الثالـــــــوث الأقـــــــــــــدس
قــدمــــة
إن ما يميز الديانة المسيحية عن باقي الديانات هي عقيدتها في سر الثالوث الأقدس. فمنذ نشأة الكنيسة وهي تدافع عن إيمانها لهذا السر العظيم الذي أظهره لنا السيد المسيح جلياً في حياته وأعماله وأقواله والذي كان غامضاً في العهد القديم. وجاء هذا الإيمان أيضا في ضوء قيامة السيد المسيح من بين الأموات. كان هذا السر معضلة للكنيسة الأولى أمام الهرطقات والبدع التي ظهرت في القرون الأولى والتي اتهمت المسيحية بعبادة ثلاثة آلهة، أو أن الله الآب والابن والروح القدس متميزين ولا يتمتعون بصفات إلهية أو ما شابه. إلاّ أن أول معضلة تواجهها المسيحيّة هي قصة وحدانية الله، أي أن الله واحد ولا يوجد آلهة غيره. أي أن اعتبار السيد المسيح إله والروح القدس إله إنما هو إشراك في الآلهة، بكلمات أخرى أن الله له شركاء آخرون في الألوهية. طبعاً الكنيسة تؤمن بإله واحد وليس بآلهة متعددة.
هذا ما سيكون موضوع بحثنا في الفصل الأول من هذا القسم والذي يتحدث عن الثالوث الأقدس. ثم سنعطي البراهين عن هذه الوحدانية من خلال الرجوع إلى المصادر الكتابية، الكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد. بعد ذلك سننتقل في الفصل الثاني للتحدث عن الوحدانية والثالوث وكيف كشف لنا الله ذاته وكيف كشف لنا السيد المسيح عن حقيقة الثالوث وأيضا كشف الروح للثالوث. وفي الفصل الثالث سيكون موضوعنا ‘ن الكنيسة التي أسسها السيد المسيح وأرسلها لتنشر الملكوت (متى 28: 19) ويكون واضحا من خلال سفر أعمال الرسل وخاصة رسائل القديس بولس وعرضه للثالوث ثم نأتي لإيمان الكنيسة بهذا السر العظيم وكيف دافعت عنه من خلال المجامع المسكونية ثم سنرى كيفية تعامل كنيسة اليوم مع الثالوث من خلال الليتورجيا وعلاقة الإنسان بالثالوث وشرح بسيط عن مصطلح أقنوم.
بعدها سينقلنا الفصل الرابع للحديث عن الثالوث من الناحية الرعوية والمسكونية. أي ماذا تقول الكنائس الأخرى والديانات الأخرى عن الثالوث الأقدس. وفي فصلنا الأخير سنرى الثالوث في حياتنا الروحية من خلال ربطه بالأسرار التي نعيشها كل يوم.
الفصل الأول
وحدانية الله والثالوث الأقدس
تمهيد
لقد واجهت مسألة وحدانية الله الصعاب الكثيرة في تاريخ الخلاص. ففي العهد القديم عاش شعب الله الصعاب الكثيرة للدفاع عن شيء يؤمن به ألا وهو معضلة “الإله الواحد”. وأيضا المسيحية منذ نشأتها عانت وتعاني حتى الآن هذه المسألة. “فالمسيحية تعترف بوحدانية الله قبل أن تعترف بمذهب التثليث. فمذهب الوحدانية جاء أوّلاً وسبق كل اعتراف بالثالوث. فيقول البعض أننا نعبد ثلاثة آلهة، أي أننا مشركون. ولكن، في ضوء الكتاب المقدس هنالك نصوص واضحة صريحة تتحدث عن وحدانية الله في المسيحية وعن التأكيد أن عبارة “لا إله إلا الله” عبارة مسيحية. أي أنه توجد نصوص في العهد القديم والعهد الجديد وفي تاريخ الكنيسة كلّها تتحدث عن وحدانية الله. وهنالك أيضا العقل لإثبات هذه الوحدانية والفلسفة أيضا.
الوحدانية في الكتاب المقدس
العهد القديم
سيتم في هذا القسم عرض المصادر الكتابية في العهد القديم والتي تتحدث عن وحدانية الله. فتعليم وحدانية الله وامتياز الأقانيم لم ترد في الكتاب المقدس جملة وتفصيلا بالتصريح الواحد، بل جاءت في آيات متفرقة.
سفر تثنية الاشتراع:
فاعلم اليوم وردد في قلبك أن الرب هو الإله في السماء من فوق وفي الأرض من تحت وأن ليس سواه ) (4: 39)
أنظروا الآن، أني أنا هو ولا إله معي … (32: 39)
أشعيا النبي:
هكذا قال الرب ملك إسرائيل وفاديه ربّ القوات: أنا الأول وأنا الآخر ولا إله غيري. (44: 6)
أنا الرب وليس من رب آخر ليس من دوني إله. (45: 5)
لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها أنه ليس غيري أنا الرب وليس من رب آخر. (45: 6)
أخبروا وقدموا براهينكم وليتشاورا معاً. من الذي أسمَعَ بهذه مِنَ القديم وأخبر بها من ذلك الزمان؟ ألست أنا الرب؟ فإنه ليس من رب آخر، لا إله غيري إله بار مخلِّصً، ليس سواي (45: 21)
أُذكروا الأوائل منذ الأزل فإني أنا الله وليس من إله آخر أنا الله وليس من إله مثلي. (46: 9)
نحميا:
أنت يا رب وحدك صنعت السًّموات وسماء السَّموات وكلَّ قواتها والأرض وما كل ما عليها … . (9: 6)
ملاخي
أليس لجميعنا أب واحد؟ أليس إله واحد خلقنا؟ (2: 10)
وهنالك نصوص أخرى كثيرة في العهد القديم تؤكد فكرة الوحدانية.
العهد الجديد
مرقس:
وبينما هو خارج الى الطريق، أسرع إليه رجل فجثا له وسأله: “أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟” فقال له يسوع: “لِمَ تدعوني صالحاً؟ لا صالح إلاَّ الله وحده. (10: 17-18)
فأجاب يسوع: “الوصية الأولى هي: إسمع يا إسرائيل12: إنّ الرب إلهنا هو الربّ الأحد. (12: 29)
رومية
أوَ يَكون الله إله اليهود وحدهم؟ أما هو إله الوثنيين أيضاً؟ بلى، هو إله الوثنيين أيضا، لأن الله أحد، بالإيمان يُبرِّر المختون وبالإيمان يُبرِّر الأقلف (3: 29- 30)
طيموتاوس
لِملِك الدهور، الإله الواحد الخالد الذي لا يُرى، الإكرام والمجد ابد الدهور. آمين (1: 17)
لأن الله واحد، الوسيط بين الله والناس واحد … (2: 5)
قورنتس الاولى
وأمّا الأكل من لحم ما ذبح للأوثان فنحن نعلم أن لا وثن في العالم، وان لا إله إلاّ الله الأحد. (8: 4)
وأمّا عندنا نحن، فليس إلاّ إله واحد وهو الآب … (8: 6)
وإنّ الأعمال على أنواع وأما الله الذي يعمل كلّ شيء في جميع الناس فهو هو. (12: 6)
غلاطية
ولا وسيط لواحد، والله واحد. ( 3: 20)
تاريخ الكنيسة
كافحت الكنيسة بقوة وحزم البدع والأقاويل التي تتهمها بالإشراك وبكل أنواع الوثنية. وما زالت حتى أيامنا هذه تحارب البدع والشيع وكل أنواع الوثنية لتعلن الى الملأ أن “لا إله إلاّ الله”. فمن البدع المشهورة التي حاربتها الكنيسة نجد بدعة “ماني” التي تعتمد على الفلسفة المازدية بإيران، وهي تعلن أنّ هناك إلهين: إله الخير وإله الشر، وكلاهما في صراع مستمر طوال التاريخ. فحاربت الكنيسة هذه البدعة وأكّدت على وحدانيّة الله. سنرى في الفصل الثالث كيف أن الكنيسة دافعت عن الوحدانية والثالوث من خلال آباء الكنيسة والمجامع المسكونية التي عقدتها ضد الهراطقة والبدع التي ظهرت في القرون الأولى من المسيحية.
