
البابا فرنسيس يكتب مقدمة لكتاب محوره الرجاء
اختار الكاهن الإيطالي الأب توماسو جانوتسي التأمل في فضيلة الرجاء انطلاقا من كلمات كلٍّ من دون تونينو بيلو والبابا فرنسيس، وذلك في كتاب كتب الأب الأقدس مقدمته.
“أنبياء رجاء. دون تونينو بيلو والبابا فرنسيس”، هذا عنوان كتاب للكاهن الإيطالي الأب توماسو جانوتسي يتوقف فيه عند فضيلة الرجاء انطلاقا من كلمات البابا فرنسيس وأسقف مولفيتا الذي اشتهر باسم دون تونينو بيلو، الأب تونينو بيلو، والذي تميز بقربه من الفقراء. وقد كتب مقدمة هذا العمل قداسة البابا فرنسيس فأشار في بدايتها إلى ما وصفه بأحد الأسئلة التي طرحها الإنسان عبر التاريخ، سؤال كانت الإجابة عليه وأكثر من أي سؤال آخر غير أكيدة، لكنه سؤال يسمح بالتعامل مع الحدث الذي ينطلق منه السؤال القديم، أي التساؤل حول الحياة ما بعد الموت. وواصل الأب الأقدس متحدثا عن إدراكنا جميعا بأن لا أحد يمكنه الإفلات من سر الموت وبأن التساؤلات الكثيرة التي تولد من هذا الحدث لا يمكنها إلا إلى أن تقود إلى فضيلة قادرة أكثر من غيرها على أن تجعل كل إنسان ينظر إلى ما وراء ما هو بشري، إنها فضيلة الرجاء. وشدد البابا هنا على أن الرجاء هو الحياة، عيش الحياة ومنح معنى للمسيرة والعثور على مبررات للسير قدما. وذكَّر الأب الأقدس هنا بما يُذكر عن فضيلة الرجاء في التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية: “الرجاء هو الفضيلة الالهية التي بها نرغب في ملكوت السماوات، والحياة الأبدية، رغبتنا في سعادتنا، واضعين ثقتنا بمواعيد المسيح، ومستندين لا الى قوانا بل الى عون نعمة الروح القدس…. إن فضيلة الرجاء تلبي التوق الى السعادة الذي وضعه الله في قلب كل انسان، وتضطلع بالآمال التي تبعث الناس على العمل، وتنقيها لتوجهها نحو ملكوت السماوات. إنها تصون مِن تخاذل العزم، وتساند حين التخلي، وتطيب النفس في ترقب السعادة الأبدية” (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ١٨١٧ـ ١٨١٨).
وواصل البابا فرنسيس أن الرجاء يهب الإنسان نافذة على الأبدية، إلا أننا نعي أن الإجابة على السؤال حول هدف المسيرة المسيحية يمكن أن تكون سلبية بسبب الكثير من التأثيرات السلبية التي تأتي من العالم، وأضاف أنه من الممكن أن تسقط البشرية في اليأس أمام الخوف من التفكير في أنه ما من شيء بعد نهاية هذه المسيرة. وشدد الأب الأقدس على أنه بدون فضيلة الرجاء فستنهار الفضائل الأخرى القائمة عليه، وذكَّر في هذا السياق بخطر الاعتقاد بأن الرجاء هو مجرد مستودع للأمنيات غير المتحققة حسبما كتب الأب تونينو بيلو والذي دعا بالأحرى إلى جعل الأشخاص يعلمون أن الرجاء تربطه علاقة قرابة وثيقة بالواقعية، إنه ذلك التوتر الذي يشعر به مَن قطع شوطا من الدرب ويوجه خطواته بمحبة ورِعدة نحو الهدف الذي لم يبلغه بعد، إنه التزام كبير لا علاقة له بالهروب.
وتابع قداسة البابا داعيا إلى التنبه إلى أن الرجاء ليس هبة ننالها بفضل الاستحقاق البشري، بل هو نعمة تنبع من الرغبة الفطرية في السعادة. وأضاف أن هذه النعمة وبفضل المسيح الذي مات وقام، وبقوة الروح القدس، تنبعث في قلب كل إنسان. وذكَّر البابا فرنسيس هنا بما كتب في مرسوم الدعوة إلى يوبيل الرجاء ٢٠٢٥ بعنوان “الرجاء لا يُخيِّب”: “الجميع يرجون. في قلب كلّ إنسان رجاء هو رغبة وانتظار للخير، مع أنّه لا يعرف ما يحمل معه الغد. ومع ذلك، فإنّ عدم القدرة على التّنبّؤ بالمستقبل تؤدّي أحيانًا إلى ظهور مشاعر متضاربة: بين الثّقة والخوف، بين الاطمئنان والإحباط، بين اليقين والشّك. نلتقي مرارًا أشخاصًا محبطين ينظرون إلى المستقبل بشكّ وتشاؤم، وكأنّ لا شيء يمكن أن يقدِّم لهم السّعادة”.
هذا وأشار البابا فرنسيس في تقديمه للكتاب إلى أن الأب توماسو جانوتسي قد أراد الاستعانة بكلماته وبكلمات دون تونينو بيلو لإعادة قراءة بعض جوانب فضيلة الرجاء لتصبح هذه دعوة للاندهاش أمام تلك القوة التي تجد في المسيح القائم بدايتها وذروتها. وأضاف الأب الأقدس أن الأب جانوتسي، من خلال تحليل بعض كتابات دون تونينو بيلو ومن خلال تعليمي حول هذا الموضوع خلال المقابلات العامة مع المؤمنين سنة ٢٠١٧، كتب البابا، يحاول في كتابه أنى يعطي وجها لهذا الينبوع في قلب الإنسان. وهذه الدعوة، تابع البابا فرنسيس، ستصبح التزاما كي ننمي في ذواتنا هذا “الطفل” حسبما كان يسمي دون تونينو بيلو فضيلة الرجاء.
19 أبريل 2025, 20:37
No Result
View All Result