أسرار خدمة الشركة (1533-1600)
التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية المقدسة
الفصل الثالث
أسرار خدمة الشركة
1533- المعمودية والتثبيت والافخارستيا هي أسرار التنشئة المسيحية، وهي مرتكز الدعوة المشتركة بين جميع أتباع المسيح، أي الدعوة إلى القداسة وإلى الرسالة التبشير بالإنجيل في العالم. وهي تزود الإنسان بالنعم الضرورية ليحيا بمقتضى الروح في هذه الحياة المترحلة والذاهبة شطر الوطن .
1534- ثمة سران آخران: الكهنوت والزواج، هدفهما خلاص الآخرين. لا شك أنهما يساهمان أيضا في خلاص الفرد، ولكن من خلال خدمة الآخرين، ويخولان المؤمنين رسالة خاصة في الكنيسة، ويساعدان في بناء شعب الله .
1535- بفضل هذين السرين، يستطيع الذين تكرسوا بالمعمودية والتثبيت للكهنوت المشترك بين جميع المؤمنين، أن ينالوا مسحات أخرى. فالذين يقبلون سر الكهنوت يكرسون ليكونوا، باسم المسيح، “بكلمته ونعمته ، رعاة للكنيسة” . “والأزواج المسيحون، من جهتهم، يقوون ويكرسون، نوعا ما، بسر خاص، ليضطلعوا بواجبات حالتهم، اضطلاعا لائقا” .
المقال السادس
سر “الكهنوت”
1536- سر الكهنوت هو السر الذي يكفل استمرار الرسالة التي وكلها المسيح إلى تلاميذه ناشطة في الكنيسة حتى منتهى الأزمنة: هو إذن سر الخدمة الرسولية، ويتضمن ثلاث رتب: الأسقفية، والكهنوت، والشماسية.
(في شأن الخدمة الرسولية ، من ناحية تأسيسها ورسالتها من قبل المسيح، انظر الارقام 874- 890. وأما هنا فلا نعالج إلا الطريقة الأسرارية التي يتم بها توارث هذه الخدمة) .
1. لماذا يسمى هذا السر “بالنظام”؟
1537- لفظة “النظام” ، في العهد الروماني القديم، كانت تدل على الهيئات لمنتظمة، في مفهومها المدني، ولا سيما الهيئة الحاكمة. “والتنظيم” هو ضم الناس إلى “نظام” ما. وأما في الكنيسة، فنجد هيئات منظمة، يسميها التقليد منذ القدم “رتبا” ، مستوحيا بعض المرتكزات في الكتاب المقدس . فالليترجيا تتكلم عن رتبة الأساقفة ورتبة الكهنة، ورتبة الشمامسة. هناك فئات أخرى كانت تحمل هذه التسمية : الموعوظون، والعذراى ، والأزواج ، والأرامل…
1538- الانضمام إلى إحدى تلك الهيئات في الكنيسة كان يتم عبر “طقس” معين، يدعى “رتبة” وهو عمل ديني وليترجي قوامه تكريس أو بركة أو سر. وأما اليوم فهذه اللفظة مقصورة على العمل الأسراري الذي به ينضم المؤمن إلى رتبة الأساقفة أو الكهنة أو الشمامسة. وتعني ما هو أبعد من مجرد انتخاب أو تعيين أو تفويض أو تأسيس يصدر عن الجماعة، لأن عمل التكريس هذا يؤتي المرء نعمة من الروح القدس له ان يمارس “سلطانا مقدسا” لا يصدر إلا عن المسيح نفسه، بواسطة الكنيسة. هذا العمل يسمى أيضا تكريسا لأنه نوع من الفرز والتولية يقوم به المسيح نفسه لأجل كنيسته . وضع يدي الأسقف، مع صلاة التكريس، هو العلامة الظاهرة لفعل التكريس هذا .
2. سر الكهنوت في تدبير الخلاص
كهنوت العهد القديم :
1539- لقد أقام الله الشعب المصطفى “مملكة أحبار وأمة مقدسة” (خر 19: 6) . ولكن الله اختار، في شعب اسرائيل، أحد الأسباط الاثني عشر، وهو سبط لاوي الذي فرزه للخدمة الليترجية ، وجعل ذاته ميراثا له . ثمة طقس خاص استعمل لتكريس كهنوت العهد القديم منذ جذوره ، فكان “كل حبر يقام لدى الله من أجل الناس ليقرب قرابين وذبائح كفارة للخطايا” .
1540- هذا الكهنوت الذي أقيم لإعلان كلمة الله وإعادة الشركة مع الله بالذبائح والصلاة، يبقى مع ذلك قاصرا عن أن يحقق الخلاص ، وبحاجة إلى أن يكرر الذبائح بلا انقطاع ، وعاجزا أن يوفر للإنسان قداسة راسخة لن تحققها إلا ذبيحة المسيح .