الأدلة الأخرى على الوحدانية
الأدلة العقلية
إذا ما نظرنا حولنا نجد أن هنالك تبدّل قد حصل في العالم. كائنات تولد وكائنات تزول ويحلّ محلها كائنات أخرى. أو يحصل هنالك تبدل فيها. إلا أن الخالق الذي أوجد هذه الكائنات فلا يتبدل بل ابدي لا يزول. إذا قلنا أن هنالك إلهين كما في بدعة “ماني” فسيقع هنالك فوضى وخصام، لأن كل واحد يريد أن يفرض أمره وبالتالي تحصل فوضى. وأن كل واحد يريد أن يخلق العالم على هواه ويريد أن يفرض سلطته، حتى وإن اتفقا على تقاسم السلطة فيعني انه لا توجد حرية العمل على عكس الله الواحد الأحد الذي من متطلباته الاستقلالية في العمل وأخذ القرار. فمن مستلزمات العمل الحياة والعمل والاختلاف يعني عدم الانسجام بين هاذين الأمرين. وشيء آخر، وهو إذا فرضنا وجود آلهة غير الواحد أحد فيعني أن لكل واحد منهم مكان، حيّز يريد أن يشغله. ونحن نعرف أن الله موجود في كل مكان وليس في مكان واحد، فلا يمكن أن يكون هنالك آلهة أخرى، بل إله واحد.
الأدلة الطبيعية
لننظر الى الطبيعة نفسها ونحللها جيداً. فالعلماء يقولون عن هذه النبتة أنها مفيدة لشفاء مرض معين أو لإضفاء جمال للسيدة. ولكن أليست كل هذه النباتات تشترك في أجزاء رئيسية خاصة بها، كالساق والأوراق والجذور. لننظر إلى الإنسان أيضا، فهو مكون من أعضاء تشابه الأعضاء لإنسان يعيش في أفريقيا الجنوبية أو في الصين، أي أن كل جنس يختلف عن الآخر بالمظهر الخارجي ويشابهه في التكوين الجسمي. وإذا نظرنا الى المادة نفسها نرى أنها تشترك في التركيب العام لذراتها، فجميع الذرات (كما يقول العلماء) تشبه المجموعة الشمسية التي نعيش في مجرتها. و هناك أشياء أخرى تطلعنا على اوجه الاختلاف بين المخلوقات والتشابه بين نفس الكائنات لتدلنا على أن هنالك خالق واحد لها، يسيّرها وينظمها في الكون، وهو الإله الواحد، الله.
شهادة الفلاسفة
شهد الفلاسفة بوحدانية الله وعدم وجود شريك له. من هؤلاء الفلاسفة:
فلاسفة اليونان
أكسينوفان: قال: “لا يوجد إلا إله واحد” وقال أيضا: “لو كان لله شريك لما استطاع أن يفعل كل ما يريد”.
مليسوس: قال:”اللامتناهي واحد فقط، إذ يمتنع أن يكون هناك شيء خارج اللامتناهي”.
أفلاطون: قال: “الله واحد لا شريك له، وإلا لَحدَّ الشريك من سلطته، التي لا يثبت له الكمال إلا إذا كانت لا حد لها”.
أرسطو: قال: “مما يدل على وحدانية الله، انتظام العالم وتناسق حركاته”.
فلاسفة اليهود
موسى بن ميمون: قال:”الله واجب الوجود بالبرهان، وهو واحد لا شريك له”.
فيلون: قال: “الله واحد لا شريك له”.
فلاسفة المسيحية
فكتور كوزان: قال: “لما كان الله غير متناه، كان هو الموجود الأوحد”.
توما الأكويني: قال: “لو كان هناك إلهان لوجب أن يتمايزا فيما بينهما، فيصدق على الواحد شيء لا يصدق على الآخر، وكان أحدهما تبعا لذلك عادماً كمالاً، فلا يكون إلهاً”.
ترتليان: قال: “إذا لم يكن الله واحداً لا يكون هو الله، لأن الله لا يكون إلاّ فريداً في العظمة. ولا يكون فريداً في العظمة إلا من لا مساوٍ له، ومن لا مساوٍ له لا يكون إلا واحدا منفرداً”.
فلاسفة المسلمين
الفارابي: قال: “الله واحد واجب الوجود (أي ليس معلولا بعلة).
ابن سينا: قال: “للكون إله واحد هو على كل شيء من عداه وما عداه من موجودات علوية وسفلية”.
ابن مسكوية: قال: “الصانع واحد واجب الوجود”.
لا يسعنا إلاّ أن نقول أن “لا إله إلا الله”.
الفصل الثاني
وحدانية الله والثالوث الأقدس في الكتاب المقدس
تمهيد
منذ بداية الأزمنة والإنسان المؤمن يرغب بشتى الوسائل التعرف إلى الله. فهذا التعرف نابع من محبته لله الخالق وهو يريد أن يتعرف عليه ليحبه أكثر. فخطيئة آدم وحواء هي أنهم أرادوا أن ينتقلوا من مرحلة المعرفة /المحبة إلى المساواة بالله. ومنذ ذلك الوقت حاول الإنسان أن يتقرب من الله بواسطة الصلاة كي ينال حظوة عنده ويعرفه عن قرب إلا أن العقل البشري مهما تعمق في دراسته العلمية لن يستطيع أن يكون قريبا جدا من الله. لكن محبة الله أعظم من البشر فقد أوحى هو بذاته للبشر في العهد القديم بمظاهر مختلفة وفي العهد الجديد بواسطة ابنه الوحيد وبواسطة الروح القدس أيضا. ويستمر وحي الله لذاته في مسيرة الكنيسة حتى اليوم.
