمرين حقيقية. وتعتبر النتائج مهمة على وجه الخصوص للنساء في البلدان النامية حيث معدلات التدخين آخذة في الازدياد وحيث سرطان العنق سبب رئيسي للوفاة.
وقد قام آلبيرغ وفريقه بفحص درجة تعرض51,173 امرأة في سن الـ25 فما فوق في مقاطعة واشنطن في ولاية ماريلاند للتدخين داخل المنازل عام 1963، ثم مرة أخرى عام 1975. وقد عبأت النساء استمارات استبيان حول تعرضهن لدخان السجائر وحول المدخنين السابقين والحاليين في أسرهن وأعمار أفراد الأسرة ونصيبهم من التعليم ووضعهم الاجتماعي. وتمت متابعة كل مجموعة لفترة 15 سنة. ثم قارن الباحثون بين نساء يعشن مع مدخنين ونساء يعشن مع أفراد غير مدخنين، وراقبوا من أُصيب بسرطان العنق.
وقد وجد الباحثون أن النساء المدخنات السلبيات يواجهن زيادة في مخاطر الإصابة بسرطان العنق بمعدل
2.1 مرة في عام 1963. وبحلول عام 1975 انخفض المعدل إلى 1.4 مرة.ويقول آلبيرغ إنه أُصيب بـ”الحيرة” جراء هذا الانخفاض، وإنه “لم يكن لديه تفسير واضح لذلك.” وقد خمن أن أحد الأسباب وراء ذلك الانخفاض هو أن النساء موضوع الدراسة في عام
1975 ربما كنّ يدخنّ خارج المنزل وأنهن ربما قمنّ بالحد من تعرضهن للتدخين في المنزل.يقول ويليام آو الأستاذ بقسم الطب الوقائي وصحة المجتمع في المركز الطبي لجامعة تكساس في مدينة غالفستون إن الدراسة التي تمت مراجعتها من قبل لجنة تحكيم تثبت أن الصلة أكيدة. “
هذه دراسة معدّة جيدا وتقوم على أسس علمية رصينة ولها دلالات كبرى بالنسبة للصحة البشرية. إننا نعرف الآن كيف أن مستويات متدنية من المواد السامة كالتدخين السلبي تستطيع التسبب في الإصابة بالسرطان بين البشر.”كان من المعروف أن التدخين السلبي يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب وسرطان الرئة بين الرجال والنساء. كما كان من المعروف أيضا منذ أمد طويل أن التدخين الفعلي للسجائر هو عامل كبير مسبب للإصابة بسرطان عنق الرحم. ورغم أن العلماء كانوا يشكّون في وجود صلة بين التدخين السلبي وسرطان عنق الرحم، إلا أنهم كانوا بحاجة للمزيد من المعطيات لإثبات الصلة بينهما.
وقد جاءت واحدة من أحدث الدراسات من سنغافورة، وتم نشرها في عدد أبريل من مجلة الأورام النسائية. وقد قام معدو الدراسة بفحص
623 امرأة، وخلصوا إلى أن وجود خلايا عنقية شاذة يشير إلى الإصابة المحتملة بالسرطان العنقي، وأن احتمالات الإصابة زادت بنسبة 4.6 في المائة لكل سيجارة دخنها زوج المرأة.“ومن الصعب في هذه النقطة تحديد مدى تسبب التدخين السلبي في معدلات الإصابة بالسرطان العنقي”، كما يقول آلبيرغ “غير أن ما توصلنا إليه وحقيقة أن التدخين السلبي شائع يشيران إلى أن تسبب التدخين السلبي في الإصابة بسرطان عنق الرحم أمر لا نستطيع التقليل من شأنه.”
تقول هوليس فورستر المديرة التنفيذية للائتلاف القومي لمكافحة سرطان عنق الرحم، وهو منظمة غير ربحية مقرها بيركلي في كاليفورنيا:
“من الأهمية بمكان أن يتلقى الناس الرسالة بأن التدخين يتسبب في أكثر مما كنا نعتقد وأنه يؤثر في صحتنا بطرق لم نفهمها بشكل كامل بعد.”