1541- إلا أن ليترجيا الكنيسة تتوسم في كهنوت هارون والخدمة اللاوية، كما تتوسم في هيئة السبعين “شيخا” ، رموزا للخدمة الكهنوتية في العهد الجديد. إليك في الطقس اللاتيني دعاء الكنيسة، في افتتاحية صلاة التكريس لسيامه الأساقفة :
“اللهم يا أبا ربنا يسوع المسيح(…) بدأت تكون كنيستك طوال زمن العهد القديم؛ مذ البدء أعددت الشعب المتحدر من ابراهيم ليكون شعبا مقدسا؛ لقد أقمت لهم رؤساء وكهنة، ودبرت لهم دائما من يقوم بخدمة مذبحك” …
1542- وفي رسامة الكهنة تصلي الكنيسة هكذا :
“أيها الرب الآب القدوس(…) ، لقد أقمت منذ زمن العهد القديم، في شبه إيذان بالأسرار الآتية، أحبارا عظاما يرعون شعبك ويتولون قيادتهم؛ ولكنك اخترت أيضا رجالا آخرين شركتهم في خدمتهم وساعدوهم في مهمتهم. وهكذا اخترت سعبين رجلا مملوئين حكمة وأفرغت عليهم الروح الذي أعطيته لموسى، وأشركت أبناء هارون في بركة التكريس التي نالها أبوهم” .
1543- وفي صلاة التكريس الملحوظة في رسامة الشمامسة تعترف الكنيسة قائلة :
أيها الاب القدوس(…) لقد أقمت، لبناء هذا الهيكل الجديد (الكنيسة) خدمة ينتمون إلى ثلاث رتب مختلفة، الأساقفة والكهنة والشمامسة، ومهمتهم جميعا أن يخدموك، على غرار أبناء سبط لاوي الذين فرزتهم لخدمة بيتك، في العهد القديم، ، وجعلت ذاتك ميراثا لهم” .
كهنوت المسيح الأوحد
1544- كل رموز الكهنوت في العهد القديم تكتمل في المسيح يسوع “الوسيط الأوحد. بين الله والناس” (1 تي 2: 5). إن التقليد المسيحي يعتبر ملكيصادق “كاهن الله العلي” (تك 14: 18) رمزا لكهنوت المسيح الذي دعاه الله وحده “حبرا على رتبة ملكيصادق ” (عب 5: 10؛ 6: 20)، حبرا “قدوسا بريئا لا عيب فيه” (عب 7: 26)، “جعل الذين قدسهم كاملين أبدا، بقربان واحد” (عب 10: 14) أي بذبيحة صليبه الواحدة .
1545- ذبيحة المسيح الفادية واحدة لا غير. لقد تمت مرة واحدة، ولكنها ماثلة في ذبيحة الكنيسة الافخارستية . كذلك كهنوت المسيح الواحد يغدو حاضرا في كهنوت الخدمة من غير أن تنقص وحدانية كهنوت المسيح:” ومن ثم، فالمسيح هو الكاهن الحقيقي الأوحد، وما الآخرون سوى خدمته” .
طريقتان للاشتراك في كهنوت المسيح الأوحد
1546- إن المسيح، الكاهن الأعظم والوسيط الأوحد، قد جعل من الكنيسة “مملكة من الكهنة لآلهة وأبيه” (رؤ 1: 6) . ومن ثم فجماعة المؤمنين كلها كهنوتية في حد ذاتها. ويمارس المؤمنون كهنوتهم العمادي عبر مساهمة كل واحد بحسب دعوته الخاصة، في رسالة المسيح الكاهن والنبي الملك. ويتكرس المؤمنون ليكونوا… كهنوتا مقدسا “بواسطة سري بالمعمودية والتثبيت” .
1547- كهنوت الخدمة الراعوية أو الكهنوت الايرخي (التراتبي) الذي يمارسه الأساقفة والكهنة، والكهنوت المشترك بين جميع المؤمنين، “وإن اشتراكا ، كل على طريقته الخاصة، في كهنوت المسيح الواحد” ، إلا أنهما يختلفان اختلافا جوهريا، أحدهما عن الآخر، وإن “كانا على تناسق بينهما” . وذلك بأن كهنوت المؤمنين المشترك يتحقق في نماء نعمة المعمودية وتحولها إلى حياة إيمان ورجاء ومحبة وحياة في الروح، وأما كهنوت الخدمة الراعوية فهو في خدمة الكهنوت المشترك ، ويعنى بتنمية نعمة المعمودية لدى جميع المسيحيين. إنه وسيلة من الوسائل التي لا يكف المسيح عن استعمالها ليبني كنيسته ويقودها. ولذا ينتقل في الكنيسة بواسطة سر خاص، هو سر الكهنوت .
في شخص يسوع – الرأس…
1548- من خلال الخدمة الكنيسة التي يقوم بها الخادم المرسوم، يحضر المسيح نفسه في كنيسته، بصفته رأس جسده السري، وراعي قطيعه، الأعظم لذبيحة الفداء، ومعلم الحق. وهذا ما تعبر عنه الكنيسة بقولها: إن الكاهن، بقوة سر الكهنوت، يعمل في شخص المسيح الرأس :
” ذاك الكاهن عينه، يسوع المسيح، يقوم الكاهن حقا مقامه. فإذا صح أن هذا الكاهن، بتكريسه الكهنوتي، قد أصبح شبيها بالكاهن الأعظم، فهو يتمتع بالقدرة على العمل بقوة المسيح نفسه الذي يمثله ” . ” المسيح هو مصدر كل كهنوت: فكاهن العهد القديم كان رمزا للمسيح، وكاهن العهد الجديد يعمل بشخص المسيح” .
