شفاء النازفة
التعديات على كرامة المرأة
إنجيل القديس لوقا 8/40-48
تمثل المرأة النازفة كل إنسان ينزف من جراء معاناة في جسده أو روحه أو معنوياته أو أخلاقه، وتمثل كل مجتمع ينزف في اقتصاده وحضارته وتقاليده وقيمه ، وكل وطن ينزف في مقوماته ونظامه. لقد شفاها يسوع، عندما لمست طرف ردائه بإيمان ، فأعاد إليها كرامتها كامرأة. تشكّل الآية الإنجيلية نموذجاً لطريقة شفاء كل شخص منا ، وشفاء مجتمعنا ووطننا .
أولاً، شرح اللوحة الإنجيلية وأبعادها:
1- المرأة النازفة وواقعها الاجتماعي
” كانت هناك امرأة منزوفة منذ اثنتي عشرة سنة ” (لو8/43).
كانت هذه المرأة تعاني من سيلان دم مستديم، خارجاً عن حيضها الشهري. ففقدت معه كل شيء: مالها وصحتها وكرامتها، وبلغت إلى حدّ اليأس، وقد دام هذا الواقع اثنتي عشرة سنة .ففي شريعة العهد القديم، كانت تُعتبر المرأة النازفة نجاسة كل مرة يأتيها الحيض الشهري، فمن وما مسته أو مسّها يصبح نجساً ، أشخصاً كان أم ثوباً أو مكاناً. والمرأة المصابة بنزيف دائم كانت تُعتبر بذات الفعل نجاسة وخاطئة، وتمنع من مخالطة الناس والاقتراب من النبي. وكان عليها بعد شفائها بسبعة أيام، أن تحضر في اليوم الثامن إلى الكاهن وتقدم فرخي حمام واحدة عطية شكرلله، وواحدة محرقة تكفير عن الخطيئة (انظر سفر الاحبار15/19-33).
لهذا السبب، ولكي لا تشهر المرأة النازفة أمرها، انسلت بين الجمهور خلسة، من وراء يسوع، ولمست طرف ثوبه ، بدافع من إيمانها الذي تعدّت به كل أحكام الشريعة، فشفيت واستعادت كل كرامتها ودورها كامرأة.
إنها رمز لنزيف المرأة في كرامتها، أكان من جراء عيشها في حالة الخطيئة او في الاباحية أو في امتهان الشرعلى أنواعه كالعنف والدعارة والسرقة، ام بفعل من الخارج: من المجتمع أو من غياب القوانين المدنية أو من وسائل الإعلام بما تروج من إباحية جنسية في البرامج والدعايات أو من الفلتان الأخلاقي والحرية المفرطة.
نددت الكنيسة في أكثر من وثيقة بكل ما ينتهك كرامة المرأة. نذكر منها رسالة البابا يوحنا بولس الثاني الى النساء ووثيقتين للمجلس الحبري لوسائل الاعلام: “الاباحية والعنف في وسائل الاعلام”، و”اداب الدعاية واخلاقيتها”.
في رسالة إلى النساء (1995)، نجد إشارة إلى ما عانت منه المرأة وتعاني من شروط قاسية جعلت طريقها صعبة، وانتقصت من كرامتها، وشوّهت ميزاتها، وأدّت إلى تهميشها واستبعادها. فلم تتمكن من تحقيق ذاتها بكل معنى الكلمة، وحرم المجتمع من عبقريتها الروحية والإنسانية والاجتماعية. وثمة عراقيل تمنع النساء من الاندماج الكامل في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ وتتعرض عطية الأمومة إى العقوبة بدلاً من التقدير، مع عدم الاحترام للأمهات العاملات. فتعاني من عدم مساواتها الفعلية في الحقوق الشخصية والأجور بالنسبة إلى العمل، وفي الترقية العادلة في الوطنية، وتدبير شؤون العائلة. وتكشف الرسالة عن الإساءات المرتكبة بحق النساء في الحياة الجنسية كالعنف الجنسي، وخلق اجواء موبوءة بإباحة اللذة الجنسية والمتاجرة باعتماد استغلال الجنس وتحويل أجساد الفتيات إلى سلعة، وعن الحرمان على صعيد التنمية الشخصية .
أما وثيقة الإباحية والعنف في وسائل الإعلام (1989)، فتكشف عن الظاهرات المقلقة التي تتفشى عبر الكتب والمجلات والسينما والمسرح والتلفزيون واشرطة الفيديو، والدّش والانترنيت، وتسيء إلى الشبان والفتيات والقاصرين. الإباحية الجنسية هي كل انتهاك يُرتكب عن طريق استخدام التقنيات البصرية والسمعية والمقروءة بحق السرّية الخاصة التي يتمتع بها الجسد البشري، ذكراً أم أنثى، ويجعل من الشخص البشري وجسده سلعة تُسخّر لقضاء حاجة سيئة بقصد المتعة. والعنف هو كل مشهد يهدف إلى إثارة الغرائز البشرية الدنيئة، بالاعتماد على إبراز القوة الجسدية والأذى والشهوة العدائية (عدد9). ويزاد عليهما اللجوء إلى المخدرات والمسكرات من أجل إثارة الغرائز، إثارة أفعل وأشمل.
