إعلان سرّ تدبير الله الخلاصي المكتوم منذ الدهور
البيان ليوسف
افسس 3/1-13
متى 1/18-25
في البيان ليوسف يختم الله إعلان ” تدبير السّر المكتوم منذ الدهور في الله الذي خلق كل شيء، كما يقول بولس الرسول في الرسالة إلى أهل افسس (3/9)، التي تتلى علينا في هذا الأحد، مع ما يعلن ملاك الرب في الحلم ليوسف بشأن حبل مريم وتأكيد ابوته وإعلان مسؤوليته عن ابن الله المتجسّد وأمّه زوجته البتول.
***
أولاً، يوبيل بولس الرسول وشرح نصيّ الرسالة والإنجيل
1- بولس الرسول وتدبير سرّ الخلاص في العهدين القديم والجديد[1].
” تدبير سرّ الخلاص المكتوم منذ الدهور في الله” معروف في الكتب المقدسة بلفظة ” عهد”.قطعه الله مع شعبه في القديم مع نوح وابراهيم ويعقوب (اسرائيل) وموسى وداود، ثم ختمه في ملء الأزمنة بدم المسيح، ابن الله المتجسّد، فكان العهد القديم والعهد الجديد، العهد اليهودي والعهد المسيحاني، عهد الشريعة والحرف وعهد الإيمان والنعمة، عهد الرمز وعهد الخلاص.
تكلّم بولس الرسول في رسائله عن هذين العهدين. لكنا نتوقف هنا عند ” عهد المسيح بدمه”. في رسالته إلى أهل كورنتس نقل بولس التقليد المسيحي الذي تسلّمه من الرسل، وهو كلمات يسوع في عشائه السّري حيث قال: ” هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي. فكلما شربتم منها، اصنعوا هذا لذكري” ( 1كور 11/25).
” العهد والدم” يعنيان أن الله ختم عهده الخلاصي مع شعبه، أي الجنس البشري باسره، بدم ابنه الوحيد المراق على الصليب لمغفرة الخطايا والحياة الأبدية ( كلمات التقديس في الليتورجيا المارونية). تكتمل كلمات بولس الرسول بكلمات الإنجيليين متى ومرقس ولوقا: إنه العهد الجديد بدمي المراق من أجلكم ومن أجل الكثيرين لمغفرة الخطايا (لو22/20؛ متى 26/28؛ مرقس 14/24).
هذه كل عناصر العهد الجديد.
إن صورة الدم مأخوذة من العهد الذي قطعه الله مع موسى، كما يورده سفر الخروج (24/1-8). عندما روى موسى للشعب أقوال الرب وأحكامه، أجاب الشعب بصوت واحد: ” كل ما تكلّم به الرب نعمل به”. فكتب موسى جميع كلام الرب، وبنى مذبحاً وأصعد محرقات وذبح ذبائح سلامية من العجول للرب، وأخذ نصف الدم وجعله في طسوت ورشّ النصف الآخر على المذبح. وأخذ كتاب العهد فتلاه على مسامع الشعب وقال: ” كل ما تكلّم به الرب نفعله ونسمعه”. ثم أخذ الدم ورشّه على الشعب وقال: ” هوذا دم العهد الذي قطعه الله معكم على جميع هذه الأقوال”.
” دم المسيح المراق في ذبيحة القداس” يختم بطابع أبدي عهد المسيحيين مع الله وفعل الروح القدس. وهكذا يرتقي بنا العهد الجديد من المستوى المادي إلى قيم الروح، والمسيح من جهته، في هذا العهد، يأخذ على عاتقه مصير البشر ويعيش ويموت من أجلهم، وفقا لنشيد اشعيا عن خادم الله: ” حمل آلامنا واحتمل أوجاعنا. طُعن بسبب معاصينا، وسُحق بسبب آثامنا. نزل به العقاب من أجل سلامنا، وبجرحه شفينا” ( اشعيا 53/4-5).
