
في الجمعة العظيمة… الرّبّ يراك عظيمًا
لنفترض للحظة واحدة أنّ الإنجيل يحوي كلّ تعاليم يسوع، ولكن لا يحوي على الإطلاق قصّتي الصّلب والقيامة. ماذا يبقى لنا؟ يبقى لنا كتابًا جميلًا يتضمّن أقاويل عن شخص اسمه يسوع المسيح تكلّم عن الخلاص ولكنّه لم يجلبه لنا. لهذا لا نستطيع كمسيحيّين أن نتخيّل المسيح بدون الصّليب. وحين نتحدّث عن الصّليب نتكلّم عنه بفرح وغبطة لأنّه جلب الحياة لنا.
تاليًا، اليوم هو يوم “الجمعة العظيمة” وليس أبدًا يوم “الجمعة الحزينة”.
الرّبّ لا يريدك أن تحزن. الرّبّ يراك عظيمًا.
وإذا أنت أردت أن تحزن على شيء ما فما عليك أن تحزن إلّا على خطيئتك وعلى عدم محبّتك.
نحن عندما ننظر إلى الصّليب نراه حبًّا، لماذا؟
لأنّ المسيح على الصّليب قال لنا: “إنّ الله يحبّنا حتّى الموت، موت الصّليب”. بهذا المقدار يحبّنا الله.
الخطيئة، هي بالعمق، فيض لا يفسّر من عدم الطّاعة لله.
أمّا الصّليب هو فيض لا يوصف من المحبّة الإلهيّة. ومن يتمكّن من رؤية ضخامة خطيئته على ضوء يسوع المسيح يمكنه أن يرى ويفهم ما فعله المصلوب على صليبه.
في هذا اليوم المبارك، في هذا اليوم العظيم لنحاول أن نكون عظماء كما يشاءنا الرّب أن نكون.
في الجمعة العظيمة…
إنّها ليلة الجمعة العظيمة، اللّيلة التي فيها يموت يسوع ابن الإنسان على الصّليب متوجّعًا صارخًا من الآلام المبرحة.
هي اللّيلة التي تبكي أمّ الكون مريم غياب فلذ كبدها، ابنها الذي حملته في أحشائها بعد بشارة إلهيّة ملائكيّة، ابنها الفادي الذي عانى الجلد المُرّ والصّلب القاسي والإهانات الجارحة قبل أن ينتصر على الموت بعد ثلاثة أيّام.
في هذه اللّيلة المباركة، لا بدّ لنا نحن المؤمنين أن نتشبّه بأبرار شاركوا المسيح جلجلته، أبرار رسموا مثال الشّهادة والإيمان والبرّ والصّلاح.
لنكن كمريم المجدليّة تائبين مواظبين على الإيمان، وكيوسف الحبيب مساندين وقت الشّدّة، وكسمعان القيروانيّ اليد اليمين في أوقات المحن، وكالقدّيسة فيرونيكا مهرولين للعون الخافت، وكلصّ اليمين تائقين لدخول الملكوت.
في هذه اللّيلة المقدّسة، لنتأمّل يا ربّ بجراحك وشدّة آلامك.
ليكن جلدك فرصة لنعرف أنّ كلّ خطيئة نقترفها أشبه بكرباج نضربه على جسدك، ولتكن أوجاعك صليب نحمله بفرح لنرتفع من خلاله إلى الكمال المرجوّ.
مع وقوعك على الأرض مرّات عدّة، إجعلنا يا ربّ ننهض بالأمل والفرح والإيمان، ومع ارتفاعك على الصّليب علّمنا أن ننحني إجلالًا واحترامًا أمام آلامك.
يوم الجمعة العظيمة مناسبة لنا لنلاقي وجه الرّبّ، قلنتّحد بالصّلاة والتّضحيات لنستحقّ الفردوس الأبديّ.
No Result
View All Result