كنيسة سيّدة الوردية ذوق مصبح
تاريخ كنائس لبنان حافل بالقداسة والصلاة والحضارة المسيحية، إذ بُنيت المعابد والكنائس بجهود أيادي وزنود المؤمنين في بلداتهم وقراهم. لكل كنيسة ورعية قصة رجاء، فالكنيسة بيت الله الذي يلجأ إليه المؤمن في المصاعب والشدائد، وكل فرد في الرعية يعيش قصته مع كنيسته، فتراه على طريقته، يهتم بمظهرها ويحافظ على تقاليدها وإرثها.
معاً، ومع حكاية انتقال العذراء مريم الى حضن ابنها، سنجول على كنائس من لبنان، فنستعيد من ماضيها أبرز محطاتها التاريخية وارتباطها بأبناء هذا الوطن، بفقرة تعيدنا الى جذورنا المسيحية.
بنى وجهاء آل حقلاني الذين قدموا من جبيل، كنيسة “السيدة السمرا” في العام 1703- 1704، على تلّة مشرفة في بلدة زوق مصبح، على أنقاض كنيسة أقدم عهداً. هي أقدم كنيسة رعوية قائمة في البلدة، وكانت الأكبر في كسروان في ذلك الوقت. يُعتبر بناؤها ضخماً بالنسبة لتاريخ تشييده وكأنه قلعة، حيث قام على القواعد الهندسية التي تتميّز بفن العمارة الماروني من الجيل الرابع وفن العمارة الحربي.
بنيت الكنيسة سنة ١٧٠٤ على تلّة مشرفة في بلدة ذوق مصبح، على أنقاض كنيسة أقدم عهدًا. بناها وجهاء آل حقلاني الذين قَدِموا الى هذه البلاد من جرود جبيل. يوم انتُخِب المطران عبدالله قرعلي أسقفًا، جَعَل منها كرسيًّا لمدينة بيروت، وفيها أُقيمت للمرّة الأولى رتبة زيّاح الوردية الكبير.
تحتضن “السيدة السمرا” العديد من اللوحات الزيتيّة الثمينة التي تعود الى القرن التاسع عشر، إضافة الى ذخائر لعود الصليب وبعض القديسين، لكن أهم ما فيها، اللوحة الأساسيّة لسيّدة الورديّة التي تعود الى القرن السادس عشر، وفيها مريم العذراء بهيئة شرقية وعلى ذراعها الطفل الإلهيّ، مُحاطة بالقديسين عبد الاحد وكاترين السيانية ومجللة بأسرار الورديّة الخمسة عشر.
لُقبت سيدة الوردية من قبل أهالي البلدة بـ”السمرا”، نسبة للوحة سيدة الوردية الأولى التي عُرضت منذ مئات السنين والتي تُظهر “سمار” العذراء. وقد تكون هذه الكنيسة الأقدم في لبنان على اسم شفاعة سيدة الورديّة.
في العام 1965، دخلت هذه الكنيسة في لائحة الأبنية الأثرية اللبنانيّة بقرار صادر عن وزير التربية والفنون الجميلة آنذاك.