1549- بالخدمة الكهنوتية التي يقوم بها خصوصا الأساقفة والكهنة، يصبح حضور المسيح، بصفته رأس الكنيسة، حضورا مرئيا وسط جماعة المؤمنين . فالأسقف، على حد ما جاء في تعبير بليغ للقديس اغناطيوس الأنطاكي، إنما هو صورة حية لله الآب .
1550- حضور المسيح هذا في الكاهن يجب ألا يفهم على أنه حرز له من كل وهن بشري: كروح التسلط والأخطاء وحتى الخطيئة. فقوة الروح القدس لا تضمن كل أعمال الكاهن بذات الطريقة. هذه الضمانة مكفولة ولا شك في الأسرار، بحيث أن خطيئة الكاهن بذاتها لا تحجب ثمرة النعمة؛ ولكن ثمة أعمالا أخرى كثيرة تحمل بصمات الكاهن البشرية وتترك فيها آثارا لا تدل دائما على أمانته للإنجيل، وتستطيع، من ثم، أن تلحق ضررا بالكنيسة وخصبها الرسولي .
1551-هذه الكهنوت هو كهنوت خدمة. “هذه المهمة التي أناطها الرب برعاة شعبه هي خدمة حقيقية ” ، مرتبطة ارتباطا كليا بالمسيح وبالبشر. فهي منوطة كليا بالمسيح وبكهنوته الواحد، ولكنها أقيمت للناس ولجماعة الكنيسة. إن سر الكهنوت يؤتي “سلطانا مقدسا”، ما هو إلا سلطان المسيح بالذات. ولا بد، في ممارسة هذا السلطان، من اتخاذ المسيح مقياسا ونموذجا، هو الذي، بدافع محبته، صار آخر الكل خادما للكل . “وقد قال المسيح صراحة أن عنايتنا بقطيعة هي دليل محبتنا له” .
… “باسم الكنيسة جمعاء”
1552- كهنوت الخدمة لا يهدف فقط إلى أن يمثل المسيح- رأس الكنيسة – في جماعة المؤمنين، بل أن يعمل أيضا باسم الكنيسة جمعاء، عندما يرفع إلى الله صلاة الكنيسة ، وخصوصا عندما يقرب ذبيحة الافخارستيا .
1553- “باسم الكنيسة جمعاء”: لا تعني هذه العبارة أن الكهنة هم منتدبو الجماعة .فصلاة الكنيسة وتقدمتها هي صلاة المسيح رئيسها وتقدمته. والعبادة التي يقيمها المؤمنون هي أبدا عبادة المسيح في كنيسته وبكنيسته . فالكنيسة، جسد المسيح، تصلي بأجمعها وتقرب ذاتها “به ومعه وفيه”، في وحدة الروح القدس، إلى الله الآب. كل الجسد، الرأس والأعضاء، يصلي ويقرب ذاته. ولذا فالذين هم، في جسد المسيح، خدمة هذا الجسد بنوع خاص، يدعون خدمة لا للمسيح وحسب، بل للكنيسة أيضا. وذلك بأن كهنوت الخدمة لا يمثل الكنيسة إلا لأنه يمثل المسيح .
3. الدرجات الثلاث في سر الكهنوت
1554-” إن ممارسة الخدمة الكنيسة التي أقامها الله موزعة على درجات متنوعة بين من يسمونهم ، منذ القدم، آساقفة وكهنة وشمامسة” . وتقر العقيدة الكاثوليكية التي تعبر عنها الليترجيا والسلطة التعليمية والعرف الثابت في الكنيسة أن ثمة درجتين اثنتين تشاركان في خدمة كهنوت المسيح: الاسقفية والكهنوت. واما الرتبة الشماسية فتهدف إلى مساعدتهما وخدمتهما. ولذا فلفظة الكهنوت لا تنطبق، في الاستعمال الراهن، إلا على الأساقفة والكهنة، لا على الشمامسة. إلا أن العقيدة الكاثوليكية تعلم أن درجتي المشاركة الكهنوتية (الأسقفية والكهنوت) ودرجة الخدمة (الذياكونية) تمنح كلها بواسطة سر واحد هو “سر الرسامة” أو سر الرتبة .
” على الجميع أن يجلوا الشمامسة إجلالهم للمسيح يسوع، وكذلك الأسقف أيضا الذي هو صورة الآب، والكهنة على أنهم محفل الله ومجمع الرسل : بدونهم يتعذر الكلام عن الكنيسة” .
السيامة الأسقفية – ملء سر الكهنوت
1555-“بين الخدم المختلفة التي تمارس في الكنيسة، منذ أيامها الأولى، تحتل المحل الأول، بشهادة التقليد، وظيفة أولئك الذين أقيموا في الأسقفية وكأنهم، بتسلسلهم في خلافة متصلة منذ البدء، فسائل ينتقل بها الزرع الرسولي” .
