التوبة المقبولة
( أ ) تحذيرات ونصائح للتوبة الطاهرة
+ من أقوال الشيخ الروحاني :
+ الذي يتوب عن سيئاته ولا يعود اليها أيضاً ، حتي ولو كانت قبيحة سمجة ، أكثر من خطايا السدوميين ، ويظهر من اجلها وجع قلب وندامة ودموعا ، وبالجملة يقطع منه كل الشرور ، فلو قته يولد من الروح القدس ، ويكون من أحباء الله الخصوصيين وبدالة يأخذ طهارة معتوقة من خزي المجرمين ، وتعاد إليه بتولية لم تتدنس البتة ، ويدعي زرعا الهيا لم يخطيء قط ، ويقبل في قلبه عربونا بثبات رجائه ، وتعطيه الرحمة الأبوية ثقة واتكالا ونسيانا للخطية بالكمال ، من قلبه كأنها لم تكن .
+ أيتها الرحمة الفائضة ، ما اوفرك يا من عطيت لنا نحن الموتي بالخطايا رحما مقدسا الذي هوالتوبة ، يلد بنينا جددا من عتق أطهارا من انجاس ، منيرين من مظلمين . من لا يعجب من رحمتك يا ربنا ، ومن لا يعترف لنعمتك يا من أتيت الي الميلاد لتلدنا من بطن التوبة علي شبهك كشبه مريم والدتك ؟ .
السبح لك يا آب الكل ، يا من اعطيتنا أما جديدة بالميلاد الجديد ، وأن كنا بصبوتنا قد تنجسنا بكل نتن ، لكنها تجلي ، وتطهر ، وتطهر ، وتحسن ، وتغطي تحت أطرافها مثل المربية ، أولئك الذين ولدوا منها حتي يصلوا الي عندك محبوبين وأحباء ، ليكونوا آلهة وملوكا ، بنينا لربوبيتك .
( ب ) التوبة تطهر النفس
+ من اقوال الشيخ الروحاني :
+ أن كنت يا أخي تقول : ” كيف تقدر التوبة أن تجدد الإنسان الذي قد تدنس وفسد بالخطية ؟ ” فأقول لك : اذكر تكوينه الأول ، ومن أي شيء صار ، أعني من شيء حقير وسمج في البطن الضيق المظلم ، وكما ركبت نعمة الهنا المادة المنتنة في البطن المظلمة مكملة تكوينه ، وأخرجته الي نور هذا العالم ، كذلك الذي أفسد طهارته بعد المعمودية بفعل الشيطان واتسخ بجميع جراحات الخطية النجسة ، بالميلاد من حضن التوبة الكئيب المظلم ، يخرج لنور عالم الروح ، الذي أخذ سره بالمعمودية المقدسة .
+ وكما أن ذلك السائل السمج ، ان رمي في ارض واسعة مضيئة ، ولم يدخل البطن الضيق المظلم ، يكون بلا منفعة ولا يتشبه بالذي ولده ، هكذا الذي تدنس بالخطية ، اذا لم يدخل البطن الضيق المظلم ( التوبة ) فأنه يكون بلا منفعة ، وغير متشبه بمن ولده من المعمودية المقدسة .
وكما أن آدم الجسداني ، من حواء يولد له بنين بشبهه لعالمه الجسدي ، كذلك المسيح ، أب العالم الروحاني ، من المعمودية والتوبة ، يولد له بنين يشبهه للعالم الروحاني ، كما ينادي لهم رأس حياتهم قائلا : ” توبوا ، فقد قرب ملكوت السموات ” .
+ ” فكيف نجدها أن كانت قريبة ؟ يا أبانا أرنا اياها ” ، إنها علي الباب اللطيف الضيق ، وكل من يصبر لصعوبته المظلمة ، ويخرج منه ، لوقته يلقي ملكوت النور ويتنعم ، وذلك الباب الذي لمدخل الحياة ، فأنه في أي بلد يوجد داخلكم ، وبابها هذا ، هو التوبة.
