الأحد الثاني بعد الدنح
سرّ المسيح يكشف سرّ الإنسان
من إنجيل القديس (يوحنا 1/35-42)
في الغد أيضاً كان يوحنا هو واثنان من تلاميذه. ورأى يسوع ماراً فحدّق إليه وقال: ” ها هو حملُ الله. وسمع التلميذان كلامه، فتبعا يسوع. والتفت يسوع، فرآهما يتبعانه، فقال لهما: ” ماذا تطلبان؟” قالا له: ” رابّي، أي يا معلم، اين تقيم؟”. قال لهما: ” تعاليا وانظرا”. فذهبا ونظرا أين يقيم. وأقاما عنده ذلك اليوم، وكانت الساعة نحو الرابعة بعد الظهر. وكان اندراوس أخو سمعان بطرس أحد التلميذين اللذين سمعا كلام يوحنا وتبعا يسوع. ولقي أولاً أخاه سمعان، فقال له: ” وجدنا مشيحا، أي المسيح. وجاء به الى يسوع، فحدق يسوع إليه وقال: ” أنت هو سمعان بن يونا، أنت ستدعى كيفا، أي بطرس الصخرة”.
***
جرى هذا الحدث غداة اعتماد يسوع في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان. فسُمي اعتماده بالغطاس، للدلالة إلى نزوله في الماء وسكبه عليه. وفي المناسبة اعتلن سرّ يسوع أنه ” ابن الله”، وظهر الله في حقيقته انه ثالوث قدوس: الآب بالصوت، والابن بشخص يسوع، والروح القدس بشكل حمامة، فسمي الحدث بالدنح، وهي لفظة سريانية تعني ” الظهور”.
وجاءت شهادة يوحنا المعمدان عن يسوع، في انجيل اليوم، لتكمل اعتلان سرّه ، انه ” حمل الله”، وأضافت شهادة تلميذه اندراوس انه ” المسيح”. فكان أن انكشف في ضوء سرّ المسيح سرُّ الإنسان.
***
أولاً، مضمون النص الإنجيلي
1. حمل الله
سار يسوع في موكب الخطأة الطالبين ” معمودية يوحنا للتوبة ” ( مر1/4)، هو الذي لم يعرف خطيئة. وقد سأل يوماً: ” من منكم يستطيع أن يبكتني على خطيئة؟” ( يو8/46). وسيقول عنه بولس الرسول: ” هو مجرّب في كل شيء مثلنا، ما عدا الخطيئة” ( عبرانيين4/15). ونقول في القداس الماروني: ” واحد ظهر على الأرض بلا خطيئة هو ربنا يسوع المسيح، غفران جنسنا العظيم”. هذا لا ينفي أن سيدتنا مريم العذراء الكلية القداسة هي أيضاً ظهرت من دون خطيئة، لكن الذي عصمها من خطيئة آدم الأصلية هو الله باستحقاقات من سيكون ابنها يسوع المسيح، ابن الله المتجسد، وعصمتها النعمة الإلهية من كل خطيئة شخصية بتجاوبها الكامل معها، فكانت الأم القدوسة للابن القدوس، فادي الإنسان ومخلص العالم.
لكن يوحنا المعمدان، الممتلىء من الروح القدس، رأى فيه ” حمل الله” الذي يدشّن رسالة الفداء، هو الذي قال أنه أتى ” ليبذل نفسه فدىً عن الكثيرين” ( مر10/45). بهذه الكلمة استبق معمودية الدم بموته على الصليب، تكفيراً عن خطايانا وغفرناً عنها، وستكتمل معموديته بقيامته التي تفجرت منها الحياة الإلهية في المؤمنين. المعمودية بحدّ ذاتها عبور فصحي بالموت والقيامة: الموت عن حالة الخطيئة، والقيامة إلى حالة النعمة.
شهادة يوحنا المعمدان عن يسوع ” حمل الله” هي شهادة نبوية: ففيما سماّه أشعيا النبي ” عبد يهوه” أو ” خادم الله المتألم”، وشبّهه بحمل صامت يساق الى الذبح، ولا يفتح فاه، وهو يحمل خطايا الكثيرين ويشفع في معاصيهم” ( اشعيا53/7 و12)، اعتبره يوحنا المعمدان هذا الحمل الفصحي إياه، المرموز إليه بحمل الفصح اليهودي ( خروج 12/2). سيقول عنه فيما بعد بولس الرسول: ” لقد ذُبح حمل فصحنا وهو المسيح” ( 1كور5/7)، و” لم يُكسر له عظم” ( يو19/36)، كما ترسم الشريعة بالنسبة الى حمل الفصح اليهودي ( خروج12/46).