1556- للقيام بهذه المهمة السامية، “أغنى المسيح رسله بفيض خاص من الروح القدس نازلا عليهم، وبوضع الأيدي سلموا هم انفسهم إلى معاونيهم موهبة الروح القدس التي انتقلت إلينا حتى يومنا هذا بطريق السيامة الأسقفية” .
1557- يعلم المجمع الفاتيكاني الثاني “إن السيامة الأسقفية تعطي ملء السر كهنوت الذي يسميه التقليد الليترجي والآباء القديسون الكهنوت الأعظم وذروة الخدمة المقدسة ” .
1558- “تولي السيامة الأسقفية، مع مهمة التقديس، مهمتي التعليم والقيادة. (…) فوضع الأيدي وكلمات السيامة تعطي نعمة الروح القدس وتطبع الأسقف بطابع مقدس، بحيث أن الأساقفة يقومون، بطريقة سامية ومرئية، مقام المسيح نفسه المعلم والراعي والحبر، ويقومون بمهمته . “وهكذا ، أقيم الأساقفة، بالروح القدس الذي أنزل عليهم، معلمين في الإيمان حقيقين وأصليين،كما أقيموا أحبارا ورعاة” .
1559- “بقوة السيامة الأسقفية وبالشركة التسلسلية مع رئيس الجسم الأسقفي وأعضائه، يصير عضوا في هذا الجسم ” . هذه الهيئة الأسقفية يظهر طابعها وطبيعتها الجماعية في ممارسات عدة، منها العرف العريق في الكنيسة والقاضي بأن يشترك أكثر من أسقف في سيامة أسقف جديد . ولكي تكون السيامة الأسقفية شرعية لا بد، اليوم، من أن يتدخل أسقف روما تدخلا خاصا، نظرا إلى أنه هو الرباط الحسي الأعلى في شركة الكنائس الخاصة ضمن الكنيسة الواحدة، وضمان حريتها.
1560- كل أسقف، بصفته نائبا للمسيح، يتولى رعاية الكنيسة الخاصة التي وكلت إليه. ولكنه يحمل أيضا، بطريقة جماعية مع جميع إخوته في الأسقفة، هم جميع الكنائس:” لا شك أن كل أسقف يرعى من القطيع القسم الموكول إلى عنايته، ولكنه، بصفته خليقة شرعيا للرسل بفعل تنصيب إلهي، يصبح متضامنا في المسؤولية عن الرسالة الرسولية في الكنيسة” .
1561- كل ما أتينا على ذكره يفسر لماذا الافخارستيا التي يحتفل بها الأسقف تكتسب معنى خاصا يعبر عن اجتماع الكنيسة حول المذبح برئاسة من يمثل، بطريقة مرئية، المسيح الراعي الصالح ورأس كنيسته .
رسامة الكهنة، معاوني الأساقفة
1562-“إن المسيح الذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم، قد جعل خلفاء الرسل، أي الأساقفة، وبواسطتهم ، شركاء في قداسة المسيح ورسالته. ثم أن الأساقفة قد سلموا بعضا من أعضاء الكنيسة، بوجه شرعي وتفاوت في الدرجة، مهام خدمتهم” ، “وقد انتقلت وظيفة الأساقفة الرعائية إلى الكهنة وإنما بدرجة أدنى. فقد أقيم هؤلاء في الكهنوت أعوانا للأساقفة في تأدية الرسالة التي سلمها المسيح إليهم ” .
1563- “إن وظيفة الكهنة تشركهم، بحكم اتحادها بالدرجة الأسقفية، في السلطة التي يبني المسيح بها جسده ويقدسه ويسوسه. ومن ثم فكهنوت الكهنوت، الذي يفترض أسرار التنشئة المسيحية، يعطي بواسطة سر خاص يسمهم بوسم مميز، بمسحة الروح القدس، ويصيرهم على شبة المسيح الكاهن فيمكنهم من العمل باسم المسيح الرأس بالذات” .
1564- “إن الكهنة، مع أنهم لا يملكون مهمة الحبرية العليا، ويخضعون للأساقفة في ممارسة سلطتهم، فإنهم متحدون معهم في الكرامة الكهنوتية. وهم، بقوة سر الكهنوت، مكرسون على صورة المسيح الكاهن الأعظم والأبدي ، ليبشروا بالإنجيل، ويكونوا رعاة للمؤمنين ، ويقيموا الشعائر الدينية، بحكم كونهم كهنة حقيقيين للعهد الجديد” .
1565-بقوة سر الكهنوت يشترك الكهنة في الرسالة التي وكلها المسيح إلى تلاميذه، في أبعادها الجامعة. فالموهبة الروحية التي نالوها بالرسامة تعدهم لا لرسالة محدودة وضيقة، بل لرسالة خلاص جامعة، تمتد “حتى أقاصي الأرض” ، “وفي نفسهم استعداد للكرازة بالإنجيل في كل مكان” .
