تذكار الموتى المؤمنين
بنور الإيمان والرجاء والمحبة نحيا وننتظر الموت
رسالة القديس بولس إلى أهل تسالونيكي 5/1-11
إنجيل القديس لوقا 16/19-31
نذكر اليوم موتانا وسائر الموتى المؤمنين الذين هم في حالة المطهر، أي حالة التنقية من آثار الخطايا والشرور، استعداداً وتأهيلاً لمشاهدة وجه الله في سعادة السماء. في ذكراهم يكشف لنا بولس الرسول في رسالة هذا الأحد أن حياتنا التاريخية مسيرة في النور، استعداداً لملاقاة الله عند ساعة الموت. والرب يسوع في الغنجيل يكشف لنا أن مسيرة النور هي عيش المحبة بتقاسم الخيرات المادية والروحية والثقافية مع من هم في عوز وحاجة إليها. من يمارس المحبة والتقاسم يسير في النور الهادي إلى الخلاص الابدي، والذي لا يمارسها يعبيش في ظلمة تؤدي به إلى الهلاك الأبدي في جهنم النار.
أولاً عام القديس بولس الرسول وشرح الرسالة والإنجيل
1- رسالة القديس بولس غلى أهل تسالونيكي:1 تس5/1-11
أَمَّا الأَزْمِنَةُ والأَوقَات، أَيُّهَا الإِخْوَة، فلا حَاجَةَ بِكُم أَنْ يُكْتَبَ إِلَيْكُم في شَأْنِهَا؛ لأَنَّكُم تَعْلَمُونَ جَيِّدًا أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ يأْتي كَالسَّارِقِ لَيْلاً. فحِينَ يَقُولُون: سَلامٌ وأَمْنٌ! حِينَئِذٍ يَدْهَمُهُمُ الـهَلاكُ دَهْمَ الْمَخَاضِ لِلحُبْلى، ولا يُفْلِتُون. أَمَّا أَنْتُم، أَيُّها الإِخْوَة، فَلَسْتُم في ظُلْمَةٍ لِيُفَاجِئَكُم ذـلِكَ اليَومُ كالسَّارِق. فأَنْتُم كُلُّكُم أَبْنَاءُ النُّور، وأَبْنَاءُ النَّهَار؛ ولَسْنَا أَبْنَاءَ اللَّيلِ ولا أَبْنَاءَ الظُّلْمَة. إِذًا فلا نَنَمْ كَسَائِر الـنَّاس، بَلْ لِنَسْهَرْ وَنَصْحُ؛ لأَنَّ الَّذِينَ يَنَامُونَ فَفي اللَّيلِ يَنَامُون، والَّذِينَ يَسْكَرُونَ فَفي اللَّيلِ يَسْكَرُون.أَمَّا نَحْنُ أَبْنَاءَ النَّهَار، فَلْنَصْحُ لابِسِينَ دِرْعَ الإِيْمَانِ والـمَحَبَّة، ووَاضِعِينَ خُوذَةَ رَجَاءِ الـخَلاص. فإِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلغَضَب، بَلْ لإِحْرَازِ الـخَلاصِ بَرَبِّنَا يَسُوعَ الـمَسِيح، الَّذي مَاتَ مِنْ أَجْلِنَا، لِنَحْيَا مَعَهُ سَاهِرِينَ كُنَّا أَمْ نِائِمِين. فَلِذـلِكَ شَجِّعُوا بَعضُكُم بَعْضًا، وَلْيَبْنِ الوَاحِدُ الآخَر، كَمَا أَنْتُم فَاعِلُون.
الحياة التاريخية مسيرة في نور كلمة الله الهادية للعقول، ونعمته الشافية للإرادات، ومحبته المنعشة للقلوب. بالمعمودية، المدعوّة ” سرّ الاستنارة”، ينال المسيحي نور الفضائل الإلهية: الإيمان للعقل، والرجاء للإرادة، والمحبة للقلب. بها ينصرف إلى بناء حياته التاريخية في العائلة والمجتمع والكنيسة، ويستعد لمواجهة ” مجيء الرب” عند ساعة الموت. هكذا يخاطب المسيحيين الذين استناروا بالمعمودية:
” أنتم ابناء النور وابناء النهار، لا ابناء الليل ولا ابناء الظلمة. فلنصحُ إذن لابسين درع الإيمان والمحبة، وواضعين خوذة رجاء الخلاص” (الآيتان 5 و8).
