نداء إلى الضمائر الحيَّة – صوتٌ صارخٌ في البرِّيَّة
“الأمم أخلاق ما بقيَت، إنْ ذهبت أخلاقهم، هم ذهبوا”
إخوتنا وأخواتنا
ثمَّة عَدُوٍّ خَفِيٍّ يَجتاحُ وَطننا لبنان، ويُهدِّد بتدميرِ العائلة وشُبّانِنا وشابّاتنا، في ظلِّ عَولمةٍ غَزَتْ حدودَه، وجَعلتْه فريسةً لمُختلفِ المُنظمّاتِ والبِدَع الهدّامة، وأَضحى بُؤْرة فسادٍ يَقصِدُه القاصي والداني. حتى غابَت عنه كلّ مُصطلحات الإيمان والقِيَم والأخلاق.
فأصبَحنا في بلدٍ ساقطٌ سياجه، ومُهدّمة جدرانه، فتَسلّل أعداؤه خِلسةً إليه وإلى كافة وسائلِه الإعلاميَّة العامةً والمَسيحيَّة منها خاصةً، سِيّما المَرئيَّة منها، “التي تُؤَثِّر سَلباً إلى حدٍّ بعيد في تكوين شَخصيَّة الإنسان وإفساد الضمير، وفي مَفهوم تَفسير العلاقاتِ العاطفيَّة وتركيبها” (المجمع البطريركي الماروني، الكنيسة المارونية والإعلام، بكركي 2006، عدد 5). فجَعلوا برامِجَهم ومَسرحيّاتهم ومُسلسلاتهم وفنّهم وعروضاتهم ورَقصهم إباحي ولا يَمُتُّ للأخلاق بصلة. ومنها ما هو منافٍ للدين والتراث الشرقي الصحيح، وفرَضوها على المشاهدين كرُزمةٍ واحدةٍ، مُتسترين بشعار الحريَّات العامة، وتجاوزوا بذلك حريّة الفَرد في إختيار ما هو أَفضل وأَنفَع. وهكذا يَعملون على توجيه الرأي العام بالإتجاه السيّء الذي يريدونَه، ويَتذرَّعون بمَقولة: “الشعب يريد ذلك”. إنّنا ندعو ذَوي الأخلاق الحميدة واللذين يوافقوننا الرأي، بمُقاطعة جميع الشّركات التي تُنتِجُ سِلَعاَ تَحتقرُ الانسان والمَرأةَ خصوصاً كما مُقاطعة فنّاني الإثارة والراقصات والبرامج المُخلة بالآدابِ العامّة كالنِّكاتِ والفُكاهة والتعابير الجِنسيَّة المُفسِدَة.
وبما إنَّ للمرأةِ مقاماً كبيراً في الهيئة الإجتماعيّة، شعر أعداء الدين بما سوف يكون لها من التأثير في المُجتمَع، فبَذلوا غايَةَ جُهودهِم ليَنزعوها من َيدِ الله، ووَجَّهوا إليها سهامَهم الناريّة ليُفقِدوها الإيمان والآداب، ولمْ يُذَخِّروا وسيلةً لبُلوغ مآربهِم الجَهنَّميَّة، فأفسَدوا قراءاتِ المَرأة والأزياء والمَسارح والتمثيل ونوعية الفن والرّقصَ وألبستها الرياضيَة، وعادوا بقطاع التجارة إلى قرونٍ غابرة، تميّزت بالإتجار بالمَرأة، بإعتبارها أداةً أو سلعةً تَخضعُ لمُتطلّبات السُّوق مِن عَرضٍ وطلبٍ، كما قاموا بإستغلالها لعَرض مَنتوجاتٍ تَحُطّ مِن كرامتِها.
وماذا عن مُوضة العَصر التي جَعلت المرأة تَسيرُ عاريةً على عيونِ كلّ الناس ممَّا جعلت المُواطنين والأجانب ساخرين من الفتاة اللبنانيَّة، مُظهرةً للعيان ما يجب أنْ يبقى خافياً ويُعرِّض المُصلين الى التشَتُّت عن الله، فإذا بها تَضربُ قدسيَّة الأمومة ودورها كمُربيَّة للأجيال وميزتها الأنثويَّة بعرض الحائط. حتى باتتْ رخيصةً، ويزداد الطلب عليها بمِقدار ما تزداد وقاحةً وفساداً في الوسط الإجتماعي وخصوصاً في الوسط الفنِّي والرَّسمي، وقد تمَّ تغيير مَفهوم آداب الحشمة حتى في داخل الكنائس وفي دور العِبادة، كما نَشْهدُه الآن في أيامنا وفي بيوت الله بمناسبة الأعياد والإحتفالات الدينيَّة، وليس فقط في أمكِنةِ الإستعراضات وحفلاتِ الرَّقص العاري أمام الجميع، والنوادي الليليَّة حيث لا حسيبٌ ولا رقيبٌ.