إن التوبة تعيد حياة المعمودية التي للغفران ، وكما ان السائل الحقير بالبطن المظلمة يقتني شبه اقنوم آدم كذلك فالانسان السمج بالخطية ، أن كان يدخل لكور غليان التوبة ، يجلي ويطهر ويقتني بالنعمة المجددة ، شبه حسن المسيح شعاع الآب .
+ التوبة هي أم الحياة وطوبي لمن يولد منها ، فأنه لا يموت وكما ينادي المسيح لخواصه بالتوبة ، كذلك يبعد الشيطان الناس عن سماع هذا النداء ( وبالشطارة ) واللهو يغطي قلوبهم .
+ التوبة هي ترياق لأوجاع الخطية القاتلة ، وعذاب عظيم للشيطان مضادها .إنها تخلص وتعتق المسببين الذين سبوا بشره وأتعابه التي تعبها في سنين كثيرة ، تضيعها التوبة في ساعة واحدة ، والعبيد الذين بمشيئتهم اخضعوا حريتهم له ، تعيدهم الي مبراثهم ، وتعذب من خدعوهم . زرع الشوك الذي زرع بأرضنا ، وربي بحرص في سنين كثيرة ، في يوم واحد تحرقه ، وتطهر أرضنا ، حتى تعطي أثمار زرع فلاح المسيح ، ثلاثين وستين ومائة . الحصون التي بناها في زمان طويل ، ليسجن فيها أسراره ، الذين سبوا في الظلمة ، بقمر صغير يشع فيها تهدم ، ويشرق النور في وجوه الجالسين في الظلمة ،ورباطتهم تنقطع ، وأحزانهم تستبدل بالسرور ، ودموعهم بالفرح ، أما رابطهم ، فأنه يربط بسيور الظلمة ، ويسلم بأيديهم للعذاب . كل فلاحته تفسد ، وكل الأوجاع التي صنعها بغير عبيده ، تطيب وتشفي ، وكل قتلاه يقومون ، وكل فخاخه تتكسر ، وكل أشراكه تتقطع ، وتهيء الطريق قدام محبيه ، حتي يتقدموا بلا عثرة في طريق المسيح واهبها .
+ إنها ( التوبة ) تجعل الزناة بتوليين ، كما تجلي النوراني الذي علاه الصدأ . إنها من الماخور إلى البرية تجتذب لعمل الملائكة والمضيئون الذين احتقروها تركتهم ، فنزولوا الي الجحيم السفلي . هي تدخل الي مخادع الزانيات وتجتذب الزناة ، وتلدهم من حضنها بتوليين للمسيح . ترد الكافرين إلى الرسولية ، والرسل الذين نزعوها لبسوا الظلمة . إنها لباس العالي ، وللابسيه تلبس مجد يسوع رداء . هي تجذب من الطرقات الي الملكوت ، ومن بين السياجات تدخل الي العرس . أنها من السوء تصون المضيئين ، وتجعل العميان مبصرين . هي تقلع الشجرة التي أثمارها سم الموت ،وشجرة الحياة تغرس بفردوسنا . هي حاملة براحتها طيبات النعمة ، والذين نتنوا بالنجاسة أن قبلوها تطيبهم . أنها قائمة بباب الختن السماوي ، وكل من عبر بها استقبل وجهه بيدها ، ووضعوا أكليل العرس ، وكل من تطامن قدامها ، جعلته متكأ في الحجلة تمسك بيدها مفاتيح ملكوت السموات ، فكل من أحبها وعشقها جعلته أمينا .
+ هي هي أم النور ، وكل من ولد منها ، أنبتت له أجنحته من نار ، ومع الروحانيين يطير إلى العلا ، وكل من نتف الصيادون ريشة ، واستتر تحت أحضانها أياما قلائل ، أخذ منها ريشا طيارا ناريا.
