من يوميات طبيب
كانت طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات محجوزة فى قسمى
تعانى من فيروس سى بالدم و فشل كلوى و عيب خلقى بأرجلها فكانت معقوفة ولا تستطيع المشى فكانت محمولة دوما على أذرع والديها وانسداد بأحدى قنوات المخ تم عمل جراحة لها و تركيب قسطرة بالمخ و نزيف حول القلب و انفجار بأحدى الرئتين.
و كانت محجوزة انتظارا لدورها فى جراحة ثالثة بالمخ لتسليك القسطرة التى تحركت من مكانها.
كان عمرها خمس سنوات. قضت منهم فى غرف المستشفيات أكثر مما عاشت فى عالمنا.
عندما كنت اقترب منها للكشف أو لأى غرض , كانت تصرخ طلبا للرحمة من يسوع بتأوهات مثل التى يطلبها شيخ فى السبعين من عمره !!
كنت أخاف الإقتراب منها لأنها كشفتنى أمام نفسى
فكثيرا ما كنت أشكر الله على الصحة فى صلاتى ولكنى لم أعرف معنى و قيمة عطية الله إلا عندما رأيت هذه الطفلة و سألت نفسى هل من الممكن فعلا أن أشكره إن كنت فى نفس موقفها ؟!!
فمن من السهل أن أشكر الله فى الصحة ولكن صعب أن أشكره فى المرض خاصة عند عدم الاستجابة لطلبات الشفاء.ومن السهل أن أشكر الله فى النجاح و لكن صعب أن أشكره فى الفشل و الخسارة.
لا أعلم لماذا تذكرت قصة شعب الله فى هروبه من العبودية إلى مصر (سفر الخروج )
لقد شق لهم الله البحر الأحمر لينجوا … عطشوا فتحول الماء المر إلى عذب … تاهوا فقادهم نهار بعمود السحاب و ليلا بعمود النار … جاعوا فامطرت السماء عليهم منّ و سلوى !
انبهر الشعب و مجد الله فى أعماله.
و مرت الأيام و السنون و تذمر الشعب على المن و السلوى و أشتاق إلى الثوم و الكرات فى أرض العبودية.
نسى الشعب أنه كاد يموت جوعا و عطشا فى الصحراء فأمطرت عليه السماء طعاما و شرابا فى وقت كان يمكن أن يأكلوا فيه بعضهم البعض و يشربوا دماء بعض من أجل البقاء على قيد الحياة.
صارت احسانات الله و أعاجيبه أمرا عاديا ألف إليها و فقد الشعور بها,فأشتهى الثوم و الكرات فى أرض العبودية.
تلك الفتاة أعادت إلى نفس شعور ذلك الشعب الذى تذمر على احسانات الإله الحىّ.
فصار المألوف و الطبيعى عندى أن أكون انسانا متعلم له أب و أم و أخوة و اصدقاء يحبونه , لديه بيت يسكن فيه , يتناول ثلاث وجبات , يتمتع بصحة جيدة , و و و و و
فقد اعتدت على كل ما منحنى إياه الله من عطايا ولم أعد أشعر فى قرار نفسى أنها هبة من عنده. فهذا هو الطبيعى
بل و صرت أتذمر لأنى لم أحظى بقدر أكبر من التعليم أو أملك بيت أكبر أو أن اتناول طعام أفضل أو أن اتمتع بجسد أقوى أو أو أو
تلك الفتاة أيقظتنى من غفوة .فالمألوف عندى فقد بهجته و شكرى لإلهى فقد معناه ولم يتعد كونه كلمة تنطق بها شفتاى دون أن اشعر بمعناها الحقيقى
فوقفت يوما أمامها و أخذت أقارن فقط بين كل عضو من جسمها العليل و بين أعضاء جسدى فلم أجد فيها أى عضو يعمل بصورة سليمة فهى مصابة بمرض فى كل جزء من جسدها.أما أنا فلم أجد فى جسدى عيبا.
فقد تعلمت معنى أن أشكر الله فعلا من قلبى على ما اغدق علىّ به من عطايا لا أستحقها.
وحاولت أن أكون صديقا لها فأتيت لها يوما مبكرا بالحلوى
لكن الله اختار أن يضمها إلى حضنه فى تلك الليلة
لم يمهلنى الوقت لنكون اصدقاء … لكنها صارت معلمتى
علمتنى أن أشكر الله كل يوم من أجل أصغر و أتفه الأمور
علمتنى أن أضاعف فرحى بأن أعدد إحسانات الله إلىّ
علمتنى أن الشكر هو الصلاة المرفوعة إلى الله وقت الضيق
” اشكروا فى كل شىء لأن هذه هى مشيئة الله ” ( 1تس 18:5 )
“فى الأيام الأخيرة ستاتى أزمنة صعبة لأن الناس يكونوا… غير شاكرين” (كو 15:3)
“لا تهتموا بشى بل فى كل شىء بالصلاة مع الدعاء و الشكر” (فى 6:4)
Discussion about this post