إن أسباب الفلتان في وسائل الإعلام متعددة نذكر منها:
انتشار أخلاقية متساهلة مبنية على إرضاء الذات بأي ثمن كان، دونما رادع خلقي. إنها خطيئة ضد وصايا الله، وضد قدسية الجسد الذي أصبح عضواً في جسد المسيح، وضد طهارة النفس التي هي هيكل الروح القدس، وضد فضيلة الحب.
الطمع بالربح، إذ أصبحت الإباحية صناعة تجارية تستغل الضعف البشري، ولاسيما ضعف الشبيبة والنفوس الرخيصة، ومن ضمن هذه التجارة ترويج الإباحية بواسطة الدّش، هذه جريمة منظمة ضد الله والإنسان والمجتمع.
ادعاء الحريّة في التعبير والتصرف بشأن الإباحية الجنسية، لكن هذه الحرية تنتهك القيم الخلقية عند الشبيبة ، والسرّية الخاصة بكل إنسان، والحشمة والأخلاق العامة.
تقاعص السلطات المدنية عن حماية الأخلاق العامة عن سنّ القوانين اللازمة والسهر على تطبيقها.
استقالة الأهل من مسؤولية حماية الحشمة والطهارة في بيوتهم ، وتربية أولادهم على حسن استعمال وسائل الإعلام وانتقاء البرامج ( الاباحية والعنف في وسائل الاعلام ،19-20).
وتعدّد وثيقة آداب الدعاية وأخلاقيتها (1997) الأضرار الثقافية والخلقية والدينية التي تتسبب بها الدعايات الهدامة بمحتوياتها وأساليبها المتعارضة مع القيم السليمة التقليدية. فهي تهمل المستوى الرفيع الغني والأدبي لتنقاد الى السطحية وقباحة الذوق والانحطاط الخلقي، وتتجاهل المتطلبات التربوية والاجتماعية، وتهمل مراعاة فئات المجتمع كالأطفال والشبان والمسنين والفقراء (عدد12).
فثقافياً، تسيء الدعاية إلى كرامة المرأة كسلعة لا كشخص، وتسخر من رسالتها كزوجة وأم، وتقدمها في حقل التجارة والأعمال والمهن بصورة ذكورية مشوهة تتنكر لمواهبها المميزة وحدسها وإحساسها الذي يسهم إلى حدّ بعيد في إحلال حضارة المحبة (عدد12).
أخلاقياً تتدنى الدعاية من المستوى الخلقي الرفيع إلى المبتذل والمنحط والخلاعي، وتروّج وتلقنّ مواقف وتصرفات مناهضة للآداب من مثل الدعاية لصالح وسائل منع الحمل وكل ما يسبب الإجهاض، أو لصالح منتوجات تشكّل خطراً على الصحة، والحملات التي تموّلها الحكومات من أجل تحديد الولادات اصطناعيا،ً وسواها.
دينياً، تستخدم الدعاية أشخاصاً أو رسوماً دينية لبيع بعض المنتوجات، بطريقة مضرة ومهينة، فتستغل الديانة وتتعامل معها بوقاحة (عدد13).
2- استعادة كرامة الشخص البشري
” لمست طرف ردائه فوقف نزيف دمها حالاً ” (لو8/44).
كشف يسوع هذا الأمر بالسؤال: ” من لمسني” ؟ وبالجواب ” إيمانك شفاك، اذهبي بسلام “، فأعلن حقيقتين :
الأولى، إننا بالإيمان بيسوع واللجوء إليه ننال ما نريد ونشفى مما نعاني. المهم في الحياة أن نؤمن بالمسيح، بشخصه وكلامه وأفعاله، فهو الله الذي جاء وحلّ بيننا ليخلصنا من كل ما يؤلمنا ويشوه كرامتنا. لا يكفي أن نرى بالعين أو نسمع بالأذن. كثيرون من أهل زمانه رأوه وسمعوه، لكنهم رفضوه، لم يبالوا به، صلبوه. ينبغي أن نراه بعين الإيمان ونسمع كلامه بالقلب والضمير. المهم أن نلجأ اليهً: المرأة لمست طرف ردائه، نحن نقبله في سرّ الافخارستيا غذاءً روحياً، ومنه ننال الغفران والشفاء في سرّ التوبة على يد الكاهن المكلف بقبول التوبة الصادقة ومنح الغفران، ويشفينا من أمراضنا ويقدسها بواسطة سرّ مسحة المرضى. الثانية، إن يسوع بامتداحه إيمان المرأة وشفائها من نزيفها، أعادها إلى كرامتها الأولى، التي كانت قد خسرتها إنسانياً واجتماعياً وشرعياً بنزيفها.