+ هي هي ملحمة الطب السماوي ، ومن وضعها علي وجه برء لوقته لا تقطع بموسي ولا تصعب الأوجاع ، بالكلي بالرحمة التي هي مخلوط أدويتها ، وباللين تجبر الانكسار . سم الموت واللهو والشغب ، هذه بيد الشيطان ، أما التوبة فهي ترياق الحياة بيد الله ، وكل من سبق وشرب من اكس القاتل يتقدم ويشرب من كأس المحيي للكل ، فيعيش بلا نهاية . أنها تزور الأموات ، وكل من بلعه الموت ، ودنا من أحضانها ، شقت الموت وأخرجته من جوفه . تري فاقدي البصر كل يوم يبكون علي بابها ، فتجذبهم وتريهم نوح الفرح .
ترى القتلى الذين قتلهم الشيطان ، وتستدعيهم لتقيمهم قيامة متقدمة . هي خزانة بني مخلصنا ، وفيها يحفظ جميع غني اعمالهم . هي بحر لغسل جميع النجسين ، وكور غليانه يجلي كل من علاه الصدأ . هي نار محرفة للزوان ، ومياه تربي الزرع المقدس . وهي فردوس يطيب الخوص , وتهدم جميع العصاة . إنها أرض تربي بني النور ، والمطهرة بيدها من يتجنس .هي قابلة ( داية ) لاجنة بني العلي ، ومربية لتابعي المسيح .
إنها حصن تحفظ كل ما بداخله ،وجبار يرد كل من سبي . هي هيكل للأمم الطاهرة ، ومنها يأخذون قدسا لقديسهم . هي بيت وملجأ للأشقياء ، فتجعلهم وارثين للملكوت . هي خزانة لجميع الكنوز ، فكل من قرع بابها ، أخذ منها حاجته . هي والدة لم يجف حضنها ،وكل من كان عاقرا وقرب منها، أخذ له منها أولا محبوبين .
هي بوابة قائمة بباب الخالق ، وكل من وجب عليه لحكم وتقرب سائلا أياها ، دخلت وحلته ، بيدها موضوع رشاش الماء ، وبلوغ ادرار المطر ، فمن دخل والتجأ إليها فتحت وأروته ، أنها تقوم بباب الله . وكل الخيرات التي تخرج من عنده
تجتذبها لخواصها . هي شفيعة المسبيين ، فاذا تقدموا وسألوها تقوم لحمايتهم وتعتذر نيابة عنهم
فمن ذا الذي لا يحبك أيتها التوبة ، يا حملة جميع التطويبات ، الا الشيطان لأنك غنمت غناه ، واعت كل ما اقتناه ، وجعلته فقيرا معذبا منكسبه ، وفارغا من الارث الذي سباه بغير حق . ذاك هومبغضك بالحق ، لأنك دائما تضادينه ، فما من انسان وقع بين يديه ، ولحقتيه ، وصار وتخلصينه ، كما أنه ما من أحد بلعه ، فصرخ نحوك ، الا وشققت بطنه وأخرجتيه ، وما من شخص ربطه ، ودعاك ، إلا وعاجلا قطعت أغلاله وحللتيه . وما من إنسان صاده وأنت بعيدة ، ودعاك ، إلا وبسرعة لحقت به وخلصتيه . من أجل هذا ، هو يبغضك ( الشيطان ) لأنك بالاكثر أبغضتيه . يبغضك لأنك كل حين تقفين ضده . يبغضك لأنه باغض لمعطيك ، وأنت أيضاً ضده كما أن صاحبك ضده كذلك .
+ ليس من تمسك برجائك ، ونزل الي الجحيم ، ولا من صعد الي السماء بدونك . من يري الله بغيرك ؟ من تمسك برجائك ووقع في يد الشيطان . ومن تطهر ولم تكوني انت التي غسلتيه ؟ من تقدم لمطهرتك ، ووجدت فيه نجاسة ؟ من الذي سقي زرعه من مطرك ، ولم يحصد منه أثمار الفرح ؟ من ذا الذي تقدم لطلبك ، ولم يكن بعيدا من كل العاهات ؟ ومن صبغ كل ساعة وجهه بقطراتك ، ولم يبصر الله في قلبه . من ذا الذي عدم تذوق مشروبك ولم يبصر قلبه ينبوع الظلام ؟ من نال طلباته ولم تكوني أنت التي رفعت من شأنه ؟ من اتخذك شفيعة ولم تفتحي أمامه أبواب خزائن الله ؟ ليس من أخذك معه في القتال ، الا
وأسلمت أعداءه تحت حريته ، ليس من لبسك مقابل مضاديه ، الا وانهزم قدامه باغضوه .