2- سرّ تدبير الخلاص المعلن لبولس الرسول (افسس3/1-13).ً
لِذـلِكَ أَنَا بُولُس، أَسِيرَ الـمَسيحِ يَسُوعَ مِنْ أَجْلِكُم، أَيُّهَا الأُمَم… إِنْ كُنْتُم قَدْ سَمِعْتُم بِتَدْبِيرِ نِعْمَةِ اللهِ الَّتي وُهِبَتْ لي مِنْ أَجْلِكُم، وهوَ أَنِّي بِوَحْيٍ أُطْلِعْتُ على السِرّ، كَمَا كَتَبْتُ إِلَيكُم بإِيْجَازٍ مِنْ قَبْل. حِينَئِذٍ يُمْكِنُكُم، إِذَا قَرَأْتُمْ ذـلِكَ، أَنْ تُدْرِكُوا فَهْمِي لِسِرِّ الـمَسِيح، هـذَا السِّرِّ الَّذي لَمْ يُعْرَفْ عِنْدَ بَنِي البَشَرِ في الأَجْيَالِ الغَابِرَة، كَمَا أُعْلِنَ الآنَ بِالرُّوحِ لِرُسُلِهِ القِدِّيسِينَ والأَنْبِيَاء، وهُوَ أَنَّ الأُمَمَ هُم، في الـمَسِيحِ يَسُوع، شُرَكَاءُ لَنَا في الـمِيرَاثِ والـجَسَدِ والوَعْد، بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيل، ألَّذي صِرْتُ خَادِمًا لَهُ، بِحَسَبِ هِبَةِ نِعْمَةِ اللهِ الَّتي وُهِبَتْ لي بِفِعْلِ قُدْرَتِهِ؛ لي أَنَا، أَصْغَرِ القِدِّيسِينَ جَمِيعًا، وُهِبَتْ هـذِهِ النِّعْمَة، وهِيَ أَنْ أُبَشِّرَ الأُمَمَ بِغِنَى الـمَسِيحِ الَّذي لا يُسْتَقْصى، وأَنْ أُوضِحَ لِلجَمِيعِ مَا هُوَ تَدْبِيرُ السِّرِّ الـمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ في اللهِ الَّذي خَلَقَ كُلَّ شَيء، لِكَي تُعْرَفَ الآنَ مِن خِلالِ الكَنِيسَة، لَدَى الرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِينِ في السَّمَاوات، حِكْمَةُ اللهِ الـمُتَنَوِّعَة، بِحَسَبِ قَصْدِهِ الأَزَلِيِّ الَّذي حَقَّقَهُ في الـمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا، الَّذي لَنَا فيهِ، أَيْ بِالإِيْمَانِ بِهِ، الوُصُولُ بِجُرْأَةٍ وثِقَةٍ إِلى الله. لِذ,لِكَ أَسْأَلُكُم أَنْ لا تَضْعُفَ عَزِيْمَتُكُم بِسَبَبِ الضِّيقَاتِ الَّتي أُعَانِيهَا مِنْ أَجْلِكُم: إِنَّهَا مَجْدٌ لَكُم!
يؤكد بولس الرسول أنه ” بوحي اُطلع على سرّ المسيح وهو أن الوثنيين (الأمم) هم، في المسيح يسوع، شركاء لنا في الميراث والجسد والوعد، بواسطة الإنجيل. هذا هو تدبير السّر المكتوم منذ الدهور في الله الذي خلق كل شيء” (اف3/3 و6 و9 ).
وإذ يكتب لأهل افسس من السجن، يشجعهم على التمسك بالرجاء وسط المحن، فإن تدبير الله الخلاصي الشامل جميع الناس فاعل في التاريخ: ” أسألكم أن لا تضعف عزيمتكم بسبب الضيقات التي أعانيها من أجلكم: إنها مجد لكم” (ف3/13).
ويؤكد بولس أن سرّ تدبير الخلاص الذي كان معلناً بالرموز في العهد القديم، اُعلن بجوهره ” بالروح للرسل القديسين والأنبياء”، وهو ” صار خادماً له بحسب هبة نعمة الله وقدرته” (افسس 3/5 و7). إن ” سرّ تدبير الله الخلاصي” لا يُعرف بالعقل والعلم، بل بالوحي الإلهي. فهو حكمة الله المتنوعة التي تُعرف الآن من خلال الكنيسة وحدها، وقد اتُمنت عليه (انظر افسس3/10).
3- سرّ تدبير الخلاص بالمسيح المعلن ليوسف ( متى1/18-25).
