بشارة زكريا
مسيرة إيمان وتحقيق
روميه 4/13-25
لوقا1/5-25
مع بشارة الملاك لزكريا يبدأ زمن الميلاد أو المجيء. فيوحنا المعمدان يسبق ميلاد المسيح كما الفجر طلوع الشمس. إنه آخر نبي من العهد القديم وأول رسول من العهد الجديد. كان هبة- مكافأة من الله لزكريا الكاهن وزوجته اليصابات العجوزين والعاقرين، إنما ” البارين أمام الله والسالكين في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم” (لو1/6). وهو، على ما يقول بولس الرسول، عطية وعد الله للمؤمنين على مثال ابراهيم الذي صار أباًُ لأمم كثيرة، لأن إيمانه لم يضعف بوعد الله ( روم4/18-20). بشارة زكريا مقدمة لإنجيل الرجاء المرتكز على الإيمان بأن وعد الله يتم لا محالة وفي أوانه.
أولاً، سنة يوبيل القديس بولس وشرح نصيّ الرسالة والإنجيل
1- بولس يكلم عالم اليوم[1]
إنه معلم الايمان والحقيقة لكل جيل. يقول في رسالته إلى أهل غلاطية: ” وإن كنت الآن حياً في الجسد، فاني حيّ بايمان ابن الله، الذي أحبني وبذل نفسه عني” (غلا2/20). الإيمان عنده هو اليقين والاختيار أنه محبوب من المسيح بشكل شخصي تماماً. ذلك أن المسيح لم يواجه الموت لشيء مجهول، بل بفعل حب لكل إنسان. إيمان بولس هو أنه صُعق بحب يسوع المسيح، وهو حب أصابه في عمق أعماق نفسه، وبدّله جذرياً. ليس غيمان بولس نظرية أو رأياً بشأن الله والعالم، بل هو إيمان طبعه حبُ الله في قلبه. وبالتالي إيمانه هو حبه ليسوع المسيح ورغبته الشديدة في نقل هذا الحب إلى الآخرين.
أما الحقيقة التي قبلها شاول من المسيح القائم في لقائه على طريق دمشق، فقد صارت إنجيل الله المؤتمن عليه، والتزم اعلانه مهما كلفة من اضطهاد وآلام. كتب الى اهل تسالونيكي: ” بعد أن تألمنا وشُتمنا في فيليبي، تجرّأنا بالهنا أن نكلمكم بإنجيل الله، في جهاد كثير. وكما اختبرنا الله فأمّننا على الانجيل، هكذا نتكلم، لا إرضاء للناس بل لله الذي يختبر قلوبنا. ولم نأتِكم ولا مرة بكلمة تملّق، ولا بدافع طمع، والله شاهد” (1تسا2/2 و5).
2- شرح نص الرسالة (روميه 4/13-25).
