عيد اسم يسوع ويوم السلام العالمي
يسوع المسيح مخلصنا وسلامنا
عيد رأس السنة 2010
يوحنا 14: 27-31 ولوقا 2: 21-24
نجمع معاً ثلاثة أعياد: عيد اسم يسوع بمناسبة ختانته وهو بعمر ثمانية أيام (لو2: 21-24)، ويوم السلام العالمي بعنوان: “إذا أردت أن تبني السلام، فاحمِ الخلق”؛ وعيد العائلة المقدسة، بمناسبة وجود الصبي يسوع، وهو في الثانية عشرة من عمره، في الهيكل بين العلماء، وعودته الى الناصرة وحياته العائلية، حيث راح ينمو بالقامة والحكمة والنعمة أمام الله والناس.
أولاً، عيد اسم يسوع- ختانة الطفل
من إنجيل القديس لوقا 2: 21-24.
ولَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيُخْتَنَ الصَّبِيّ، سُمِّيَ “يَسُوع”، كمَا سَمَّاهُ الـمَلاكُ قَبلَ أَنْ يُحْبَلَ بِهِ في البَطْن. ولَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرهِمَا بِحَسَبِ تَورَاةِ مُوسَى، صَعِدَا بِهِ إِلى أُورَشَلِيمَ لِيُقَدِّماهُ للرَّبّ، كمَا هُوَ مَكْتُوبٌ في شَرِيعَةِ الرَّبّ: “كُلُّ ذَكَرٍ فَاتِحِ رَحِمٍ يُدْعَى مُقَدَّسًا لِلرَّبّ”، ولِكَي يُقدِّمَا ذَبِيحَة، كَمَا وَرَدَ في شَرِيعَةِ الرَّبّ: “زَوجَيْ يَمَام، أَو فَرْخَيْ حَمَام”.
ابن الله تجسّد واُعطي في التاريخ اسم ” يسوع” الذي معناه ” الله الذي يخلص شعبه من خطاياه” ( متى1: ). الاحتفال باسم يسوع إعلان لإيماننا بأنه أتى لخلاصنا بمصالحتنا مع الله الذي ” هكذا أحب العالم حتى انه ارسل ابنه كفارة عن خطايانا” و ” مخلصاً للعالم” (يو4: 10؛ 4: 14).
كتب القديس غريغوريوس النيصي:
” إن طبيعتنا المريضة تطلب أن تشفى؛ والساقطة أن تنهض؛ والميتة أن تقوم. لقد خسرنا امتلاك الخير، فينبغي أن يُعاد الينا. لقد انغلقنا في الظلمة، فينبغي أن نستنير. نحن مخطوفون، ننتظر مخلصاً؛ وأسرى ننتظر مساعد”؛ وعبيد ننتظر محرراً[1].
الاحتفال باسم يسوع التزام منا بالدخول في تصميم الله الخلاصي، وهو الغاية من تجسّد ابن الله الذي كثيراً ما ردد: ” طعامي أن أعمل إرادة الذي ارسلني، وأتمم عمله” (يو4: 34؛ انظر ايضاً يو 6: 38). لا تقف معرفتنا ليسوع عن حدود العقل والإيمان اللفظي، بل تدعونا الى طاعة الإيمان، بالسعي إلى الخلاص من خطايانا بنعمة أسرار الخلاص المتفجرة من موت المسيح لفدائنا، ومن قيامته لتبريرنا.
ثانياً، يوم السلام العالمي
تحتفل الكنيسة، في الأول من شهر كانون الثاني/ يناير، بيوم السلام العالمي، وقد اختار له قداسة البابا بندكتوس السادس عشر موضوع الرباط بين السلام والبيئة الطبيعية، فكان العنوان: “إذا اردت ان تبني السلام، فاحمِ الخلق”. ووجّه كعادته لهذه المناسبة رسالة توسّعت بالموضوع.
1. تبيّن الرسالة الرباط الوثيق القائم بين حماية المحيط الطبيعي وبنيان السلام الشخصي والجماعي، في عالمنا المعولم والمترابط. أن محيط الإنسان الطبيعي يشمل استعمال الثروات الطبيعية، ومتغيرات الطقس، واستخدام تقنيات الحياة، والنمو الديموغرافي. إذا لم تحسن العائلة البشرية مواجهة هذه التحدّيات الجديدة بحسّ متجدد للعدالة الاجتماعية والإنصاف والتضامن الدولي، فقد تتسبب بزرع العنف بين الشعوب والأجيال الحاضرة والمستقبلة.