+ انت خلصت داود من الخطية ، وانت التي وقفت في وجه آخاب الكافر صعد الحكم علي أهل نينوي بالهلاك ، ولكنك تجبرت وقمت وخلصتهم . مباركة أنت يا أم الغفران ، يا من أعطانا اياك الآب المملوء رحمة ، لا يغضبك اذا طلبت اليه
لأنه أعطاك أن تكوني شفيعة للخطاة ، لا يغلق بابه أن سالتيه ، سلم لك مفاتيح الملكوت .
+ لقد اقترب الملكوت ، فتوبوا . فها هو الخاتم الذي يأخذه الوارثون للملكوت ، توبوا فقد قرب الملكوت ، الجيل القديم الذي لم يشرب مشروبك خنقه سخط الطوفان . سادوم التي لم ترد أن تقبلك ، احرقتها النار السماوية فرعون الذي طردك من عنده ، تعذب في الأمواج الخانقة .
+ إنها ( التوبة ) ترد الأتعاب التي ضيعها الشيطان ، وتعطي العطايا السماوية . هي التي تجدد البتولية التي اتسخت ، وتحفظ بلا عيب تلك التي لم تفسد بعد . المسيح جاء وخلصنا ، وبصوته نادانا قائلا : ” توبوا فقد أقترب الملكوت : له المجد إلى الأبد أمين .
( ج ) متي يؤهل الانسان لمغفرة الخطايا ؟
+ قال أموس :
” توجد ستة ضربات للتوبة : ذم الخطايا والاقلاع عنها ، الاقرار بها الندامة عليها ، الصفح عن خطايا القريب ، ترك دينونة المخطئين ،وتمسكن القلب ” .
+ قال القديس مسكيموس : ” لا تحتمل الأفكار التي تغفر لنا الخطايا إذ أن الرب أمرنا أن نتحفظ منها قائلا : ” تحفظوا من النبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ومن داخلهم ذئاب خاطفة ” ، لأنه ما دام فكرنا منزعجا من الخطية ، فلا نكون قد
حظينا بالصفح عنها والغفران ، لأننا ما عملنا أثمار التوبة، لأن ثمر التوبة هو عدم انفعال النفس ، وعدم انفعال النفس هو تمحيص الذنوب ، فإذا كنا نوجد وقتا ما قلقين من الآلام فلنتب اذن توبة نقية ، كيما إذا انعقتنا من الآلام نحظي بالصفح عن الذنوب ” .
سؤال :
” كيف تتحقق النفس أن الله قد سامحها من خطاياها ؟ “
الجواب :
” اذا ما نظرت ذاتها في طبقة ذاك القائل ” لقد أبغضت الظلم ورذلته وناموسك أحببته : ، والقائل أيضاً : ” أنا أسبحك برحمة وحكم ” فلنعمل عمل التوبة ، لنظهر حكم الله العادل ، ويتم فينا رحمته اذ يغفر الخطايا ؟ ”
سؤال :
متى يثق الانسان بأنه استحق وأهل لمغفرة الخطايا ؟ “
” اذا ما أحسن في نفسه بأنه قد أبغضها بالكمال من كل قلبه ، وبدأ يصنع ما يضاد تصرفه الأول بالظاهر والخفي ، فمن هو هكذا ، فله ثقة بغفران خطاياه من الله ، وذلك بشهادة الضمير التي قد اقتناها في نفسه ، حسب قول الرسول : ” لأن القلب الذي لا يلوم فيه ، هو الشاهد علي نفسه ” .