فَالْوَعْدُ لإِبْرَاهيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ وَارِثًا لِلعَالَم، لَمْ يَكُنْ بِواسِطَةِ الشَّرِيعَة، بَلْ بالبِرِّ الَّذي نَالَهُ بالإِيْمَان. فلَوْ كَانَ أَهْلُ الشَّرِيعَةِ هُمُ الوَارِثِين، لأُبْطِلَ الإِيْمَان، وأُلْغِيَ الوَعْد؛ لأَنَّ الشَّرِيعَةَ تُسَبِّبُ غَضَبَ الله؛ وحَيْثُ لا شَرِيعَة، فَلا تَعَدِّيَ لِلشَّرِيعَة. لِذـلِكَ فَأَهْلُ الإِيْمَانِ هُمُ الوَارِثُون، لِكَي تَكُونَ الوِرَاثَةُ هِبَةً مِنَ الله. وهـكَذَا تَحَقَّقَ الوَعْدُ لِكُلِّ نَسْلِ إِبْرَاهيم، لا لِلنَّسْلِ الَّذي هُوَ مِنْ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ فَحَسْب، بَلْ أَيْضًا لِلنَّسْلِ الَّذي هُوَ مِنْ أَهْلِ الإِيْمَان، إِيْمَانِ إِبْرَاهِيم، الَّذي هُوَ أَبٌ لَنَا أَجْمَعِين؛ كَمَا هُوَ مَكْتُوب: “إِنِّي جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَة”. فَإِبْرَاهِيمُ الَّذي آمَنَ باللهِ هُوَ أَبٌ لَنَا أَمَامَ الله، الَّذي يُحْيي الأَمْوَات، ويَدْعُو غَيْرَ الـمَوْجُودِ إِلى الوُجُود. وقَدْ آمَنَ إِبْرَاهيمُ رَاجِيًا عَلى غَيرِ رَجَاء، بِأَنَّهُ سَيَصيرُ أَبًا لأُمَمٍ كَثيرَة، كَمَا قِيلَ لَهُ: “هـكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ”. ولَمْ يَضْعُفْ بِإِيْمَانِهِ، بِرَغْمِ أَنَّهُ رأَى، وهُوَ ابنُ نَحْوِ مِئَةِ سَنَة، أَنَّ جَسَدَهُ مَائِت، وأَنَّ حَشَا سَارَةَ قَدْ مَات. وبِنَاءً عَلى وَعْدِ الله، مَا شَكَّ وَلا تَرَدَّد، بَلْ تَقَوَّى بالإِيْمَان، ومَجَّدَ الله. وأَيْقَنَ مِلْءَ اليَقِينِ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُنْجِزَ مَا وَعَدَ بِهِ. فَلِذـلِكَ حُسِبَ لَهُ إِيْمَانُهُ بِرًّا. ولَمْ يُكْتَبْ مِنْ أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ “حُسِبَ لَهُ بِرًّا”، بَلْ كُتِبَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِنَا، نَحْنُ الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا بِرًّا، لأَنَّنَا نُؤْمِنُ بِالَّذي أَقَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ يَسُوعَ رَبَّنَا، الَّذي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ زَلاَّتِنَا، وأُقيمَ مِنْ أَجْلِ تَبْريرِنَا.
يؤكد بولس الرسول أن الانسان يتبرر بالإيمان لا بالشريعة. والإيمان هو قبول كلام الله ووعده والثبات في الرجاء بأن وعد الله سيتحقق. يستند الرسول لتأكيد هذه الحقيقة، على إيمان ابراهيم الذي ” وعده الله ولنسله بأن يكون وارثاً للعالم… فأيقن ملء اليقين أن الله قادر أن ينجز ما وعد به. فحُسب له ايمانه براً” ( روم4/13،21،22).
هذا الإيمان يتصف ” بالرجاء على غير رجاء” ( روم4/18). عندما رأى ابراهيم أنه ابن نحو مئة سنة، وأن جسده مائت، وأن حشا ساره قد مات هو ايضاً، بينما الله وعده بانه سيصير اباً لامم كثيرة، لم يضعف ايمانه. وبناء على وعد الله، ما شك ولا تردد، بل تقوى بالإيمان ومجدَّ الله (روم4/19-20).
بفضل هذا الإيمان القوي أصبح ابراهيم “ أباً لجميع الذين يؤمنون، وأباً لأمم كثيرة” (روم4/11 و18).
حقق الله وعده باعطائه نسلاً وذرية، بولادة اسحق الذي ولد يعقوب. ومن ذريته سيولد المسيح الذي به وبفيض الروح القدس تتكوّن وحدة ابناء الله المشتتين، ويتمّ فداء شعب الله بموت ابن الله الحي الذي ” اُسلم لأجل زلاتنا، واُقيم من اجل تبريرنا” (روم4/25).
لقد حقق ابراهيم تحديد الإيمان، على ما يقول القديس بولس في الرسالة إلى العبرانيين: ” الإيمان هو اليقين بالأمور المرجوّة، والبرهان للامور غير المرئية” (عبر11/1). مثل هذا الإيمان ” حُسب لابراهيم براً” (روم4/22).
