عيد الصعود الإلهي
تعيد الكنيسة بعد مرور أربعين يوما من الفصح عيد صعود المسيح إلى السماء . و في قانون الايمان الذي يتلوه المؤمنون كلما رفعوا صلواتهم في القداس الإلهي يعلنون إيمانهم المسيحي بالله الواحد المثلث الاقانيم ,الآب الخالق , والابن الفادي , والروح القدس المعزي .وكذلك يعلنون إيمانهم بالمسيح المخلص : ( …. (أومن ) برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد ….وتألم وقبر وقام في اليوم الثالث وصعد الى السماء وجلس عن يمين الآب …. ).
لذا يعتبر هذا العيد من الأعياد القديمة في الكنيسة المسيحية اذ كان يحتفل به في القرن الرابع اذ ورد على لائحة الأعياد التي كان يحتفل بها في هذا القرن .قبل ذلك كانوا يعيدونه في يوم العنصرة او في يوم بين الفصح والعنصرة . ترك القديس يوحنا الذهبي الفم لنا عظة جميلة حول هذا العيد ويعتبر هذا العيد قديما جدا وذكره ايضا القديس اثناسيوس الكبير وغريغوريوس النيصصي .وكذلك ذكره المغبوط اوغسطين في عظاته
إلى أي حد نستطيع ان نفهم العبارات الثلاث : ( صعد , وجلس , يمين الآب ) .هذه الصور الثلاث المجتمعة في هذه الجملة القصيرة تحتاج الى توضيح كبير , لكي نخطى الصور لإدراك المعنى.
تمتاز صورة ( صعود) بوجهين : الانفصال عن توقف شكل معين من العلاقة بين المسيح وتلامذته حتى مجيء المسيح الثاني .و تعبر أيضا عن رفع إلى فوق أي إلى تمجيده ,ان يسوع هو رب وسيد في المجد وحاضر للابد بعد موته , صورة الرفع هي تعكس التقليد اليهودي للكتاب المقدس القائل بان الله يرفع من أذل ويقي البار من الموت برفعه إياه إلى السماء.هذا المفهوم لا يفترض بوجود علم لاهوتي ينطلق من كسمولوجية ذات ثلاث طبقات :السماء فوق حيث الله ، والأرض حيث يعيش الناس ، ومثوى الأموات تحت الأرض حيث يقيم الأموات .
” المسيح من حيث اله لا يصعد ولا ينزل ولكن من حيث هو بشر يقال انه صعد ليكشف طبيعته البشرية كاملة ومعادلة للآلهة …..وأيضا …من حيث كونه الإله غير المنظور هو أيضا غير متنقل وغير مقيم وليس فقط لا يسعه مكان وإذا قيل في كل مكان فما هذا إلا من باب التعبير عن رعايته لكل مخلوقاته… ولكن ليس هذا بمعنى الامتداد. لانه إذا جرى عليه الامتداد يكون متلبسا جسدا أو مادة ما.” ( المطران جورج خضر، ” النهار “ 30-أيار-1998 ).
تتمحور فكرة الصعود في فكرة جلوس المسيح عن يمين الآب ، آي كشف مساواته للآب والنيابة الدائمة والحاضرة مع الآب في كل شيء.فحين نقول ان المسيح جلس عن يمين قدرة الله نعني انه يشارك في هذه القدرة وانه قدير كالله وفي أخر الأمر انه الله.بالفعل قد استلم المسيح كل ما للآب من ملك وسلطان وقدرة ومجد وقضاء الدينونة على كل الخليقة مما في السماء والأرض ( فيلبي 2-10 ).ويؤكد بولس الرسول ذلك بقوله في الرسالة نفسها التي تقول ” ان الذي نزل من السماء هو نفسه الذي صعد الى فوق السماوات كلها ليملأ كل شيء ” .
لابد من الإشارة الى أن المسيح لم يصعد لنفسه كأنه لم يكن في حضن الآب لحظة ما أو انفصل عن الآب وقتا ما ، بل إن المسيح مات وقبر وقام وظهر ببشريته من اجل خلاصنا ليجلسنا ويمجدنا معه في السماء ( افسس 2-6 ) .لهذا لم يحسب موت المسيح نقصا بل هو الاتضاع وطاعة الى درجة الإخلاء ( فيلبي 2: 7 و8 ) وان قيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب لا تحسب له اختلاسا ( فيلبي 2 : 6\11 ).
صعود المسيح هو نتيجة حتمية مباشرة لانتصاره على الموت , وبالتالي فجلوسه عن يمين الآب ما هو الا التعبير الذي يشرح بدء الدينونة اي بمعنى بدء ملك المسيح او ملكوته في السماء والأرض.
هكذا اصبح صعود المسيح وجلوسه عن يمين الآب مكملا للصليب وتتمة لسر القيامة ، فهو إعلان بدء ملكوت المسيح الخلاصي ,كما قلنا سابقا , حيث استلمت الكنيسة معه في لحظة جلوسه عن يمين الآب الشركة الكاملة في تنفيذ هذا الملكوت وإعلانه في كل الأمم بكل سلطانه وقدرت ته ، وستستمر في تنفيذه وإعلانه إلى اليوم الأخير. هذا يعني أن نكون متحدين معه بالأيمان وأسرار الإلهية ،ومكتفين بما فوق لان حياتنا الحقة ” مستترة مع المسيح في الله ” ( كولوسي3: 1-3 ) ، ولنسمع بولس الرسول إذ يقول : “ابتغوا ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله 0 افطنوا لما ما هو فوق لا لم هو على الأرض ” . ( كولوسي 2 : 1و2 ) .
No Result
View All Result