+ وإلى أنبا زينون ، وقال له : ” هل يكون غفران لكل خطيئة ؟ “
أجاب الشيخ قائلا :
” إن تاب الانسان بقدر خطيئته ، فأنه يحظي بالغفران ” .
وكان السائل يعلم أن خطيئته عظيمة . فقال للشيخ : ” لكني أعجب أن لخطيئتي غفرانا:
قال له الشيخ :
” قد قلت ان لمل خطيئة غفرانا أن كانت التوبة بقدر الخطيئة ، فأخبرني يا ابني بخطيئتك ولا تخجل ، ولا تكتم عني شيئا ، لأن الذي يخجل أن يقر بخيئتم ولا تخجل ، ولا تكتم عني شيئا ، لأن الذي يخجل أن يقر بخطيئته ، لا ينال البرء منها ” .
فقال : ” يا ابي ، اني لما كنت علمانيا ، نمت مع امي ” .
قال له الشيخ :
” حقا انك فعلت خطيئة قبيحة ، ولكنك ان تبت مقابلها فأنا أؤمن أن الله يغفر لك ” .
فقال الأخ : ” مرني بما أفعله “
فأخذه الشيخ الي البستان وأراه أصل شجرة يابسا ، وقال له : ” اذهب إلى البرية إلى المكان الفلاني ، وكن صائما هناك ، ولا تتوان في صلاتك ، وبعده سنة ، تأتي الي ههنا فأن رأيت هذا الأصل اخرج قلوبا ، فتحقق أن الله قبل توبتك ” .
+ فذهب الأخ الي الموضع الذي رسم له ، وصنع كما أمره الشيخ ، ولما أكمل السنة أتي فأبصر وإذ الأصل علي حاله ، فأعلم الشيخ أن الأصل لم يزل يابسا .
فقال الشيخ :
” أعلم أن توبتك لم تكمل بعد ، فاذهب واهتم بنفسك هذه السنة أيضاً ” .
فمضي وبعد سنة رجع الي الشيخ ، ولكن الأصل لازال علي حاله .
فقال له الشيخ :
” اذهب أيضا واهتم بحسياتك ، ولا تتوان في صلاتك ” . وفي السنة الثالثة ، رجع وأبصر الأصل ، وإذ به قد أخرج قلوبا .فأتي وأعلم الشيخ .
فقال له الشيخ:
“هوذا أنت قد صرت مصححا ” ها أنت قد برئت أي غفرت خطيئتك ” ، فلا تخطىء فيما بعد ” فذهب شاكرا الله على عظيم رحمته ..
+ قصة القسيس الذي كان في القسطنطينية وزني :
كان بالقسطنطينية قسيس خدعه الشيطان فزني ، وبعد يومين فكر في خطيئته وخطر بباله ساعة الموت المفزع ، وخشي من يوم الدينونة الرهيب فبكي علي نفسه قائلا : ” الويل لي أنا الشقي المدني مضجعي . ماذا أعمل لأنال الغفران والصفح عما حصل من الآثام ؟ “
فألهمه الله الرحوم الذي لا يشاء موت الخاطىء أن يمضي إلى جبل أو لينس ويعترف لبعض الآباء بخطاياه . فلما مضي ووجد شيخا قديسا اعترف له بجميع غلطاته وزناه . فقال له : يا ولدي وبعد ان وقعت في هذا المرض الرديء جسرت أن تكهن . فقال له نعم : يا أبي .
فقال الشيخ : اعلم يا ابني أن الكاهن بعد أن يقع في هذا الألم ما له دواء سوي أن يتخلي عن الكهنوت ويتوب توبة خالصة . فأما بعد زناه أن هو جسر وكهن فما أظن له دواء. فقال له :
يا أبي أما بقيت لي توبة ؟ فقال له الشيخ : اغفر لي من اجل الرب يا ولدي ، لأني من أنا حتى أحكم في ذلك ، واسمع وأقرأ وأميز ، يا ليتني قدرت أن أبكي على خطاياي . فسجد له ومضي حزينا .