هو الله واصل الكشف ليوسف عن سرّ تدبير الخلاص المكتوم منذ الدهور. فتلتقي البشارة لمريمفي رواية لوقا(1/26-38) مع البشارة ليوسف في إنجيل متى(1/18-25) في حقيقة واحدة هي أن مريم البتول، خطيبة يوسف، حبلى بأبن، بقوة الروح القدس، وأن يوسف البتول، زوج مريم، مدعو ليكون أباً مربياً لهذا الابن، الذي سيكون اسمه يسوع ومعناه ” الله يخلص”.الجديد في البشارة ليوسف هو أن الموفد الإلهي يكل إليه واجبات أب أرضي تجاه ابن مريم. فكان موقف يوسف هو إياه موقف مريم : طاعة الايمان، إذ ” فعل كما أمره ملاك الرب ، فأتى بإمرأته إلى بيته “، فيما مريم أحابت ” نعم ” للملاك: ” أنا أمة الرب ، فليكن لي حسب قولك “.
لقد قبل يوسف، كحقيقة صادرة من عند الله، ما كانت قد قبلته مريم عند البشارة. هذه هي طاعة الإيمان، أن يقبل المؤمن بعقله الحقيقة الموحاة من الله، ويخضع بإرادته لمقتضيات هذه الحقيقة، ويسلّم أمره كله بحرية تامة لله. في الواقع تراجع يوسف عن القرار الذي سبق واتخذه: ” أن يطلق مريم سراً” كمخرج من وضعه العسير وقلقه حيال سرّ حبلها وما يريد الله من هذا التدبير، إذ شعر أنه خارج إطاره. ولكن حين أوحى له الله بملاكه: ” أن المولود من مريم هو من الروح القدس ، وسيدعى يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم”، كشف له عن مكانه ودوره في هذا التدبير: ” لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك”. حينئذ ،أخذ امرأته غلى بيته، وأخذها مع سرّ أمومتها ومع الابن الموشك أن يأتي إلى العالم بفعل الروح القدس. فأبدى بذلك أهبة إرادية شبيهة باهبة مريم حيال ما طلبه الله منها بواسطة موفده (البابا يوحنا بولس الثاني: حارس الفادي،3).
تراجع يوسف عن قراره السابق بفعل إرادة حرة تماماً ، فتبنى ” قرار ” الله أي تدبير الخلاص، وصار نموذجاً لكل إنسان يبحث عن تصميم الله عليه. وهكذا تتضح قيمة طاعة الله بأنها ممارسة للحرية كاملة . فالطاعة تحرّر، والحرية الحقيقية فعل طاعة لله. عن طريق هذه الطاعة يعرف كل واحد منا دعوته الخاصة ويلبيّها في تاريخ الخلاص.
أدرك يوسف من كلمات البشارة الليلية: ” لا تخف ان تأخذ مريم امراتك”، أن زواجه الأصلي من مريم إنما تمّ بإرادة الله. وكان لا بدّ من أن يستمر، كما كان على مريم، في أمومتها الإلهية، أن تواصل حياتها ” كعذراء مزفوفة لرجل”. إرادة الله دعت يوسف ومريم الى عهد الزواج ، وهي إياها تدعوهما لأبوة وأمومة بتولية ومسؤولة، وتدعوهما ثانية إلى الحب الزوجي النبيل ، المتجدد بالروح القدس، والمتعمّق في كل ما فيه بشرياً من معالم النبل والجمال والتجرّد الكلي من الذات واتحاد الأشخاص والشركة الحقة مع الله بسرّه الثالوثي ( حارس الفادي،19).
كل زواج بشري إنما يتمّ بإرادة الله، لخدمة الحب والحياة ، في أسرة معينة. ولهذا لا بد له وقد تمّ وفق إرادة الله، من أن يستمر، فلا يحق لأي سلطة بشرية أن تحلّه: ” ما جمعه الله لا يفرّقه الإنسان”(متى19/6).
” لقد أعرب يوسف ، بتضحية ذاته الكاملة ، عن سخاء حبّه لأم الله، مقدماً لها كل ذاته الزوجية. ومع أنه قرر الانسحاب لئلا يعرقل الخطة الإلهية التي باتت تتحقق فيها، فقد أبقاها في بيته واحترم تكرّسها المطلق لله” (حارس الفادي،20) هذا ما عبّر عنه متى الإنجيلي بالقول: “وأخذ امرأته، ولم يعرفها، فولدت ابنها البكر، ودعا اسمه يسوع” (متى1/25).