1566- “ويمارس الكهنة خدمتهم المقدسة على الوجه الأكمل في تأدية فرائض العبادة في المحفل الافخارستي: ففيه ينوبون مناب المسيح، ويعلنون سره، ويضمون طلبات المؤمنين إلى ذبيحة المسيح رأسهم، ويجعلون ذبيحة العهد الجديد الواحدة، ذبيحة المسيح مقربا نفسه لأبيه مرة واحدة قربانا لا عيب فيه، حاضرة ومنفذة في ذبيحة القداس، إلى أن يأتي الرب” . من هذه الذبيحة الواحدة تستمد خدمتهم الكهنوتية كل قوتها .
1567- “ولما كان الكهنة معاونين أهل فطنة للدرجة الأسقفية، وكانوا لها العون والأداة، وكانوا مدعوين لخدمة شعب الله، فإنهم مع أسقفهم يؤلفون أسرة كهنوتية واحدة، متنوعة الوظائف. وفي كل مكان فيه جماعة من المؤمنين، يجعلون الأسقف حاضرا، من بعض الوجوه، لارتباطهم به بقلب واثق وسخي، آخذين على عاتقهم نصيبهم من مهامه وعنايته، وعاملين بها اهتمامهم اليومي بالمؤمنين” . وهكذا، لا يستطيع الكهنة أن يمارسوا خدمتهم إلا بالخضوع للأسقف وفي الشركة معه. وعد الطاعة الذي يقطعونه للأسقف في حفلة الرسامة، وقبله السلام التي يعطيها الأسقف في ختام ليترجيا الرسامة، مفادهما أن الأسقف يعتبرهم أعوانه وأبناءه وأخوته وأصدقاءه وأنهم ملتزمون بأن يردوا له ذلك محبة وطاعة .
1568- “إن الكهنة ، بفعل رسامتهم التي أولتهم درجة الكهنوت ، هم كلهم متحدون اتحادا صميما فما بينهم برباط الإخوة السرية؛ ولكنهم، بفعل انسلاكهم في خدمة أبرشية يقوم عليها أسقف محلي، بصفة خاصة، على هذا المستوى، أسرة كهنوتية واحدة” . وحدة هذه الأسرة الكهنوتية تجد لها تعبيرا ليترجيا في العرف القاضي بان يضع الكهنة، هم أيضا، على المرتسمين، أيديهم بعد الأسقف أثناء حفلة الرسامة .
رسامة الشمامسة – “للخدمة”
1569- “في الدرجة الدنيا من درجات الرتب المقدسة ، يوجد الشمامسة الذين رسموا بوضع الأيدي، لا بقصد الكهنوت بل بقصد الخدمة” . في رسامة الشماس لا يضع اليد على المرتسم إلا الأسقف وحدة، للدلالة على أن الشماس مرتبط ارتباطا خاصا بالأسقف في مهام “خدمته” .
1570-يشترك الشمامسة اشتراكا مميزا في رسالة المسيح ونعمته . فالرسامة تطبعهم بختم (“بوسم”) لا يبلى يجعلهم على صورة المسيح الذي صار خادما للجميع . ومن صلاحيات الشمامسة أن يعاونوا الأسقف والكهنة في إقامة الأسرار الإلهية ولا سيما الاحتفال بالافخارستيا وتوزيعها، وأن يحضروا عقد الزواج ويباركوه، ويعلنوا الإنجيل ويعظوا، ويرئسوا صلاة الجناز ويتفرغوا لمختلف أعمال المحبة .
1571- منذ المجمع الفاتيكاني الثاني أعادت الكنيسة اللاتينية الشماسية “بمثابة درجة خاصة ودائمة من درجات الرتب المقدسة” بينما كنائس الشرق كانت لا تزال محتفظة بها. هذه الشماسية الدائمة يمكن أن تمنح للمتزوجين تزود الكنيسة بثروة لافتة، للقيام برسالتها. فالذين يضطلعون في الكنيسة بأعباء خدمة حقيقية، سواء في الحياة الليترجية والرعائية أم في الأعمال الاجتماعية والإنسانية، يناسبهم ويفيدهم أن يتقووا بوضع الأيدي الذي تناقلته الكنيسة من عهد الرسل، ويتحدوا بالمذبح اتحادا أوثق، فينهضوا بخدمتهم بوجه أفعل، بقوة النعمة التي ينالونها بالرسامة الشماسية .
4. الاحتفال بهذا السر
1572- الاحتفال بسيامة أسقف أو كهنة أو شمامسة، نظرا إلى أهميته في حياة الكنيسة الخاصة، يقتضي توافر أكبر عدد ممكن من المؤمنين. من الأفضل أن يقام نهار الأحد وفي الكاتدرائية، بالحفاوة المناسبة لهذا الظرف. الرسامات الثلاث للأسقف الكاهن والشماس تسير في ذات السياق، في إطار الليترجيا الافخارستية .
1573- الطقس الجوهري في سر الكهنوت قوامه، في الدرجات الثلاث، أن يضع الأسقف يده على رأس المرتسم ويتلو صلاة التكريس الخاصة التي يطلب فيها إلى الله أن يفيض الروح القدس عليه ويجود بالمواهب المنوطة بالخدمة التي ينتدب لها المرتسم .