ساعة الموت، يسميها بولس الرسول ” مجيء الرب المفاجيء”، ويشبّهه بمجيء السارق ليلاً (الآية2). ما يعني أن المسيحي يعيش بثبات الرجاء، فلا يغريه الانتصار المرموز إليه “بالأمن والسلام”، ولا يتناسى مجيء الرب. بل عليه أن يظل دائماً في حالة سهر وانتظار.
هذه دعوة إلى تخطي الركود والرتابة، وهي حالة تنتج عن عدم الربط بين الصلاة والعمل، بين إرادة الله وحاجات الغنسان، بين كلام الله ونداءات المجتمع. على المسيحي، عندما يصلي، أن يرفع عيناً إلى الآب السماوي لاكتشاف غرادته المحبة والرحومة، وعيناً إلى الناس الذين يتخبطون في حاجاتهم المادية والروحية والثقافية.
في هذا الموقف المسيحي تبقى أمام أعيننا اللوحة الإنجيلية التالية:
” رأى يسوع، من على الشاطىء، التلاميذ منهوكين من التجديف في سفينتهم وسط البحيرة، لأن الريح كانت مخالفة لهم، فجاء إليهم في آخر الليل ماشياً على البحيرة… وقال لهم: ” ثقوا! أنا هو لا تخافوا” ( مرقس6/50،48،47).
” السهر”، حسب بولس: ” لنسهرْ ونصحُ” (الآية 6)، ليس فقط على المستوى العقلي، بل أيضاً على المستوى الاخلاقي، المرموز اليه ” بالسّكر” (الآية7)، وإلا نلنا غضب الله. ومعلوم ان الله جعلنا لإحراز الخلاص بربنا يسوع المسيح الذي مات من أجلنا ، لنحيا معاً (الآيتان9 و10)، بقيامة العقول والقلوب.
2- السهر والسير في النور بتقاسم خيرات الدنيا: إنجيل القديس لوقا: 16/19-31.
بمثل الغني ولعازر، يؤكد الرب يسوع ان الثروة التي يملكها الإنسان روحية كانت أم مادية، ثقافية أم اجتماعية، هي معدّة من الله لجميع الناس. كتب خادم الله البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة ” الاهتمام بالشأن الاجتماعي”: ” خيرات هذه الارض في الأصل معدّة لجميع الناس. الحق في الملكية الخاصة حق مقبول وضروري، لكنه لا يلغي أهمية هذا المبدأ. فعلى الملكية يقع ” رهن اجتماعي”، أي أننا نميّز فيها، كصفة ذاتية، وظيفة اجتماعية يؤسسها ويبررها مبدأ الشمولية في غاية استعمال الخيرات. في التزامنا بالفقراء، يجب ألا نهمل نوع الفقر الذي هو حرمان الشخص حقوقه الأساسية، ولاسيما الحق في حرية التعبير والمعتقد والحق في المبادرة الاقتصادية” ( فقرة42). مشكلة الغني ليست في غناه، الذي هو عطية من الله: ” فالفقر والغنى من عند الرب” (سيراخ11/14)، بل في اعتبار ثروته منه وله، واهمال لعازر المسكين المنطرح عند بابه مثخناً بالجروح الجسدية والنفسية.
هذا الواقع المرير لا يقتصر على الأفراد، بل يشمل الجماعات في المجتمع المحلي والدولي: ” الغني” هو السلطة السياسة و ” الفقير” هو الشعب: ” الحب المفضّل للفقراء يتعلق بحياة كل مسيحي، من حيث يقتدي بحياة المسيح، وينطبق ايضاً على مسؤولياتنا الاجتماعية، وطريقة عيشنا، وعلى القرارات التي يجب ان نتخذها بشأن الملكية واستعمال الخيرات. اما اليوم، ونظراً إلى البعد العالمي للقضية الاجتماعية، فإن الحب المفضّل للفقراء والقرارات التي يوحي لنا بها لا يمكنها إلا أن تشمل الجماهير الكثيرة من الجائعين، والمتسولين، الذين لا ملجأ لهم، والذين تنقصهم العناية الطبية، وبخاصة الذين يعوزهم الرجاء بمستقبل افضل. نكران هذه الحقائق يُعتبر تشبها” بالغني المتخم الذي تجاهل لعازر المسكين المنطرح عند باب بيته” ( الاهتمام بالشأن الاجتماعي، 42).