2. تستلهم رسالة قداسة البابا ما جاء في الفقرات 48-51 من رسالته العامة: ” المحبة في الحقيقة”[2].
” البيئة الطبيعية” عطية من الله لجميع الناس. استعمالها مسؤولية تجاه الفقراء والأجيال الآتية بل والبشرية جمعاء. إن المؤمن يرى في الطبيعة عمل الله الخالق، وإن الإنسان يستطيع استعمالها لتلبية حاجاته الشرعية، المادّية وغير المادية، باحترام التوازنات الخاصة بالخلق. اذا فقد الانسان هذه الرؤية، ينتهي إما الى اعتبار الطبيعة واقعاً لا يُمسّ، وإما الى الافراط في استعمالها (الفقرة 48).
الطبيعة تعبير عن تصميم الحب والحقيقة، هي تسبق الإنسان وقد أعطاناها الله كمحيط للحياة. فيجدر بالأسرة الدولية تنظيم استغلال ثروات الطاقة الطبيعية التي لا تتجدد، لكي تحميها من استئثار الدول الغنية لها، على حساب الدول الفقيرة. مثل هذا الاستئثار سرعان ما يولّد نزاعات تؤدي الى نتائج وخيمة كالقتل والدمار واضرار اخرى. تقضي الحاجة الأدبية الملحّة أن يقوم تضامن في العلاقات بين الدول الصناعية الكبيرة والدول التي في طور النمو، وأن يصار إلى إعادة توزيع ثروات الطاقة لكي يُتاح للدول البلوغ اليها. ولا بدّ أيضاً من تحسين انتاج الطاقة، والبحث عن طاقات رديفة. إنها مسؤولية تجاه العديد من الشباب، في الدول الفقيرة، الذين يطالبون بدورهم الفاعل في بناء عالم أفضل (الفقرة 49).
ثمة عهد بين الكائن البشري والبيئة الطبيعية. سلامه منوط بحمايتها وتثميرها والإفادة منها بصيغ جديدة وتقنيات متقدمة، بحيث تتمكن الأرض من استقبال سكانها بكرامة وتغذيتهم بكفاية، ومن أن تبقى للأجيال الجديدة بحالة تؤمّن لهم سكنها بما يليق، ومواصلة استثمارها ورعايتها. من واجب الأسرة الدولية والحكومات المحلية مواجهة أي استغلال للبيئة تكون نتائجه وخيمة (الفقرة 50).
إن مقتضيات حماية الخلق من أجل توطيد السلام توجب تغييراً حقيقياً في الذهنيات وفي أنماط الحياة. فلا يعيش الإنسان بذهنية الروح الاستهلاكية، بل يستوحي خياراته، في الاستهلاك والتوفير والتثمير، البحث عن ما هو حق وخير وجمال، والشركة مع جميع الناس من أجل النمو المشترك (الفقرة 51).
3. يشدد قداسة البابا بندكتوس في رسالته ليوم السلام العالمي على الطابع الملحّ لحماية المحيط الطبيعي الذي يشكل تحدياً كبيراً للبشرية جمعاء. هذه الحماية الملحّة تُترجم في واجب احترام الخير المشترك المعدّ للجميع، بحيث يعيشون في بيئة سليمة، وينعمون بثرواتها الطبيعية، ويبنون سلامهم الشخصي والجماعي. إن سكان الارض مدعوون ليعوا الترابط الذي يجمعهم بعضاً إلى بعض بروح التضامن والمسؤولية المشتركة.