1574- ثمة طقوس ملحقة تحيط بحفلة الرسامة كما في سائر الأسرار. هذه الطقوس تتنوع تنوعا عميقا في مختلف التقاليد الليترجية، ولكنها تشترك كلها في التعبير عن مختلف وجوه النعمة السرية. فالطقوس التمهيدية، في الطقس اللاتيني- تقديم المرشح للرسامة واختياره، وكلمة الأسقف، وطرح الأسئلة على المرشح للرسامة، وطلبات القديسين- تثبت أن اختيار المرشح للرسامة قد تم بمقتضى الأعراف المعهودة في الكنيسة، وتمهد للقيام رسميا بعمل الرسامة. وتعقب الرسامة مجموعة من الطقوس تعبر، بطريقة رمزية، عن السر الذي تحقق وتكلمه : مسح الأسقف والكاهن بالزيت المقدس، رمز المسحة الخاصة التي يجود بها الروح القدس ويخصب بها خدمتهما؛ تسليم الأسقف كتاب الأناجيل، والخاتم والتاج والعصا رمز مسؤوليته الرسولية في التبشير بكلمة الله، وأمانته للكنيسة عروس المسيح، ومهمته في رعاية قطيع الرب؛ تسليم الكاهن الصينية والكأس، وهما تقدمة الشعب المقدس التي يجب على الكاهن أن يقربها لله؛ تسليم الشماس كتاب الأناجيل، وقد انتدب للبشارة بإنجيل المسيح .
5 . من الذي يمنح هذا السر ؟
1575- المسيح هو الذي اصطفى الرسل وجعل لهم نصيبا في رسالته وسلطته. وعندما ارتفع وجلس إلى يمين الآب، لم يتخل عن قطيعه بل حفظه، بواسطة الرسل، في ظل حمايته، ولا يزال يوجهه حتى الآن بواسطة الراعاة الذين يواصلون اليوم رسالته فالمسيح هو الذي “يولي” بعضهم أن يكونوا رسلا وبعضهم رعاة ، ويواصل عمله بواسطة الأساقفة .
1576- لما كان سر الكهنوت هو سر الخدمة الرسولية، فإنه يعود إلى الأساقفة، بصفتهم خلفاء الرسل، أن ينقلوا “الموهبة الروحية” “والبذار الرسولي” . فالأساقفة الذين سيموا سيامة صحيحة، أي في خط الخلافة الرسولية، يمنحون، بوجه صحيح، سر الكهنوت في درجاته الثلاث .
6.من الذي يحظى بهذا السر ؟
1577- “يجوز للرجل المعمد وحده أن ينال الرسامة المقدسة بوجه صحيح” . فقد اختار الرب يسوع رجالا ليؤلفوا هيئة الرسل الاثني عشر ، وقد جرى الرسل على منواله عندما اختاروا معاونيهم ، الذين سيخلفونهم في مهمتهم . من خلال هيئة الأساقفة والكهنة الذين يتحدون بهم في سر الكهنوت، تظل هيئة الاثني عشر حاضرة، بطريقة واقعية، إلى أن يعود المسيح. وترى الكنيسة ذاتها مرتبطة بهذا الاختيار الذي حدده الرب نفسه، وتعبير، من ثم، رسامة النساء غير ممكنة .
1578- ما من إنسان يملك حق المطالبة بسر الكهنوت. فما من أحد يدعي لنفسه هذه المهمة إلا إذا دعاه الله إليها . فمن يتوسم في ذاته مخايل دعوة الله إلى الخدمة الكهنوتية، عليه أن يطرح رغبته بتواضع على السلطة الكنسية التي تتولى وحدها المسؤولية والحق في الدعوة إلى قبول الدرجات الكهنوتية. فهذا السر، كأي نعمة أخرى، لا يقبل إلا بمثابة عطية مجانية.
1579- كل الخدمة المرسومين في الكنيسة اللاتينية، باستثناء الشمامسة الدائمين، يتم اختيارهم عادة من بين الرجال المؤمنين الذين يعيشون في حالة العزوبة ويرغبون في المحافظة عليها ” لأجل ملكوت السماوات” (متى 19: 12). وبما أنهم مدعوون إلى التكرس للرب ولأموره بلا توزع في القلب، فهم يبذلون أنفسهم لله وللناس بذلا كاملا. العزوبة هي علامة الحياة الجديدة التي يتكرس لها خادم الكنيسة، فإذا قبلها بقلب مشرق بالفرح استطاع أن يبشر بملكوت الله بطريقة مشعة .
1580- الكنائس الشرقية تطبق، منذ قرون، نظاما مختلفا : فبينما الأساقفة لا يختارون إلا من بين المتبتلين ، يجوز لرجال متزوجين أن يرسموا شمامسة وكهنة. هذه العادة تعتبر شرعية منذ عهد قديم؛ وهؤلاء الكهنة يؤدون خدمة مثمرة في جماعاتهم . وعلى كل، فبتولية الكهنة هي موضوع إجلال عظيم في الكنائس الشرقية، وكثيرون هم الكهنة الذين آثروها طوعا، لأجل ملكوت الله. ولكن في الشرق كما في الغرب لا يجوز لمن قبل سر الكهنوت أن يتزوج .