الموت هو ساعة الحساب: ” الله يجازي الإنسان بحسب أعماله يوم الموت” (سيراخ 11/26-27). حقيقة الإنسان تنكشف يوم الحساب الأخير: ” في آخرة الإنسان تنكشف اعماله… لا تغبط احداً قبل موته، فان الرجل يعرف عند موته” ( سيراخ11/27-28). المهم ألا يربح الإنسان حطام الدنيا ويخسر نفسه: ” ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه،
أو ماذا يعطي الإنسان فدى عن نفسه” (نر8/36-37). هذا الواقع صوّره الرب يسوع في لوحة الغني ولعازر: الأول في عذاب الجحيم، والثاني في نعيم السماء (لو16/22-24).
أي أبدية تهيء لنفسك. حياتنا تمرّ بسرعة جنونية: ” ألف سنة في عينك يا رب، كيوم أمس العابر وكهجعة من الليل” ( مز90/4). الأبدية وحدها تدوم: ” تذكر أنك قبلت خيراتك في حياتك ولعازر بلاياه. وها هو الآن يستريح هنا وأنت تتعذب هناك”. ( لو16 /24-25). يوصينا يشوع بن سيراخ: ” لا تعتمد على أموالك، ولا تقل : إنها تكفيني… من الذي يتسلط علي؟ فانت لا تعلم كم يمضي من زمان حتى تترك ذلك لغيرك وتموت. وان الرب يعاقبك عقاباُ ( سيراخ5/3؛11/19). ويؤكد: ” في يوم الخيرات تُنسى البلايا، وفي يوم البلايا لا تذكر الخيرات، ساعة سؤ تنسي اللذات” ( سيراخ11/25-27).
تصلي الكنيسة من اجل الموتى لكي يرأف الله بهم باستحقاقات الام الفادي، واعمال الرحمة والخير التي نقوم بها على نيتهم والإماتات والأصوام التي نمارسها، والقداسات التي نقدمها من أجلهم. وتعلّم الكنيسة الحقيقية للناس لخلاصهم: ” عندهم موسى والأنبياء، فليسمعوا لهم” ( لو16/29).
4- الإيمان بالمسيح والشهادة لمحبته يبرران الإنسان
في عام القديس بولس تكلم قداسة البابا بندكتوس السادس عشر عن التبرير في تعليم القديس بولس الرسول[1].
يؤكد بولس الرسول في رسائله أن الإنسان يتبرر بالغيمان بيسوع المسيح، المنفتح على المحبة. المؤمن ينظر الى المسيح، يسلّم ذاته له، يتمسّك به، يتشبّه به وبحياته. حياة المسيح هي محبته. إذن الغيمان هو التشبّه بالمسيح والدخول في محبته. ويقول الرسول في رسالته إلى أهل غلاطية، حيث يتوسّع في عقيدة التبرير: ” إن الشريعة الإيمانية كلها تكتمل في كلمة واحدة، وهي أن تحب قريبك كنفسك”: ( غلا5/14).
إننا نتبرر بدخولنا في شركة مع المسيح الذي هو محبة، ما يعني دخولنا في شركة المحبة مع جميع الناس، وبخاصة من هم في عوز أو حاجة، من اي نوع كانت. هذا ما يعلّمه الرب في إنجيل الغني ولعازر. فالشركة مع المسيح والإيمان بالمسيح يخلقان المحبة. والمحبة هي تحقيق الشركة مع المسيح. عندما نتحد به بالإيمان والمحبة نوجد مبررين أمام الله.
الغني الذي لم يدخل في شركة المحبة مع لعازر، وُجد بعيداً عن الله، فنال الهلاك. المسافة التي أبعدته عن لعازر وهو أمام باب بيته، ظهرت شاسعة بعد موته، ابتعاد الجحيم عن السماء: ” تذكر انك نلت خيراتك في حياتك، ولعازر بلاياه. والآن هو يتعزى هنا، وأنت تتوجع هناك. ومع هذا كله ، فان بيننا وبينكم هوّة عظيمة ثابتة” ( لو 16/25-26).
