بشارة مار يوسف البتول عيد مار يوسف
الأحد الرابع من أسبوع البشارة
الشماس نوري إيشوع مندو
الفكرة الطقسية: تدعونا صلوات الأحد الرابع من البشارة إلى الإستعداد لميلاد المسيح، ذلك من خلال انفتاحنا على نداءات الله من خلال أحداث تحصل لنا، أو أشخاص نلتقي بهم والتصرف بإيمان عميق وصلاة واثقة وضمير حي على مثال يوسف.
وفي هذا الأحد نستمع إلى كلمة الله تعلن لنا من خلال ثلاث قراءات هي:
الأولى من سفر التكوين (24 / 50 _ 67 ) تحكي خبر زواج إسحق من رفقة[1]، زواج مبني على الوعد بالأمانة على الحياة العائلية وفقاً لتصميم الرب.
والثانية من رسالة بولس إلى أهل أفسس ( 5 / 5 _ 21 ) تطلب من المسيحي أن يتخلى عن عاداته القديمة، ويسير في نور المسيح المجدد.
والثالثة من إنجيل متى ( 1 / 18 _ 25 ) تروي موقف يوسف من الحبل بيسوع وتصرفه السليم، وقبوله أعطى المواعيد معناها الكامل.[2]
يعلمنا يوسف الطريق، والإصغاء إلى الله.
فصوت الملاك الذي دعا يوسف: لا تخاف، هو اليوم يدعونا: لا تخافوا. فيسوع بيننا ليُسكن ويهدئ ويزيل مخاوفنا. هو واقف على أبواب قلوبنا ليطمئنا أنه معنا، وسيبقى معنا. وعلينا أن نثق به، ونستسلم لتدبيره.[3]
مار يوسف: اسم عبري يعني ” يزيد ” كان يوسف البتول من بيت لحم، من سبط يهوذا ومن عشيرة داود. فكان بذلك من أشرف أشراف إسرائيل مولداً ومنشأً وحسباً ونسباً.
إلا أن الله الذي كان قد أراد لأبنه الوحيد حياة الاتضاع والفقر، شاء الله أن يكون الرجل الذي سوف ينتدبه ليكون الحافظ الأمين لأمه، والخادم الحكيم الصادق ليسوع في حداثته، فقيراً مسكيناً، لا شأن له بين قومه، ولا ذكر له بين أهله وعشيرته. لكن غناه كان في قلبه.
وكانت ثروته أخلاقه وفضائله. فاصطفاه الله بين جميع رجال إسرائيل لأعظم رسالة دعا إليها بشراً. فكان يوسف ذلك الرجل الذي حقق مقاصد الله فيه. وكانت مريم أيضاً من بيت داود ومن عشيرته، لكنها كانت نظير نسيبها يوسف فقيرة الحال يتيمة الأب والأم.
فرغب فيها يوسف، فخطبها له رئيس الأحبار. لكن مريم قبلت شرط أن يحترم يوسف بتوليتها، لأنها نذرتها للعلي. فرضي بأن يكون لخطيبته ملاكاً حارساً، ودرعاً يقيها المخاطر، وخادماً شريفاً يقوم بأودها وإعاشتها.
فتعشقته مريم وأكبرت فيه التقى والنقاوة والتواضع والصبر، ولطف المعشر والوجه البشوش، والتجرد الكامل والصمت، والتفرغ كل صباح ومساء لمناجاة الخالق. فشكرت الله الذي بعنايته دبر لها هذا الملاك، ليكون رفيق حياتها وحافظاً لبتوليتها.
وعندما علم أن خطيبته حبلى اضطرب وتحير، لكن الرب أعاد السلام والطمأنينة والأفراح إلى قلب ذلك الرجل الصديق، في رؤيا قيل له فيها أن المولود في أحشاء خطيبته العفيفة هو من الروح القدس.
فلما نهض يوسف من النوم صنع كما أمره ملاك الرب. فأخذ امرأته، ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر وسمَّاه يسوع. ومنذ تلك الساعة جعل يوسف حياته كلها، وعواطفه وأتعابه وشغله وقواه واسهاره وأفكاره وقفاً على خدمة مريم وابنها يسوع، ومحبتهما والتفاني في سبيلهما. وأصبح هو الأب لتلك العائلة الصغيرة الكبيرة الإلهية.
