قصة كاهن القرية!!
طوال 25 عاماً من حياتي ككاهن، لم أرَ شيئاً مثل هذا… وهكذا تبدأ واحدة من أقوى الشهادات التي شهدتها على الإطلاق ككاهن. لقد مرت سنوات منذ أن تم رسامتي، وخدمت في رعايا المدينة، ورأيت المعاناة والإيمان والفرح والمآسي.
لكن ما شهدته في قرية صغيرة هادئة في رومانيا هز قلبي وغيّر إلى الأبد الطريقة التي أرى بها الحب الحقيقي.
عندما نقلوني من المدينة إلى القرية، كنت سعيداً. لم يكن عقاباً، بل كان نعمة. لقد كنت أرغب دائماً في الخدمة في مجتمع صغير، وأن أكون قريباً من الناس العاديين، وأن أعيش حياة بسيطة.
لقد اشتريت للتو منزلاً متواضعاً، مع حديقة صغيرة ومزرعة عنب، في قرية محاطة بالغابات والحقول.
منذ اليوم الأول شعرت بشيء خاص. كانت كنيسة القرية، على الرغم من صغر حجمها، ممتلئة كل يوم أحد. ليس فقط مع كبار السن، كما هو الحال في المدينة، ولكن مع عائلات بأكملها – الشباب والأطفال، وحتى المراهقين الذين جاءوا طواعية، وليس من باب الإلزام. كان الناس يرتلون من قلوبهم، ويرسمون علامات الصليب باحترام، وبعد انتهاء الخدمة كانوا يجلسون ويتحدثون، مثل عائلة واحدة كبيرة. لقد شعرت أن الله كان حاضراً ليس فقط في الكنيسة، بل أيضاً في قلوبهم الدافئة.
في أحد أيام الإثنين ذهبت إلى مقبرة القرية لتقييم حالة الأرض، ولرؤية ما يحتاج إلى إصلاح أو تنظيف. كنت أسير بين القبور وفي يدي قائمة عندما رأيتها: امرأة عجوز، تبلغ من العمر حوالي 75 عاماً، تجلس ويداها مطويتان ونظرتها ضائعة. افترضت أنها جاءت إلى قبر أحد أقاربها، ربما أخ أو طفل. لم أكن أريد أن أكون مصدر إلهاء لذلك واصلت عملي. ومرت الأيام، لكن المرأة العجوز ظلت هناك. الثلاثاء، نفس الشيء. الأربعاء مرة أخرى. الخميس والجمعة – نفس الصورة؛ امرأة عجوز، في نفس المكان، بالقرب من نفس القبر، صامتة ولكنها حاضرة.
كان هناك شيء يزعجني.
وفي اليوم السادس قررت أن أسألها. اقتربت منها بلطف وناديت:
تحية يا أمي
– قالت لي وهي تبتسم قليلاً: “أقبل يدك يا أبي”.
أشاهدك هنا كل يوم… وأتساءل ما الذي أتى بك إلى هنا.
نظرت إلى القبر. لقد كانت أجمل مقبرة في المقبرة، مع صليب نظيف، ومزهرية مليئة بالزهور البرية الطازجة، وعشب مقصوص بعناية.
– أبي، أتي إلى زوجي. لقد مرت 5 سنوات منذ أن فقدته. لم يكن لدينا أطفال. لقد كان كل ما أملك في العالم. لقد أحببنا بعضنا البعض كثيراً جداً لقد كان رجلاً طيباً، لطيفاً، مجتهداً.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت آتي إليه كل يوم وأتحدث إليه… وكأنه يستمع إلي. أخبره بما أفعله، وكيف أشعر. أطلب منه أن ينتظرني. أن يوما ما إن شاء الله سنلتقي مرة أخرى.
– تجمعت الدموع في زوايا عيني. أنا عاجز عن الكلام هذه المرأة، العمة صوفيا، تذهبت إلى المقبرة كل يوم، في المطر، وفي الشمس، وفي الرياح، لمدة خمس سنوات. لم تطلب شيئاً، ولم تتوقع شيئاً. لقد أبقت الحب حياً.
حب لم يمت بموت الشخص، بل ظل يعيش في اللفتات، في الكلمات الهامسة، في الصلاة، في الدموع السرية.
– عمة صوفيا، قلت بصوت مرتجف، رجل عظيم يراقبك. من السماء، مع الله إلى جانبه، فهو يراقبك.
– هل تصدق ذلك يا أبي؟…
– أتمنى ذلك أيضا.ً
باركتها، وقلت لها بعض كلمات التشجيع. ثم غادرت، ولكن ليس بنفس هادئة. حرقت الدموع زوايا عيني. هذا الزواج، هذا الإخلاص، هذا الحب الذي تجاوز الموت، طغى عليّ.