الإنسان في حياته التاريخية هو، بتحديد اللاهوت، ” روح متجسّد ” لا ” حيوان ناطق ” كما تحدده الفلسفة والعلوم الإنسانية. إنه مخلوق على صورة الله وفي الوقت عينه مشدود إلى التراب.الافخارستيا التي يتناولها تحييه من موت الخطيئة، ترفعه من مستوى ابن التراب إلى كرامة ابن الله، من الفساد إلى الحياة الأبدية. هذا ما نشير إليه في رتبة اثنين الرماد: الكاهن يرش الرماد على جبين المؤمنين قائلاً: ” اذكر يا إنسان أنك من التراب وإلى التراب تعود “، ثم يناوله جسد الرب قائلاً: ” جسد المسيح للحياة الأبدية “.
للكنيسة تعليم مميز عن كرامة النساء وحقوقهن ورسالتهن: المرأة لما تمثّل في حياة البشرية، المرأة الأم قابلة الكائن البشري وهاديته، المرأة الزوجة معطية ذاتها لزوجها من أجل وحدة الحب والحياة، المرأة العاملة المساهمة في بناء المجتمع ثقافياً وروحياً وفنياً واجتماعياً واقتصادياً، المرأة المكرسة تقف ذاتها على خدمة الله وجميع الناس. ولكن من النساء من يمتهن الشر، وتنقلب أنوثتهن إلى كيد وحقد بدون حدود، ويتحولّن إلى أفاعي يبخنّ السُّم باستباحة الأكاذيب والتلفيقات، شرط الوصول إلى مأربهن. هؤلاء لم يعرفن الإنجيل ولا التوبة ولا الأفخارستيا. وعندما ينحشرن أمام حائط الحقيقة يلجأن إلى نوبات بكاء ودموع. ما أشرّ المرأة عندما تفقد أنوثتها وكرامتها ورسالتها.
ما أحرج النساء المستعبدات من الداخل ومن الخارج، النازفات في قيمهن والكرامة، إلى حرية المسيح. الكنيسة تحمل همّ تحريرهن، لكي ينلن السيطرة الداخلية على أفعالهن الخاصة، وتقرير مصيرهن على أساس الأخلاقية والانعتاق من الشّر الأدبي. ولن تستطيع المرأة، ولا أحد سواها، ان تكون حرّة إلاّ بقدر ما تنفذ الى طريق معرفة الحقيقة، وبقدر ما تكون هذه المعرفة، لا أي قوة أخرى، مرشدة لإرادتها. إن من يمارس السيطرة الحقيقية على الذات، يحقق دعوته الملوكية التي لأبناء الله ( انظر الحرية المسيحية والتحرر، 26 و27 و30). عندما يتحقق ذلك في المرأة يصحّ القول المأثور:
” إذا أردت أن تتبين أخلاق شعب ، فانظر إلى وجوه نسائه “.
ثانياً، الخطة الراعوية
لأن” مستقبل البشرية يمرّ عبر الاسرة” (البابا يوحنا بولس الثاني)، وكذلك مستقبل المجتمع اللبناني، تتوجه الخطة الراعوية إلى مساعدة العائلة اللبنانية عامة والمسيحية خاصة لتستعيد ” رسالتها في أن تظل للحياة مهداً يحميها، وللقيم حصناً يصونها، لئلا يفقد المجتمع وجهه الإنساني” ( النص المجمعي العاشر: في العائلة، 32). من أجل هذه الغاية تقرأ الجماعات العائلية والمنظمات الرسولية والمجالس الرعوية والمؤسسات والجماعات الديرية، واقع العائلة عندنا، وتتخذ مبادرات حلول في ضوء مسيرة تجدد الأشخاص كما يقودها المجمع البطريركي الماروني في النص 10 حول العائلة، 19-32).
على المستوى الديني والثقافي والاجتماعي تتساءل الخطة الراعوية عن واقع العائلة بنتيجة تحديات ثلاثة:
1- التباس في جوهر الإيمان: دخول نوع من العلمنة أدّت إلى إلحاد جديد، هو بالرغم من مظاهر التعلق الخارجي بالدين، إن الإنسان يعتبر نفسه قيمة مطلقة على المستوى الإنساني، وان العلم والتقدم التقني قادران وحدهما على تحرير الإنسان مما يعاني من حاجة على كل صعيد. ما خفض الممارسة الدينية، وأفرغ يوم الأحد، يوم الرب، من قدسيته ومن واجب المشاركة في الأفخارستيا التي تبني الشركة مع الله والاتحاد بين الناس، فتشرذمت العائلة (النص10، في العائلة،20). فإذا بالرعية أمام تحدٍ كبير هو كيفية اجتذاب الشبيبة والعائلة إلى الحياة الروحية والرعوية (عدد26).
