نسب الرب يسوع
وحدة العائلة البشرية بالمسيح
روميه 1/1-12
متى 1/1-17
مع انتساب يسوع الى العائلة البشرية بدءاً من ابراهيم حتى يوسف ومريم انحدارياً، كما فعل متى في إنجيله، أو من يوسف إلى آدم صعوداً كما فعل لوقا، تنتهي مسيرة الأجيال المنتظرة مجيء المسيح الفادي والمخلص، والموعود به منذ سقطة أبوينا الأولين آدم وحواء. انتمى ابن الله بتجسده إلى العائلة البشرية لكي يخلص الجنس البشري برمّته، وهكذا اتّحد نوعاً ما مع كل إنسان، ليقطع الطريق معه عبر الحياة التاريخية ويصل به إلى الخلاص الأبدي، وهو القائل: ” أنا الطريق والحق والحياة”.
***
أولاً، يوبيل القديس بولس وشرح نصيّ الرسالة والإنجيل
1- بولس الرسول وعهد الله الخلاصي[1]
انتسب يسوع، ابن الله المتجسد، إلى العائلة البشرية تحقيقاً لعهد الخلاص به الذي دبّره الله الآب في سرّ محبته وحكمته. يتكلم بولس الرسول والتقليد المسيحي انطلاقاً من كلمات المسيح في العشاء الأخير: ” هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يراق من أجلكم ومن أجل الكثيرين لمغفرة الخطايا”.
يتكلم بولس عن عهدين: القديم بالوعد لابراهيم من خلال سلالة دموية إتنية محددة ومحصورة،والجديد بالمسيح من خلال سلالة روحية شاملة لجميع الشعوب بالولادة الجديدة من الماء والروح. العهد القديم يرتكز على حفظ الشريعة وهو مقيّد بمسلك الانسان. ولذلك، هو قابل للفسخ والانكسار، وقد حصلا. أما العهد الجديد فيرتكز على المعمودية والإيمان. وهو مختوم بدم المسيح في عشائه الأخير وذبيحة الصليب، فحلّت النعمة محلّ الوعد، وأعطيت هبة الصداقة التي يقدمها الله بالمسيح دونما انقطاع لكل إنسان. فكان الخلاص عطية مجاّنية من جودة الله لكل مؤمن. فلا يتبرر الإنسان بالأعمال، يقول بولس، بل بالإيمان بيسوع المسيح. ليس العهد اتفاقاً بين الله والإنسان، بل تدبير خلاص مجاني ومحب من الله للإنسان.
في ضوء هذا التدبير الخلاصي، نقرأ في سلسلة نسب يسوع الوحدة الداخلية لتاريخ الله مع البشر في كل الكتاب المقدس، من قديمه إلى جديده. الأول يهيء الثاني، والثاني يكمّل الأول. العهد القديم هوعهد الشريعة التي تكشف الحقيقة، ووجه الله، وبالتالي امكانية العيش باستقامة. والعهد الجديد هو عهد النعمة التي هي معرفة ارادة الله، وبالتالي تعني معرفة الذات وفهم العالم ومسيرة الحياة في هذه الدنيا. كما تعني أيضاً أننا نتحرر من قلق تساؤلاتنا التي لا تنتهي، وأن النور أتى، وبدونه لا نستطيع أن نرى ونتحرّك.
الشريعة والنعمة هما كلمة الله التي ينشدها المزمور 119:
“طوبى للكاملين في سلوكهم، السائرين في شريعة الرب.
طوبى للذين يحفظون شهادته، وبكل قلوبهم يلتمسونه.
وأعمال الظلم لا يعملون، بل في طريقه يسيرون.
أنت أوصيت باوامرك، كي تُحفظ حفظاً كاملاً.
ليت طرقي تثبت، لحفظ فرائضك” (مز119/1-5).
2- شرح الرسالة إلى أهل رومية:1/1-12.
