
عشيّة الشعانين… رحلة تكشف أسرار قرية بيت عنيا
تَستعدّ قرية بيت عنيا ومدينة القدس لاستقبال أحد الشعانين يوم غد، في تقليد يُجسّد الوحدة والتضامن، ويُعِيد إلى الأذهان ذكريات دخول يسوع المهيب إلى المدينة المقدّسة.
فمن بيت عنيا، وبعد إقامة لعازر من الموت، انطلق المسيح إلى أورشليم، حيث استقبلته الجموع بسعف النخل.
تسمية «بيت عنيا» عبر العصور
في سياق مرور يسوع ببيت عنيا قبل دخوله أورشليم، يقودنا الأب الدكتور لويس حزبون، الخبير في اللاهوت الكتابي وعلم الآثار، في جولة تاريخية لاستكشاف أسرار بيت عنيا العريقة.
تقع بيت عنيا عند سفوح جبل الزيتون على مسافة 3 كيلومترات شرقي القدس. تعددت تسمياتها عبر العصور. فذُكِرَت باسم بيت عنانيا في سفر نحميا، وبيت عنيا في أناجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا، ويعني اسمها «بيت البائس» بالآرامية.
وشرح حزبون أنّ البيزنطيّين أطلقوا عليها تسمية «لازاريون»، وفي العهد الصليبي سُمّيت «لازاريوم». والاسمان مشتقّان من اسم لعازر الذي أقامه يسوع المسيح من بين الأموات في تلك القرية. ودعاها العرب لاحقًا «العازرية»، فتحوّلت مع الوقت إلى «العيزرية».
قرية مطبوعة بأحداث إنجيليّة
شهدت بيت عنيا ثلاثة أحداث إنجيلية مهمة: الأول، ضيافة مريم ومرتا ليسوع. والثاني، دهن مريم شقيقة لعازر قدمَي يسوع بطيب الناردين الخالص، ثم مسحه بشعرها. والحدث الثالث والأهم، هو إقامة لعازر من الموت بعد أربعة أيام من دفنه.

وفي القرن الثاني، حُدِّدَ موقع قبر لعازر. فوَرَد ذكره في كتاب يوسابيوس القيصري التاريخي. وفي نهاية القرن الرابع، ذكرت الكاتبة إغيريا الموقع ذاته بعد رحلة حجّ إلى الأراضي المقدسة.
كنائس أثريّة ومسجد
فسّر حزبون أنّ البيزنطيّين شيّدوا أول كنيسة على الموقع. بعدها هُدم البناء بسبب زلزال. فأعاد البيزنطيون بناء كنيسة أخرى في القرن الخامس، وأطلقوا عليها اسم «بيت مريم ومرتا». وفي القرن الثاني عشر، شيّد الصليبيون كنيسة جديدة فوق قبر لعازر.

ومع صلاح الدين الأيّوبي، بُنِيَ مسجد «العزير»، الذي يقف بين الكنيستَين، تكريمًا لذكرى «عزير»، وهو الاسم الإسلامي لـ«لعازر». وبقي الموقع تحت رعاية المسلمين حتى العام 1570، عندما مُنِحَ الأب أنجلو، حارس الأراضي المقدّسة للفرنسيسكان يومها، إذنًا بزيارة قبر لعازر، وهو ما فتح الباب أمام المسيحيين لزيارة هذا المكان المقدس.
تصميم يعكس قيامة لعازر
أضاف الأب حزبون أنّ في العام 1863، اشترى الرهبان قطعة أرض قريبة من المكان. ثم اكتشفوا آثار الكنائس القديمة.
وبُنيت الكنيسة الحالية بين عامَي 1953-1954. وصمّمها المهندس الإيطالي أنطونيو بارلوتسي، مجسِّدًا معنى الحدث الإنجيلي. فأنشأها على شكل مدفن يخترقه الضوء عبر القبة، ما يرمز إلى الإيمان بالحياة بعد الموت. ونُقِشَ باللغة اللاتينية قول يسوع في الإنجيل: «من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكلّ من يحيا ويؤمن بي لن يموت أبدًا» (يوحنّا 11: 25).

وشرح حزبون أنّ على مذبح الكنيسة نُقِشَ قبر فارغ يحيط به ملاكان، في إشارةٍ إلى قيامة المسيح وصعوده إلى السماء. ورُسِمَت على واجهات الكنيسة لوحات فسيفسائية، تشير إلى الأحداث الواردة في الأناجيل. وهي تُظهر إحياء لعازر، ومريم تدهن قدمَي يسوع بالطيب، وضيافة الشقيقتَيْن ليسوع.
وتُزين القبة لوحات فسيفسائيّة، كلّ منها تحمل رسمًا لحمامة تحلّق، تُجسّد الشوق الروحي للبقاء الأبدي مع الله.

من صفحة آسي مينا
No Result
View All Result