إعلام الأبرشية – نايف خوري
الصلاة كلمة من أصل آرامي “تصلوتهن”، ثم أدخلت في اللغة لتعني الصلة أو التواصل مع الله، أو يسوع أو أي جهة مقدسة نخاطبها.
وبما أن الصلاة هي مخاطبة، فإني سأعتمد على مخاطبة يسوع، كمثال في الصلاة. وعندما أصلّي هذا يعني أني أقول شيئا ليسوع، وأخاطبه بما ينبغي لي أن أحمّل المعاني التي أريدها من يسوع. كلما زادت صلواتنا أكثر زاد اتصالنا بيسوع أكثر، ولا أجمل ولا أروع ولا أعظم من الاتصال بالربّ الخالق الذي نوجّه له كلَّ أعمالنا وأفكارنا، إنها حظوة ما بعدها حظوة. ليس ضروريًا أن نفتح الماضي ونعود إلى صفحات الخروج من الفردوس، صفحات الحياة القاتمة، صفحات الابتعاد عن الله، ولكن لنبدأ اليوم حياتنا مجددًا، فهو يقبلنا الآن وفي كل أوان. ونفتح صفحات المصالحة مع الله ومع سيدنا يسوع المسيح، ومع روحه القدوس ومع أمه العذراء مريم. فالدنو من حضرة الجلالة والتقرب منه والوقوف بين يديه، هذا يعني التقرّب من النعيم، الجنة، الفردوس، السماء. إنها مبتغى كلِّ الخليقة المؤمنة. والمثول أمام الرب في مخاطبته، ينبغي أن يتّسم باستعداد تام للاجتماع بالله، وبيسوع.
يتمّ الاستعداد نفسيا، روحيا، وجسديا. فالنفسي هو الدخول إلى الضمير، إلى القلب والوجدان، والتعمق بالفكر والعقل، والانتباه كم أنا بحاجة نفسية لمن أخاطبه، وأتحدث إليه وأبث له لواعج قلبي، ومكنونات أفكاري ومشاعري. أما الروحي فيكون بالاستعداد بإيمان وحرارة لكي ألتقي بيسوع وأجتمع به، وأنا على ثقة وقناعة وإيمان تام بأنه يقبل حضوري وتوجهي إليه، ويستمع إليّ ويلبي طلباتي وأمنياتي وتمنّياتي ولن يردّني خائبا. والجسدي هو فتح باب التواصل والاتصال بيسوع، فآتيه واقفًا، أو جالسا أو جاثيا، وحتى راقدا في السرير. فهو دائم الحضور للاجتماع والاستماع والنظر في ما أقول أو ما أريد منه، وخاصة الطلبات التي أرفعها إليه من أجلي ومن أجل الذين أرغب بالصلاة لأجلهم. إن الموقف بمثولي بين يدي الربّ يفرض عليّ أن أتقدم إلى الاجتماع به برغبة واحتشام، برهبة واحترام. تماما كدخولي إلى الكنيسة بالهيبة والوقار، بالخضوع والخشوع. فلا يليق الاجتماع والتواصل ورفع الطلبات من سيد الكون وربّ العالم، وأنا بغير الاستعداد الداخلي والخارجي.
إن يسوع، الخالق، بارئ الكون بما فيه، يمكنه، بل هو قادر على معالجة كافة مجالات الحياة الروحية والمادية، العامّة منها والشخصية، الصحّية والبدنية، الاجتماعية والاقتصادية، التوفيقية والتوافقية. أخبره بكل ما أريد، أطلب منه كل ما أشاء، أخاطبه بكل لغة ولسان. وعندما أتحدث إليه، قد يوعز لي أو ينبّهني، أو يلفت انتباهي أو يُشعرني بطريق ما، ظاهرة أو خفيّة، إلى ما يريد مني، وإلى تلبيته لمطلبي، والاستجابة لمرادي، إن كان عاجلا أو آجلا، فأنا مؤمن بأنه سيستجيب لدعائي وصلاتي.
فأنت يا ربّ، أرشدني إلى السبيل الذي يجعلني أدنو منك أكثر وأكثر، اقبل صلاتي، وسهّل عليّ الاتصال بك، خذ بيدي وارفعني من الأرضيات إلى السماويات، دلّني إلى طريقي في الحياة كما تريده لي، وجهّني إلى ما يجب أن أفعله لكي أنال رضاك، قوّمني في أعمالي لكي أحظى بقربك. فأنت السعادة، وأنت المحبة، أنت الخير والكمال والاكتمال.
من صفحة أخبار الأراضي المقدسة