الإيمان هو جواب الانسان على ما يوحي الله، فيُخضع عقله وارادته لله. ويٌقبل بكل كيانه الوحي الالهي بطاعة الايمان (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية،142-143).
2- مسيرة إيمان وتحقيق وعد من ابراهيم إلى زكريا (لوقا1/1-25).
بالبشارة لزكريا يكتمل وعد الله لابراهيم وقد جعله اباً لشعبه بالإيمان: ” ها أنا اجعل عهدي معك، فتصير أباً لعدد كبير من الشعوب. وسأنّيك جداً جداً وأجعلك أمماً. وملوك منك يخرجون” (تكوين17/4-5). ووعده بأن يولد له ولزوجته ساره، وهما مسنان، ولد يدعى اسحق، يقيم معه عهداً ابدياً ( تك17/19). تحقق وعد الله لابراهيم ببداية تكوين شعب الله، وريث الخلاص، في العهد القديم. هذا الشعب معدٌَّ ليكون كنيسة المسيح في العهد الجديد.
نقرأ في الكتب المقدسة أن شعب الله القديم الذي اختاره الله وسماه ” اسرائيل”، هو الصورة والرمز لكنيسة العهد الجديد: ” إذا سمعتم صوتي وحفظتم عهدي، فانكم تكونون لي خاصة بين جميع الشعوب. تكونون لي مملكة من الكهنة وامة مقدسة” (خروج19/5-6). لم يكن شعب الله القديم سوى الصورة التي هيأت شعب العهد الجديد، هذا العهد الذي أبرمه المسيح بدمه وجعله كاملاً بتأليف شعب من كل الامم، هو الكنيسة. معها تحقق الوعد بكامله، فهي حاضنة عهد الله الخلاصي، وهي تحقيق هذا العهد، وتسمى بداية ملكوت الله على الارض الذي يكتمل في السماء (انظر التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية،781). انها شعب الله الجديد، المميز عن جميع الشعوب والتجمعات الدينية والاتنية والثقافية والسياسية بعناصره الخاصة:
1) هو شعب اقتناه الله من الذين لم يكونوا شعباً، وجعله، على ما يقول بطرس الرسول: “جيلاً مختاراً، كهنوتاً ملوكياً، أمّة مقدسة” ( 1بطرس2/9)؛ 2) نصبح أعضاء في هذا الشعب لا بالولادة الجسدية بل بالولادة من علُ، بالماء والروح، أي بالإيمان بيسوع المسيح والمعمودية (يو3/3-5)؛ 3)لهذا الشعب رأس هو يسوع المسيح، الذي انحدرت منه مسحة الروح على الجسد كله، فكان ” الشعب المسيحاني” ؛ وله حالة خاصة بمثابة الشرط للانتماء اليه، هي كرامة حرية أبناء الله، الآتية من الروح القدس الحال في قلوبهم، كما في هيكل؛ وله شريعته هي الوصية الجديدة ان يحبوا بعضهم بعضاً، كما أحبهم المسيح (يو13/34)؛ ولهذا الشعب رسالة هي أن يكون ملح الأرض ونور العالم (متى5/13-16)، وبذلك هو زرع الوحدة والرجاء والخلاص في العالم (الدستور العقائدي ” في الكنيسة”،5).
