عيد صعود سيدنا يسوع المسيح الى السماء
نحتفل اليوم بعيد الصعود… صعود يسوع إلى السماء… بخميس الصعود يُتِمُّ يسوع رسالته على الأرض. وكما ترك السماء وجاء إلى الأرض في التجسّد والميلاد، ها هو الآن يترك الأرض ويعود إلى السماء.
يجلس يسوع عن يمين الآب، حاملاً معه تغييراً جذرياً هذه المرّة، وهو اتحادُه بالطبيعة البشرية التي اتحدت مع طبيعته الإلهية في شخصه الإلهي الواحد. وسيبقى متحداً بها إلى الأبد.
رأت الكنيسة دائماً في عيد الصعود نصراً وتمجيداً للرأس والجسد:
فجسد المسيح السري الذي لا يزال على الأرض، يتمجّد اليوم في رأسه يسوع الذي فدى البشرية وداس الموت وعاد بنصر مظفّر ليُجلسه الآبُ عن يمينه ملكاً للدهور والعالمين.
ورأت في الصعود فكرة الصمود للأعضاء الذين وهم في دار الجهاد والمحنة العظيمة يَحيوْن في الأمل، لأنهم يرون من الآن رجاءهم محققاً في رأسهم الذي أصبح لهم الخطة والطريق للوصول إلى المجد.
حثَّ القديس بولس المسيحيين في عصره على النظر دائماً إلى الأمور التي في العُلى حيث المسيح قد جلس عن يمين الآب:
وهي من الأساليب العملية الروحية العميقة التي ساعدت هؤلاء وتساعدنا اليوم على أن لا يُثقَلَ قلبُنا بأمور الأرض والجسد، بل علينا أن نكون مشغولين بأمور الروح، فالروح هو الذي يُحيي على رأي مار بولس، وأما الجسد والحرف فهما يُميتان.
ولكننا اليوم واعتماداً على ما قاله الملاكان للشاخصين إلى يسوع وهو يختفي في الغمام: “أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء…؟” نرى أن الملائكة لامت الرسل واعتبرتْ نظرتَهم إلى السماء مضيعةً للوقت.
وكأَنَّ المعنى الذي قصده الملاكان هو: “مِن الآن فصاعدا انظروا إلى الأرض. الأرض وديعة بين أيديكم. انتهى دور يسوع وبدأ دوركم. المسؤولية الآن ملقاة على عاتقكم”.
لقد اختفى المسيح وراء الأفق. مَنْ سَيُظهره للعالم؟ جاء دور المسيحيين لعمل ذلك.
لقد بدأ مشوار الكنيسة المسافرة في ربوع العالم: “فذهب أولئك يُبشرون في كلّ مكان، والرب يعمل معهم ويؤَيّد كلمته بما يصحبها من الآيات”. (مرقس 16: 20)
عندما كان يسوع على الأرض كنا نرى الله في الإنسان (يسوع)، أما الآن بعد صعود يسوع وحَمْل المسؤولية مكانه، علينا أن نُظهِر الله في الإنسان. الإنسان أصبحَ فضاء الله.
وبحسب رأي أحد الفلاسفة: “هذا الإله يلمسُكَ من خلال وجه الإنسان”. وهذا دورنا بعد الصعود… “الله يستمر في الظهور والكلام والاقتراب من خلال وجهنا”.
حتى يظهر المسيح بعد الصعود ينبغي على المسيحيين أن يعيشوا في شركة وفي جماعة وفي وحدة. هذا هو الشرط الأساسي. كي يُؤَثّر المسيحيون على العالم… عليهم أن يتوحّدوا أوّلاً.
الشركة بين المسيحيين هي أعظم علامة على أنهم يحملون المسؤولية تجاه العالم. عليهم أولاً أن يكونوا فنانين وخبراء في عمل الوحدة والمحبّة وممارسين للعلاقة الثالوثية بينهم (أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم) ليتسنى لهم أن يذهبوا للقاء العالم.
يبدأ لوقا أعمال الرسل بهذه الكلمات: ” ألـَّفت كتابي الأول يا تاوفيلس، في جميع ما عمل يسوع وعلّم، منذ بدء رسالته إلى اليوم الذي رُفِعَ فيه إلى السماء…”.
في كتاب لوقا الأول، وضع جميع ما عمل يسوع وعلّم. وفي كتاب لوقا الثاني: عليّ أن أكتب أنا أعمالي في هذا الجيل أيضاً كما فعل بطرس وبولس وأصحابهما في الجيل الأول. فقط هكذا يُصبح الصعود عيد الأرض أو عيد نشر ملكوت الله على الأرض.
صعود يسوع هو عيد تجسّد المسيحي في العالم.
بشهادتنا الحقيقية للمسيح في العالم، نستطيع عندها أن نساعد إنسان اليوم الذي ينظر كثيراً إلى الأرض، أن يرفع طرفه وينظر إلى الأمور التي في العلى حيث المسيح قد جلس عن يمين الله.
تساعية الروح القدس تبدأ يوم خميس الصعود وتنتهي يوم العنصرة، وكما كان الرسل مجتمعين في علية صهيون يصلون كعائلة واحدة، نشجع الجميع على صلاة هذه التساعية بروح العائلة الواحدة.
أهلنا يا رب أن نكون شهوداً أمناء لك على هذه الأرض، فيراك الناس من خلالنا ومن خلال أفعالنا… فنستحق أن نتمتع معك بفرح السماء… آمين
Discussion about this post