مِنْ بُولُسَ عَبْدِ الـمَسِيحِ يَسُوع، الَّذي دُعِيَ لِيَكُونَ رَسُولاً، وفُرِزَ لإِنْجِيلِ الله، هـذَا الإِنْجِيلِ الَّذي وَعَدَ بِهِ اللهُ مِنْ قَبْلُ، بَأَنْبِيَائِهِ في الكُتُبِ الـمُقَدَّسَة، في شَأْنِ ابْنِهِ الَّذي وُلِدَ بِحَسَبِ الـجَسَدِ مِنْ نَسْلِ داوُد، وَجُعِلَ بِحَسَبِ رُوحِ القَدَاسَةِ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ أَيْ بِالقِيَامَةِ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، وهُوَ يَسُوعُ الـمَسِيحُ رَبُّنَا؛ بِهِ نِلْنَا النِّعْمَةَ والرِّسَالَةَ لِكَي نَهْدِيَ إِلى طَاعَةِ الإِيْمَانِ جَميعَ الأُمَم، لِمَجْدِ اسْمِهِ؛ ومِنْ بَيْنِهِم أَنْتُم أَيْضًا مَدْعُوُّونَ لِتَكُونُوا لِيَسُوعَ الـمَسِيح؛ إِلى جَمِيعِ الَّذينَ في رُومَا، إِلى أَحِبَّاءِ الله، الـمَدْعُوِّيِنَ لِيَكُونُوا قِدِّيسِين: أَلنِّعْمَةُ لَكُم والسَّلامُ مِنَ اللهِ أَبينَا والرَّبِّ يَسُوعَ الـمَسِيح! قَبْلَ كُلِّ شَيء، أَشْكُرُ إِلـهِي بِيَسُوعَ الـمَسيحِ مِنْ أَجْلِكُم جَمِيعًا، لأَنَّ إِيْمَانَكُم يُنَادَى بِهِ في العَالَمِ كُلِّهِ. يَشْهَدُ علَيَّ الله، الَّذي أَعْبُدُهُ بِرُوحِي، بِحَسَبِ إِنْجِيلِ ابْنِهِ، أَنِّي أَذْكُرُكُم بِغَيْرِ انْقِطَاع، ضَارِعًا في صَلَوَاتِي على الدَّوَامِ أَنْ يتَيَسَّرَ لي يَوْمًا، بِمَشِيئَةِ الله، أَنْ آتيَ إلَيْكُم. فإِنِّي أَتَشَوَّقُ أَنْ أَرَاكُم، لأُشْرِكَكُم في مَوْهِبَةٍ رُوحِيَّةٍ وَأُشَدِّدَكُم، أَيْ لأَتَعَزَّى مَعَكُم وَبَيْنَكُم بإِيْمَانِي وإِيْمَانِكُمُ الـمُشْتَرَك.
يتحدث بولس الرسول عن اكتمال مسيرة الأجيال وعهد الله الخلاصي بالمسيح ابن الله، الذي ” وعد به الله وبإنجيله، من قبل، بأنبيائه في الكتب المقدسة، والذي ولد بحسب الجسد من نسل داود، وجُعل بحسب روح القداسة ابن الله بالقيامة من بين الأموات، وبه نلنا النعمة.
هذا هو يسوع المسيح الذي دُعي بولس ليكون رسوله، وقد فرزه لإعلان إنجيله، لكي يهدي إلى طاعة الإيمان جميع الأمم، فيتمجد الله ( انظر روم1/1 و5).
يؤكد بولس أن الدعوة إلى طاعة الأمم موجهة لجميع الناس، ليكونوا قديسين بالنعمة والسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح (روم1/6-7).
هذه الرسالة موجّهة إلينا لنؤمن بالمسيح، إيماناً يحررنا ويحمّلنا رسالة إعلان إنجيل المسيح لتحريرالإنسان من ظلمات العالم وعبودياته. فنرفع الشكر مع بولس لإلهنا بالمسيح، عندما ينادى بإيماننا في العالم كله (روم1/8).