وفي مضيه من عنده لقي الأب بطرس . فلما رآه حزينا سأله عن سبب حزنه فأعلمه بما حدث ، وأن الشيخ قد أوقعه في اليأس فأجابه بطرس العجيب : علي حسب ظني يا ولي ما توجد خطيئة تغلب محبة الله للبشر . فهلم معي إلى قلايتي نتفاوض في
ذلك والله يدبرنا بما يشاء . فلما حصلا في القلاية اعترف له بزناه فقال له الشيخ : حقا إن الزنا للقسيس أمر صعب وهو ثقيل غير لائق به . ولكن اذ قد صار ماذا تعمل ؟ أنت من الآن لا تكهن إلا أن تتوب نقية وأنا أرجو من خيرية الله سيدنا يسوع المسيح أن يقبل توبتك مع التائبين كلهم .
فلما سمع القسيس ذلك خر على وجهه ساجدا له قائلا : إذ قد أرشدني الله إلى قدسك فما أبرح من عندك . فلما رأي الشيخ دموعه وقلبه المنسحق قال له : ان شئت أن تكون عندي فما أبعدك .
لأن الرب قد قال : ” من قبل إلي لا أخرجه خارجا “ . ثم وعظه ورهبه وألبسه الاسكيم . وكان معه تائبا صامتا مستعطفا الله .
وكان للشيخ موضع سفلي تحت قلايته . وبعد زمان سأله أن يمكنه من سكناه فأجاب سؤاله ومكنه من ذلك . فمضي وأخذ سلسلة وعلقها في رقبته وسمر طرفها في رقبته وسمر طرفها في الحائط . ولما تخلف عن الشيخ مدة ثلاثة ايام نزل اليه . ولما رأي أنه مربوط بالسلسلة فسأله أن يفكه منها بل يدعه يموت مغلولا بها . قال له الشيخ ما يجب هكذا فحله منها . وصلي وفي صلاته أسلم روحه .
+ قوتل أخوان بالزنى ، فانطلقا إلى العالم وعاشرا نساء ، وبعد ذلك ندما وقال بعضهما لبعض ” ماذا ربحنا ، لقد تركنا عمل الملائكة وجئنا الي هذه النجاسة ، ومصيرنا بعد ذلك أن نمضي الي جهنم النار ، لنرجع إلى البرية أجلهما ، فأمروهما أن يحبسا نفسيهما سنة واحدة ويتضرعا الي الله كي يتحنن عليهما وكانوا يعطوهما خبزا وماء بالتساوي .
فلما انقضي زمان توبتهما وخرجا من حبسهما ، أبصر الشيوخ أحدهما متغير الوجه معبسا ،وأبصروا الآخر حسن المنظر باشا فعجب الآباء من ذلك ، لأن حبسهما وطعامهما كان واحدا ،ولكن منظرهما ليس بواحد . فسألوا المتغير الصورة : ” ماذا كان تفكيرك اثناء مدة حبسك ؟ ” فقال : ” كنت أتذكر الشرور التي عملتها ، والعذاب المعد لي ، ومن شدة فزعي لصق لحمي بعظمي ” .
ثم سألوا الآخر : ” وأنت ماذا كنت تفكر وانت جالس في حبسك “
فقال : ” كنت أشكر الله الذي خلصني من نجس العالم ومن العذاب الدائم ، وأنعم علي بأن أعمل عمل الملائكة ، وعلى ذلك كنت أفرح ” فقال الشيوخ : ” أن توبة كليهما واحدة عند الله ” .
+ سأل أخ القديس انبا انطونيوس قائلا : ” ماذا اعمل لكي أجد رحمة الله؟ .
فأجاب القديس :” كل موضع تمضي إليه اجعل الله بين عينيك ،وكل عمل تعمله يكون لك عليه شاهد من الكتب . وكل موضع تسكنه لا تنتقل منه بسرعة . احفظ هذه الثلاثة تجد رحمة.
Discussion about this post