7. مفاعيل سر الكهنوت
الوسم الذي لا يبلى
1581- إن هذا السر يجعل الكاهن على صورة المسيح، بنعمة خاصة من الروح القدس، ليصير أداة للمسيح لأجل كنيسته. بالرسامة يصبح الكاهن أهلا لأن يمثل المسيح رأس الكنيسة في وظائفه الثلاث: بصفته كاهنا ونبيا وملكا .
1582- هذا الاشتراك في وظيفة المسيح لا يمنح إلا مرة واحدة، كما هي الحال في المعمودية والتثبيت، وذلك بأن سر الكهنوت يولي صاحبه، هو أيضا، وسما روحيا لا يبلى، ولا يمكن، من ثم، أن يتكرر ولا أن يمنح بطريقة وقتية .
1583- يجوز لإنسان حظي برسامة صحيحة أن يعفى، لأسباب باهظة، من الواجبات والوظائف المرتبطة بالرسامة أو أن تحرم عليه ممارستها . ولكنه لا يستطيع أن يرتد إلى الحالة العلمانية بالمعنى الدقيق ، لأن الوسم الذين وسم به بالرسامة يبقى إلى الأبد. فالدعوة والرسالة التي تلقاهما يوم رسامته تطبعانه بطابع دائم .
1584- ولما كان المسيح، في النهاية، هو الذي يعمل ويحقق الخلاص عبر الخادم المرسوم، فاللاجدارة التي تسوم هذا الخادم لا تحول دون عمل المسيح . وهذا ما يؤكده القديس اوغسطينوس بقوة :
“وأما الخادم المتكبر فيجب أن يصف مع الشيطان . ولكن موهبة المسيح لا تنتهك بسبب ذلك. فكل ما يسيل من خلاله يظل نقيا، وكل ما يمر به يبقى صافيا وينزل على الأرض الخصبة (…) قوة السر الروحية هي أشبه بالنور : المدعوون إلى الاستنارة يتلقونها نقية، وإذا اجتازت كائنات مدنسة فهي لا تتدنس ” .
نعمة الروح القدس
1585- نعمة الروح القدس التي يتميز بها هذا السر هي أن تجعل الإنسان على شبه المسيح الكاهن والمعلم والراعي الذي أقيم المرتسم خادما له .
1586- فالأسقف يجد فيها نعمة القوة (“الروح الرئاسي”، أي الروح الذي يقيم الرؤساء، كما تطلب صلاة سيامة الأسقف في الطقس اللاتيني) ، القوة التي تمكنه من أن يسوس كنيسته ويذود عنها بحزم وفطنة، فعل أب وراع، بمحبة مجانية للجميع، وإيثار للفقراء والمرضى وذوي الفاقة . هذه النعمة تدفعه إلى أن يبشر الجميع بالإنجيل، ويكون قدوة لقطيعه، ويتقدمه في طريق القداسة والتماهي، في الافخارستيا ، مع المسيح الكاهن والضحية، ولا يخشى أن يبذل حياته في سبيل النعاج :
” أيها الآب الذي يعرف القلوب، هب خادمك الذي اخترته للأسقفية، أن يرعى قطيعك المقدس ويمارس لديك الكهنوت الأعظم بلا لوم، ويخدمك ليلا ونهارا. وليجعل وجهك دوما متعطفا ويقرب تقادم كنيستك المقدسة. ولتكن له، بقوة روح الكهنوت الأعظم، سلطة العفو عن الخطايا، بحسب وصيتك ، وليوزع الوظائف حسب أمرك، وليحل من كل قيد بقوة السلطة التي أوليتها رسلك، وليرضك بوداعته وعفة قلبه، ويقدم لك طيبا ذكيا، بابنك يسوع المسيح…” .
1587-الموهبة الروحية التي توليها الرسامة الكهنوتية، يعبر عنها الطقس البيزنطي بهذه الصلاة التي يتلوها الأسقف وهو واضع يده على المرتسم :
” أيها الرب أملا من ارتضيت أن ترفعه إلى الدرجة الكهنوتية ، من نعمة الروح القدس، ليكون أهلا لأن يقف، بلا لوم، أمام مذبحك، ويبشر بإنجيل ملكوتك، ويتم خدمة كلمة حقك، ويقرب لك تقادم وذبائح روحية، ويجدد شعبك بغسل الميلاد الثاني، فيلاقي إلهنا العظيم ومخلصنا يسوع المسيح، ابنك الوحيد، في مجيئه الثاني، وينال من لدن رحمتك التي لا حد لها، مكافأة قيامة بمهام رتبته قياما حسنا ” .
1588- وأما الشمامسة، “فإن نعمة السر يؤتيهم القوة اللازمة ليخدموا شعب الله، بالاشتراك مع الأسقف وكهنته ، في “خدمة ” الليترجيا والكلمة والمحبة” .