غير أنه لا ينبغي للنساء أن يعتقدن بأن وجودهن على مقربة من الدخان سيؤدي مباشرة إلى إصابتهن بالتهابات الأورام الحليمية. ففي حين أن التدخين غير مرتبط بالإصابة بهذه الالتهابات، فإنه “متصل بنظام المناعة وهو مهم في تطور” الأورام العنقية، كما تقول جانيت دالينغ الباحثة في مركز فريد هتشنسون لأبحاث السرطان في مدينة سياتل.
وقد يجعل الحظر المتزايد للتدخين في الأماكن العامة أمر حماية النساء لأنفسهن أكثر سهولة في الولايات المتحدة. غير أن هذه الوقاية من التعرض للدخان في الأماكن العامة أقل انتشارا في أماكن أخرى من العالم.
يقول آو:
“إن حظر التدخين في الأماكن العامة في بداياته. هناك، أولا، الحظر. وهناك، ثانيا، التوعية .فنحن لا نريد للناس أن يتوقفوا عن التدخين في الأماكن العامة ليدخنوا بعد ذلك في بيوتهم. فهذا يعرض أفراد الأسرة والأطفال للخطر .
لكن دراسة واسعة النطاق نشرت نتائجها في دورية المعهد القومي للسرطان، وشملت أكثر من 116 ألف سيدة، وأجرتها هيئة كاليفورنيا لخدمات الصحة، توصلت إلى أن التدخين يمثل بالفعل خطرًا كبيرًا. وقد تم تشخيص 2005 سيدات (بينهن) بأنهن يحملن خلايا سرطانية توسعية.
وكانت نسبة الإصابة بين السيدات المدخنات تزيد حوالي 30٪ على نسبة الإصابة بين السيدات اللواتي لم يدخن مطلقًا. كما أظهرت الدراسة أن السيدات اللواتي بدأن التدخين قبل سن العشرين، وهؤلاء اللواتي بدأن التدخين قبل خمس سنوات على الأقل من حملهن الأول، هن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.
من المعروف أن الرضاعة الطبيعية تساعد على الحماية من سرطان الثدي، لكن ربما يؤدي التعرض لدخان التبغ إلى تبديد تأثير الرضاعة الطبيعية، كما ثبت أن التدخين الشره أو لفترة طويلة من الزمن يزيد أيضًا من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
أما اللواتي أقلعن عن التدخين، فلم يجد الباحثون أدلة قوية على زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي بينهن كمدخنات سابقات. ومن المعروف أن التبغ يسبب أنواعًا أخرى من السرطان، أشهرها سرطان الرئة، بالإضافة إلى مشكلات صحية أخرى مثل مرض القلب.
خلصت دراسة نشرها باحثون في اليونان إلى أن استنشاق الدخان الذي ينفثه المدخنون أو ما يعرف بالتدخين السلبي يزيد بصورة كبيرة من احتمالات الإصابة بأمراض القلب.واقترحت الدراسة التي نشرت في مجلة متخصصة تصدرها الجمعية الطبية البريطانية حظر التدخين في أماكن العمل كأفضل وسيلة لحماية العاملين غير المدخنين من الإصابة بنوبات قلبية بسبب الدخان الذي ينفثه زملاؤهم المدخنون.
وقالت الدراسة إن الأشخاص الذين لم يسبق لهم التدخين تزيد لديهم احتمالات الإصابة بمتاعب حادة في القلب إذا تعرضوا بشكل عابر أو منتظم للدخان الذي ينفثه زملاؤهم المدخنون.
وتزيد هذه الاحتمالات بشكل كبير كلما زاد عدد السنوات التي يتعرض خلالها غير المدخنين للدخان الذي ينفثه الآخرون. ودرس العلماء 847 رجلا وامرأة يونانيين مصابين بأمراض في القلب و1078 آخرين لا يعانون من تلك الأمراض.وبين المصابين بأمراض في القلب تعرض 86% منهم للتدخين السلبي لفترة تزيد عن 30 دقيقة يوميا، أما غير المصابين فإن 56% منهم فقط تعرضوا للتدخين السلبي.
وأشار واضعو الدراسة إلى أن “الطريقة الآمنة الوحيدة لحماية غير المدخنين من التعرض لدخان السجائر هو إزالة هذا الخطر الصحي من الأماكن العامة ومن أماكن العمل إضافة إلى إزالته من المنزل“.
Discussion about this post