3- نسب يسوع: كمال تاريخ الخلاص (متى 1/1-17).
يبدأ القديس متى انجيله بنسب يسوع. الذي يعني في الأصل ” تكوين” يسوع البشري. فكما في سفر التكوين نقرأ سلالة آدم الإنسان الأول (تك5/1)، كذلك شاء متى أن يبدأ إنجيله بنسب يسوع الذي يفتتح كتاب تكوين جديد، لانه آدم الجديد. وكما كان آدم رأس شعب الله القديم، كذلك يسوع هو رأس الشعب الجديد المسيحاني.
يبدأ متى نسب يسوع بالإعلان إنه ” ابن داود ابن ابراهيم” لكي يبرز ميزة شعب الله الجديدة المزدوجة: بالنسبة الى داود هو شعب مسيحاني، فالمسيح يتحدر من سلالة داود الملك. قال الملاك لمريم: ” ويعطيه الرب الإله عرش داود أبيه” (لو1/32)، وفي البيان ليوسف ناداه الملاك: ” يا يوسف ابن داود” (متى1/20). وبالنسبة الى ابراهيم، الشعب الجديد المسيحاني هو شعب الوعد الذي قطعه الله مع ابراهيم، قبل ألفي سنة من ميلاد الرب يسوع، بأن الخلاص المعلن لذرية آدم ( تك3/15)، يشمل جميع شعوب الارض. لذلك سمي ابراهيم ” بابي المؤمنين”. تحقق الوعد بشخص حواء الجديدة مريم وآدم الجديد يسوع. ولهذا السبب ينهي القديس متى نسب يسوع، خلافاً لكل شجرة سلالية بذكر مريم: ” ويعقوب ولد يوسف زوج مريم التي ولد منها المسيح” (متى1/16)، ويكمل به عدد 14 من السلسلة الثالثة: ” من الجلاء إلى بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً”.
اما نسب يسوع في انجيل القديس لوقا فيأتي لا في بدايته بل بعد أن أصبح يسوع بعمر 30 سنة وبدأ رسالته (لو3/23). فبيّن أولاً أن يسوع إله وهو ابن الآب، ثم إنه إنسان وابن آدم، متصل بالبشرية كلها: هو واحد منها وفاديها وديانها على ما يقول بولس الرسول في خطبة الاريوباغس: ” صنع الله جميع الأمم البشرية من أصل واحد، ليسكنوا على وجه الأرض كلها… وحدد يوماً يدين فيه العالم دينونة عدل عن يد رجل أقامه من بين الأموات” (اعمال17/26 و31). وهكذا نقرأ عند لوقا الإنجيلي: ” وكان الناس يحسبون يسوع ابن يوسف…ابن آدم، ابن الله”.
بنى متى الإنجيلي نسب يسوع على سلسلة من الأجيال منسقة في ثلاث دفعات من أربعة عشر جيلاً: من ابراهيم الى داود، من داود الى الجلاء إلى بابل، ومن الجلاء إلى بابل الى المسيح، ليربط بين ثلاثة أسماء اساسية: ابراهيم وداود والمسيح. فيبيّن من جهة كمال تاريخ الخلاص: بالوعد العهد معابراهيم، بالملوكية الشاملة مع داود، بالفداء وبدء البشرية الجديدة مع المسيح؛ عدد 14 (7+7) رمز لهذا ” الكمال”. فاسم داود في اللفظة العبرية يتألف من ثلاثة أعداد تعطى لثلاثة حروف تجمع 14 ( 4+6+4): فحرف ” دال” يعد 4 وحرف “واو” 6.