وأمّا في مجال الإعلان، فقد أَضحَت الإعلانات اللاأخلاقيّة، تَمسّ بِحقوقِ المرأة الجوهريَّة، التي لا أحد يُطالبُ بها حتى الذين يَهتمّون بأَمرها، فهي مُوزَّعة على الطرقات أمام المارّة، وواجهات المَحلات والصيدليّات، ومُنتشِرة بكثافةٍ في الإعلام المَرئي والمَكتوب العَربيَّة منها والأجنبيَّة، فتَجدَها مُصوَّرةً إمَّا زاحفة على بَطنِها أو تَدُبُّ على الأربعة وبطريقةٍ تَدعو إلى الإثارة والإحتقار، مُتعدّين حتى على الطفولة والبراءة.
وتَتَنَكَّر جميع هذه التجاوزات للقيَم الإنسانيَّة عامةً والمُثُل المسيحيَّة خاصَّة، طمَعاً بالرّبح السريع، وتذرّعاً بالحريَّة الزائفة غير المَسؤولة، وانعِداماً لتطبيق القوانين المَوضوعة والمَرعيَّة الإجراء، وتحديداً لِما جاء في قانون العقوبات اللبناني:
“يُعاقَب على التعرّض للآداب وللأخلاق العامة، بإحدى الوسائل المَذكورة في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 209: الأعمال والحركات… الكلام … والشارات… الكتابة والرسوم … والتصاوير على إختلافها… إذا عُرِضَت في مَحلٍّ عام أو مُعرَّض للأنظار. بالحَبسِ من شَهرٍ إلى سنة وبالغرامة الماليَّة”(المادتين 531-532).
“يُعاقَب بالحَبس من شهرين إلى سنتين وبالغرامة الماليَّة، مَن باع أو عرَضَ للبيع أو اقتنى بقصدِ البيع مواد مُعدّة لإحداث الإجهاض، أو سهّل إستعمالاها بأي طريقة كانت” (المادة 540).
وكأنَّ الناس خراف لا راعٍ لها، في ظلِّ تكاتف وتآمر جميع المنظمّات التي تسعى لتدمير العائلة والكنيسة الجامعة من خلال تحوير القوانين المَدنية عن مسارها الصحيح وتشريع الإباحيَّة، وإحباط وإزالة جهود الكنيسة وتشويه تعليمها الرسمي وتوجيهاتها فيما خَصَّ الأمور الأخلاقية التي تُشكِّل الحصن الوحيد في مقاومة الفساد، بُغيَة هَدمِ ركائز المجتمع. على ما تنبّأ القديس بولس رسول الأمم: “فإنَّ سر الإثم قد أخذ في العمل، غير أنَّ العائق لا يَنفكُّ حائِلاً الآن، إلى أن يُرفَع من الوسَط” (2 تسا 2/7).
أمام هذا الواقع المرير، فواجبٌ علينا ألاّ نقِف مَكتوفي الأيدي، ووَطنِنا يَنحرفُ نحو الإنحطاط على جميع الأصعدة، وأبناؤنا وبناتنا يَفقدون روَيداً روَيداً العادات والتقاليد التي تربّى عليها أَجدادنا، وهي ميزة مُجتمَعنا الشَّرقي، جاعلينهم قشَّةً في مَهبّ الريح. فما الذي غيَّب مَفاهيمَ القيَم والأخلاق، ونَشَرَ الفساد والعُنفَ والإباحيَّة في دول الغرب، وما زال يَعمل على إزالة الهويَّة المسيحيَّة من الدساتير، لتُمحى من التاريخ، سوى فقدان الإيمان، وإقصاء الدين عن الحياة الإجتماعية، بالرُّغمِ من وجود قوانين حديثة، تدَّعي الحريَّة المُساواة والعدالة.
وأمّا في الشّرق، فأين هو مَوقع المَسيحيّين في مُختلف الميادين والمَجالات، من أجل “تعزيز القِيَم الروحيَّة والأخلاقيَّة؟” (البابا يوحنا بولس الثاني، إرشاد رسولي، رجاء جديد للبنان، 10 أيار 1997، عد 111). فوصيَّة الربّ يسوع واضحة ولا تَحمل أيَّ لُبْسٍ: “أنتم مِلحُ الأرض، فإذا فَسَدَ المِلح فبماذا يُملَّح؟ إنَّه لا يَصلَح لشيءٍ، إلاَّ لأنْ يُطرَح خارجَ الدار، وتدوسَهُ الناس” (متى 5/13).
