يا مريم، يا أمَّ الاتّضاع
يا من تواضَعَت، فارتفعت، وصمَتت، فتكلمَ اللهُ من حشاها، نُكرّمكِ اليومَ، يا أمَّ الاتّضاعِ النقيّ،
ونسجدُ معكِ للعليّ، الذي نظرَ إلى وضاعةِ أمتِهِ.
السلامُ لكِ يا مريم، يا عرشَ التواضعِ، يا مسكنَ الروحِ القدوس!
ما تكلّمتِ كثيرًا، لكنَّ حياتَكِ كانت نغمةً لله. ما طلبتِ مجدًا، بل عشتِ في الظلّ، كالعنصرةِ الخفيّة، تنبضين حبًّا في قلب الكنيسة. كنتِ سلّما يعرج عليه الربُّ إلى أرضنا، فعلّمتِنا أن السجودَ الحقيقيّ لا يحتاج صوتًا، بل قلبًا متواضعًا ومنسحقًا.
يا مريم، يا معلّمةَ الاتّضاع، اجعلينا مثلكِ، هادئين في القلب، أغنياء بالله!
مَن يُشبهكِ في وداعةِ الروح؟ مَن يُشبهكِ في صمتِ المحبّة؟ أنتِ لم تمسكي بكلمة الله لنفسكِ،
بل سلّمتِها إلى العالمِ رضيعًا على يديكِ، وسلّمتِ ذاتكِ إلى اللهِ بلا شرط.
يا مريم، يا إناءَ النعمةِ، خذينا إلى مدرسةِ الاتّضاعِ في بيتِ الناصرة.
أيتها الساكنةُ في السرّ، الودودَةُ في كلِّ نسمة، علمينا أن نخدم، أن نُصغي، أن نُحبّ دون انتظارِ مقابل، وأن نكون مثلَكِ ترنيمةَ محبّةٍ في بيتِ الربّ.
يا مريم، يا قلبَ المحبّةِ الصافية، ضعي فينا بصمتِكِ المملوءِ نعمة.
يا مريم، يا أمَّ الاتّضاع، علّمينا أن لا نفتّش عن أنفسِنا، بل عن مشيئة الله. أن نقبلَ أن نكون صغارًا في العيون، كبارًا في القلب. أن نعيشَ كزرعٍ في الخفاء، فينبتَ فينا الرجاء. بشفاعتكِ، يا زهرةَ الاتّضاع، افتحي لنا دروبَ الصمتِ والإصغاء، فنسيرَ معكِ في سرّ الفداء، ونهتفَ معكِ كلّ يوم:
“هوذا أنا أمةُ الربّ، فليكن لي بحسبِ قولكِ!”
آمين. هللويـــــا!