1589- أمام عظمة نعمة الكهنوت وأعبائه أوجس الآباء القديسون الدعوة الملحة إلى التوبة ليستجيبوا ، بكل حياتهم، لذاك الذي جعلهم، بسر الكهنوت، خدمة له . ويقول القديس غريغوريوس النزينزي ، وهو في مطلع حياته الكهنوتية ، في هذا الصدد :
” يجب أن نتنفى قبل أن ننقي الآخرين، وأن نتعلم لنعلم، وأن نكون نورا لننير، ونتقرب إلى الله لنقرب إليه الآخرين، ونتقدس لنقدس، ونقود الناس باليد وننصحهم بفهم” . “إني أعلم خدمة من نحن، وفي أي مرتبة نقيم، ومن هو ذاك نتوجه إليه. أعرف سمو الله وضعف الإنسان، ولكني أعرف قوته أيضا” . (من هو الكاهن؟ انه) “حامي الحقيقة، يقف مع الملائكة، ويمجد مع رؤساء الملائكة، ويرفع إلى المذبح العلوي ضحايا الذبائح، ويشارك المسيح كهنوته، ويجدد الخليقة ويعيد (إليها) صورة (الله)، ويجدد خلقها للعالم العلوي، وأعظم من هذا كله أنه يؤله ويؤله” .
ويقول خوري آرس القديس :” الكاهن يواصل عمل الفداء في الأرض…”؛ ” لو كنا نحسن فهم الكاهن على الأرض، لكنا نموت لا من الخوف بل من الحب…”؛ “الكهنوت هو محبة قلب يسوع” .
بإيجاز:
1590- يقول القديس بولس لتلميذه تيموثاوس :” أنبهك على أن تحيي ألهبة التي جعل الله لك بوضع يدي” (2 تي 1: 6)، و “من رغب في الأسقفية تمنى أمرا عظيما (1 تي 3: 1). وقال لتيطس :” تركتك في كريت لتتم فيها تنظيم الأمور وتقيم كهنة في كل بلدة كما أوصيتك ” (تي 1: 5).
1591- الكنيسة كلها شعب كهنوتي. المؤمنون كلهم، بنعمة المعمودية، يشتركون في كهنوت المسيح. هذا الاشتراك نسميه “كهنوت المؤمنين العام”. على أساسه وفي خدمته يقوم اشتراك آخر في رسالة المسيح، ينبع من سر الكهنوت، ومهمته الخدمة الكهنوتية، يؤديها الكاهن وسط الجماعة باسم المسيح الرأس وبشخصه .
1592- كهنوت الخدمة يختلف اختلافا جوهريا عن كهنوت المؤمنين العام لأنه يولي صاحبه سلطانا مقدسا لخدمة المؤمنين. الخدمة المرسومون يمارسون خدمتهم لشعب الله بالتعليم (مهمة التعليم) وإقامة الشعائر الإلهية (المهمة الليترجية) والولاية الرعائية (مهمة الإدارة).
1593- منذ العهود الأولى منح الكهنوت ومورس على درجات ثلاث: الأساقفة والكهنة والشمامسة. هذه الخدم التي تتم بالرسامة الكهنوتية لا بديل منها للكنيسة في تكوينها البنيوي : فبدون الأساقفة والكهنة والشمامسة، لا وجود للكنيسة .
1594- ينال الأسقف ملء سر الكهنوت الذي يولجه في الهيئة الأسقفية ويجعل منه الرئيس المنظور للكنيسة الخاصة التي وكلت إليه. إن الأساقفة بصفتهم خلفاء الرسل وأعضاء الهيئة الأسقفية، لهم نصيب في المسؤولية الرسولية والرسالة التي تضطلع بها الكنيسة كلها، بأمرة البابا خليفة القديس بطرس.
1595- إن الكهنة يتحدون بالاساقفة في الكرامة الكهنوتية، ولكنهم يخضعون لهم، في الوقت نفسه، في ممارسة مهامهم الرعائية. إنهم مدعوون إلى أن يكونوا للأساقفة معاونين فطنين، ويؤلفون حول أسقفهم أسرة أسقفية، تحمل معه مسؤولية الكنيسة الخاصة. ويتسلمون من الأسقف مهمة العناية بجماعة رعوية أو بوظيفة كنسية معينة.
1596- الشمامسة هم خدمة مرسومون للقيام بأعباء الخدمة في الكنيسة. إنهم لا يمنحون كهنوت الخدمة، ولكن الرسامة توليهم وظائف هامة في خدمة الكلمة والشعائرالإلهية والإدارة الراعوية ، وخدمة المحبة ، وهي مهام يضطلعون بها تحت سلطة اسقفهم الرعوية.
1597- يمنح سر الكهنوت بوضع الأيدي تليه صلاة تكريس احتفالية تلتمس من للمرتسم ما يلزمه من نعم الروح القدس للقيام بخدمته . وتترك الرسامة في المرتسم وسما يا لا يبلى .
1598- لا تمنح الكنيسة سر الكهنوت إلا رجالا معمدين ، ويملكون من المؤهلات للقيام بخدمة ما تم التثبت منه بطريقة قانونية وللسلطة الكنسية وحدها ترجع المسؤولية والحق في الدعوة الي الكهنوت .
1599- في الكنيسة اللاتنية لا يمنح سر الكهنوت عادة إلا رجلا مستعدين لاعتناق البتولية طوعا ويعلنون نيتهم في المحافظة عليها محبة بملكوت الله وخدمة الناس .
1600- يرجع للأساقفة أن يمنحوا سر الكهنوت في درجاته الثلاث.
Discussion about this post