***
ثانياً، البطاركة الموارنة ولبنان
البطريرك بولس مسعد (1854-1890)
هو من مواليد عشقوت سنة 1806. درس في مدرسة عين ورقه ثم في مدرسة مجمع نشر الإيمان في رومة. عيّنه البطريرك يوسف حبيش أمين سره، ثم رقاه إلى أسقفية طرسوس شرفاً وجعله نائباً بطريركياً في الروحيات وله من العمر 35 سنة، انتخبه مجمع المطارنة بطريركاً في 12 تشرين الثاني 1854 وهو بعمر 48 سنة، بالصوت الحي وبالإإإجماع التام. كان عالماً كبيراً ومؤرخاً وكاتباً، حادّ الذكاء، وذا إرادة صلبة. منحه درع الشركة البابا بيوس التاسع في 23 اذار 1855.
قاد الكنيسة المارونية بسداد وغيرة، وواجه الأحداث السياسية بحكمة ودراية.
1- كنسياً، عقد مجمعاً مارونياً في دير بكركي سنة 1865 دام ثلاثة أيام (11-13 نيسان)، وقد سبقه اثنا عشر مجمعاً بدءاً من مجمع سنة 1580 في عهد البطريرك مخايل الرزي. مجمع البطريرك مسعد هو أطول المجامع المارونية بعد المجمع اللبناني (1736). جاء مطابقاً لهذا المجمع ومؤيداً له إلاّ في بعض الأمور التي اقتضى العصر تبديلها او تلطيفها.
ترك مؤلفات عدة نذكر منها كتابة الموسوم بالدّر المنظوم، رداً على المسائل والأجوبة المعزوّة إلى البطريرك مكسيموس مظلوم، وكتاب في انبثاق الروح القدس من الآب والابن، والسجل الكبير الذي جمع أوراق الكرسي البطريركي، وتاريخ الأسرة الخازنية، ومقالة في دوام باولية العذراء، وسواها من المقالات.
2 .سياسياً، تصرف بكثير من الحنان مع المسيحيين من مختلف الطوائف، الفارّين من الشوف أثر حوادث 1860 التي راح ضحيتها العديد منهم ولاسيما الموارنة. وانفق عليهم مبالغ طائلة.
واجه بكثير من الحكمة والفطنة الأحداث المعروفة بثورة يوسف بك كرم على العثمانيين، وثورة الفلاحين التي قادها طانيوس شاهين.
3. على مستوى العلاقات العامة، قام برحلة طويلة سنة 1867، بدأها في رومة حيث شارك في الاحتفالات بمناسبة ذكرى مرور 1800 سنة لاستشهاد الرسولين بطرس وبولس. ثم انتقل إلى باريس وقام بزيارة رسمية إلى الملك نابوليون الثالث. بعدها سار إلى القسطنطينية حيث حلّ ضيفاً على السلطان الغازي عبد العزيز خان من 11 إلى 23 ايلول. فأكرمه وانزله وحاشيته المؤلفة من 11 شخصاً بين مطارنة وكهنة وعلمانيين في دار من افخر الدور، حيث اُقيم بأمر السلطان معبد للفروض الدينية، وعُينّت عربتان واربعة فرسان للسير بمعية البطريرك[2].
توفي البطريرك بولس مسعد في 18 نيسان 1890 وله من العمر 85 سنة، بعد أن ساس البطريركية مدة 36 سنة. ودُفن في كنيسة مار بطرس وبولس لآل مسعد في عشقوت.
ثالثاً، الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريركي الماروني
تتناول الخطة الراعوية من النص المجمعي 13: الرعية والعمل الراعوي، موضوع: دور الرعية (الفقرات 17-20).
دور الرعية هو دور الكنيسة، حاملة رسالة التبشير بملكوت الله والمسيح وإنشائه على الأرض. انه يبدأ في الكنيسة ويكتمل في الملكوت السماوي. هذه الرسالة هي مشاركة المسيح النبي بخدمة الكرازة وتعليم الإنجيل، والكاهن بخدمة التقديس في العبادة الإلهية والأسرار، والملك بخدمة المحبة.