هناك ميزة في إنجيل القديس متى، أنه يتفرد ليس فقط بذكر اسم مريم في سلالة تتألف عادة من الأصول الرجال، بل يذكر ايضاً أسماء أربع نساء أخريات مع أزواجهن: تامار زوجة يهوذا وام زارح (1/3)، وراحاب زوجة سلمون وام بوعز (1/5)، وراعوت زوجة بوعز وام عوبيد (1/5)،وبيتشباع زوجة داود الملك ام سليمان وارملة اوريّا (1/6). من بينهن خاطئات للدلالة ان المسيح اتى ليخلص الخطأة، فلفظة يسوع تعني “الله يخلص شعبه من خطاياهم”، كما قال الملاك ليوسف في الحلم (متى1/21)، وأجنبيات ووثنيات للدلالة إلى شمولية تصميم الخلاص بالمسيح الفادي. وكلهن تزوجن بطريقة غير عادية، وأدخلن في التصميم الإلهي لتهيئة أو استباق أمومة مريم ليسوع التي هي فوق كل قاعدة: أمومتها البتولية، وألوهية ابن الله.
في نسب يسوع، مريم هي آخر حلقة في سلسلة الأسماء: ” ويعقوب ولد يوسف زوج مريم التي ولد منها يسوع الذي يقال له المسيح” (متى1/16). إنها اكتمال جميع الأجيال السائرة نحو المسيح منذ الوعد الإلهي الأول بالخلاص (تك3/15)، وبداية ورأس الأجيال الجديدة المفتداة بموت المسيح وقيامته، والمتجددة بروحه القدوس منذ العنصرة، بهذا المعنى تسمى مريم ” مرآة العدل” و ” أيقونة الكنيسة”.
4- العائلة منشّئة على الضمير الاخلاقي
استعداداً للقاء العالمي السادس للعائلات مع قداسة البابا في مكسيكو (16-18 كانون الثاني 2009)، بعنوان: العائلة منشّئة على القيم الانسانية والمسيحية”،نعرض اليوم الموضوع السادس من سلسلة المواضيع العشرة التي وضعها لهذه الغاية المجلس الحبري للعائلة، وهو بعنوان: ” العائلة منشّئة على الضمير الاخلاقي”.
يريد الله أن يعرف جميع الناس ويقبلوا تدبيره الخلاصي الذي اُعلن وتحقق بيسوع المسيح (1طيم1/15-16). وهو تدبير كسشف كرامة الشخص البشري ودعوته. فبات من واجب كل إنسان أن يكتشف القيم المكتوبة في طبيعته، وينمّيها باستمرار، ويحققها في حياته، بترقّيه الدائم. أما ما يختص باحكامه على القيم الأخلاقية، في ما هو خير أو شر، وفي ما يجب عليه ان يفعل أو أن يتجنّب، فيقتضي منه ألاّ يتصرف برأيه الحرّ، بل أن يعود إلى ضميره حيث يكتشف وجود شريعة داخلية، مكتوبة من الله في قلبه، عليه أن يطيعها، والله سيدينه عليها شخصياً.
الضمير بحاجة إلى أن يستنير بالمبادىء الاساسية التي يفهمها العقل، والتي تُستخرج من الشريعة الإلهية الأبدية، الوضعية والشاملة، التي بها ينظم الله العالم ويوجّه دروب الجماعة البشرية وفقاً لتصميم حكمته وحبّه.
أسس المسيح الكنيسة وجعلها عمود الحقيقة وأساسها، وعضدها بالروح القدس لكي تحفظ من دون خطأ الحقائق الاخلاقية، وتفسّر باصالة ليس فقط الشريعة الوضعية الموحاة، بل أيضاً المبادىء الأخلاقية التي تنبثق من الطبيعة البشرية نفسها، والتي تساعد على تنمية الإنسان وكماله.
دور العائلة الكبير أن تنشّىء الأولاد على الحقيقة واستقامة الضمير الأدبي حول مسائل الحياة الكبرى مثل: العبادة لله الخالق والمخلص واحترامه، محبة الأهل، احترام الحياة، احترام الجسد البشري، حفظ شرف القريب، الاخوّة بين جميع الناس، ترتيب خيرات الأرض للجميع، عدم التمييز العنصري لأسباب دينية او اجتماعية او اقتصادية. وفوق كل شيء، على الأهل أن يربّوا أولادهم على وجود الحقيقة، وضرورة البحث عنها، واتباعها، لكي يحققوا ذواتهم كإنسان.