البشارة لزكريا بمولد يوحنا تختتم مسيرة العهد القديم نحو المسيح المنتظر. في هذا العهد زكريا واليصابات زوجان بارّان، سائران في عهد الرب بالمحافظة على رسومه ووصاياه، بدون لوم ( راجع لوقا 1/6). بالحقيقة، قبل ان يبرم الله عهده مع ابراهيم، طلب إليه أن يسلك أمامه بدون لوم: ” سرّ أمامي وكن كاملاً ” ( تك17/1). كانت مهمة يوحنا ابنهما ان يردّ الشعب إلى عهده مع الله: ” يردّ الكثيرين من بني اسرائيل إلى الرب الههم، والذين لا يطيعون الى معرفة الابرار، ويعدّ للرب شعباً كاملاً (لو1/16-17). في الواقع، بعد ستة اشهر من البشارة لزكريا، كانت البشارة لمريم العذراء بالحبل الإلهي، فكتب بولس الرسول: ” في ملء الأزمنة تجسّد ابن الله من امرأة” (غلا4/4). فكانت بداية العهد الجديد بالمسيح.
كل هذا يعني وحدة العهدين القديم والجديد: فكل ما تحتويه كتب العهد القديم، كان مرتباً لتحضير مجيء المسيح فادي المسكونة، واعلانه نبوياً، وتصويره باشكال شتى. وعند اكتمال الأزمنة تجسّد كلمة الله وحلّ بيننا مملؤاً نعمة وحقاً (يو1/14)، وتمّم خلاص الجنس البشري، ووطد ملكوت الله وحققه في الكنيسة التي سلّمها مهمة اعلانه وبنيانه على الارض وحمل خلاصه الى جميع الناس. إن الله الذي ألهم كتب العهدين (عددها 73 كتاباً: 46 في القديم+ 27 في الجديد) هو المؤلف لكليهما، وقد رتب بحكمته أن يكون الجديد مختبئاً في القديم، وان يتوضح القديم في الجديد (القديس اغسطينوس). ان كتب العهد القديم تنير وتشرح كتب العهد الجديد، وكتب العهد الجديد تستعيد كتب العهد القديم في الكرازة الانجيلية وتكشف رموزها (الدستور المجمعي ” في الوحي الالهي”، 16). القديم بالنسبة إلى الجديد هو كالاساس للبيت.
3- العائلة أول مربية للإيمان
في كانون الثاني 2009 يعقد في المكسيك اللقاء العالمي السادس للعائلات مع قداسة البابا بعنوان: ” العائلة، مربية على القيم الانسانية والمسيحية”. نبدأ مع هذا الاحد الاعداد لهذا اللقاء العالمي، بعرض المواضيع العشرة التي هيأها لهذه الغاية المجلس الحبري للعائلة، وبما ان زمن الميلاد يعلن انجيل العائلة تأتي هذه المواضيع في محلها.
الموضوع الاول، العائلة المربية الاولى للإيمان
عائلة زكريا واليصابات التي أنجبت يوحنا، وعائلة ابراهيم وساره التي أنجبت اسحق، خير نموذج وتحقيق لهذا الموضوع.
العائلة المسيحية كنيسة بيتية. وبهذه الصفة تشارك في رسالة الكنيسة وهي أن يعرف جميع الناس تصميم الله الخلاصي الذي اٌُعلن وتحقق في المسيح، ويقبلونه (1طيم 1/15-16). هذا هو الإيمان الذي تتقبله العائلة وتنقله من جيل إلى جيل وتربي أولادها عليه. هكذا فعل الأزواج القديسون والأهل المسيحيون في مختلف الازمنة. نذكر بنوع خاص من بينهم والدي القديسة تريز الطفل يسوع، لويس وزيلي مارتان ( Louis et zélie Martin) اللذين اُعلنا طوباويين في 19 تشرين الأول الماضي في بازيليك Lisieux حيث جثمان ابنتهما القديسة تريز الصغيرة. إنهما اول والدين طوباويين، في التاريخ، وابنتهما قديسة وشفيعة المرسلين والمرسلات، وملفانة الكنيسة. عنهما كتبت تريز قبل وفاتها بشهرين في 26 تموز 1897: ” لقد أعطاني الله الكُلي الجودة اباً واماً هما اهل للسماء اكثر منهما للارض. طلبا من الله أن يعطيهما العديد من الأولاد ويأخذهم له”. في الواقع انجب والدا القديسة تريز تسع بنات. اربع منهن توفين في سنّ الطفولة، والخمس الباقيات اصبحن راهبات، وصغيرتهن القديسة تريز (1873-1897). دامت حياتهما الزوجية 19 سنة (1858-1877). عاشت زيلي 46 سنة (1831-1877) ولويس 71 سنة (1831-1894). تجدر الإشارة إلى أن خادم الله البابا يوحنا بولس الثاني أعلن زوجين إيطاليين طوباويين في 21 تشرين الاول 2001 هما Luigi et Maria Beltrame Quattrocchi.