إنَّ الأخطار التي تحيطُ بنا لهِيَ كثيرةٌ، وتبقى الإنتهاكات التي طرحناها في هذا النداء الصارخ، الأخطر والأشدّ ضَرَراً على حاضرنا ومَصيرنا. ولكن لا يزال الأمل مَوجوداً، ويَكمُن في العودة إلى الله وإصلاح السِّيرة، والتعاون لإنقاذ الوطن عبرَ إنقاذ أخلاق أبنائِه، من أجل الخروج من هذا النَّفق المُظلِم. هذا العَمى قد ضَرب البَصَر والبَصيرة مَعاً، وجَعل الشّعبَ مُستعبَداً مُنقاداً لكلِّ ما هو بعيدٌ عن قناعاتِه ومبادئِه وقيَمِه، وكأنَّه في حالة خطيئة كما صرَّح غبطة البطريرك الراعي بذلك، حتى باتَ لا يَبغي سوى التسليَة والرفاهيَّة واللَّذة الوقتيَّة، فاقِداً الرَّجاء، لا يَعرفُ الفَرَحَ والسلام الداخليّين.
في “احترام حق الأفراد والعائلات والمجتمع، بالسريَّة الخاصة والحشمة العامة، وحماية القيم الأساسية في الحياة” (الإباحية والعنف في وسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان 1989، فقرة 21).
“ومن ليس معنا فهو علينا”(مر 9: 40).
إنَّنا ندعو السّلطات الدينيّة والمدنيَّة وقادة البلاد الذين يَهمُّهُم إنقاذ لبنان، لأنْ يُدافعوا عن أخلاقه وقيَمه وصيته ومُواطنيه، ويَعملوا على مُقاومةِ الفساد المُستشري فيه كالوَحش القاتل.
أيها الإخوة والأخوات
لقد انتشرت الإباحيّة والعنف بشكلٍ خطيرٍ في أرجاء وطننا لبنان، مُتسلِّلة إلى مُختلف وسائل الإعلام والإعلان، وأصبحت تُهدِّد بتدمير شبّاننا وشاباتنا وأطفالنا والعائلة خاصةً ومجتمعنا الشرقي، حتى غابت مفاهيم الإيمان والحشمة والأخلاق عن ذاكرة المُواطنين. الأمر الذي انعكس إنعكاساً سلبيّاً وخطيراً على الأسلوب المَسلكي والخُلُقي عند الناس، مع غياب كليّ لقدرة التمييز بين ما هو نافعٌ وما هو مُضرٌّ.
وتتنكر هذه التجاوزات للقيَم الإنسانيَّة عامةً والمُثُل المسيحيَّة خاصة، خاصةً في مُسلسلات تُشجِّع على الخيانات والطلاق والإنفلات الخُلقي، والتلهي والسَّهَر الطائش وطلب اللذات الوقتيّة، ولا يُخفى ما يُظهرون للحواس في الإعلانات الإباحية والبرامج الفاسدة من نكات وفكاهة وتعابير جنسيَّة، طمعاً بالرّبح، وتذرّعاً بالحريَّة الزائفة وغير المَسؤولة، وانعداماً لتطبيق القوانين المَرعيَّة الإجراء.
ومن أجل “احترام حق الأفراد والعائلات والمجتمع، بالسريَّة الخاصة والحشمة العامة، وحماية القيم الأساسية في الحياة” (الإباحية والعنف في وسائل الإعلام، حاضرة الفاتيكان 1989، فقرة 21).
إنّنا ندعو ذَوي الأخلاق الحميدة واللذين يوافقوننا الرأي، بمُقاطعة جميع الشّركات التي تُنتِجُ سِلَعاَ تَحتقرُ الانسان والمَرأةَ خصوصاً، كما مُقاطعة البرامج المُخلة بالآدابِ العامّة كالنِّكاتِ والفُكاهة والتعابير الجِنسيَّة المُفسِدَة والفنانين والراقصات
كما ندعوكم للصلاة على هذه النوايا واستنكار كل ما يؤذي المجتمع من فساد
تنبيه: إنَّ إنقاذ الوطن سلاحه الإيمان وحياته الأخلاق، لهو متوقفٌ على مشاركتكم
ان عمل الروح القدس يحتاج اليكم انتم الغيورين على الاخلاق في لبنان والعالم كله لتشاركوننا بالفعل وليس بالكلام فقط، واثقين ان كل ما نطلبه بالصلاة بايمان نناله. ثابتين غير متزعزين حتى تسقط الاعلانات الاباحية وتقف البرامج والمسرحيات المفسدة ولن نخاف من وجوههم.
“إني ارسلكم كالخراف بين الذئاب ولا خوفا على خرافي” (يوحنا 10 1-18)
Discussion about this post