الصرخة الأولى من الأرض
يا ربَّ الخليقة، ها قد انفتحت الأرضُ لا لتُخرجَ زرعًا، بل لتبتلعَ دمًا! أولُ دمٍ يهتفُ من التُّراب،
لا يمسحُه المطرُ، ولا يُسكتُه صمتُ الليلِ.
ها قايينُ، ابنُ الترابِ، أرادَ أن يكونَ مثلَكَ ديّانًا، فحملَ الحقدَ سكينًا، وحوَّلَ الحقلَ إلى مذبحٍ باطلٍ،
وسكبَ على الترابِ أخاهُ، قربانًا لم تُقبلْهُ السماءُ.
يا ربُّ،
صوتُ الدمِ يصرخُ إليكَ، وصوتُ القتلِ يطعنُ الصمتَ المقدّس، منذ قايينَ والإنسانُ يقتلُ أخاهُ باسمِ الغيرةِ، باسمِ الكبرياءِ، باسمِ الدينِ… ولا يسمعُ أنينَك الساكنَ في قلبِ القتيلِ.
يا من وضعتَ في قلوبِنا نورَ الضمير، أعطني أن أكونَ هابيلًا لا قايين، أن أُقدّمَ لك قرباني بقلبٍ نقي،
وأن أفرحَ لخلاصِ أخي، لا أن أغارَ منهُ وأحسدَك عليه.
علّمني، يا ربُّ، أن أمسحَ جبينَ المتألّمين، وأزرعَ في الأرضِ عدلاً، لا صراعًا، محبّة، لا دينونة، غفرانًا، لا انتقامًا.
فإن سألتني: “أينَ أخوك؟” فلا أقولنَّ: “لستُ حارسًا له”، بل أضعُ نفسي بينكَ وبينهُ، كي لا يُراقَ دمٌ بعدُ، وكي تُشفى الأرضُ من جراحِ العداوة، وتعودَ الحقولُ مسكنَ أخوَّةٍ، لا مذابحَ حقدٍ.
آمين.