إن موضوع الثالوث يلازم الوحدانية ويسير معها جنباً الى جنب، لأن الوحدانية في الثالوث والثالوث في الوحدانية. لتفسير هذه العبارة نستطيع أن نرجع إلى المرجع الأصلي لإثباتاتنا ألا وهو الكتاب المقدس. ونجد في الكتاب المقدس نصوصا عديدة تحدثنا عن هذا السر العظيم الذي أشغل بال العديد من الفلاسفة والمتعلمين ولاهوتيي الكنيسة الأوائل، منهم القديس أغسطينس الذي حاول سبر غور هذا السر. لنعُدْ الى موضوعنا لنرى تلميحات للسر المقدس في الكتاب المقدس. فقد أوضح تدريجيا هذ السر من خلال حياة الله مع الانسان، الحياة الداخلية والخارجية أيضا. أي تدرج في معرفة الله في العهد القديم في بداياته ثم للتعريف الواضح به في العهد الجديد من خلال شخصية السيد المسيح. و كيف أوحى الله ذاته – الثالوث في العهد القديم؟ لكننا سنراه جلياً في العهد الجديد من
العهد القديم يكشف سر الثالوث بطريقة غير مباشرة
لا يظهر الثالوث جليا في العهد القديم، ولكن نستطيع أن نبين صفاته على لسان الأنبياء، كموسى وأشعيا وغيره. والصفة الثالوثية في العهد القديم لا تعني وجود ثلاثة آلهة وإنما إله واحد في ثلاثة أقانيم وهنالك نصوص في الكتاب المقدس، في العهد القديم خاصة، تبين وحدانية الله بصيغة الجمع مثل:
“قال الله: لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا (تكوين 1: 26). وأيضا: “هوذا الإنسان قد صار كواحد منّا (تكوين 3: 22). ” هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم” (تكوين 11: 7) وفي تثنية الاشتراع نرى تلميحا للأقانيم الثلاثة في ذات الله:
“اسمع يا إسرائيل: “إن الرب إلهنا هو رب واحد. فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قوتك. (تثنية 6: 4).
وفي سفر أشعيا نجد صيغة الجمع لتدل على المفرد:
“من أرسل، ومن يطلق لنا؟” (أش 6: 8)
وهنالك بالإضافة إلى صفة الوحدانية نستطيع أن نبين صفات الثالوث من خلال التعرف على صفات الأقانيم في العهد القديم. فالله، كالأب الحنون. “نجد في العهد القديم تأكيدات حول أبوة الله بالمعنى المجازي لا بالمعنى الحقيقي. فالله هو “كالأب” للشعب العبراني ولجميع الشعوب. على سبيل المثال يورد النبي هوشع هذه الكلمات على لسان الله:
“وأنا درّجت أفرائيم وحملتهم على ذراعي لكنهم لم يعلموا أني اهتممت بهم. بحبال البشر، بروابط الحب اجتذبتهم، وكنت لهم كمن يرفع الرضيع إلى وجنتيه وانحنيت عليه وأطعمته” (هوشع 11: 3-4)
وفي أشعيا أيضا نجد تسمية الله بالآب:
“يا رب، أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا، ونحن جميعا عمل يديك” (أش 64: 8).
العهد القديم هو جزء لا يتجزأ من تاريخ الخلاص والذي فيه أوحي بالثالوث الأقدس والذي بلغ كماله في شخص يسوع المسيح. إن عقيدة الثالوث الأقدس ليست حصيلة تفكير بشري نظري عن الله، ولا نتيجة تطور ديني بدأ في ديانات الشرق القديم، بل هي تعبير لاهوتي لسر الله الذي ظهر لنا ظهورا خلاصياً في شخص يسوع المسيح.
السيد المسيح يكشف لنا حقيقة الله الثالوث
“ولما جاء المسيح فقد جاء باسم الله حاملا إلينا خلاصه ومن ثم أرسل إلينا روح الله، مقدس النفوس. “إن كل تاريخ الخلاص هو تاريخ وحي الله الحق والواحد: آب وابن وروح قدس، والذي يصالح ويوحد معه جميع الذين فرقتهم الخطيئة”. كان للسيد المسيح الشأن الكبير ليوحي الثالوث الأقدس ويستمر من خلال روح القدس. فكيف كشف لنا السيد المسيح هذا السر؟
كما تحدثنا سابقا عن صفة الله الأبوية، سنبين هنا صفة المسيح الابن. فقد ورد اسم ابن الله أربعين مرة عدا اتصاله بالضمير مثل “ابنه” و”ابني”. فيظهر القديس يوحنا الإنجيلي هذا اللقب واضحا (يو 5: 18). وابن الله هو الابن الوحيد الذي هو في حضرة الآب (يو 1: 18). وهذه الصفة نراها بشكل واضح وعلني في بشارة الملاك لمريم العذراء:
” … فستحملين وتلدين ابنا فسَمِّيه يسوع. وسيكون عظيما وابن العلي يدعى … ” (لو 1: 31، 32).
وهنالك علاقة ما بين الآب والابن كما نراه في متى (11: 27):
“قد سلمني أبي كل شيء. فما من أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا من أحد يعرف الآب إلاّ الابن ومن شاء الابن أن يكشفه له”.
وفي العشاء الأخير يتحدث السيد المسيح بحرارة وبتميّز عن أقانيم الثالوث. فهو، الابن، قد أرسله الله، الآب، والآب
“سيعطيكم مؤيدا آخر، ليقيم معكم الى الأبد، روح الحق”(يو 14: 16-17).
والرسالة الإلهية للسيد المسيح ستتم بالهبة الإلهية للروح القدس:
“المعزي الذي سيرسله ألاب باسمي فهو يعلمكم كلّ شيء ويذكركم كل ما قلته لكم”.(يو 14: 16، 26).
لكننا لن ننسى عماد السيد المسيح إذ انفتحت السموات وانكشف السر:
“وولوقت، إذ صعد من الماء، رأى السموات قد انفتحت والروح القدس مثل حمامة قد نزل واستقر عليه. وكان صوت من السماء قائلا: “أنت ابني الحبيب بك سررت” (مر 1: 10).
فالصوت القائل أنت ابني الحبيب لا يمكن إلا أن يكون صوت الآب.
فإذا ما تعمّقنا في فهم شخصية السيد المسيح وكشف رسالته فإنه يكشف لنا سر الثالوث الأقدس. وكشفه لهذا السر جاء تدريجيا حتى لا يشكك من يستمع إليه. فبدأ بشارته بالتحدث عن الله الآب، ثم انتقل إلى الكلام عن الله الابن، الذي أرسله الآب إلى العالم ليخلصه وهو لا يزال يحيا بالآب وأخيرا ختم تعليمه بالكلام على الروح القدس ورسالته.
إذا فإن سر الثلوث الأقدس أو الثلاثية الإلهية هو الكشف الكيسر أو الكشف الأعظم الذي كشفه يسوع. عُرف الله في العهد القديم أكثر ما عُرف به، بوجه أول، هووجه القوة في الخلق والابداع وعُرف الله في العهد الجديد بوجه جديد هو وجه الأبوة والحنان الذي ظهر بتجسد كلمة الله، رأفة بالبشر وعطفاً عليهم.
“فما من أحد يعرف الابن إلا الآب ولا من أحد يعرف الآب إلا الابن ومن شاء الابن أن يكشفه له. (متى 11: 27) فشكر للابن على ما كشف.
أما انبثاق الروح القدس من الاب والابن فيظهر في الوضع الترتيبي الكتابي لذكر الثلاثة بموجب
“وعمدوهم باسنم الآب والابن والروح القدس”. (متى 28: 19). سنتحدث عنها في مكان آخر.
الروح القدس يكمل كشف الثالوث
إن للروح القدس أعمال كثيرة قام بها ليتمم عمل الله على الأرض ويرافق يسوع المسيح في حياته العلنية ويساند الكنيسة في مسيرتها الخلاصية إلى يومنا هذا. فالروح القدس هو الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس والذي في العهد القديم قد جاء ذكره بعدة ألقاب كلّها تدل على نفس الأقنوم.فقد سميّ الروح، وروح الله، وروح الرب، والروح القدس، وروح قدوس الله. لنرجع الى الكتاب المقدس، العهد القديم لنرى وجود الروح القدس:
“روح الله يرفرف على وجه المياه” (تك 1: 2).