2- النزعة المادية الاستهلاكية: ساد مجتمعنا منطق الربح السريع، وإشباع حاجات الفرد وتكثيرها في الوقت عينه، فاعتبر الناس أن الحاجة نقص، أياً كانت، فتنشط الرغبة الملحة في إزالته، وهكذا عمّت ذهنية استهلاكية، تناولت على التوالي:
أ- التحصيل العلمي أصبح غاية بحدّ ذاته ووسيلة وحيدة لتأمين حياة إنتاجية نفعية، على حساب الواجبات الدينية، وخدمة الإنسان والمجتمع، علماً أن التحصيل العلمي وسيلة للصيرورة وليس فقط للتملك، ووسيلة لنمو الإنسان نمواً شاملاً، ولخير المجتمع والجنس البشري (المرجع المذكور، 23).
ب- الحياة الجنسية تفقد بعدها الإنساني والروحي والخلقي في إطار الحياة الزوجية كما رتبّها الخالق ورممها الفادي الإلهي. غير أنها تشهد اليوم تراخياً وانفلاتاً في السلوك الجنسي خارج الزواج وفي اطاره بسبب المشاهد المنافية للقيم الروحية والأخلاقية والنفسانية التي تجتاح بها وسائل الإعلام حدود البيوت والضمائر والكل يعلم أن الأمم إنما تقوم على الأخلاق، وتسقط إذا هي سقطت (المرجع المذكور، 22).
ج-الحياة الاجتماعية باتت تضيق للعلاقات الإنسانية والواجبات العائلية، من جراء الانصراف كلياً إلى سدّ الحاجات، وسارت ذهنية سطحية تعتمد على المظاهر ولو على حساب الراحة والإمكانيات، ما سلب روح القناعة والاكتفاء. كما تشهد بعض العائلات استقالة الأهل من مسؤولياتهم التربوية بسبب غيابهم المستمر عن الأولاد، بداعي العمل وسواه، فانجرف بعض الشباب إلى الانحراف الخلقي وتعاطي المخدرات والاستسلام للفساد والفلتان (المرجع المذكور، 24).
د- الحياة المهنية فقدت قيمة العمل وجوهره، لأنه راح يتجه نحو الربح السريع وإشباع الحاجات المادية والكمالية، بدلاً من أن يكرن العمل تحقيقاً للذات ومجالاً للنمو والترقي والتضامن الإنساني والاجتماعي. وصار الربح يبرّر الوسيلة على حساب القيم الأخلاقية (المرجع نفسه، 25).
3. التحديات الاجتماعية: أمام تبدّل الأوضاع الاقتصادية والثقافية، لم تستطع العائلة بلورة دورها الجديد وإبعاد رسالتها. والمرأة، على الرغم من إيجابية مشاركتها في كافة القطاعات التربوية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، فقد تراجعت على صعيد دورها التربوي في العائلة، بسبب غيابها عن الأولاد ومواكبتهم والإصغاء الى حاجاتهم، وتراجع دورها الأساسي في جعل البيت واحة سلام وتفاهم ونمو لسائر أفراد العائلة (النص العاشر،في العائلة ، 29-30). والعلاقات العائلية توترت بسبب هجرة الأب وغيابه عن دوره، واضطرار الزوجين للغياب المستمر بداعي العمل، وافتقاد الأولاد لحضورهما. وإذا بالعائلة ترزح تحت أعباء التعليم والطبابة والسكن، متروكة من المؤسسات العامة، ومن مبادرات التضامن على مستوى الرعية (المرجع المذكور، 31).
إن الخطة الراعوية تهدف إلى مساعدة العائلة في مواكبة مسيرة التغيير، من دون أن تتنكر لرسالتها.
صلاة
الشكر لك، أيها الرب يسوع، لأنك ضمّدتَ جراح البشر، وسكبت عليها الدواء الشافي بنعمتك وقوة الإيمان بك. بذلت نفسك وأوصيتنا بالمحبة. إننا نضرع من أجل حاجات عائلاتنا: أشرق الإيمان والرجاء في النفوس، وأنر الضمائر، وسكّن القلوب بالسلام الداخلي وأحلّ فيها الفرح الحقيقي، واحفظ العائلة مبعث رجاء وتضامن لأفرادها ولسائر العائلات، مثلما كانت العائلة المقدسة في الناصرة وفي الكنيسة الناشئة. لك المجد والشكر وبواسطتك للآب والروح الحي والمحيي إلى الأبد، آمين.
البطريرك بشارة الراعي
Discussion about this post