إن محور الإيمان الذي تنقله العائلة وتربي عليه هو إعلان سرّ المسيح الذي مات وقام لخلاصنا من خطايانا وأعطائنا الحياة الجديدة. وتتصل به كل الحقائق التي يتضمنها قانون الإيمان والأسرار والوصايا العشر. أما القيم الانسانية والروحية فهي جزء من تربية الإيمان الشاملة.
***
ثانياً، البطريركية المارونية ولبنان
البطريرك سمعان عواد (1743-1756)
هو من بلدة حصرون وابن اخي البطريرك يعقوب عواد، وتلميذ المدرسة المارونية في رومية. بعد وفاة سلفه المطران يوسف ضرغام الخازن في دير مار سركيس ريفون ودُفن في كنيسة مار الياس بغوسطا، انتخبه اساقفة الطائفة والحكام والمشايخ والاعيان وبعض الشعب في مدرسة عين ورقة. فرفض قبول الانتخاب زهداً وتعففاً وتورعاً. فانتخبوا مكانه المطران الياس محاسب الغسطاوي. اعترض المطران طوبيا الخازن الذي كان غائباً وادعى انه لم يتبلّغ الدعوة الى الانتخاب. ثم رقّى مع اسقف من طائفة السريان الكاثوليك راهبين من دير سيدة اللويزه الى الدرجة الاسقفية. وانتخبوه بطريركاً جديداً.
رُفع الامر الى البابا بندكتوس الرابع عشر ( 1740-1758) فأبطل انتخاب البطريركين الياس محاسب وطوبيا الخازن، واقام سمعان عواد بطريركاً ببراءة رسولية مؤرخة في 16 اذار 1743 [2].
في سنة 1745 غادر البطريرك كرسيه في دير قنوبين بسبب الاضطهادات التي كان يحدثها الاتراك والمتاولة حكام تلك المنطقة، وتوجه الى الجنوب وسكن في دير مشموشه قرب جزين الذي بناه. ما سهّل عليه الاتصال بامير لبنان والتعاون معه لخير البلاد.
من أهم إنجازاته
1- توجيه رسالة الى ملك فرنسا في 3 تشرين الثاني 1749 موقّعة منه ومن المطارنة، يطلب اليه مساعدة رهبانية مار انطونيوس الكبير المعروفة باللبنانية، بشخص رئيسها العام ارسانيوس عبد الاحد الحلبي، ” لان لها احد عشر ديراً تحت يد الاسلام والامم ترتّب عليها مال ميري زائد يفوق القوة. وبعض من هذه الاديار نهبها مرات عدة عسكر الاسلام”[3].
2- توجيه رسائل مع الاساقفة الى قداسة البابا ومجع نشر الايمان في سنة 1752، احتجاجاً على الآباء اليسوعيين الذين يشوهون حقيقة رهبنة قلب يسوع للراهبة هندية طالبين تثبيت قوانينها[4].
3- عقد ثلاثة مجامع مارونية لتطبيق المجمع اللبناني (1736):
الاول، في دير بقعاتة كنعان بكسروان في 12 ايلول 1744.
الثاني، في دير مشموشه في 10 نيسان 1747.
الثالث، في دير قنوبين في 28 تشرين الثاني 1755.