حمل الله يعني الفادي الإلهي الذي أرسله الله، فأتمّ بموته وقيامته الفداء، و” اشترانا بثمن دمه الغالي، لكي لا نصير عبيداً لأحد” ( 1كور6/20؛7/23)، مكتسباً الخلاص لجميع الناس، وباعثاً فينا قوة الرجاء الذي لا يُقهر، والذي يعضدنا في تعزيز العدالة والسلام، ويمكّننا من الانتصار على الشر بالخير ( روم12/21)، وعلى بناء عالم أفضل. هذا الحمل الفادي الإلهي يسميّه بولس الرسول ” سرّ التقوى” (1تيم 3/16) الذي ” يرفع”، يزيل، ” سرّ الإثم الحاضر والفاعل في العالم” (2تسا2/6-7)، ويعطي الانسان ما يكفيه من الطاقات لمقاومة سرّ الإثم، الذي يسميه الرب يسوع ” ابواب الجحيم” ( متى16/18) وقداسة البابا بندكتوس السادس عشر ” قوى الظلمة” (المقابلة العامة في 22/11/2006). ذلك بفضل اتحاد المسيح بكل انسان، وهو اتحاد تمّ بتجسّد ابن الله والفداء بموته، والتبرير بقيامته، وبحلول الروح القدس الذي يملاء العالم (الكنيسة في عالم اليوم، 22؛ حكمة 1/7).
في زمن يتفشى فيه ” سرّ الإثم” ويكثر الشر والقتل والحقد، وتتسع رقعة العداوات والانقسامات، ويؤثر الناس والمسؤولون لغة العنف والحرب والترهيب، من الضرورة أن نوجّه العقل والإرادة والقلب إلى المسيح الرب الذي هو وحده فادينا، فادي الإنسان، وأن نتلّمس وجهه لأن فيه وحده الخلاص، لكونه ” ابن الله الذي تأنس من اجلنا ومن أجل خلاصنا” ( قانون الإيمان). إنه حاضر في الكنيسة التي هي جسده، ويعمل بواسطتها وهو رأس هذا الجسد؟ ” الكنيسة هي في المسيح كالسّر، أي هي علامة الاتحاد الحميم بالله وأداته، وهي كذلك علامة وحدة الجنس البشري كله واداتها (الدستور العقائدي: في الكنيسة،5). هذه الشركة العامودية مع الله والأفقية مع جميع الناس، هي ثمرة الفداء بدم ” الحمل الإلهي”، وهي رسالة الكنيسة في عالمنا.
2. المسيح
” وجدنا المسيح! ” (يو1/41). هذه شهادة اندراوس أحد تلميذي يوحنا المعمدان اللذين تبعا يسوع، أعطاها لأخيه سمعان بطرس بعد أن قضى النهار معه بصحبة تلميذ آخر. إنه وجه جديد من شخصية يسوع يضاف إلى كونه ” حمل الله”، فهو ” المسيح” الذي، حسب اللفظة الآرامية، ” مسحه لله بالروح القدس” (اعمال10/38)، وكرّسه لرسالة الفداء، نبياً وكاهناً وملكاً بامتياز لكونه ” ابن الله”، بشهادة يوحنا المعمدان أمام التلميذين (اعمال1/34). لقد جرت ” مسحة التكريس” ساعة قبوله المعمودية على يد المعمدان، إذ انفتحت السماوات، وحلّ عليه الروح القدس بشبه حمامة، وأعلنه الآب بالصوت: ” أنت ابني الحبيب، بك سررت” ( لو3/22).
