
فسيفساء القسطنطينية عاصمة الله الحي
تحت شوارع القسطنطينية بما اننا اليوم نعيد لبانيها الامبراطور قسطنطين ووالدته الملكة هيلانة وقد جعلها عاصمة الامبراطورية الرومانية – الرومية، واطلق عام 313 من ميلانو البراءة الشهيرة بانهاء الاضطهادات الدموية بحق المسيحيين واطلق لهم حرية العبادة مايعني انه مسحن الامبراطورية الرومانية وصيّرها الامبراطورية المسيحية الرومية وقد بنى القسطنطينية ومنع اقامة اي معبد وثني فيها ومنع اقامة اي طقس عبادة وثني في عاصمته التي جعلها على اسمه لتكون مدينة للاله الحي الرب الخالق والمعبود وكرسها عام 320 م “مدينة الله المتملكة القسطنطينية العظمى”
كشفت الحفريات التي أجريت بين عامي 1935م و1951م عن فسيفساء رومانية – رومية ذات ثراء فني كبير، لايقدر وتعود الى زمن بنائها عام 313م خاصة في منطقة تعرف اليوم باسم السلطان أحمد، بالقرب من كاتدرائية آيا صوفيا ( الحكمة الالهية) الشهيدة.
توضح هذه الفسيفساء الرومية ( ومدينة القسطنطينية متحفاً كبيرا لفنون العمارة والفسيفساء والايقونات والموسيقى الرومية التي تطورت جداً بها) والكنائس ( معظمها تحول الى جوامع باسماء السلاطين بما فيها كاتدرائية آجيا صوفيا بعد اجتياحها عام 1453) هذه الفسيفساء التي لا تزين الأرضيات فحسب، بل أحيانًا الجدران والنوافير والأقبية ونسميها فنون الفريسك، جوانب مختلفة من الحياة الرومية وهي تلاحظ بكثافة في آجيا صوفيا وكل جوامع المدينة (كنائس)، مثل مشاهد السوق والحيوانات البرية وصور الأشخاص وحتى المصارعين التي مثلت جانبا من اهتمامات الشعب الروماني قبل تنصير الامبراطورية اذ كانت حفلات المصارعة الدموية بين المتصارعين وبين المصارعين والوحوش اداة السعادة لشعب روما .
إنها بمثابة شهادات مرئية لعصر مضى ولكنه خالد في ذاكرتنا، وتسلط الضوء على الثراء الفني للإمبراطورية الرومانية الشرقية اي الرومية، فضلاً عن الأهمية الثقافية للقسطنطينية التي عاشت عاصمة للامبراطورية الرومية منذ 320 زمن التكريس الى السقوط 1453 اكثر من عشرة قرون زاهية من الحضارة والعلم والمعرفة والتدين والحفاظ على الايمان المسيحي القويم وفنون العمارة والايقونة والفسيفساء والفريسك ونظام الحكم باعتبارها مفترق طرق بين أوروبا وآسيا هي القسطنطينية عاصمة الله الحي… ( الصورة بالأسود والابيض تعود الى خمسينيات وماقبلها في القرن 20)

د. جوزيف زيتون
No Result
View All Result