لقد أجمع المؤرخون على ان البطريرك سمعان عواد أوجد الاستقرار والامن في الطائفة، وراح يتفانى في حراثة كرم الرب، دونما تعب في سبيل نفع شعبه، واقتياده الى المراعي الخلاصية، وحمايته من الضلال والاثم، مكدّاً بالوعظ والانذار والتعليم.
كانت وفاته في دير سيدة مشموشه في 12 شباط 1756؟
ثالثاً، الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريركي الماروني
بعد ان استعرضت الخطة الراعوية ما جاء في النص المجمعي الثاني عشر: الليتورجيا، بشأن محطاتها التاريخية الست (الفقرات 4-13)، تعرض اليوم الاستنتاجات من هذه المحطات (الفقرة 14):
- تنتمي الليتورجيا المارونية إلى الكنيسة الأنطاكية والى الثقافة السريانية في قسميها الغربي والشرفي، وتستقي من ليتورجيات انطاكية واورشليم والرها.
- يوجد في الليتورجيا المارونية عناصر مشتركة مع الطقوس السريانية والملكية والكلدانية، من شأنها ان تشكل اساساً للاصلاح الليتورجي، وان تُسهم مسكونياً في توطيد روابط المحبة والوحدة بين هذه الكنائس.
- تأثرت الليتورجيا المارونية بما اُخذ عن الطقس الروماني في مجال الفنون الكنسية والثياب البيعية وبعض اشكال الممارسة الليتورجية والصيغ الطقسية. لكن هيكليات الرتب والنصوص الاساسية حافظت على الطابع الماروني السرياني.
- نعمت الليتورجيا المارونية بمساهمة خريّجي مدرسة روما (1584) في تنقية الطقوس المارونية من كل ما هو دخيل. وقد اعتنوا بالطبعات الطقسية. كما عمل البطريرك اسطفان الدويهي على تجديد الطقوس واعادتها الى اصالتها المارونية واضعاً قواعد ثابتة لانطلاقة الاصلاح الليتورجي الحديث.
- بفضل المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي دعا الى العودة الى الجذور وابراز الهوية اللاهوتية والليتورجية الخاصة بكل كنيسة، وبفضل عمل اللجنة البطريركية للشؤون الطقسية، كانت مسيرة الاصلاح الليتورجي الشامل، والعمل على انعاش الحياة الطقسية واظهار ثوابتها اللاهوتية وروحانيتها في لبنان وبلدان الانتشار.
***
صلاة
أيها الرب يسوع، لقد كشفت لنا في شخص ابراهيم وزكريا أن فيك تحققت وعود الله الخلاصية، وأنك أنت الكلمة التي تقود مسيرة شعب الله في العهدين القديم والجديد. أحيي فينا ايمان ابراهيم وزكريا، به نقبل كل ما توحي إلينا بالمسيح وبالروح القدس وبتعليم الكنيسة، فننال نعمة الخلاص، ونعمل على إعلانها وحملها إلى سوانا. اجعل إيماننا فعل حب كإيمان بولس رسولك. قدّس عائلاتنا المسيحية لتكون المربية للإيمان والقيم الإنسانية والروحية بوصفها كنيسة منزلية. أعطنا أن ندخل في عمق الاتحاد بالثالوث القدوس في الليتورجيا المقدسة، ومن معينها نأخذ النور والقوة لبناء وحدتنا الداخلية ووحدة الجنس البشري. فنرفع المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
[1] . عظة البابا بندكتوس السادس عشر في بازيليك القديس بولس خارج الاسوار في روما بتاريخ 28 حزيران 2008، لافتتاح السنة البولسية.
[2] . انظر الرسائل المختصرة بهذه الموضوع في كتاب ” بطاركة الموارنة واساقفتهم في القرن 18″، للاباتي بطرس فهد،صفحة 214-233.
[3] . انظر الرسالة في المرجع نفسه،صفحة 237-238.
[4] . انظر هذه الرسائل في المرجع نفسه،صفحة 239-245، و248-253.
Discussion about this post