
هل الأيقونات ضد الوصية الثانية
يقول الرب:
“لا تصنع تمثالا منحوتًا ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن” (خر20: 4، 5) (تث5، 8، 9).
لا، فالهدف واضح، وهو قول الرب (لا تسجد لهن ولا تعبدهن). فإن كان الغرض بعيداً تماماً عن العبادة، لا تكون الوصية قد كسرت. ولا شك أن هذا المنع في الوصايا العشر، كان في عصر انتشرت فيه الوثنية، وكان هناك خوف على المؤمنين منها، حتى أنه كان من الممنوع نحت أي حجر حتى في البناء العادي، وحتى في تشييد المذابح.
نحن نرى أن الله الذي أمر بعدم نحت أي صورة أو تمثال، هو نفسه الذي يأمر موسى (عند ضربة الحية المحرقة) قائلاً له: “اصنع لك حية محرقة، وضعها على راية فكل من لذع ونظر إليها يحيا” (عدد8:21).
فصنع موسى هكذا، ولم تكن في ذلك مخالفة للوصية الثانية.
بل أن ربنا يسوع المسيح يعلمنا أن هذا العمل كان رمزًا لصليبه المقدس، فيقول “وكما رفع موسى الحية في البرية، هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان. لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو14:3).
وعندما أمر الرب موسى بصنع تابوت العهد، أمره بصنع كاروبين من ذهب فوقه.
نقول إننا لا نعبد الصور ولا الأيقونات وإنما نكرمها. وفي ذلك نكرم أصحابها، حسب قول الرب لتلاميذه (إن كان أحد يخدمني يكرمه الآب) (يو26:12). فإن كان الآب يكرم قديسيه، ألا نكرمهم نحن؟!
إننا لا ننسى تأثير الصور كدروس تشرح أحداث الكتاب، وأبطال الإيمان فيه وفي التاريخ. وربما تترك الايقونة تأثيرا عميقا في النفس أكثر مما تتركه العظة أو القراءة أو مجرد الاستماع..
وفي كل هذا تربط بين المؤمنين ههنا وملائكة السماء والأبرار الذين يعيشون في الفردوس. وتعطينا دفعا داخليا قويا ننفذ فيه قول الرسول (اذكروا مرشديكم.. تمثلوا بأيمانهم) (عب7:13).
ونحن في إكرام الصور، إنما نكرم أصحابها.. حينما نقبل الإنجيل إنما نظهر حبنا لكلمة الله، ولله الذي أعطانا وصاياه لإرشادنا. وحينما نسجد للصليب فإنما -كما قال أحد الآباء- نسجد للمصلوب عليه. وفي كل ذلك لا تنطبق علينا مطلقًا عبارة (لا تسجد لهم ولا تعبدهم).
(البابا شنودة الثالث)
No Result
View All Result