“لا يدين روحي في الإنسان إلى الأبد لزيغانه”(تك 6: 3).
“وأعطيتهم روحك الصالح لتعليمهم ولم تمنع مَنَّكَ عن افواههم”(نحميا 9: 20).
“لكنهم تمردوا وأحزنوا روح قدسه”(أشعيا 63: 10).
“فكلمني ملاك الرب: هذه كلمة الرب الى زربابل: لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود” (زكريا 4: 6).
“ترسل روحك فتُخلَق وتجدد وجه الأرض” (مز 104: 30).
وهناك مراجع أخرى. إلا اننا نريد أن نظهر أن الروح الذي يرفرف على المياه ويدين الانسان ويعلم ويمنح المَنَّ وبعض الأحيان يحزن لأن الشعب تمرد على الله وهو ملهم الأنبياء، لا يمكن ان نعتبره أنه قوة خارقة تزول بعد إنهاك كل قواها بل هو شخص إلهي، أقنوم إلهي.
والعهد الجديد يتحدث بصراحة عن الروح القدس لكن بأقل من الكلام عن يسوع المسيح. فمن الأسماء التي جاءت للتحدث عن الروح القدس منها: روح الله، روح المسيح، وروح الرب، والروح القدس، وروح الله القدوس، وروح الموعد، وروح الحياة، وروح النعمة، وروح الحق، وروح المجد، والمعزي، والمرشد، وروح النصح. فكل هذه الأسماء وغيرها تدل على الجوهر والمجد الألهي، وأيضا تدل على أهمية عمله. راجع يوحنا 14: 26؛ 15: 26؛ 16: 8؛ 16: 13. ويرد ذكر الروح القدس عندما أوصى السيد المسيح رسله وتلاميذه أن ينشروا الإنجيل ومعميدن الذين آمنوا “باسم الاب والابن والروح القدس” (متى 28: 19)
انبثاق الروح القدس من الآب والابن (عن الأب يعقوب حنا سعادة)
عندما يقول بعض المؤمنين “وبالروح القدس المنبثق من الآب”، هل بهذه العبارة ينكرون انبثاقه من الابن؟
إنهم في الأصل يعترضوا انبثاق الروح القدس من الابن بل على إضافة عبارة “والابن” في قانون الإيمان رغم أن العملاء القديسين الشرقيين يقرون ويجاهرون بانبثاق الروح القدس من الابن ولكنهم يستعملون في أغلب الأحيان عبارة المنبثق من الآب “بالابن” والمعنى واحد، إذن ما اختلفنا. هكذا قال القديس الشرقي أبيفانوس في المرساة العدد 67:
إنه ينبثق من الاثنين، والقديس الشرقي أيضا كيرلس الاسكندري في كتاب الكنز في رقم 34: ينبثق من الآب والابن.
فقد ذكر المجمع المسكوني الأول في نيقية 325 “ونؤمن بالروح القدس” بدون أي توضيح آخر. فادعى الهراطقة أن الابن كون الروح القدس وخلقه لذلك جاء في المجمع المسكوني (القسطنطيني الأول) سنة 371 وجدد الإعلان وأوضح ألوهية الروح القدس بأن اكتفى وذكر أنه ينبثق من الاب كما جاء في يوحنا 15: 26.
ولم يذكر “من الابن” لتسليمه بهذا الأمر ولأنه يخشى إذا ذكر” ومن الابن” أن يظن الناس أن الابن خلقه. ولكن لما نشأت في القرن التاسع اعتراضات على انبثاق الروح القدس من الابن أضيفت عبارة “والابن” في قانون الايمان.
يسألون: ألا يقول الأناجيل أن الروح القدس منبثق من الآب فقط. نعم: يقول من الآب ولكن لا يقول: فقط.
- بل هنالك عبارة تعادل: “والابن” في يوحنا 16: 15، يتكلم يسوع عن الروح القدس ويقول: “يأخذ مما لي ويخبركم” جميع ما للآب فهو لي (أي جوهر اللاهوت) من أجل هذا قلت لكم “أنه يأخذ مما لي” (ولا يأخذ منه غير جوهره). وفي يوحنا 10: 30 أنا والآب واحد.
- في الإنجيل الاب يرسل الابن والآب والابن يرسلان الروح القدس.
- راجع يوحنا “ومتى جاء المعزي الي أرسله إليكم من عند الآب” 15: 26.
- راجع أيضا: “أما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم كل ما قلته لكم”. يوحنا 14: 26. وأيضا “إذا مضيت أرسلته إليكم” يوحنا 16: 7.
- يقول الكتاب عن الروح القدس أنه روح الابن كما قال أنه روح الله:
- “روح الله” 1 قو 2: 11 و12.
- “روح الابن” غلا 4: 6.
- ترتيب الأقانيم يوضح مصدر كل منهم.
- “باسم الآب والابن والروح القدس” الآب مصدر الابن والابن مع الآب مصدر الروح القدس.
- وما قولك في آية لوقا 4: 18 ” أن روح الرب على ولأجل ذلك مسحني وأرسلني لأبشر المساكين“. أعاد المسيح هنا آية أشعيا النبي: ومعناها لا إرسال الروح القدس لأقنوم الابن بل أن روح القدس مسح طبيعة يسوع الإنسانية ولهذا سمي المسيح لنه ممسوح بنعمة الروح القدس في ناسوته.
خاتمة
فبهذه الوصية الأخيرة بدأت الكنيسة تنقل البشرى السارة لجميع الأمم من مشرق الشمس إلى مغربها معتمدة كل الاعتماد على الروح القدس الذي ألهبهم بنار محبته في علية صهيون وأعطاهم القوة الأبدية لمحاربة جميع أنواع الشر الذي يصدر عن الشيطان بواسطة الإنسان ولإهداء جميع الناس إلى طريق المسيح، طريق النور والحق والحياة.
الفصل الثالث
الثالوث الأقدس في الكنيسة والتفكير اللاهوتي
تمهيد
“باسم الأب والابن والروح القدس” صلاة صغيرة تعلمناها من السيد المسيح ونرددها مع الكنيسة في أي مكان كنّا أو أي عمل عملناه أو بداية صلواتنا. هنالك قول يقوله الناس أثناء الحديث لإقناع شخص متصلب في آرائه ولمحاولة تبسيط الأمور. يقول هذا القول: “الله لم يروه لكن بالعقل عرفوه“. فقد عرفناه بكل ما يميزه عن سواه وعن جميع الآلهة التي أوجدها الإنسان في حياته. فالله سرمدي غير محدود، غير متغير في وجوده وقدرته وقداسته وعدله وجودته وحقه. فإيماننا المسيحي يحوي “أسراراً”، خصوصا فيما يتعلق بالله لأنه غير متناه في ذاته وكماله. عقلنا محدود جداً. فهل من المستطاع أن تستوعب علبة صغيرة قصراً شامخا؟ وسر الثالوث الأقدس” هو من الأسرار الأكثر تحديا لنا أمام العالم غير المسيحي، وأيضا في العالم المسيحي. فالعديد يتساءل عن هذا السر العظيم.