***
ثانياً، البطاركة الموارنة ولبنان
البطريرك يوسف التيّان (1796-1909)
هو من مواليد بيروت في 5 اذار 1760، ومن تلامذة المدرسة المارونية في رومية (1584). عالم في اللاهوت والتاريخ الكنسي، مشهور بالفضيلة والتقوى والوعظ، مع ميل نحو العيشة النسكية. رقي الى درجة الكهنوت بعمر 23 سنة، وإلى الدرجة الأسقفية بعمر 26 سنة. انتُخب بطريكاً في دير سيدة بكركي في 28 نيسان 1796، وهو بعمر 36 سنة، واستقال بعد 13 سنة وله من العمر 49 سنة. ثبتّه في البطريركية ومنحه درع التثبيت البابا بيوس السادس في 24 حزيران 1797. وكان يحكم لبنان الامير بشير الثاني الكبير، ودام حكمه 52 سنة من عام 1788 الى 1840.
تميّز البطريرك يوسف التيّان بالغيرة على الإيمان الكاثوليكي والوحدة فيه، فتصدّّى لتآليف المطران جرمانوس آدم الملكي، وحرّم مؤلفه بمنشور إذاعه على أبنائه الموارنة[2]. واعتنى عناية خاصة بمدرسة عين ورقة وجمع لها مساعدات، ووضع قوانين لها[3].
اصطدم بسياسة الامير بشير الكبير وبطريقة حكمه ما أدّى إلى خلاف مستحكم معه لأسباب عدة: فداحة الضرائب برفع قرش الميري إلى ستة قروش وظلم الشعب، فكانت الثورة العامة المعروفة ” بعامية لحفد” التي جرّت على البلاد الخراب والدمار والتشريد؛ رفضه مصالحة أبناء عمه أولاد الأمير يوسف الشهابي، فكانت الفتن والحروب؛ التدخّل في الشؤون الروحية الذي أحدث تشويشاً داخلياً. كما واجه بعض المصاعب الكنسية الداخلية والخلافات على مستوى المطارنة.
كل هذه الأمور حدت بالبطريرك إلى تقديم استقالته من البطريركية. فكتب في 3 تشرين الاول 1707 إلى الكرسي الرسولي: ” لما كنت تحققت إني صرت غير قادر على أن أفيد طائفتي في مقامي البطريركي، بل أجلب لها ضرراً فغي الروحيات والزمنيات، عزمت على الاستعفاء من البطريركية واعتزال الناس، مختاراً العيشة الانفرادية للاشتغال بخلاص نفسي. أرجو من الأب الاقدس قبول استعفائي عن رضى من البطريركية ومن كل ولاية متعلقة بها، روحية كانت أم زمنية. إن مضادّة حكامنا لي العنيفة جداً، والشكوك الفظيعة الحاصلة في الطائفة من قبل عيشتي هذه النغصة، هي الداعي الأول لاستعفائي”.
قبل الحبر الروماني استقالته في 19 تشرين الثاني 1808، وطلب إليه أن يواصل إدارة شؤون البطريركية حتى انتخاب خلف له[4]
***
ثالثاً، الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريكي الماروني
تستكمل الخطة الراعوية تقبّل النص المجمعي 12 ” الليتورجيا”، وتحديداً القسم الباقي من الفصل الرابع: قواعد عامة بشأن المشاركة في مختلف الرتب الليتورجية (الفقرات 53-57).
1- التوبة ومسحة المرضى
الاعتراف بالخطايا إلى الله على يد الكاهن وخدمة الكنيسة يجدد الإنسان بنعمة المصالحة مع الله والذات والكنيسة، إذ ينال حياة الهية بالروح القدس. لا يتمّ ذلك إلاّ بالاعتراف الفردي والحلّ. ويحبّذ المجمع أن يكون الاعتراف الفردي والحلّ في إطار رتبة توبة جماعية، محورها كلمة الله وصلاة الجماعة.