دوركاهن الرعية المقام في كهنوت الخدمة أن يوجّه المؤمنين ويساعدهم على عيش كهنوتهم العام الذي انتموا اليه بالمعمودية والميرون. فيعيش الجميع المشاركة في كهنوت المسيح المثلث.
1. يعيشون المشاركة في الخدمة النبوية عندما يتمسكون تمسكاً ثابتاً بالإيمان، ويشهدون له ولجدّة الإنجيل في الحياة اليومية، في العائلة والمجتمع. دور الرعية ان تكون ” مدرسة إيمان”: تعلنه وتربي عليه وتشهد له. هذا هو المقياس – الدليل لكل عمل رعوي، بل هو المطلب الأساسي الذي ترتكز عليه كل حياة الرعية ورسالتها.
2- ويعيشون المشاركة في الخدمة التقديسية عندما يمارسون أسرار الخلاص والصلوات والليتورجية العمومية والخاصة، ويجعلون من نشاطاتهم وأعمالهم في الرعية والمجتمع، ومن حياتهم الزوجية والعائلية، وواجباتهم الخاصة والعامة، قرابين روحية يقدمونها لله بالمسيح، ويضمونها الى قربان جسده ودمه. وبهذا يسلكون طريق القداسة. دور الرعية أن توفر للمؤمنين هذا المجال، وأن تكون السبيل إلى القداسة، والطريق إلى الالتقاء بالله، بمحبة الآب ونعمة الابن وهداية الروح القدس.
3- ويعيشون المشاركة في وظيفة المسيح الملوكية، عندما ينهجون نهج المسيح الملك الذي “أتى لا ليُخدم بل ليَخدم، ويبذل نفسه فداءً عن الكثيرين (متى20/28)؛ وعندما ينتزعون الخطيئة بقداسة حياتهم، ويخدمون إخوتهم بتواضع وصبر، ولاسيما الفقراء والمتألمين من بينهم، الذين ترى فيهم الكنيسة صورة المسيح الفقير والمتألم، والذين دعاهم ” إخوته الصغار”؛ وعندما يعملون على تدمير قوى الشر والظلم بروح الخير والعدالة والحقيقة. دور الرعية أن تواصل حياة الجماعة الكنسية الاولى في عهد الرسل، أي المواظبة على التعليم والقربان والمشاركة في ما يملكون لخدمة الفقراء. ما جعلهم قلباً واحدا ونفساً واحدة، ولم يكن بينهم محتاج (اعمال الرسل2/44-45). دورها إحياء الشراكة بين الغني والفقير، وتنظيم الشراكة بين الجميع لتلبية حاجات الفقراء والمرضى، على مستوى الرعية والأبرشية والكنيسة ككل.
***
صلاة
أيها الرب يسوع، اعطِ الراحة الأبدية في ملكوتك السماوي موتانا المؤمنين، ليكونوا شفعاء لنا عند الآب. أنرنا بأنوار روحك القدوس وكلمة الإنجيل ونعمة الأسرار، لكي نسير في الحقيقة والمحبة، مسيرة أبناء النور، منتظرين محيئك في يومنا الأخير، بالانصراف إلى خدمة إخوتنا في حاجاتهم وعوزهم، متقاسمين معهم ما وضع الله بين أيدينا من خيرات مادية وروحية وثقافية. لقد أشركتنا في سرّ محبتك التي لا حدّ لها، ساعدنا، ونحن نتناول جسدك ودمك وكل ذاتك وكل محبتك، لندخل في شركة المحبة مع جميع الناس، انطلاقاً من أبناء الرعية التي ننتمي إليها، وحيث نبني معاً ملكوت الله على أسس القداسة والمحبة والحقيقة والعدالة. فنرفع المجد والشكر والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
[1] . خطاب البابا بندكتوس السادس عشر في المقابلة العامة، الاربعاء 19 تشرين الثاني 2008
[2] . انظر المطران يوسف الدبس: الجامع المفصّل في تاريخ الموارنة المؤصل، صفحة 365.
Discussion about this post