إن إيماننا بسر الثالوث الأقدس ينشأ معنا من خلال البيت والتعليم المسيحي خلال المرحلة الدراسية. ولكن ما أن نتصل بالمجتمع نتواجه بالعديد من الأسئلة، من أنفسنا أو من غيرنا، من هذه الأسئلة لماذا هنالك التثليث في إيماننا وليس الوحدانية؟ لقد ضعف الأيمان بشكل عام في هذا العصر، عصر السرعة والتقدم. عصر الكومبيوتر و”الستلايت”. فأين الإيمان من هذا كله؟ فأصبح الإنسان بعيدا كل البعد عن كل ما يمت بصلة إلى الإيمان، وخاصة الإيمان بالثالوث الأقدس واستيعابه في كلياتنا. سنحاول في هذا الفصل أن نتقرب من هذا السر، سر الوحي الإلهي في ثلاثة أقانيم متساوين ومتميزين. سنرى كيف أن السيد المسيح قد كشقه لنا من خلال أعماله وأقواله وحياته. ثم كيف أن الكنيسة واجهت التحديات للدفاع عن هذا الإيمان. ثم علاقة الإنسان المعاصر مع الثالوث الأقدس في عصر الشرائح الدقيقة والمعجزات الطبية.
“إني أوليت كل سلطان في السماء والأرض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به، وهاءنذا معكم طوال الأيام إلى نهاية العالم” (متى 28: 18-20).
كلمات وداع وتعزية قالها السيد المسيح لتلاميذه قبل أن يصعد إلى السماء ليجلس عن يمين الله. كلمات جميلة تظهر لنا الثالوث الأقدس من فم شخص “مسؤول”. واعتماد السيد المسيح في نهر الأردن هو من أجمل الصور الحركية التي تظهر الثالوث الأقدس. فالابن يعتمد والآب يتكلم من السماء والروح القدس يستقر على الابن. صورة جميلة تنبض بالحياة حدثت أمام المئات من الذين جاءوا للاعتماد وللتوبة عن يد يوحنا المعمدان. واعتلن ملء هذه الصورة بعد صعود السيد المسيح إلى السماء عندما حلّ الروح على التلاميذ وهم مجتمعون في علية صهيون. ومنذ ذلك الوقت تعمد الكنيسة “باسم الآب والابن والروح القدس” (متى 28: 19). هنالك تساؤل: هل ظهر الثالوث الأقدس واضحا في العهد القديم مثل العهد الجديد؟.
الثالوث الأقدس يثبّت الكنيسة الأولى
إن سفر أعمال الرسل ما هو إلا سفر الروح القدس. لأن الروح القدس هو المحرك الرئيسي لجميع رسل وتلاميذ السيد المسيح. فقد عملوا المعجزات باسم السيد المسيح وبقوة الروح القدس. فأعطاهم الخطابة المقنعة وغير المرعوبة؛ أعطاهم القوة لتحمل جميع أنواع العذابات وللوقوف أمام مضطهديهم. لماذا كل ذلك؟ لكي يبشروا بالله ومسيحه وروحه، أي بالثالوث الأقدس، حتى وإن لم يذكروه علنا إلا أنهم بشروا به من خلال أقانيمه الثلاثة. وخير مثال على ذلك هو القديس بولس، رسول الأمم.
بولس الرسول والثالوث الأقدس
يستخدم القديس بولس عبارات يذكر فيها الآب والابن والروح القدس في وحدة عمل. فهنالك عدة نصوص يحث فيها المسيحيين على السلوك بقداسة ناظرين إلى المثال الثالوثي:
“أما نحن فعلينا أن نشكر الله دائما في أمركم، أيّها الاخوة، يا أحباء الرب، لأن الله اختاركم منذ البدء ليخلصكم بالروح الذي يقدسكم والإيمان بالحق. إلى ذلك دعاكم ببشارتنا لتنالوا مجد ربنا يسوع المسيح. (2 تس 2: 13-14)
ويذكر أيضا القديس بولس أن على المسيحيين أن يتخذوا الثالوث كمثال لحياتهم:
“إنّ الذين ينقادون لروح الله يكونون أبناء الله حقا. لم تتلقوا روح عبودية لتعودوا إلى الخوف، بل روح تبنٍّ به ننادي: أبّا، يا أبت! وهذا الروح نفسه يشهد مع أرواحنا بأننا أبناء الله. فإذا كنّا أبناء الله فنحن ورثة الله وشركاء المسيح في الميراث، لأننا إذا شاركناه في آلامه، نشاركه في مجده أيضاً. (رو 8: 14-17). راجع أيضا رو 15: 15-16؛ أفسس 2: 18،22)
ويصلي بولس إلى الله الثالوث كي يهب الشعب الفهم وإدراك محبة المسيح (أفسس 3: 14-19) ويدعوهم لأن تكون سيرتهم مثل سيرة الثالوث:
“ملؤها التواضع والوداعة والصبر، محتملين بعضهم بعضا في المحبة ومجتهدين في المحافظة على وحدة الروح برباط السلام. فهناك جسد واحد وروح واحد، كما أنكم دعيتم دعوة رجاؤُها واحد. وهناك رب واحد وإيمان واحد ومعمودية واحدة، وإله واحد أبُ لجميع الخلق … (أفسس 4: 3-6).
وهناك تعابير كتبها القديس بولس يتم استخدامها في الليتورجيا في الصلاة والتسبيح والتوسل. من ابرز هذه الصلوات:
“لتكن نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس معكم جميعا. (2قو 13: 13).
إذا تأملنا العهد الجديد جيدا رأينا بأنه يتعلّق بوحدة الله ويتعرف فيه إلى ثالوث: الآب والابن والروح القدس الذين يتميزون الواحد عن الآخر في تحقيق الخلاص، ومع ذلك فإنهم مرتبطون لدرجة أن الابن والروح لا يمكن أن ننظر إليهما وكأنهما مجرد قوات (منحطة) لعمل الله في العالم.
نرى أن إيمان الرسل بالثالوث الأقدس جاء من خلال اختبارهم لحياة السيد المسيح أعماله وأقواله وفي ضوء قيامة المسيح من بين الأموات. وعلى ضوء إيمان الرسل بنت الكنيسة إيمانها بالثالوث الأقدس، فكان لتعاليم الآباء والمجامع المسكونية الأثر الكبير في أن يصل إلينا هذا الإيمان والتعليم.
إيمان الكنيسة والثالوث الأقدس
إن الكنيسة وعلى خطى الرسل آمنت وما تزال تؤمن بسر الثالوث الأقدس. “فقد انطلق إيمان الكنيسة بسر الثالوث الأقدس من خبرة الرسل الذين عاشوا مع المسيح ابن الله واختبروا عمل الروح القدس في المسيح وفيهم من بعد قيامة المسيح”. كان عمل الكنيسة التبشيريّ يقوم على التعليم ثم التعميد حسب تعاليم السيد المسيح التي فيها أوصى تلاميذه بالتبشير ثم التعميد (متى 28: 19-20)، وأيضا طمأنهم بأن من آمن واعتمد سيخلص (راجع مر 16: 15-16). كانت الكنيسة في القرون الأولى تهيئ الموعوظين لتقبّل سر المعمودية حيث كانت تشرح لهم معاني العماد وقبل الاعتماد كانت تسألهم، أو تؤكد على إيمان الموعوظين بثلاثة أمور:
- الإيمان بالله الآب القدير؛
- الإيمان بيسوع المسيح ابن الله الذي ولد بفعل الروح القديس من مريم العذراء ومات وقبر وقام من بين الأموات في اليوم الثالث، وجلس عن يمين الله، وسوف يأتي ليدين الأحياء والأموات؛
- الإيمان بالروح القدس، وبالكنيسة المقدسة وبقيامة الجسد.