” وبما أن الزواج شركة حياة وخيور بين الزوجين، فعندما وهب الله العذراء يوسف زوجاً لها، فقد أهداها ليس فقط رفيقاً لحياتها وشاهداً لبتوليتها وحارساً لشرفها، بل أهداها ايضاً، بقوة الميثاق الزوجي، شريكاً في كرامتها السامية” (البابا لاوون الثالث عشر، في حارس الفادي،20). هذه حال كل زواج بشري إرادة الله. الزواج دعوة من الله، مثل الكهنوت والحياة المكرسة. ولهذا هو بحاجة ماسة الى تحضير روحي وإنساني واعٍ، يجعل الخطيبين مدركين سمو الدعوة إلى الحياة الزوجية وخطورتها.
4- العائلة منفتحة على الله والناس
الزواج عهد حب وحياة، عمودي مع الله وافقي بين الزوجين والأولاد في العائلة وانحداري مع جميع الناس.
استعداداً للقاء العالمي السادس مع قداسة البابا في مكسيكو (16-18 كانون الثاني 2009) بعنوان: العائلة منشّئة على القيم الإنسانية والمسيحية”، نتناول اليوم الموضوع الخامس من المواضيع العشرة التي هيأها المجلس الحبري للعائلة لهذه الغاية، وهو بعنوان: “العائلة منفتحة على الله والناس”.
يندرج العهد الزوجي في إطار تدبير الله الخلاصي الذي قطعه الله بعهد مع شعبه. الناس كلهم مرتبطون بالله بحكم الطبيعة، كما البيت مرتبط بالمهندس المعماري الذي بناه. بنتيجة هذا العهد بين الله وشعبه، يشعر الانسان في أعماقه بحنين إلى الله، عبّر عنه اغسطينوس بالهتاف: ” لقد خلقتنا لك يا رب، وسيظل قلبنا قلقاً فينا إلى أن يرتاح فيك”.
العائلة المسيحية مدعوة لتضع الله في أفق حياتها وحياة أولادها منذ اللحظة الأولى للوجود الواعي: من المعمودية والميرون إلى القربان والتربية والعمل والزواج.
واجبها أن تربّي الأولاد على محبة الله، بالصلاة قبل الطعام وبعده، قبل النوم وعند النهوض، قبل العمل وبعده، في الصحة والألم، وبحفظ يوم الرب معاً بالمشاركة في الليتورجيا الإلهية كل يوم احد.
وإن تربيتهم على محبة القريب باكتشافه وبخاصة بمساعدة المحتاجين، والقيام بخدمات بسيطة ودائمة مثل: مقاسمة الالعاب مع رفاقهم، مساعدة الاصغرين، إعطاء الحسنة للفقير في الشارع، زيارة المرضى من الاهل، مرافقة الأجداد وتقدمة خدمات صغيرة لهم، حسن استقبال زوار البيت، مغفرة الإساءة.
ولتكن القاعدة في كل ذلك كلمة يوحنا الرسول: إذا كنا لا نحب قريبنا الذي نراه، كيف يمكننا أن نحب الله الذي لا نراه؟” (يو4/20).
***
ثالثاُ، البطاركة الموارنة ولبنان
البطريرك فيليبس الجميل (1795-1796).
معه ومع سلفه البطريرك مخايل فاضل (1793-1795) تنتهي سلسلة البطاركة الموارنة في القرن الثامن عشر. ولايتان فصيرتان جداً دامتا ثلاث سنوات.
البطريرك فيليبوس الجميل من مواليد بكفيا وكان مطراناً على ابرشية قبرس. انتُخب بطريركاً في دير سيدة بكركي في 13 حزيران 1795. وبعد ثلاثة أيام كتب إلى الحبر الأعظم يطلب تثبيته ودرع التثبيت، فمنحه اياه في 27 حزيران 1796، لكن الدرع والبراءة الحبرية بالتثبيت لم يصلا إليه إلا بعد وفاته التي عاجلته في 12 نيسان 1796 في دير بكركي حيث دُفن جثمانه [2]. فكانت مدة رئاسته عشرة اشهر فقط.
كان البطريرك غيوراً وتقياً، يعتني بأبناء كنيسته ويسهر على خلاص نفوسهم، كما يظهر من منشور رعائي أذاعه على أبناء أبرشيته عندما كان مطراناً على قبرص[3].