***
ثالثاً، العائلة المسيحية على صورة عائلة الناصرة
من إنجيل القديس لوقا 2: 41-52
وكانَ أَبَوَا يَسُوعَ يَذْهَبَانِ كُلَّ سَنَةٍ في عِيدِ الفِصْحِ إِلى أُورَشَليم. ولَمَّا بَلَغَ يَسُوعُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، صَعِدُوا مَعًا كَمَا هِيَ العَادَةُ في العِيد. وبَعدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ العِيد، عَادَ الأَبَوَان، وبَقِيَ الصَّبِيُّ يَسُوعُ في أُورَشَلِيم، وهُمَا لا يَدْرِيَان. وإذْ كَانَا يَظُنَّانِ أَنَّهُ في القَافِلَة، سَارَا مَسِيرَةَ يَوْم، ثُمَّ أَخَذَا يَطْلُبانِهِ بَيْنَ الأَقارِبِ والـمَعَارِف. ولَمْ يَجِدَاه، فَعَادَا إِلى أُورَشَليمَ يَبْحَثَانِ عَنْهُ. وَبعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّام، وَجَدَاهُ في الـهَيكَلِ جَالِسًا بَيْنَ العُلَمَاء، يَسْمَعُهُم ويَسْأَلُهُم. وكَانَ جَمِيعُ الَّذينَ يَسْمَعُونَهُ مُنْذَهِلينَ بِذَكَائِهِ وأَجْوِبَتِهِ. ولَمَّا رَآهُ أَبَوَاهُ بُهِتَا، وقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: “يا ابْنِي، لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هـكَذا؟ فهَا أَنَا وأَبُوكَ كُنَّا نَبْحَثُ عَنْكَ مُتَوَجِّعَين!”. فَقَالَ لَهُمَا: “لِمَاذَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلا تَعْلَمَانِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ في مَا هُوَ لأَبي؟”. َمَّا هُمَا فَلَمْ يَفْهَمَا الكَلامَ الَّذي كَلَّمَهُمَا بِهِ. ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا، وعَادَ إِلى النَّاصِرَة، وكانَ خَاضِعًا لَـهُمَا. وكَانَتْ أُمُّه تَحْفَظُ كُلَّ هـذِهِ الأُمُورِ في قَلْبِهَا. وكَانَ يَسُوعُ يَنْمُو في الـحِكْمَةِ والقَامَةِ والنِّعْمَةِ عِنْدَ اللهِ والنَّاس.
يسوع في الثانية عشرة من عمره يبدأ مرحلة ثانية من حياته الخفية. بدأت الأولى بمولده في بيت لحم وانتهت بعودته غلى الناصرة مع أبيه وأمه، بعد ختانته، وإنهاء عملية الاكتتاب في الإحصاء المسكوني وتسجيل القيود المدنية اللازمة، وهو في اشهر حياته الاولى، هكذا ختم لوقا هذه المرحلة: ” وبعدما أتموا كل شيء بحسب ناموس الرب. عادوا إلى الجليل إلى الناصرة مدينتهم. وكان الطفل ينمو ويتقوى بالروح ويمتلىء حكمة، وكانت نعمة الله عليه” (لو2/39-40).
وبدأت المرحلة الثانية بصعود الصبي يسوع إلى أورشليم في عيد الفصح حسب العادة في كل سنة، تواجد في الهيكل بين العلماء، وانتهت بعودته مع أبيه وأمه إلى الناصرة، وهو في الثانية عشرة من العمر، فعاش فيها مطيعاً لهما، وكان ينمو بالقامة والحكمة والنعمة أمام الله والناس (لو2/41-52). امتدت هذه المرحلة حتى عمر الثلاثين، فشملت فتوة يسوع وشبابه وسنوات الرشد. وتسمى ” حياة يسوع الخفية”، قضاها في الناصرة، يترعرع في العائلة المقدسة، وفي المجتمع الناصري، ويمارس مهنة النجارة مع يوسف ابيه، ويتخللها صعود إلى أورشليم في عيد الفصح، كما كانت عادة عائلته.
أما المرحلة الثالثة فبدأت مع معموديته في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان ” في السنة الخامسة عشرة من ملك طيباريوس قيصر في ولاية بيلاطس البنطي على اليهودية، وفي عهد هيرودس رئيس الربع على الجليل وحنان وقيافا عظيمي الكهنة”. ويسوع في الثلاثين من العمر ” وكان يظن أنه ابن يوسف” (لو3/21-23). هذه المرحلة الثالثة تسمى ” حياته العامة”السابقة لآلامه وموته وقيامته وصعوده، المعروفة ” بمرحلة الفداء والتبرير”. ولما بدأ يسوع رسالته الخلاصية، بعمر الثلاثين، حالاً بعد اعتماده في الأردن، وتجربة الشيطان له أربعين يوماً في البرية (لو4/1-13)، أتى إلى الناصرة، حيث نشأ، ودخل كعادته إلى المجمع يوم السبت، وقام ليقرأ، ففتح سفر أشعيا النبي المكتوب فيه: ” روح الرب عليّ مسحني وأرسلني…” (لو4/14-18).