شهادة اندراوس مكتَسبة من ” إقامته مع يسوع طيلة النهار”، بفضل الروح القدس الذي ناله هو أيضاً بنتيجة هذه “الإقامة”. فمن يلتقي يسوع بإيمان ينال هبة الروح القدس. في الواقع، اندراوس رجل إيمان ورجاء. بتتلمذه ليوحنا كان يبحث بشوق عن المسيح ويشارك شعبه في رجاء انتظاره. فما أن سمع من المعمدان ان يسوع هو ” حمل الله”، حتى سار وراءه وتبعه، فكان المدعو الاول. ولما اكتشف المسيح، صار رسوله فأخذ اخاه سمعان وجاء به الى يسوع. ” اندراوس” اسم يوناني اللفظة، تكرّمه الكنيسة البيزنطية بلقب بروتوكليتوس- Proto‘klitos الذي يعني ” المدعو الاول”.
ثمة رابط عضوي بين لقبي يسوع الجوهريين: حمل الله والمسيح. فيسوع هو مرسل الآب، ” مسحه” مالئاً بشريته من الروح القدس، وأرسله ليبذل نفسه فدىً عن الكثرين (متى20/28). لفظة مسيح تنطوي في آن على الإرسال والفداء. وهكذا تكتمل شهادتا يوحنا المعمدان واندراوس: ” يسوع هو ابن الله المرسل بمسحة الروح القدس لفداء العالم”.
3. سرّ الإنسان: حب وطاعة
يسوع المسيح، هذا ” النور الذي ينير كل إنسان آتٍ إلى العالم” ( يو1/9)، عندما يدعو انساناً ” ليأتي وينظر”، كما دعا التلميذين (يو1/39)، يكشف ذاته لهذا المدعو، ويكشف له سرّ الإنسان. لقد كشف يسوع نفسه لاندراوس، فعرفه أنه ” المسيح”، وكشف لسمعان بن يونا، شقيق اندراوس الذي اقتاده الى يسوع، دعوته في الحياة، فحوّل اسمه من سمعان الى بطرس اي الصخرة. وبعد ايام، ” فيما كان يسوع سائراً على شاطىء البحر رأى سمعان واندراوس يلقيان الشباك في الماء، فقال لهما: اتبعاني، اجعلكما صيادي البشر! وللحال تركا شباكهما وتبعاه” ( مر1/16-18).
حب وطاعة، هذه هي قصة الإنسان مع الله. أحب اندراوس يسوع، على شهادة المعمدان، وتبعه مع التلميذ الآخر، ومكث عنده طوال النهار، وفهمه على حقيقته أنه ” المسيح”. وعندما دعاه ليتبعه نهائياً اطاع النداء وترك كل شيء وتبعه. كذلك سمعان أخوه أحب يسوع وجاء يبحث عنه، على شهادة اندراوس، فبادره يسوع بانه يعرفه ويعرف اسمه وبدّله إلى ” بطرس-الصخرة”. ولما مرّ به يسوع على شاطىء البحيرة وقال له: ” اتبعني”، أطاع وترك الشباك وتبعه.
يقول الطوباوي شارل دي فوكولد أن حياتنا ” سير على دروب الله غير المتوقعه”. فعندما يأتي الله في حياتنا، من خلال أية حالة أو ظرف، و” يأمر”، ينبغي أن نطيع. ولكن الذي يطيع هو من تعوّد على محبة الله. لبّى سمعان واندراوس دعوة يسوع في لحظة وتركا كل شيء وتبعاه (لو5/11), لآن حياتهما السابقة كانت مبنية على حبّ في القلب لله، وتعوّدا، دونما شك، أن يقولا ” نعم” في كل لحظة. المحبة اساس الطاعة الأصيلة والسخية التي تنفي كل شعور بالعبودية. ألم يقل الرب يسوع: ” من يحبني يحفظ وصاياي!” (يو14/15). وأعطانا المثل بنفسه: ” أتيت لأصنع مشيئة الآب الذي أرسلني” ( يو6/38). قبل ساعات من تسليم ذاته للصلب فدى عن البشرية جمعاء، قال: ” ينبغي أن يعرف العالم أنني أحبّ الآب، وأنني أعمل بما أوصاني به ” ( يو14/31). هذا هو الرباط بين المحبة والطاعة.