وقد سبق وعرض على الكرسي الرسولي أثناء بطريركيته نقاطاً كان قد عرضها سلفه البطريرك مخايل فاضل. فأتى جواب رئيس مجمع تبشير الشعوب مؤرخاً في 9 آب 1796، وكان آنذاك قد انتخب البطريرك يوسف التيان في 28 نيسان 1796 الذي ثبّته البابا بيوس السادس في 24 تموز 1797. تتعلق النقاط بشؤون بطريركية وأسقفية ورهبانية وتهذيبية وحقوقية[4].
***
ثالثا، الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريركي الماروني
تتناول الخطة من النص المجمعي 12 ” الليتورجيا”، فصله الرابع وعنوانه: “قواعد عامة بشأن المشاركة في الرتب الليتورجية”. وهي تتناول الاحتفال بالأسرار السبعة والصلاة الطقسية الخورسية.
بما أن غاية الليتورجيا تمجيد الله وتقديس البشر، من الضروري رسم قواعد تمكّن الجماعة المؤمنة من المشاركة في فعل العبادة بطريقة واعية ومثمرة عبر الكلمة واللحن والحركة والجماعة المؤمنة المصلية.
1- أسرار التنشئة المسيحية (الفقرات 42-46).
في الليتورجيا المارونية رابط وثيق بين الأسرار الثلاثة: المعمودية والميرون والقربان، من حيث وحدتها اللاهوتية وترابطها الاحتفالي. فتُعتبر احتفالاً واحداً لا يتجزأ للدخول في حياة المسيح وفي الجماعة التي تحيا فيه. يتقبّل المؤمن الولادة الجديدة بالمعمودية، ويقبل موهبة الروح القدس بالميرون فيصبح هيكلاً للرب، ويتغذى من جسد الرب ودمه بالقربان منخرطاً في شعب الله. ما يقتضي، من جهة، تهيئة المؤمنين لقبول نعمة الأسرار، ومن جهة ثانية، منحها باسمى تناسق وانسجام.
2- القداس (الفقرات 47-51).
يشكل الاحتفال بالقداس محور العبادة المسيحية، لأنه الاحتفال بسرّ التدبير الخلاصي الذي حققه المسيح بموته وقيامته. إنه استمرارية تعليم الكلمة وذبيحة الفداء ووليمة الحياة الإلهية، الآن وهنا. هذه تشكّل أقسامه الثلاثة. يرسم النص المجمعي قواعد لهذا الاحتفال.
3- الكهنوت والدرجات المقدسة (الفقرة 52).
أسس الرب يسوع الكهنوت امتداداً لرسالته الكهنوتية ومواصلة لها بالتعليم والتقديس والرعاية، بفعل الرسامة المقدسة. الكهنوت ثلاث درجات: الأساقفة والكهنة والشمامسة الإنجيليون. يعاونهم خدمة آخرون يُرسمون مرتلين وقارئين وشدايقة، لتعزيز الخدمة الطقسية والرسالة الكهنوتية التي تدور حول خدمة مثلثة للكلمة والنعمة والمحبة في بعديها الإنساني والاجتماعي.
***
صلاة
أيها الرب يسوع، لقد انكشف بك سرّ تدبير الله الخلاصي المكتوم منذ الدهور، من خلال يوحنا السابق ومريم ويوسف، وأدخلتنا في شركة هذا التدبير. نسألك نعمة تساعدنا على الولوج في هذا السّر، وإدراك دورنا فيه على مثال زكريا ومريم ويوسف بطاعة الإيمان. بارك عائلاتنا لتكون منفتحة على تدبير الخلاص، بعيشها ككنيسة بيتية تتواصل من خلالها وفي أفرادها مقاصد الله الخلاصية. قدّس الوالدين بنعمتك لكي يربوا أولادهم على محبتك ومحبة كل إنسان. ألهم رعاة الكنيسة لكي يحسنوا أداء خدمة الأسرار والاحتفالات الليتورجية لكي يتمكن المؤمنون من الولوج في سرّ تدبير الخلاص ونوال ثماره الروحية. فنرفع المجد والشكر والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
[1] . انظر البابا بندكتوس السادس عشر: بولس رسول الامم (الفاتيكان 2008)، النسخة الايطالية،صفحة 73-77.
[2] . انظر الرسائل في: ” بطاركة المورنة واساقفتهم القرن 18 ً، للاباتي بطرس فهد، صفحة 420-425.
[3] , راجع النص في المرجع المذكور، صفحة 427-435.
[4] . انظر هذه النقاط في المرجع نفسه 430-435.
Discussion about this post