ففي اليوم الثامن تمت ختانة الصبي. وبعد أربعين يوماً حمل الطفل إلى هيكل الرب في أورشليم، وذهب مع مريم أمه وقدمه للرب على حسب شريعة موسى، وافتداه بزوجي يمام، كما يفتدي الفقراء بنيهم الأبكار.
ثم تراءى له ملاك الرب في الحلم قائلاً: قم فخذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر، فإن هيرودس مزمع أن يطلب الصبي ليهلكه. فقام لساعته وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر. وبقي هناك سنين طويلة يشتغل ويكد ويتعب ليقوم بمعيشة عائلته.
وبعد موت هيرودس عاد إلى أرض إسرائيل على حسب قول الملاك، فذهب إلى نواحي الجليل وسكن في مدينة الناصرة. وكان يوسف يذهب مع مريم ويسوع إلى أورشليم كل سنة في عيد الفصح.
وعندما بلغ يسوع اثنتي عشرة سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد، ولما تم موعد رجوعهم بقي الصبي في أورشليم وأبواه لا يعلمان. فرجعا إلى أورشليم يطلبانه، وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالساً فيما بين المعلمين يسمعهم ويسألهم.
وبعد هذه الحادثة يذكر الإنجيل يوسف مرة واحدة بعد أن كان رقد بالرب بين يدي يسوع ومريم، فمع بدء بشارة يسوع كان اليهود يتساءلون ويقولون:
” أليس هذا ابن يوسف “. فمتى كانت وفاة يوسف ؟ لا أحد يعلم بذلك. إنما مات لما انتهت رسالته، وأضحى يسوع قادراً على حسب قواعد الطبيعة البشرية، على القيام بمعيشته ومعيشة والدته.
وقد مات يوسف مملوء نعمةً واستحقاقاً وقداسةً، وأضحى شفيع الراقدين بالرب. لأن يسوع ومريم ملآ أيامه الأخيرة تعزيةً وسلواناً وبهجةً، وشكرا له خدماته وأتعابه، ووعده يسوع بإكليل المجد المعد له في السماء.[4]
وترتل كنيسة المشرق في صلاة ليل هذا الأحد الترتيلة هذه: ” جميع الأنبياء القديسين سبق وتنبأوا عن ذلك الضياء المجيد المنبعث من الآب. الذي تنازل بحبه وأخذ جسدنا لخلاص الكل.
تنبأ موسى أولاً وقال: سيقيم الرب نبياً مثلي فله اسمعوا.
وأشعيا أيضاً ببشر عن مولده قائلاً: ها أن العذراء تحبل وتلد ابناً عجيباً ويدعى عمانوئيل.
وزكريا أظهر علامة دخوله إلى أورشليم وأشار إلى آلامه. ويونان في الحوت مثّل سر دفنه وقيامته.
وحزقيال رأى مركبة حاملة بهاءه الجميل وهي تحتفل به. ودانيال أعلنه في بابل بأنه سيملك على كل المذاهب. وقد تم هذا فعلاً بمجيئه إلينا المجد له. “.[5]
1_ رفقة_ اسم عبري معناه ” رباط ” وهي ابنة بتوئيل وأخت لابان. تزوجها إسحق وولدت له ولدان يعقوب وعيسو. أحبت يعقوب ودبرت له الخطة لينال من أبيه البركة التي كانت منتظرة لعيسو.
توفيت ودفنت في مغارة المكفيلة عند قبر إبراهيم. قاموس الكتاب المقدس ص 408.
2_ حياتنا الليترجية الورقة الطقسية للقداس الكلداني لمدار السنة الأب ( المطران ) لويس ساكو ص 21.
3_ مواعظ حسب السنة الطقسية الكلدانية الأب بشار متي وردة ص 18.
4_ السنكسار المشتمل على سير القديسين المطران ميخائيل عساف ج 1 ص 408 _ 413.
5_ الحوذرة ” مدار السنة الطقسية ” الجزء الأول ص كر.
Discussion about this post