إن لله تدبيراً لكل واحد منا في تاريخ الخلاص. ما يعني أن له دوره الخاص في تتميم إرادة الله عبر التاريخ. ولهذا علّمنا الرب يسوع في صلاة الأبانا ان نقول: ” لتكن مشيئتك”. لا يوحي لنا الله إرادته بظهور ملاك او بصوت واضح وصريح، بل نكتشفها نحن بالصلاة وسماع كلامه في الكتب المقدسة، واستلهام الروح القدس، وقراءة علامات الأزمنة، وتسليط أنوار الكلمة، يسوع المسيح، على هذا الحدث أو ذاك في حياتنا اليومية. الله يقود خطانا بواسطة رسول هو كل حدث يومي أو ظرف. يقول الطوباوي الأخ شارل: لندع ذواتنا بين يدي الله بأمانة وحب وطاعة كبيرة، ليقودنا إلى حيث يشاء. والأخت الصغيرة مدلين كانت تردد: ” أخذني الله بيده، فتبعته بطاعة عمياء”. هذه حال الرسولين اندراوس وسمعان- بطرس في إنجيل اليوم.
مع الله نعيش يوماً بيوم، ولحظة بلحظة، متممين إرادته، كيفما تجلّت، فنكون في سلام داخلي عميق. نخطط للمستقبل بإرادتنا التي تتكيّف وفقاً لإرادة الله، الذي غالباً ما يأتي بمبادرات تخالف مشاريعنا، وتقتضي تبديل اتجاهها.
***
ثانياً، وجوه من كبار الدنيا نالوا ثمار الفداء
ثمار الفداء جارية في التاريخ مذ رُفع يسوع عن الارض، وراح يجتذب كل إنسان ( راجع يوحنا 12/32). إنها جارية بواسطة المعمودية، هذا الخلق الجديد بالمسيح، الذي شمل ملوكاً وشعوباً، ما جعل المسيحية تنتشر وتشكل حضارة الشعوب. رأينا في الاسبوع الماضي انتشار المسيحية في روسيا بواسطة معمودية فلاديمير أمير كييف ومعمودية شعبها. ونستعرض اليوم معمودية كلوفيس Clovis ( 495-511) أول ملوك فرنسا الفرنج ( 481)، جرماني الأصل ووثني.
سعى الاساقفة الفرنج إلى أن يتزوج كلوفيس من كلوتيلد الكاثوليكية، وهي من أسرة ملوكية، فكان أن اجتذبته إلى الإيمان المسيحي الكاثوليكي في بلد كانت فيه بدعة آريوس تشكل الغالبية. في حربه ضد الألمان التجأ إلى إله كلوتيلد، وقطع وعداً بأن يعتمد إذا نصره على أعدائه، فكان الانتصار العجيب. وفيما راح يتردد بين اعتناق الاريوسية أو الدين الكاثوليكي، دبّرت كلوتيلد لقاء بين كلوفيس ومطران Reims الأسقف ريمي لمناقشة العلاقة بين اللاهوت والسياسة. وإذ ظل كلوفيس متردداً، أشارت إليه جنفياف النبية حامية باريس ان يقوم بزيارة الى ضريح القديس مرتينوس في Tours. فوجد مدينة تحوّلت إلى مركز روحي كبير حيث يجتمع جماهير المؤمنين في يوم عيده، 11 تشرين الثاني. وصل اليها كلوفيس في تلك المناسبة من سنة 499. ورأى هناك حول ضريح القديس ومزاره كل أنواع البؤس في مملكته باعداد كبيرة من العرج والعميان والمصابين بشتى الإعاقات، وشاهد العديد من الشفاءات. فكان له وحي إلهي جديد، اجتذبه بالله الكلي القدرة. فأدرك أن قوة الله ليست بالجيوش المنتصرة بل برحمته. طلب المعمودية وقبلها في عيد الميلاد سنة 499 في Reims، مع 3000 مقاتل من حرسه الخاّص. وقال الكلمة الشهيرة: ” ليس من السهل أن يتفلّت أحد من يد الله”. فسلّم ذاته للرب وتركه يحوّله من عمق أعماقه.
بفضل المعمودية تبدلت طريقة حكم الملك كلوفيس، وحقق الانتصارات في حروبه، واعتنى عناية كبيرة بتجنيب المدنيين وتحرير أسرى الحرب. فنال من امبراطور الشرق الروماني، انستازAnastase، لقب حامي الإرث الروماني الروحي والزمني. وبطلب من كلوفيس انعقد قبيل وفاته مجمع Orléans سنة 500 الذي صلح العادات ووحد الشعوب الفرنسية الرومانية، وعزّز الدين المسيحي، وصحح الممارسات الجرمانية القائمة على القوة والعنف.