1- التربية في البيت[3]
تربّى يسوع في عائلة الناصرة على يد يوسف ومريم، وقد أمّنا له المعيشة اللائقة لينمو بالقامة والتربية الخلقية والروحية لينمو بالحكمة والنعمة.
ينال الأبناء والبنات تربيتهم الأساسية في عائلاتهم التي هي: ” المدرسة الأولى” للقيم الخلقية والإنسانية والاجتماعية، و “الكنيسة المنزلية” التي تنقل الإيمان من جيل إلى جيل وتعلّم الصلاة وتحيي الشركة مع الله والناس، و” خلية المجتمع الأساسية” التي يحاك فيها أول نسيج للعلاقات بين الناس” ، و “مشتل الدعوات” حيث يكتشف الشباب دعوتهم في الحياة لعيش ” حضارة المحبة” سواء في الحياة الزوجية أم الكهنوتية أم المكرسة في الرهبانية أو في العالم.
يسوع الإنسان احتاج، ككل الأبناء والبنات، إلى تربية في عائلته. فالتربية ” عطية حرّة” من الوالدين لأولادهم، تبدأ باعطائهم الوجود البشري في الحبل بهم وإنجابهم، ويواصلونها بتربيتهم تربية تدريجية نابعة من الأبوة والأمومة. وكل مولود جديد يعطي بدوره والديه جدّة ونضارة لإنسانيتهم وللإنسانية التي يحملها معه الى العالم . والتربية هي التعبير عن ” الحب الزوجي” الذي يصبح ” الحب الوالدي” في شركة الاشخاص. وهكذا الأهل المربون والخبراء في الإنسانية بسبب الحب الزوجي، يتلقنون بدورهم من أولادهم مزيداً من الانسانية بسبب الحب الوالدي. ولفظة “نحن” التي تجمع الزوج والزوجة تتعمق وتتواصل، عبر الإنجاب والتربية، لتصبح ” نحن” العائلة.
بإنجاب الحياة يشارك الوالدون في عمل الله الخالق، وبالتربية يشاركون في عمل الله المربي، بأبوة وأمومة تنبعان من أبوة الله ” الآب الذي منه تُسمى كل أبوة في السماء وعلى الأرض” ( افسس3/14-15). ذلك أن الكلمة المتجسد كشف لنا أبوّة الله ” وأصول التربية الإلهية”، وكشف للإنسان إنسانيته مع بعدها الحقيقي والكامل في البنوّة الإلهية، التي تتحقق في السّر الفصحي، سرّ موت المسيح وقيامته. وهكذا كل تربية، في العائلة وخارجها، انما تندرج في البعد الخلاصي الذي تتصف به ” اصول التربية الإلهية” (pédagogie divine)، لكي تبلغ الى ملء الإنسانية. ولهذا قيل: ” أن مستقبل البشرية يمرّ عبر الأسرة” و” مستقبل العائلة يمرّ عبر الأعداد الملائم لها”، و” مستقبل المجتمع مرتبط بالقيم الانسانية والخلقية التي يتربى عليها كل مولود، وهي جزء من جوهر الكائن البشري وحقيقته[4] .
تعتبر الكنيسة أن تربية الأولاد في العائلة هي ” حق للوالدين وواجب عليهم”، ينبعان من الحب الزوجي ويتحققان في الحب الوالدي الغني بالرقة والحنان، والطيبة والتجرد، والثبات وروح التضحية. إنه حق وواجب جوهريان بسبب ارتباطهما الوثيق بانجاب الحياة البشرية، وأساسيان لكونهما ينبثقان من رباط الحب الفريد القائم بين الوالدين وأولادهم قبل أي شخص آخر،ولا غنى عنهما أو بديل بحيث أن حق التربية وواجبها لا يُفوّضان كلياً إلى آخرين، ولا يحق لأحد انتزاعهما من الوالدين[5]. إن كل من يقوم بتربية الأولاد، خارج العائلة، في المدرسة أو الجامعة أو الرعية أو أي هيئة أخرى، إنما يقوم به باسم الأهل، وبموافقتهم، وبتكليف منهم نوعاً ما، وفقاً ” لمبدأ الاستعانة” ( principe de subsidiarité )، وهو أن الأهل هم المربون الأولون لأولادهم لأنهم الوالدون، ويشركون في رسالتهم التربوية اشخاصاً آخرين ومؤسسات في الكنيسة والدولة[6].