هذا الإيمان هو ما نعلنه كل يوم خاصة خلال القداس الإلهي: “نؤمن بإله واحد … نؤمن بيسوع المسيح … نؤمن بالروح القدس”.
إن لآباء الكنيسة شأن عظيم في تعليم الكنيسة حول الثالوث. فكتاباتهم وعظاتهم حول الثالوث جاءت مكملة لتعليم العهد الجديد الذي يؤكد تثليث الأقانيم ووحدة الجوهر. فمن هؤلاء الآباء القديس نجد إيريناوس، أسقف ليون الذي فصّل في كتابيه “ضد الهراطقة” و “تبيين الكرازة الرسولية” الخالق والعقيدة المسيحية. وحول الثالوث يقول في كتابه “ضد الهراطقة”:
هوذا تعليم إيماننا المنهجي وأساس خلاصنا وركن بنائه: إنه الله الآب الذي لم يُخلق ولم يولد ولا يرى، الإله الواحد، خالق كل شيء، هذا هو البند الأول من إيماننا. أما البند الثاني فهو التالي: إنّه كلمة الله، وابن الله، ربنا يسوع المسيح، الذي ظهر للأنبياء في الشكل الذي وصفوه به في نبوءاتهم ووفق تدبير الآب الخلاصيّ، الكلمة الذي كوّن كل شيء، والذي في ملء الأزمنة، صار إنساناً ليعيد كل شيء ويضبطه، فولد من البشر، وصار منظورا ًوملموسا ليبيد الموت ويظهر الحياة، ويعيد الوحدة بين الله والإنسان. أما البند الثالث فهو الروح القدس الذي نطق بالأنبياء، وعلّم آباءنا الأمور الإلهية، وقاد الصديقين في طريق البِرّ. وهو الذي في ملء الأزمنة، أفيض بشكل جديد على البشرية، فيما كان الله يجدّد الإنسان على الأرض كلها” (الكرازة الرسولية 3 و 6).
كان للآباء الشرقيين في القرن الرابع الميلادي شأن كبير في توضيح الثالوث الأقدس والدفاع عن الإيمان ضد الأريوسية. ومن هؤلاء الآباء نجد الكبّاذوكيّين ومنهم باسيليوس الكبير وأخوه غريغوريوس النيصيّ وغريغوريوس النزينزي حيث كان لهم الفضل الكبير في رسم نهج واضح للاهوت الثالوث الأقدس وقد سار على هذا النهج لاهوتيو الشرق والغرب. من ميزاتهم في عرضهم لعقيدة الثالوث فإنهم:
* ينطلقون من تثليث الأقانيم، ويبيّنون أنّ الأقانيم الثلاثة متّحدون في جوهر واحد، هو جوهر الألوهية، أو الطبيعة الإلهية؛
*يرون في الكتاب المقدس أساس تثليث الأقانيم ووحدة الجوهر: فالآب ظهر بالابن وبالروح، وعمل الآب والابن والروح هو عمل واحد بالنسبة إلى تقديس الإنسان وتأليهه. فعلى السؤال الذي يمكن طرحه: لماذا نؤمن أنّ الإله الواحد هو في ثلاثة اقانيم وليس أكثر، نجيب انطلاقا من هذه النظرة: لأن الله ظهر لنا في الوحي الكتابي ثالوثاً، وهذا الظهور هو كمال وحي الله لذاته؛
*الميزة الثالثة تقوم على الترتيب الذي يضعونه بين الأقانيم، مع تأكيد وحدة الجوهر: فالآب هو المصدر الذي منه وُلد الابن، ومنه انبثق الروح.
وعند الآباء الغربيين نجد القديس أغسطينوس يتحدث عن الثالوث ويستوحي حديثه هذا من رسالة يوحنا الأولى (1 يو 4: 16) “الله محبة”.
فهو يرى في الأقانيم الثلاثة العناصر الثلاثة الضرورية التي تكوّن المحبة: المحب، المحبوب والمحبة ذاتها. فالآب هو الذي يحب الابن، والابن هو الذي يحبّه الآب، والروح القدس هو المحبة ذاتها، كما جاء في قول بولس الرسول: “إن محبة الله قد أُفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي أعطيناه” (رو 5: 5). فالروح القدس هو علاقة المحبة التي تربط الآب بالابن والابن بالآب، هو المحبة المتبادلة بين الآب والابن.
ومن الآباء الشرقيين نرى القديس يوحنا الدمشقي الذي في نظرته لموضوع الثالوث الأقدس لا تختلف عن الآباء الكباذوكيّين. ففي مؤلفه “المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي” ينطلق من الإيمان بالإله الواحد وبعدها يميز بين الأقانيم مبتدئاً من التمييز بين الآب والابن ويوضح دعوة يسوع الابن بـِ “ابن الله الوحيد”. ويوضح الفرق بين الابن والروح. وأخيراً يوضح كيف أن الثلاثة إله واحد. فيؤكد وحدة الجوهر، أي وحدة الألوهية. ووحدة الخواص الإلهية: الصلاح والقوّة والمشيئة والفعل والسلطة. لذلك لا نقول بآلهة ثلاثة، بل بإله واحد. ولكن الإله الواحد الذي نؤمن به هو في ثلاثة أقانيم غير مختلطين، أي متميزين، وغير منفصلين ولا منقسمين. ويتابع في مؤلفه ليشبه الأقانيم الثلاثة في الجوهر الواحد بالشمس وشعاع الشمس ونور الشمس.
المجامع المسكونيّة والثالوث الأقدس
إن إيمان الكنيسة بالثالوث الأقدس لم يتزعزع بسبب الهرطقات والبدع التي خرجت لتناقض هذا الإيمان. وقد حرصت الكنيسة على الثبات على هذا الإيمان، فقامت بعقد مجامع مسكونيّة لترسِّخَ عقيدة الثالوث الأقدس ومنها أعلنت الكنيسة إيمانها بالثالوث الأقدس من خلال وضع “قانون الإيمان” الذي نتلوه كل يوم وأيام الآحاد والأعياد. فهذه المجامع هي مجمع نيقية 325 م ومجمع القسطنطينية 381 م. “فقانون الإيمان هو إعلان ثالوثيّ: أن سر الآب اللامنظور هو مصدر كل شئ، وسر الابن المتجسد هو ظهور الآب ومصدر خلاصنا، وسر الروح القدس المحيي هو رباط الشركة مع الله وعامل تقديسنا في الكنيسة وعربون قيامتنا”
هذا هو إيماننا،
هذا هو إيمان الكنيسة،
هذا هو الإيمان الذي نعلنه بافتخار
في المسيح يسوع ربنا (رتبة العماد في الطقس اللاتيني)”.
كنيسة اليوم والثالوث الأقدس
لا نعني هنا بقولنا أن كنيسة اليوم هي غيرها عن كنيسة الأمس. بل هي واحدة منذ تأسيسها عن يد السيد المسيح وتثبيتها من قِبَل الروح القدس. تعيش كنيسة اليوم في عصر يتقدم بسرعة البرق. والكثيرون قد ابتعدوا عن الكنيسة لأنهم يقولون أن الكنيسة لا تواكب العصر. والعكس صحيح. فالمجامع المسكونية الأخيرة، خاصة المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني جاء ليؤكد مواكبة الكنيسة مع العصر وليثبت إيمانها. فماذا يقول التعليم الرسمي في الكنيسة حول الثالوث الأقدس:
أ) الثالوث هو سرّ في المعنى الحصري (سر مطلق) من غير الممكن أن يُعرف بدون وحي والذي لا يمكن، حتى وإن أوحى به، أن يسبر غوره العقل المخلوق. يُعبَّر عن هذا السر بالصورة التالية:
ب) أن الإله الواحد هو في ثلاثة اقانيم يؤلفون الطبيعة الإلهية الواحدة (جوهر واحد، جوهر إلهي واحد وكلهم بالتالي متساوون بالأزلية وبالقدرة المطلقة.