شكّل كلوفيس للأجيال التي تليه نموذجاً ومرجعية وملكاً كبيراً، وترك لها إرثاً مسيحياً عظيماً. بمعموديته بدّل المستقبل إذ معه انتهت سلسلة الملوك الفرنج الوثنيين. وهكذا تمكن ارتداد رجل من تغيير وجه شعب، وترك في التاريخ أثر رجاء ونورعظيم.
ما أحوج وطننا وهذه المنطقة من العالم إلى ارتداد ملوك ورؤساء لكي تسلم الشعوب وينبثق فجر السلام!
***
ثالثاً، الخطة الراعوية
تتناول الخطة الراعوية النص الثاني من نصوص المجمع البطريركي الماروني، وهو بعنوان: هوية الكنيسة المارونية ودعوتها ورسالتها. نفكرّ معاً في العنصر الثالث من هويتها وهو أنها كنيسة خلقيدونية ( الفقرات 14-17).
1. هي خلقيدونية، نسبة إلى مجمع خلقيدونيا، المجمع المسكوني الرابع المنعقد سنة 451 الذي أثبت أن المسيح هو في طبيعتين كاملتين الهية وإنسانية، متحدتين بشخص ربنا يسوع المسيح. وبهذا تأكيد على إنسانية السيد المسيح وعلى حقيقة التجسّد والخلاص. هذا الغيمان اعترف به رهبان دير مار مارون، مهد الكنيسة المارونية.
الميزة الاولى التي ينبغي وعيها والشهادة لها في حياتنا هي الامانة لسرّ التدبير الخلاصي، الذي وضعه الله بالمسيح للبشرية جمعاء (فقرة 14).
2. وكون كنيستنا خلقيدونية، فقد بدأت ظهورها لأول مرة في اتحادها مع كرسي بطرس في روما، لأن العقيدة التي أعلنها المجمع قد حددها البابا لاوون الكبير في الرسالة الموجهة سنة 449 الى فلافيانوس بطريرك القسطنطينية بشأن الطبيعتين في المسيح، خلافاً للقائلين بأن فيه طبيعة واحدة بعد التجسّد، حيث تتلاشى الإنسانية في الألوهية، وهذا يؤدي إلى افراغ حدث التجسد من معناه الخلاصي.
الميزة الثانية في حياتنا وشهادتنا هي الأمانة لمفاعيل سرّ التجسد عبر اتحادنا بالله في المسيح بواسطة سرّ الأفخارستيا: ” وحدّت يا رب لاهوتك بناسوتنا، وناسوتنا بلاهوتك، حياتك بموتنا وموتنا بحياتك. أخذت ما لنا وأعطيتنا ما لك، لتحيينا وتخلّصنا، لك المجد إلى الأبد”( نافور القداس الماروني) ( فقرة 15).
3. الهوية الخلقيدونية هي الأساس لدعوة الكنيسة المارونية ورسالتها أعني لأن تعيش روحانية التجسّد في بيئتها اللبنانية والمشرقية. فيسعى أبناؤها مع شركائهم في المصير، من مسيحين ومسلمين، إلى العمل معاً من أجل ترقي الإنسان والمجتمع، ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. وبذلك يستعيد الإنسان بهاء صورة الله فيه، المتجلية بشخص المسيح، ويحافظ على كرامته ويعززها (فقرة 17).
***
صلاة
أيها الرب يسوع أعطنا أن ندرك كل يوم أنك تدعونا إلى مدرستك، حيث نتعلّم من شخصك وأقوالك وأفعالك أن نشهد للقيم الروحية والخلقية في بيئتنا، قيم الطيبة والجودة والاستقرار. علّمنا أن نكون حاضرين بقرب العائلات التي تعاني من التعب والمرض والفقر والخلافات، لنزرع فيها الوئام والطمأنينة والسلام. علّمنا كيف نجعل عائلاتنا مدرسة إيمان وتجرد ونشاط، فتكون في خدمة العائلة الوطنية الأكبر، لك المجد مع الآب والروح القدس، إلى الأبد، آمين.
Discussion about this post