2. مضمون التربية في البيت
التربية في البيت حسيّة، وثقافية خلقية، ودينية، اختصرها لوقا الإنجيلي بالقول أن الصبي يسوع الذي تربى في الناصرة، في رحاب العائلة المقدسة، ” كان ينمو بالقامة والحكمة والنعمة أمام الله والناس”.
وفر يوسف البار ما يلزم ليسوع من غذاء وكساء، وعلمّه الشريعة والمهنة، وفقاً للواجبات المنوطة بالأب. وهذا ما يفعله كل أب وام. فالعمل هو الأساس الذي عليه تقوم الحياة العائلية، وهو بالتالي الشرط اللازم لقيام العيلة لأنه يوفر لها الوسائل الضرورية لحياتها، ولتحقيق أهدافها، وفي مقدمتها التربية بكل أبعادها الثقافية والخلقية، الاجتماعية والوطنية.
3- ينبغي أن تشمل التربية في البيت: [7]
أ- التربية على القيم الجوهرية للحياة البشرية وهي التحرر من التعلق بالخيرات المادية والعيش بروح البساطة والتجرد، “فقيمة الإنسان في ما هو أكثر منه في ما يملك”؛ روح العدالة والاهتمام بحاجات الغير، ولاسيما الفقراء والمتألمين، بدافع من المحبة وتقاسم خيرات الدنيا الروحية والمادية والثقافية، بروح الترابط والمسؤولية المشتركة.
ب- التربية على الحب كهبة ذات من خلال الرجولة والأنوثة اللتين تميزان شخصية الابن والابنة، وإبراز ” الجنس” من ناحية قيمته التي أرادها له الخالق في تكوين شخصية الفرد، وكرامة غايته في إطار الزواج كتعبير عن الاتحاد الروحي بين الزوجين، وعن العهد الذي قطعاه بتبادل هبة الذات كاملة، وكوسيلة مقدسة لنقل الحياة البشرية وقبول شرف الأبوة والأمومة اللتين تشركهما في أبوة الله الخالق.
ج- التربية على الطهارة كفضيلة تنمي وتطوّر النضج الاصيل للشخص، وعلى قيمة العفة الزوجية، والبتولية قبل الزواج، وعند من دعاهم الله لتكريسها في الحياة الرهبانية والكهنوت كقيمة ساطعة في العالم بوجه شهوة الجسد والغريزة.
د- التربية الدينية التي تمكّن العائلة من أن تكون ” كنيسة منزلية”، تصيّرها فاعل أنجلة ورسالة. هذه التربية حق للوالدين مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحرية الدينية، وبحرية الوالدين في اختيار التربية الدينية والخلقية التي يريدون لأولادهم، والمطابقة لقناعاتهم .
ه- التربية على السلام، وتشمل التربية على احترام النظام الخلقي والقانوني، وعلى العدالة والتضامن والخير العام، وعلى المحبة التي تنعش العدالة وتكملها، وعلى الغفران الذي بدونه لا سلام . هذه الفضائل تشكّل “حضارة المحبة”.” وحيث حضارة المحبة، هناك سلام أصيل ودائم”.
****
صلاة
أيها الرب يسوع، نحن نؤمن بأنك أتيت لتخلص العالم من خطاياه، اجتذبنا إليك لنلتمس منك الخلاص بالتوبة عن خطايانا وقبول نعمة المصالحة من جودة الآب ومحبته. وابعث فينا الحياة الجديدة بالروح القدس.
أيها المسيح سلامنا، ازرع سلامك في قلوبنا، لنعيشه سلاماً مع الخليقة كلها، ولنعيد إلى البيئة الطبيعية جمالها، وهي عطية عجيبة من حكمة الخالق وجودته. يا ابن عائلة الناصرة التي أمّنت لك النمو في القامة والحكمة والنعمة، بارك عائلاتنا بحضورك فيها، ليدرك الأزواج قيمة الأبوة والأمومة، ودعوتهم السامية إلى نقل الحياة البشرية وتربيتها بكل أبعادها الروحية والخلقية والاجتماعية. فنرفع المجد والشكران للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
***
[1] . التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 465-457
Discussion about this post