ج) هذه الأقانيم تتميز حقيقة الواحد عن الآخر: للآب الكيان الإلهي بدون أن يكون له سبب وهو كائن واجب الوجود؛ الابن موجود بأنه يقبل أزليا الكيان الإلهي من الآب وحده الذي يلد أو يقول “كلمته”؛ الروح القدس ليس مولوداً إنما ينبثق من الآب والابن كما ومن مبدأ واحد بانبثاق واحد.
د) أن في الله بالتالي، إنطلاقا من هاتين صلتي الأصل والمنبت، صلات وصفات تتميّز حقيقة إنما لا تتميز من الجوهر الإلهي. كل أقنوم هو الإله الواحد وكل شيء هو واحد في الله بدون أي تمييز إلاّ عندما يكون هناك تعارض الصلات. كل أقنوم موجود بكليته في كل من الأقنومين غيره، وكل أقنوم هو الإله الواحد الحقيقي. وبالنسبة إلى الخارج أي الخلائق فإن الأقانيم ليست سوى مبدأ واحد عملي فاعل”.
والكنيسة في تعليمها ونشاطها الإرسالي تعتمد وصية السيد المسيح بالكرازة والتعميد (متى 28: 19-20) (ك 17، ن ر 50؛ ح د 1). فترسل المبشرين من كهنة وعلمانيين للبشارة بالإنجيل مستلهمة الروح القدس ومصلية له في تحقيق تصميم الله الذي أقام المسيح مبدأ خلاص العالم. فهي تصلي وتعمل لكي يتغير العالم كلّه إلى شعب الله، أي جسد المسيح وهيكل الروح القدس، ويؤدي في المسيح، رأس الكلّ، إلى الآب خالق الكون، كل إكرام وتمجيد (ك 17؛ ن ر24 ). هنا الكنيسة تستوحي الثالوث في رسالتها ونشاطها الإرسالي. وتقر أيضا، الكنيسة الكاثوليكية إيمان غير الكاثوليك بالثالوث الأقدس (ك 15؛ ح م 15؛ ك ع 92). فالكنيسة تطلب الوحدة كما طلبها القديس بولس (أف 4: 1-16). فهذه الوحدة منبعها المحبة والوحدة في الروح.
يعطينا القديس كيرلس الإسكندري نموذجا لوحدة الثالوث لتسير على مثاله الكنيسة. فيقول في عظته:
“لقد اتخذ المسيح الوحدة الجوهرية التي له مع الآب والتي للآب معه كصورة أو نموذج للمحبة التي لا تسقط أبداً وللتناغم والوحدة التي تُرى حيثما كان هناك اتفاق حقيقي وعميق.
ولذلك فهو يظهر إرادته أنه في قوة الثالوث القدوس الواحد في الجوهر، يجب أن نصير نحن أيضا وكأننا ممتزجون الواحد مع الآخر، بحيث يُرى جسد الكنيسة كله وكأنه جسد واحد، … لقد أكدنا من قبل على أن وحدانية الفكر والنفس التي تكوّن وحدة المؤمنين يجب أن تكون تعبيرا واقتداءً بنمط الوحدة الإلهية، أي وحدانية الجوهر والاتحاد الكامل للثالوث الأقدس … . فإذا كنّا نعتبر أن الوحدة التي بين الآب والابن – وطبعا الروح القدس – هي وحدة طبيعية، وأن اللاهوت في الثالوث الأقدس واحد هو الذي نعبده ونؤمن به، فإنه لا بد أن ننتبه إلى الطريقة التي بها نصير نحن أيضا واحدا في الجسد والروح من جهة بعضنا البعض ومن جهة علاقتنا بالله”.
الليتورجيا والثالوث الأقدس
“الليتورجيا، ولا سيما ذبيحة الافخارستيا الإلهية “التي بها يتم عمل فدائنا”، تسهم إلى حد بعيد، في أن يعبّر المؤمنون بحياتهم للآخرين عن سر المسيح وعن الطبيعة الأصلية للكنيسة الحقّة ويظهروها لهم. لأنه من خصائص هذه الكنيسة أن تكون في آن واحد، إنسانية وإلهية، منظورة وغنية بالحقائق غير المنظورة، غيورة في العمل ومجتهدة في التأمل حاضرة في العالم … وبما أن الليتورجيا تبني كل يوم الذين هم في الداخل كي ترفع منهم هيكلاً مقدساً في الرب ومسكناً لله في الروح إلى بلوغ ملء اكتمال المسيح، وهكذا تقوّي عزائمهم بطريقة عجيبة تحملهم على التبشير بالمسيح، فتظهر الكنيسة للذين هم خارجا عنها وكأنها راية مرفوعة في وجه الأمم، تحتها يجتمع في الوحدة أبناء الله المشتتون، إلى أن يكون قطيع واحد وراعٍ واحد”(ل 2).
فالليتورجيا هي صلاة نشيد حمد وشكر للثالوث الأقدس. إنها تمجيد الآب بواسطة الابن في الروح القدس. فأقدم تسبحة تشدد على ترتيب الوحي والعمل (التدبير الخلاصي) للأقانيم الثلاثة. وجاءت هذه التسبحة على الشكل التالي: المجد للآب والابن والروح القدس (أو، كما ذكرها القديس باسيليوس: المجد للآب مع الابن ومع الروح القدس). وهذه عبارات سادت منذ القرن الرابع (أثر النقاشات الثالوثية) وتشدد على المساواة في الطبيعة الواحدة بالرغم من التمييز في الأقانيم.
وكل عمل ليتورجي هو عمل الآب فينا ولأجلنا ويجدد فينا بشكل فعال سر حياة المسيح إذ يدمجنا به بقوة الروح القدس الذي يقدسنا. إن كلمات العماد هي أبلغ شاهد على ذلك . سيكون هنالك توسع في هذا الموضوع في الفصل الخامس.
الثالوث الأقدس والإنسان
يؤكد المسيحي أن الله مرتبط بالعالم والإنسان ولكنه يتميز عنهما. لقد خُلق الإنسان على صورة الله الثالوث، الآب والابن والروح القدس. فالإنسان مرتبط بالآب الذي خلقه وبالابن الذي خلّصه وبالروح القدس الذي يؤلهه. والصورة التي خُلق عليها الإنسان بنوع خاص هي صورة ابن الله الذي تدعوه الرسالة إلى العبرانيين “ضياء مجد الله وصورة جوهره وضابط كل شيء بقدرته” (عب 1: 3). فالإنسان إذاً حاضر منذ الأزل في ابن الله وكلمته وصورتهن وحاضر منذ الأزل في الله. فقد أدركت المسيحية أن عظمة الله لا تكمن في بُعد كيانه عن العالم والإنسان بل في اتحاده بالعالم والإنسان في أقنومي الابن والروح القدس .
