خميس الأسرار
جعلوا في طعامي مرارة ،وفي عطشي سقوني خلاً .
قال لوقا البشير في إنجيله المقدس وقرب عيد الفطير الذي يقال له الفصح .وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يقتلونه لأنهم خافوا الشعب .فدخل الشيطان في يهوذا الذي يدعى الإسخريوطي وهو من جملة الإثني عشر .فمضى وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه إليهم .ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة .فواعدهم .وكان يطلب فرصة ليسلمه إليهم خلواً من جمع .
وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح .فأرسل بطرس ويوحنا قائلاً اذهبا وأعدا لنا الفصح لنأكل .فقالا له: أين تريد أن نعد .فقال لهما إذا دخلتما المدينة يستقبلكما إنسانٌ حاملٌ جرة ماء .أتبعاه إلى البيت حيث يدخل وقولا لرب البيت يقول لك المعلم أين المنزل حيث آكل الفصح مع تلاميذي .فذاك يريكما علية كبيرة مفروشة .هناك أعدا .فانطلقا ووجدا كما قال لهما .فأعدا الفصح ولما كانت الساعة اتكأ والاثنا عشر رسولاً معه .وقال لهم شهوةً اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم .لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله .ثم تناول كأساً وشكر وقال خذوا هذه واقتسموها بينكم .لأني أقول لكم إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله .وأخذ خبزاً وشكر وكسر وأعطاهم قائلاً هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم .اصنعوا هذا لذكري .وكذلك الكأس أيضاً بعد العشاء قائلاً هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم .ولكن هوذا يد الذي يسلمني هي معي على المائدة .وابن الإنسان ماضٍ كما هو محتوم .ولكن ويلٌ لذلك الإنسان الذي يسلمه .فابتدأوا يتساءلون فيما بينهم من ترى منهم هو المزمع أن يفعل هذا).(لوقا 22 :1 _23 ).
وقال يوحنا البشير في إنجيله المقدس .
عشاء محبة وخدمة .
كان العشاء منذ ألفي سنة ،بين أشخاص عاديين ،بالنسبة للعالم ،في غرفة عادية .ولكن هذا العشاء اخترق الزمان والمكان وصار واقعاً يعيشه المؤمن كل مرة يلتقي بإخوته والرب .
جلس يسوع بين تلاميذه يأكل من يدهم ويناولهم الطعام .يستمع إلى كلماتهم .كان ينظر إلى وجه كل واحد منهم .بما فيهم وجه يهوذا ،ويطبعها في قلبه ليحملها معه على الصليب ،فتموت معه وتحيا معه حين يقوم .
كان يسوع يعلم وهو على العشاء ،أنهم سيتخلون عنه ،وسيتركونه وحيداً ،وأن بطرس سينكره ثلاث مرات ،ويهوذا سيسلمه .ولكن حبه لهم كان أكبر ،وبقي عازماً على أن يهب ذاته لتكون لهم الحياة وافرة :لم يبذل ذاته من أجل أحبائه فقط ،بل من أجل الذين سينكرونه وسيتخلون عنه ،وحتى أولئك الذين سيسببون له الموت.ما أعظم محبه الرب .
لم يأت إلى العالم سعياً وراء تقدير أو عرفان جميل ،بل لأجل إكمال مشيئة الآب في خلاص البشر أجمعين .
بعد ذلك أعطاهم جسده ودمه ،فأخذوه وأكلوه فصار منهم ،لا شيء يفرق بينه وبينهم .قال لهم فيما مضى إنه معهم إلى منتهى الدهر ،وعلى العشاء صار ذلك الكلام حقيقة .فباتحاده بأحبائه ،بدأ يسوع انتصاره على الموت الذي هو فراق كبير ،نهائي ودائم بين الأحباء .لقد صار واحداً وتلاميذه ،فلم يعد للموت من سلطان عليهم .
وفي بدء العشاء ،قام وأخذ منديلاً وائتزر به وأخذ بغسل أقدام تلاميذه هو المعلم ،صاحب السلطان، صار الخادم الوضيع الضعيف ،الذي لا حول له سوى غسل الأقدام .ولكن ،في الحقيقة كان هذا الإمحاء في التجسد ،واستمر على العشاء ،واكتمل على الصليب ،بغسله أقدام تلاميذه أخذ الرب صورة العبد ،وأفهمنا أن الخلاص الآتي منه ليس للكبار في هذا العالم فقط ،بل أيضاً للصغار ،للعبيد غاسلي الأقدام .
إشارات ورموز خميس الأسرار .
خميس الأسرار :مساء الخميس المقدس كان يعيّد يسوع مع الأثني عشر الفصح بحسب عادة اليهود وفصحهم .ولكن المفاجأة بدأ يسوع بلهجة جديدة مبلبلة .تحدث عن خيانه أحد أصحابه .وقدم ذاته ضحية .فلا بحث بعد عن دم الخروف ولا عن خبز الفطير
هذا هو جسدي ،هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي :ترمز هذه الكلمات إلى الفصح المسيحي وهو العبور من الموت إلى الحياة رسم الأفخارسيتا هو قصة عيد مأساوي .يسوع يقدم ذاته فصحاً جديداً عن البشرية ،معلناً بأن ذبيحة الصليب لم تتم اعتباطاً وإنما بإرادته يسلم نفسه .للصليب (هذا هو جسدي ،هذا هو دمي ،دم العهد ،الذي يسفك من أجلكم ..)فذبيحة يسوع ترتسم إذاً في امتداد الفصح اليهودي لكنها علامة العهد الجديد لأنها تعلن موت المسيح وقيامته
اصنعوا هذا لذكري :نحن نحتفل في الأفخارستيا ،ويسوع حاضراً ومشاركاً .نعيد الكلمات التي تلفظ بها هو نفسه ونؤمن بأنه حاضر معنا في كل احتفال .قال يسوع : (إصنعوا )بصيغة الجمع .
كل مرة تأكلون هذا الخبز وتشربون من هذه الكأس تبشرون بموت الرب إلى أن يجيء (1 كو11 :26)
قال بطرس لن تغسل رجلي :لم يفهم بطرس ما معنى السلطة وغايتها كيف وهو السيد يغسل الأقدام كالعبد ؟كيف وهو صاحب السلطة يتحول إلى مأمور ضعيف ؟فالسلطة ،بالنسبة للمسيح كانت خدمة غايتها بنيان الذات والآخر .وإذا كانت السلطة تسلطاً واستغلالاً للآخر .فعاقبتها الثورة والموت .السلطة كما فهمها المسيح يجب الإكثار من استعمالها لأنها ستؤدي حتماً إلى حياة أفضل للذات والآخر .
Discussion about this post