هل هناك علاقة بين العقم والتدخين
كتب / د. سامي السعيد
اختصاصي جراحة المسالك البولية
تأخر الإنجاب مشكلة اجتماعية منتشرة في كل المجتمعات وقد يؤثر عدم الإنجاب على استقرار الأسرة، لأن ما يشغل بال الرجل والمرأة وهما يبدآن معا طريق الحياة الأسرية هو انتظار الذرية الصالحة ليكتمل بناء الأسرة بزينة الحياة الدنيا.
والعقم بمفهومه الطبي هو عدم الإنجاب وعدم تحقق الحمل بعد الزواج لمدة سنتين بالرغم من استمرار الاتصال الجنسي بعد الزواج وعدم استعمال موانع الحمل خلالها وقد بينت الإحصاءات أن الحمل يحدث في حوالي 80% من النساء بعد الزواج مع نهاية السنة الأولى، وأن نسبة وجود العقم في كثير من المجتمعات تتراوح بين 10 – 15% وقد ثبت إحصائيا أن الزوج يكون سببا بمفرده في عدم حدوث الحمل بنسبة 25 – 40% ونفس النسبة مسؤولة عنها الزوجة في حين أن هناك أيضا أسبابا مشتركة بينهما.
وأما أسباب العقم فهي كثيرة ونوجز بعضها فيما يلي: عجز الخصية الكامل أو عجز الخصية الجزئي أو الدوالي أو انسداد القنوات المنوية والالتهابات وخلل الغدد الصماء سواء قبل أو بعد البلوغ كما أن بعض الهرمونات يختل إفرازها بسبب خلل الغدة النخامية، ومن أسباب عجز الخصية الكامل خلل في الكروموسومات وزيادة أو فقد كروموسوم الذكورة وعدم نزول الخصيتين، وهناك أيضا أسباب أخرى منها المناعة والتي تمنع دخول الحيوانات المنوية إلى عنق الرحم، وهناك أنواع أخرى من المناعة، ومن الأسباب الأخرى للعقم التعرض للمواد السامة أو بعض الأدوية أو الإشاعات، ومنها أيضا التدخين.
أما عن أسباب العقم عند النساء فمنها فشل التبويض وانسداد الأنابيب، ومشاكل عنق الرحم ومشاكل الرحم انتباذ غشاء بطانة الرحم والالتهابات، إلى جانب أسباب غير معروفة، ومن أسباب ذلك أيضا التعرض للمواد السامة أو الإشاعات والتدخين، وكثير من هذه الأسباب سواء عند الرجل أول المرأة يمكن علاجه سواء بالأدوية أو العمليات الجراحية أو بالمناظير، أو بالهرمونات، وهناك علاج لبعض الأسباب التي تكمن بيد الرجل أو المرأة وهي عدم التعرض للمواد السامة والتدخين، وكما هو معروف فإن التبغ من فصيلة الباذنجانية السامة وينتج عن احتراق التبغ الرماد والدخان ويتألف الرماد من كربونات وأكاسيد المعادن والأملاح العضوية، أما الدخان فيتكون من غازات ومواد عديدة تحوي مواد ضارة منها الراتنسميان والنيروبين والنيكوتين وسوكرانين وبيرودين والالدهايد والاستيون وحمض المتملك وحمض الخليك والفينولات ومواد سامة كثيرة تم اكتشاف أكثر من 4000 مادة منها حتى الآن.
ومن الغازات السامة التي تصدر عن احتراق التبغ الأمونياك والآزون الثاني وثاني أكسيد الفحم والكحول والميتسل وحمض كاينوس الماء والإيثان. وغيرها، والمعروف أن النيكوتين سريع الدخول للجسم فهو يدخل إلى الدم عن طريق الغشاء المخاطي للفم والأنف، وأثر التدخين على أجهزة الجسم المختلفة أصبح معروفا للجميع وخاصة جهاز التنفس والرئتين والدورة الدموية والشرايين.
ونبين فيما يلي بعض آثار التدخين على الجهاز التناسلي وكيف يكون سببا من أسباب العقم :
إن أثر التدخين على القلب وعلى الدورة الدموية وعمل الشرايين ثبت علميا فهو يؤدي إلى تقلص الأوعية الدموية مما يسمح لحدوث انسداد في هذه الأوردة وتصلب الشرايين، ومنها الأوعية الدموية للأعضاء التناسلية وخاصة الخصيتين وهذا يؤدي إلى خلل إنتاج الحيوانات المنوية.
وفي دراسة أجريت في جامعة واشنطن تبين أن التدخين يقلل من عدد الحيوانات المنوية وحركتها وإلى ظهور نسبة من الحيوانات المنوية غير طبيعية الشكل أو عديمة الفائدة والوظيفة، وعدم قدرة هذه الحيوانات المنوية على ما يسمى الاختراق والدخول بين غشاء الرحم أو الدخول إلى نفس البويضة للتلقيح.
وفي دراسة أخرى في كارولينا الشمالية في الولايات المتحدة تبين أن التدخين يؤدي أيضا إلى تغيير في الكروموسومات وهذا يؤدي إلى إنتاج حيوانات منوية غير طبيعية في الشكل وفي الوظيفة، وفي دراسة في المستشفى العام في أدنبرة أكدت تأثير التدخين على الخنيان التي تنظم عملية إنتاج الحيوانات المنوية داخل الخصية، وان المدخنين تزداد عندهم مادة الكرميون والرصاص والابكسوب مما يؤدي إلى خلل في عمل الخصية.
وتأثير التدخين على الغدد الصماء وعلى الهرمونات ثابت علميا حيث يؤدي إلى خلل وظيفي ويؤدي بالتالي إلى خلل واضطراب في تضخم هرمونات الذكورة وإنتاج الحيوانات المنوية في الخصيتين.
أما عن تأثير التدخين على النساء فقد أثبتت الدراسات أن حملهن أصعب وإجهاضهن أيسر مقارنة بغير المدخنات، كما ثبت أن التدخين يؤدي إلى صعوبة الحمل وإلى خلل في إنتاج التبويض وعلى حيوية البويضة نفسها وعلى نضجها وتأثير التدخين على القنوات التي توصل الحيوانات المنوية وأيضا على توصيل البويضة بعد تلقيحها.
وأثر التدخين على الناحية الجنسية لدى الإنسان ثابت ومعروف فهو يضعف من القدرة الجنسية عند الرجل حيث أن يضعف مراكز الانتصاب العصبي عند الرجل، والتدخين يترك أثره على الغدد التناسلية والجنسية فيحدث اضطرابا في إفرازها الهرموني عند الرجل والمرأة أيضا، ومع انتشار عادة التدخين وظهور آثارها الضارة تصدى الأطباء لمكافحة التدخين وشكلت جمعيات لمكافحة التدخين وشكلت جمعيات للمكافحة ومنها الجمعية الأمريكية للسرطان والجمعية الطبية الأمريكية، وبدأت فعلا ظاهرة التدخين تنقص وتقل في هذه الدول، وللأسف بدأت ظاهرة التدخين تزداد في الدول النامية والدول العربية.
Discussion about this post