إن من أجمل خلائق الله هو الإنسان. فهو صورة الثالوث وأصدقها. ومن اجل أن نضع صورة واقعية للثالوث، يمكننا إعطاء صورة الحب البشري وخاصة العلاقة بين الرجل والمرأة تشبيها لعلاقة الثالوث الواحد القدوس، أي لكيان الله.
كما جاء في الكتاب المقدس أن الإنسان خُلق على صورة الله ومثاله، ذكرا وأنثى خلقهم. (راجع تك 1: 27). واتحاد الذكر والأنثى مع بعضهم يكونان جسداً واحداً لا يمكن فصلهما لأنهما اتحدا باسم الله : “ما جمعه الله لا يفرقه إنسان (متى 19: 5-6)”. وثمار هذا الاتحاد الذي نتج عن خصب المحبة هي ولادة الطفل. إذا نرى هنا صورة ثالوثية – الأب والأم والطفل. صورة ترجع فينا إلى الثالوث الأقدس.
فالله محبة والله ثالوث، والله جماعة، والله عائلة. ليس كائنا جامدا خاملاً ومنعزلاً منفرداً، بل في كيانه حياة متدفقة فيّاضة، حياة حبّ يفوق حب كل خيال وتصوُّر”.
اصطلاح أقنوم
في اللاهوت المسيحي نقول أن “الله واحد في ثلاثة أقانيم”. ماذا نعني بكلمة أقنوم، بالرغم من أننا نستخدمها في لغتنا. فكلمة أقنوم، أصلها من اللغة السريانية، وتعني “شخصا”. فنقول أن الآب أقنوم والابن أقنوم والروح القدس أقنوم. فلم يتم استخدام كلمة “شخص” لأن هذه الكلمة قد توحي لبعض الناس بكائن بشري له حدوده وشكله وملامحه. فتحاشيا لكل تصور خاطئ ولكل تحديد للأشخاص، لجأت الكنيسة إلى كلمة غير عربيّة. وهذه الكلمة لا تستخدم في أي مجال آخر، ديني أو مدني، غير هذا المجال.
هؤلاء الأقانيم متساوون في الجوهر الإلهي ومتميزون الواحد عن الآخر. ففي التساوي فإن الآب إله، والابن إله والروح إله. الآب أزلي، قادر على كل شيء، غير محدود وكامل للغاية وكذلك الابن الروح القدس يشاركان الآب في أزليته وقدرته وعظمته غير المحدودة وفي كل كمالاته بلا تفاوت ولا نقصان. غير أنهم متميزون الواحد عن الآخر، لأننا لا نستطيع أن نقول أنه “ثلاثة” إلاّ إذا كان لكل منهم ما يتميز عن الأقنومين الآخرين، وإلا لكانوا حتما أقنوما واحدا فقط. فيم يقوم هذا التميّز؟
يأتي التميز في العلاقات المتبادلة بينهم. فالأقنوم الأول لا يصدر عن أقنوم آخر، بل منه يصدر الأقنومان الآخران، ولذلك يسمى “الآب“. والأقنوم الثاني يصدر أو “يولد” من الآب بطريقة روحية عقلية، كما تصدر أو تولد الكلمة من العقل، لأن الله روح فلا دَخْلَ فيه للمادة ولشؤون الجسد، ولذلك يسمى الأقنوم “الابن” أو “الكلمة”. والأقنوم الثالث يصدر أو “ينبثق” من الآب والابن معا هو حبهما المتبادل ويدعى “الروح القدس”.
خاتمة
الله محبة، والله ثالوث، والله جماعة، والله عائلة. كلها صفات تبين أن الله لا يمكن أن يكون منعزلاً عنّا أو بعيدا منّا. فحب الله لنا نحن للبشر قد أغدق علينا بابنه الوحيد، الذي تألم ومات من أجلنا وتغلب على الموت. ولكن هذا الحب لم يتوقف بصعود السيد المسيح وجلوسه عن يمين الآب فقد قاما بتأكيد حبهما لنا فأرسلا الروح المعزي الذي به ندعو الله ابا. الروح الذي يجمعنا ويوحدنا ويقدسنا ويقودنا إلى الملكوت السماوي.
“نحن نؤمن بإله واحد ولا نؤمن بإله وحيد. نحن نؤمن بوحدانيَّة الله ولا نؤمن بوحدته. نرفض أن يكون الله كائنا منعزلا منفردا. إن كان الله محبة، فيجب أن يكون محبة في ذاته وفي داخل كيانه وجوهره الواحد.
الأب هنري بولاد اليسوعي، منطق الثالوث، موسوعة المعرفة المسيحية – العقيدة، دار المشرق بيروت 1993. ص 13.
راجع عوض سمعان، الله بين الفلسفة والمسيحية، نداء الرجاء، شتوتجارت 1991، ص 28-30.
اسكندر جديد، وحدانية الثالوث في المسيحية والإسلام، سويسرا، ص 7-8.
الأب بيير جورجو جناتسا، “المسيح يوحي لنا وجه الله – الثالوث الأقدس_، في مدخل إلى الإيمان المسيحي، مركز مار كيرلس، القدس
الأب سليم بسترس، “اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر، الثالوث الأقدس، الجزء الثاني النعمة- والتأله-الكنيسة، سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليوم 3، منشورات المكتبة البوليسية، بيروت 1985، ص 28.
المرجع السابق، ص 27
تعليم الكنيسة الكاثوليكية، بالإيطالي، رقم 234، ص 60، حاضرة الفاتيكان 1993.
كارل راهنر وهربرت ف.، معجم اللاهوت الكاثوليكي، نقله إلى العربية المطران عبد خليفة، الثالوث، (حرف ث )، دار المشرق بيروت 1985، ص 97.
الأب سليم بسترس، “اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر، الثالوث الأقدس، الجزء الثاني النعمة- والتأله-الكنيسة، سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليوم 3، منشورات المكتبة البوليسية، بيروت 1985، ص 65
المرجع السابق، ص 68.
المرجع السابق ص 72.
نفس المرجع السابق ص 83.
نفس المرجع السابق ص 84.
نفس المرجع السابق ص ص84-87.
الأب بيير جورجو جناتسا، “المسيح يوحي لنا وجه الله – الثالوث الأقدس_، في مدخل إلى الإيمان المسيحي، مركز مار كيرلس، القدس ص 43.
النص التالي مأخوذ من معجم اللاهوت الكاثوليكي – 1985 – حرف الثاء (ث) ص 97-98.
عظة – الروح القدس … مكمُّل الوحدة في الكنيسة، للقدس كيرلس الإسكندري …
الأب بيير جورجو جناتسا، “المسيح يوحي لنا وجه الله – الثالوث الأقدس_، في مدخل إلى الإيمان المسيحي، مركز مار كيرلس، القدس ص 42.
الأب سليم بسترس، اللاهوت المسيحي والإنسان المعاصر، ص 120.
الأب هنري بولاد اليسوعي، منطق الثالوث، موسوعة المعرفة المسيحية – العقيدة، دار المشرق بيروت 1993.
المرجع السابق، ص 44.
النور البهي – في حقائق الإيمان، طبعة سادسة، مطبعة البطريركية اللاتينية – القدس 1977.
الأب هنري بولاد اليسوعي، منطق الثالوث، موسوعة المعرفة المسيحية – العقيدة، دار المشرق بيروت 1993 ص 49.
Discussion about this post