2- سرّ مسحة المرضى ( يعقوب 5/14)
يتم بالصلاة ومسحة زيت المرضى والإقرار بالخطايا بهدف الشفاء من مرض النفس ومرض الجسد. تُمنح المسحة في حال المرض الخطير، دون أن يكون المريض حتماً في مرحلة النزاع، بحضور جماعة مصلية، لاسيما ذوي المريض، فيتجدد هؤلاء بالرجاء والعزاء الآتيين من المسيح، طبيب النفوس والأجساد.
3- سرّ الزواج
إنه السرّ العظيم، لأن اتحاد الرجل بالمرأة باليد الإلهية هو على صورة اتحاد المسيح بالكنيسة. يحمل نعمة خلاّقة تجعل الاثنين واحداً، ونعمة مبرّرة تقدس الزوجين وحبّهما، ونعمة مرافقة تعضدهما في حياتهما الزوجية والعائلية.
يدعو المجمع إلى أعداد الخاطبين أعداداً ملائماً لهذا السّر، وإلى استعادة رتبة الخطبة الكنسية المعروفة ” برتبة الخواتم”، لما لها من أهمية تحضيرية للزواج.
4- الصلاة الطقسية الخورسية
إنها صلوات الساعات التي تدخل المؤمنين والجماعة في حالة “الصلاة الدائمة” واللقاء المستمر بالمسيح، وفي حالة إصغاء لكلام الله والعمل بموجبه. إنها تنعش روح اليقظة والعودة إلى الله، وتعكس النشيد الذي ترفعه كنيسة الأرض إلى الآب بيسوع المسيح الوسيط والكاهن الاوحد.
يحبّذ المجمع تلاوة الصلاة الخورسية في الكنائس الرعائية والأديار وبخاصة في الكاتدرائية، يقوم بها الكهنة والشمامسة والرهبان والمؤمنون.
5- الرتب والزياحات
بالإضافة إلى الاحتفالات الأسرارية، يطلب المجمع من المسؤولين الروحيين تعزيز الرتب والزياحات والتساعيات وسائر الطقوس التقوية، لأنها تحيي روح الصلاة عند المؤمنين ولقاءهم بالرب الذي يخاطب قلوبهم.
***
صلاة
أيها الرب يسوع، بانتمائك إلى العائلة البشرية، اتّحدت نوعاً ما بكل إنسان، لتشركه في حياتك الإلهية. لقد أخذت طبيعتنا البشرية لتشركنا في سعادة طبيعتك الغلهية، وتمنحنا المشاهدة السعيدة. لقد صرت إنساناً لتؤلّه الإنسان. كتبت اسمك في سجل البشر، لكي تكتب أسماءنا في سفر الحياة الخالدة. أعطنا، ربِّ، أن ندرك عظمة اتحادنا بك، ونحن منشغلون في بناء مدينة الأرض، لنعكس فيها قيم الملكوت، ونجعلها لائقة بخالقها وفاديها. ألهم رعاة الكنيسة ليحسنوا إتمام الاحتفالات بالأسرار والرتب الطقسية، لكي يشارك فيها المؤمنون مشاركة واعية وفعالة، فيجنوا منها الثمار الروحية الخلاصية اليانعة. امزج، يا رب، نشيد صلوات كنيسة الأرض بأناشيد كنيسة السماء، رافعين المجد والحمد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
***
[1]. البابا بندكتوس السادس عشر: بولس رسول الامم (بالايطالية)،صفحة 82-85.
[2]. انظر التفاصيل في ” بطاركة الموارنة واساقفتهم القرن 18 للاباتي بطرس فهد صفحة 50-59.
[3]. راجع بشأنها وقانونها المنشور في المرجع نفسه، صفحة 86–97.
[4]. انظر كل تفاصيل الاستقالة وقبولها في المرجع نفسه، صفحة 60-74
Discussion about this post