قلاية الراهب حنا الزمار
ما أن خيم الظلام علي الدير و دخل كل راهب إلي قلايته يتلو مزاميره و يرتل تسابيحه حتي خرج الراهب الأمي بهدوء من قلايته و تسلل خارج منطقه القلالي و عند الطافوس جلس يبكي و هو يعاتب ربه انه غير قادر علي حفظ المزامير ولا حتي علي تلاوة الصلاة الربانية و أخيرا بقي يردد المقطع أبانا الذي في السموات وهو يفكر في أبوه الله ويلهج بالشكر من اجل عمل الخلاص.
ما أن طرق الراهب باخوم باب قلايه رئيس الدير حتي فتح الرئيس الباب.
الراهب باخوم:”سلام يا أبي. جئت أعاتبك في محبه”
الرئيس:”خيراً”
الراهب باخوم :”لعلك تعرف الراهب الجديد”
الرئيس:”اعرفه تماما. إنسان بسيط و محب”
الراهب:”هذا لا شك فيه لكن كيف يلبس زي الرهبنة وهو لا يعرف القراءة في الكتاب المقدس ولا يحفظ المزامير ولا حتي الصلاة الربانية”
الرئيس:”من قال لك هذا”
الراهب:”سامحني يا أبي و اغفرلي فقد شدني منظره في الصلاة كنت اشعر انه قائم في السماء . تطلعت إليه فوجدت حركات شفتيه رتيبه. وقفت إلي جواره فوجدته يكرر العبارة أبانا الذي في السموات دون سواها”
صمت الرئيس قليلا ثم قال:”اترك لي هذا الأمر”
وانصرف الراهب باخوم. ارتبك رئيس الدير بسبب هذا النقاش و لم يعرف ماذا يفعل فانه يحب الراهب البسيط ولا يريد أن يطرده وفي نفس الوقت لا يقدر أن يكسر قانون الدير حتي لا يهمل الرهبان التأمل في كلمه الله و الصلاة بالمزامير و التسبيح.
وفي اليوم التالي التقي الرئيس بالراهب و بعد حديث ليس بطويل سأله الرئيس :”هل تحفظ المزامير يا أبي؟أرجوك عرفني كم مزمور تحفظه عن ظهر قلب؟”
الراهب البسيط:”سامحني يا أبي فاني اردد في صلاتي ما حفظته”
الرئيس:”لابد لي أن اعرف لان قانون الدير يستوجب حفظك أجزاء من الكتاب المقدس و المزامير و التسبحه”
الراهب البسيط:”إني حفظت قدر ما استطعت يا ابي”
الرئيس:”إن كنت لا تحفظ فسأضطر اطلب منك مغادره الدير حتي لا تسبب بلبله في الدير.”
الراهب البسيط:”هل تسمح لي أن اخذ معي قلايتي(الحجرة التى يعيش بها فى الدير ويصلى فيها)؟”
الرئيس:”هل تمزح؟”
الراهب البسيط:”لا يا ابي فاني أود ألا أفارقها”
ولكي ينهي الرئيس الحديث قال له :”خذها إن أردت”
عندئذ صنع الراهب ميطانيه أمام رئيس الدير وفعل ذات الشىء أمام الراهب . وذهب الراهب الي المخزن و احضر حبلا طويلا طوق به قلايته.
و صار يسحبها وهو يقول:”سيري يا مبروكه”.
و كم كانت دهشة الآباء حين رأوا المبني يتحرك وراؤه حتي خرج إلي أميال.
و استقر ليعيش فيه الراهب البسيط المتوحد الذي لم يقدر ان يحفظ شيئا عن ظهر قلب؟
+ هل قرأت القصة جيدا.. هل تعرف أن هذه القصة قد حدثت بالفعل وليست قصة خيالية.. آخى عند زيارتك لدير الأنبا انطونيوس بالبحر الأحمر لاتنسى أن تسأل احد الرهبان الشيوخ عن قلاية الراهب حنا الزمار الذى نقل قلايتة. نعم فذلك الراهب الذى نقل قلايتة يدعى الراهب حنا الزمار.
+ اللة ينظر دائما الى القلب فقط ويعطيك بحسب نقاوتة. فهل قلبك نقى !!! اذا لم يكن نقى لا تتضايق بل اشكر الله انه مازال يعطيك وقت حتى الآن لأنك قرأت هذه الرسالة وتستطيع الآن وليس غدا ان تقدم توبة حقيقية لكى يعطيك الله قلب نقى لأنك تملك اللحظة الآن أما أن أجلت توبتك فأنت لا تضمن أن تستمر فى الحياة للغد.
+ فكل منا الآن يشعر انه ربما رغم كل ما يحفظه من مزامير وتراتيل وقصص وايات الحان وصلوات و لن يفتح له الباب!!
فكر لحظة أين أنت ؟ أين مكانك؟
لأننا اعتدنا على الحفظ وليس فهم ما نقول والإحساس بالله
فالله لا يردنا كالبغبغاء آو نريه كم نحفظ من آيات وإصحاحات فى الإنجيل
كل ما يريده هو قلبنا ومشاعرنا التى تخرج عن طريق كلامنا وصلوات
وأعمالنا وتصرفاتنا التى نمجده من خلالها
ليتنا نتعلم من هذا الراهب البساطة والتواضع والطاعة لرئيسه
وقمة إيمانه الرهيب الذى يملكه بأنه سيحرك القلاية وهى الشئ الوحيد الذى يريده
لذلك إن لم نصير مثل الأطفال فلن ندخل ملكوت الله
+أن الله ينظر فى الصلاة إلى القلب النقى المملوء بالحب والرحمة والبساطة والنقاء والعمق فى الصلاة وليس المهم هو ترديد كلمات وصلوات كثيرة بدون فهم وبدون مشاعر وبدون عمق , تكون الصلاة من الفم وليس من القلب
+ ولكن من المهم ايضاً للإنسان أن يحفظ كلام الله ويحفظ الآيات والمزامير والألحان والتسابيح والترانيم لكى يستخدمها فى صلاته ولكن بعمق وفهم وإيمان وبقلب نقى طاهر.
+ حتى لايظن أحد أن الهدف من هذه القصة هو عدم حفظ الآيات والألحان والتسبحة و……الخ
+ الأهم هو ترديد هذه الصلوات من قلب طاهرنقى مملوء بالحب للجميع ومملوء بالبساطة والإيمان الحقيقى .
Discussion about this post